دروس الدعم المبكرة تشوّش ذهن التلميذ يسارع أولياء تلاميذ مع نهاية العطلة، إلى تسجيل أبنائهم على القوائم الخاصة بأفواج الدروس الخصوصية في مختلف المواد، بما في ذلك مواد الحفظ كالاجتماعيات، و يعرف هذا الإقبال انتشارا كبيرا وسط تلاميذ الأقسام النهائية الذين يستعينون بدروس الدعم لمراجعة ما تلقوه خلال السنة المنصرمة، تمهيدا للدخول في جو التحضير للامتحان قبل بداية السنة الدراسية. ولم تعد الدروس الخصوصية محصورة في تلاميذ الأقسام النهائية أو طوري الثانوي والمتوسط فحسب، بل يلجأ إليها أولياء تلاميذ في الطور الابتدائي كذلك، وحجتهم بناء قاعدة علمية متينة لأبنائهم، فيما يحذر مختصون تربويون من هذه الظاهرة التي أثرت على علاقة التلميذ بالقسم و بالأستاذ، و تعد حسبهم، سببا في تشويش أذهان التلاميذ، وجعلهم يفقدون التركيز داخل القسم، كما أن هناك تأثيرا سلبيا لبعض المحسوبين على قطاع التعليم ممن اشتهروا على مواقع التواصل الاجتماعي رغم افتقارهم للأساليب البيداغوجية الصحيحة، إذ حولوا الدروس الخصوصية إلى نشاط تجاري مستغلين الضغط النفسي الذي يعاني منه تلميذ الأقسام النهائية ورغبتهم في تحقيق النجاح. توجهنا صباحا إلى إحدى المدارس الخاصة بدروس الدعم لمختلف الأطوار التعليمية، وعند دخولنا إلى قاعة الاستقبال وجدنا تلميذة بصدد تسجيل اسمها في أحد أفواج مادة الرياضيات، وفي حديثنا مع مسير المدرسة، أخبرنا بأن المواد التي انطلقت فيها الحصص الأولى كانت العلوم الطبيعية والرياضيات، وقد تمت برمجت حصتين خلال نفس الأسبوع بعدما سجل توافد كبير لتلاميذ البكالوريا. انعكاسات سلبية على التحصيل وبحسب أستاذ مادة الفيزياء وحيد زغودي، فإن الانطلاقة المبكرة للدروس الخصوصية تؤثر سلبا على التلاميذ و تتعدى سلبياتها إيجابياتها، لأنها تجعل التلميذ يبذل جهدا مضاعفا قبل بداية السنة، ومع مرور الوقت تبدأ علامات التعب ونقص التركيز داخل القسم في الظهور وهو ما ينعكس أيضا، على تعاملهم مع ورقة الامتحان خاصة بالنسبة لتلاميذ الأقسام النهائية، الذين يحتاجون إلى راحة تجنب الإرهاق الجسدي والفكري. من جانبها، انتقدت أستاذة مادة الأدب العربي غادة رمضاني، الانطلاق في دروس الدعم قبل بداية الموسم، لأن في ذلك إخلالا بوتيرة التحصيل نظرا للتأخر الذي سيسجل في المدرسة مقارنة بالأقسام الموازية التي فتحت أبوابها أبكر، وعليه فإن هناك من التلاميذ من سيهملون المتابعة الجادة في المؤسسة التعليمية و يميلون إلى الاعتماد بشكل أكبر على هذه الدروس. و يستطيع التلميذ أن يستعين بالدروس الخصوصية كدعم حسبها، لكن بعد انطلاق الدراسة من أجل مراجعة المكتسبات القبلية، خاصة بالنسبة لتلاميذ نهاية المرحلة الثانوية، حتى يتمكنوا من بناء قاعدة متينة للإلمام الجيد بالمنهاج، علما أن الفترة المناسبة لبدأ دروس الدعم تكون عموما أواخر شهر سبتمبر وبداية شهر أكتوبر، لأن التلاميذ يكونون قد أنهوا أول وحدة من المقرر، وبالتالي تعرفوا على نقاط ضعفهم، حسب ما ذكره الأستاذ زغودي. وأصبحت الدروس الخصوصية على رأس برنامج أصحاب العلامات الجيدة أيضا، زعما منهم بأنها تنظم وقتهم، فبينما يراجعون مع الأستاذ المواد التي تعتمد على الفهم كالرياضيات والفيزياء، يجدون متسعا من الوقت لحفظ دروس المواد الأدبية في المنزل، وفي هذا السياق لفت المتحدث، إلى أنه عكس الشائع فليس كل التلاميذ بحاجة إلى دروس دعم بل يوجد متمدرسون يحتاجون فقط لمراجعة دروس السنوات السابقة لتحسين مستواهم، حتى يتمكنوا من الانطلاق بزاد يكفيهم لتلقي معلومات جديدة. واعتبرت مفتشة مادة الرياضيات سعاد عليوة، بأن الدروس الخصوصية تحولت إلى حجة للهروب من المؤسسات النظامية، فيما يفرضها الأولياء على أبنائهم من أجل التقليد والمباهاة، وبالخصوص بعد شهرة بعض الأساتذة على مواقع التواصل الاجتماعي، وأضافت بأنه على الأولياء أن يدركوا بأن هذه الدروس عبارة عن دعم فقط، بينما التعليم الأساسي يجب أن يكون داخل القسم رفقة أستاذ المادة، بعدها يتوجه التلميذ للدروس الخصوصية إذا اكتشف نقصا في المعلومات التي يتحصل عليها، أو لم يستطع استيعاب ما يُقدم له، وترى عليوة، بأن من أكثر الطرق نجاعة أن يحاول التلميذ مراجعة وفهم دروسه بمفرده كبداية واعتماد الطرق البيداغوجية التي يرشده إليها أستاذه، مثل حل التمارين في البيت مع مراقبة و تأطير الأستاذ داخل المؤسسة. الأسلوب البيداغوجي حلقة مفقودة كما علق أستاذ التعليم الثانوي زغودي على الموضوع قائلا، بأن بعض المعلومات التي يتلقاها التلاميذ أثناء دروس الدعم، تتخللها مغالطات في معظم الأحيان، كما أنها بعيدة عن المنهاج الدراسي وهو ما يتسبب في تشويش أذهانهم عندما لا يستطيعون ربطها مع ما يلقنه لهم الأستاذ داخل القسم، وأرجع السبب في ذلك إلى أن أغلب من يقدمون هذه الدروس يفتقرون للكفاءة البيداغوجية، زيادة على أن آخرين ليسوا أساتذة تعليم ثانوي. وأشار، إلى أن « النمطية في الاختبارات وتكرار الأسئلة هو ما سهل عليهم امتهان «تقديم الدروس الخصوصية»، بدورها قالت مفتشة مادة الرياضيات سعاد عليوة، بأن التقنيات المعتمدة من قِبل أساتذة الدعم معظمها لا تتناسب مع الإجابة النموذجية، خاصة وأنها تعتمد على الحفظ أكثر من التفكير التحليلي، وأضافت بأن المواد العلمية تأثرت أيضا مثل الرياضيات التي أدخلوا على أسلوب مراجعتها طريقة حفظ حلول المعادلات والإشكاليات الرياضية، وهو ما وصفته بالكارثة التي أفرزت غياب الخبرة الكافية في التعامل مع المواد العلمية فضلا عن اعتماد طريقة واحدة في وضع أسئلة الاختبارات، وأردفت عليوة، بأن تبعات هذه الأخطاء تلاحق التلاميذ إلى الجامعة عندما يعجزون أمام تطبيق وسائل البحث العلمي و الفهم و التحليل. وأفادت أستاذة الأدب العربي غادة رمضاني، بأنهم كأساتذة لاحظوا الكثير من التأثيرات السلبية التي ترتبط بالدروس الخصوصية، وتحديدا ما تعلق باختلاف الطرق المتبعة في تقديم الدروس، وقالت: «اللغة العربيّة ليست مادة للحفظ ولم تكن يوما، لكن للأسف بعض أساتذة الدروس الخصوصية إن لم نقل معظمهم جعلوها مادة جافة، فجمعوا كل الاحتمالات ووضعوها في أيادي التلاميذ ظنا منهم أن ذلك يعدّ اختصارا لكنه اختصار مخلّ بالمادّة، وأخرجوا لنا جراء ذلك جيلا يحفظ كل ما يخص اللغة حفظا، ويأخذ علامات جيدة لكنه لا يستطيع أن يكوّن جملة صحيحة سليمة بلغته». وعرجت رمضاني، للحديث عن بعض الهفوات التي يسقط فيها التلاميذ من خلال تطبيق التوجيهات التي اعتبرتها خاطئة في الأدب العربي وقالت: «يعد الربط بين اسم الشاعر وموضوع القصيدة للإجابة عن أسئلة البكالوريا دون قراءة القصيدة، من الأخطاء التي يقع فيها الممتحن أثناء الإجابة على موضوع الامتحان، وكذا النظر والتقاط كلمات سمّوها مفتاحية من النّص أو الأسئلة، فيعرفون بها على حد قولهم، كل ما يخص القصيدة مباشرة دون عناء التأمل والبحث، وهذا ما رأيناه رائجا على مواقع التواصل الاجتماعيّ، وكل ذلك مبنيّ على الامتحانات السابقة لينصدم الطالب أثناء الامتحان بتغيّر كل شيء، وأنّ المفاتيح التي أهدوه إياها لا تصلح لحل الأسئلة»، وأضافت : « لا يمكن إنكار أن التلميذ تُعجبه فكرة أن يكون عالما بكل الإجابات التي يطرحها الأستاذ داخل القسم، فيندفع أمام زملائه ويتسرّع في إجاباته ليبدو متقدما عليهم، وهو ما يشتتهم جميعا». الفهم والمحاولة طريق نحو تحقيق المعدل الجيد وذكر الأساتذة، بأنهم توصلوا من خلال نتائج بكالوريا دورة سنة 2023 إلى أن التلاميذ الذين تحصلوا على نتائج ممتازة هم من لم يعتمدوا بصفة كلية على الدروس الخصوصية، وكانوا يستعينون بها في المراجعة الأخيرة فحسب، واعتبروا أن التلميذ المتفوق هو من يجتهد بنفسه في حل واجباته المنزلية، ويركز على فهم الدروس أكثر من الاعتماد على التلقي لوحده. وبحسب أستاذ مادة الفيزياء وحيد زغودي، فإن حل التمارين لا يكون فقط في قاعة الدروس الخصوصية، فالتلميذ يستطيع أن يضع برنامج مراجعة خاصا به، فضلا عن الاستعانة بالشبكة العنكبوتية، كما لفت إلى أهمية الكتاب المدرسي ووصفه بالمرجع المهم الذي يحتوي على الكثير من التمارين المفيدة والتي تسهل فهم الدرس والتمكن منه. وأضافت المفتشة سعاد عليوة، بأن الدروس الخصوصية ليست معيارا للنجاح، فلكل مادة منهجية خاصة بها يجب أن يتعلمها التلميذ حتى يستطيع الإجابة وفق الأسلوب النموذجي، ووصفت المتحدثة، التعليم بالعملية التبادلية للمعرفة بين الأستاذ والتلميذ، فلكل منهما دور مهم يلعبه من ناحية بذل المجهود الكافي في إيصال المعلومة وشرحها، واستيعابها كما ينبغي بالنسبة للتلميذ. وأكدت الأستاذة غادة رمضاني، بأن التعاون بين التلميذ والأستاذ يغنيه عن الحاجة إلى الدروس الخصوصية، لأنّ الهدف يبقى واحدا وهو تعلّم التلميذ وتنمية معارفه، كما يتعين أيضا على التلاميذ التحرر من شرط موضة الدروس الخصوصية، و الانتباه أكثر مع الأستاذ في القسم، لأن ذلك قد يكفيه لبلوغ غايته فلا يضع لنفسه شرطا للنّجاح. الدروس الخصوصية داعم خارج القسم وشرح وحيد زغودي، بأن انعدام التركيز داخل القسم له تأثير سلبي على التلميذ و يقلل استيعابه وطريقة تعامله مع الامتحان، فالتلاميذ الذين يعتمدون بشكل كلي على دروس الدعم، تظهر عليهم معالم الشرود الذهني داخل القسم، فضلا عن لامبالاتهم بالدرس ويصل الأمر إلى رفضهم التركيز والمتابعة مع الأستاذ، فيتحول التلميذ إلى عنصر تشويش على باقي زملائه. وأجمع المختصون البيداغوجيون، على أن هناك أسبابا كثيرة تجعل التلاميذ في حاجة إلى دروس الدعم، مثل الحجم الساعي الذي لا يكفي لحل التمارين داخل القسم فيضطر الأستاذ إلى برمجتها كواجبات منزلية ولهذا يجد التلميذ نفسه في حاجة إلى البديل حتى يفهم الدرس، وبحسب ما صرحت به سعاد عليوة، فإن غياب الانضباط داخل المؤسسة التعليمية فضلا عن تقصير بعض الأساتذة في أداء أدوارهم فتح الطريق أمام المدارس الخاصة بدروس الدعم. وعلقت غادة رمضاني: « لا يمكن إنكار ما لهذه الدروس من إيجابيات فليس كل الأساتذة سواسية في التقديم والشرح، وكذا فهم التلاميذ واستيعابهم، قد يلجأ تلميذ إلى هذه الدروس مُجبرا بعدما فقد القدرة على الفهم والاستيعاب داخل القسم، فضلا عن غياب الإبداع في تقديم وشرح الدروس، وهو ما تعوضه قاعات دروس الدعم التي تعد حلا مناسبا في نظره». تلاميذ الابتدائي في حاجة إلى تدريب وبحسب ما شرحته أستاذة التعليم الابتدائي مروة بكوش، فإن هناك فئة معينة من تلاميذ التعليم الابتدائي الذين يحتاجون لتدريب على القراءة والكتابة، و هناك تلاميذ لا يستطيعون التأقلم مع المدرسة في البداية، لأنهم لم ينفصلوا بعد عن جو اللعب الذي اعتادوا عليه في دور الحضانة، لهذا يختار أولياؤهم الاستعانة بدروس الدعم لتعزيز القدرة على الاستيعاب ويظهر الأثر الإيجابي لهذه الدروس حسبها، إذا اعتمدت على التدريب وتقوية مهارات التعبير والإملاء، والإكثار من التمارين التي يستطيع الطفل من خلالها تكوين ثروة لغوية وبناء قاعدة علمية متينة، والابتعاد عن تكرار دروس المقرر. وبحسب تجربتها في تقديم الدروس الخصوصية في مدرسة خاصة سابقا أفادت بكوش، بأنها كانت تقيم عناصر الفوج في أول حصتين، بعدها تختار التلاميذ النجباء وتنصح أولياءهم بأن يكتفوا بمراجعة الدروس في المنزل. ورغم زيادة الإقبال على دروس الدعم، إلا أنها لا تعرف رواجا كبيرا لدى تلاميذ مرحلة الابتدائي كما قالت، ولذلك تتوجه هذه المدارس إلى تشكيل أقسام لتدريب التلاميذ الصغار على القراءة والكتابة فقط. وأضافت : « اضطر تلاميذ السنوات الثالثة والرابعة ابتدائي، خلال السنة الماضية، إلى الاستعانة بدروس الدعم بسبب ضغط الدراسة والواجبات الكثيرة داخل القسم، فضلا عن أن الحجم الساعي لا يكفي لإتمام الدروس الطويلة و هذا ما جعل الأساتذة يطلبون من التلاميذ كتابتها في المنزل». وترى أستاذة التعليم الابتدائي، بأن المشكل الحقيقي يكمن في المقررات المعقدة التي لا تتلائم مع سن الطفل ولا قدرة استيعابه، خاصة في مادة الرياضيات، فضلا عن احتواء الخلاصة على بعض المصطلحات الصعب حتى على الأولياء فهمها، وهو ما فرض الحاجة للاستعانة بأساتذة متخصصين. إيناس كبير فاعلون في قطاع التربية يوجهون أصابع الاتهام إلى "مستودعات" الدروس الخصوصية مقاطعة الدروس النظامية وراء تراجع نتائج البكالوريا بقسنطينة أرجع فاعلون في قطاع التربية بقسنطينة، أسباب التراجع المسجل في نتائج البكالوريا بالولاية، إلى التنامي الكبير لظاهرة الدروس الخصوصية ، إذ تعد سببا أساسيا في الاختلالات المسجلة، فقد تحولت المستودعات والمدارس الخاصة إلى مؤسسات موازية ألغت دور المؤسسات النظامية ، فيما تؤكد مديرية التربية ، أن الانقطاع المبكر عن الدراسة في الأقسام العادية يعد من بين أبرز الأسباب المسجلة، كما أكد مدير القطاع الشروع في إعداد مخطط بيداغوجي على مدار 5 سنوات لتحسين النتائج تدريجيا. وعرفت قسنطينة في السنوات الأخيرة تراجعا ملحوظا في نتائج امتحان شهادة البكالوريا، بعد أن كانت تتبوأ المراتب الأولى في سنوات التسعينيات والعقد الأول من الألفية الثالثة.وأصبحت النتائج في العقد الأخير بولاية قسنطينة، لا تصل حتى إلى مستوى النسبة الوطنية، حيث أن هذا المؤشر يعد معيارا أساسيا في تقييم النتائج، فقد سجلت في هذا العام نسبة تقدر ب،45.83 بالمئة، في حين أن الوطنية قدرت ب 50.63 بالمئة، فيما احتلت المرتبة 41 وطنيا. نسبة نجاح ولائية أقل من الوطنية في السنوات الأخيرة وسجلت قسنطينة، طيلة 6 سنوات، نسب نجاح أقل من النسبة الوطنية ، حيث سجلت خلال 2018 نسبة نجاح تقدر 52.19 بالمئة قبل أن تتراجع في 2019 إلى 49.06 بالمئة، ثم ترتفع في 2020 إلى 51.55 بالمئة، لتسجل نسبة 57.81 بالمئة في سنة 2021 ، لتنخفض مجددا إلى 55.78 بالمئة العام الماضي، علما أن نسبة النجاح الوطنية قد وصلت إلى 58.75 بالمئة، لتسجل سقوطا أخر في دورة 2023 بنسبة 45.83 بالمئة، فيما لم يتجاوز عدد الناجحين 7538 من أصل 16644 مترشح، فيما تظهر الإحصائيات، تراجعا أيضا في نسب النجاح في العديد من الثانويات العريقة بمدينة قسنطينة، على غرار سمية ويوغرطة والأختين سعدان، رضا حوحو، وزيغود يوسف وغيرها، مقابل تقدم لبعض المؤسسات حديثة الإنشاء. ورغم أن مدير التربية السابق، الذي غادر منصبه نحو ولاية أخرى قبل أزيد من 6 أشهر ، قد أكد لوزير التربية في زيارته للولاية الصيف الماضي، وجود توقعات ومؤشرات دالة على ارتفاع نسبة النجاح بالنظر لما وصفه بالاستقرار الذي تعرفه مؤسسات الولاية، لكن ذلك لم يتم، كما أكد أيضا أن الولاية بحاجة إلى عمل مكثف، مشيرا إلى أنه وبعد إجراء تشخيص للواقع مع مدراء الثانويات والمفتشين، تم الوصول إلى تحديد جملة من النقائص التي تسببت في المشكلة ولعل أهمهما ،مثلما أكد، عدم التزام التلاميذ بالمداومة وتراجع الانضباط في المؤسسات التربوية إذ يغادرون مقاعد الدراسة مبكرا. المستودعات بدل المؤسسات.. المشهد المألوف وما يلاحظ في السنوات الأخيرة، عبر مختلف المؤسسات الثانوية، هو مقاطعة الدروس النظامية، حيث سبق وأن تطرقت النصر إلى هذه المشكلة التي تشهد تزايدا ، فقد أكد لنا أساتذة أن تلاميذ النهائي لا يأبهون أبدا بالدروس داخل الأقسام، وشطر كبير منهم يختفي مباشرة بداية من شهر نوفمبر بعد تأكيد التسجيلات الوطنية، لتزداد حدة شهر فيفري وينقطع جلهم إلا من عدد قليل جدا بعد عطلة الربيع، بينما تحضر قلة في المواد الأساسية فقط للشعب التي يدرسون بها، متحدثين عن تواطؤ من بعض الأساتذة وحتى المشرفين التربويين. وقد انتشرت مدارس ومستودعات الدروس الخصوصية كالفطريات عبر مختلف البلديات لاسيما بعلي منجلي وقسنطينة، ناهيك عن الدورات التدريبية التي يتم من خلالها تقديم وحدات تعليمية دفعة واحدة في 4 أو 5 ساعات مقابل دفع مبالغ مالية باهظة أرهقت كاهل الأولياء، فيما يدرس تلاميذ بأعداد كبيرة ومزدحمة عند أساتذة تحولوا إلى نجوم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في ظاهرة انتشرت على نطاق واسع، وأصبحت تصنف ضمن الأمر الواقع. * مدير التربية لخضر بركاتيمشروع لتحسين النتائج على مدار خمس سنوات يؤكد مدير التربية، بركاتي لخضر، للنصر، أن قسنطينة، قد سجلت نسبة نجاح ولائية أقل من الوطنية، لكن تم إحصاء 4029 تلميذ تحصلوا على تقديرات بنسبة 53.43 بالمئة من بينهم 40 متفوقا تحصلوا على معدل 18 فما فوق، وهو ما اعتبره المتحدث، مؤشرا إيجابيا رغم أن النسبة العامة هي أقل من المعدل الوطني، قبل أن يشير إلى أن العمل، على تحسين النتائج سيكون ابتداء من هذا الموسم، وذلك من خلال وضع مشروع بيداغوجي حتى تسترجع قسنطينة مكانتها الرائدة. وتابع، المتحدث، أن قسنطينة تتطلب مشروعا لتحسين النتائج، يتم تطبيقه على مدى 5 سنوات، لأن العملية التعليمية، وفقه، تتطلب نشاطا تراكميا لا يأتي في آخر اللحظات، مشيرا إلى وجوب تغيير بعض العادات والتقاليد بالتنسيق مع أهل الاختصاص ومسوؤلي وأساتذة مختلف المؤسسات التعليمية، حيث سيتم إجراء عملية تقييمية شهر أكتوبر المقبل ومن ثمة الوقوف على كل مكامن الخلل والعمل عل حلها . وسيتم من خلال اللقاء، مثلما أكد مدير التربية، إجراء عملية مقارنة في النتائج «ونقف» مثلما أكد، على أسباب الضعف، حتى يوضع العلاج المناسب ضمن مشروع بيداغوجي يستمر على المدى القريب والمتوسط، يتم من خلاله تحسين النتائج تدريجيا. كل من واصل تمدرسه إلى النهاية نتائجه كانت إيجابية ولفت السيد بركاتي، إلى أن الوزارة لم تصدر أي ترتيب رسميا والأرقام المتداولة ما هي إلا اجتهادات، لكنه أكد بأن نتائج الولاية متوسطة وليست عالية وليست ضعيفة، لكنها لا تليق بمكانة عاصمة الشرق، التي تتوفر على كفاءات بشرية وإمكانيات مادية تأهلها لتبوأ المراتب الأولى وطنيا ، مبرزا أن العمل على صعيدين، الأول يكون بالنسبة للمؤسسات التي يجب أن تصل إلى النسبة الولائية ، والثاني على مستوى المؤسسات التي يجب أن تصل إلى مستوى النسبة الوطنية.وتابع المتحدث، أنه ومن بين أكبر الأسباب، التي أدت إلى تراجع النتائج، هو الانقطاع المبكر عن الدراسة في الأقسام العادية، مؤكدا أن المعلومات المتحصل عليها من مختلف الثانويات، تفيد بأن التلاميذ الذين استمروا إلى غاية نهاية السنة هم من تحصلوا على معدلات مرتفعة ونجحوا وفازوا بينما التلاميذ، «الذين اتبعوا بائعي الأوهام» فقد كانت نتائجهم سلبية.وأكد مدير التربية المعين على رأس القطاع منذ أشهر، أن ظاهرة الانقطاع عن الدراسة العادية مسجلة في العديد من الولايات، لكنها أكبر حدة في قسنطينة ، مشيرا إلى أن التقييم يجب أن يكون أيضا، باحتساب عدد التلاميذ في الطور الثانوي، الذين تمكنوا من الوصول إلى امتحان البكالوريا وكم نجح منهم في البكالوريا. * مفتش التربية الغزالي بوحجر تنبؤات وإغراءات المستودعات وراء التراجع المستمر عزا مفتش التربية الوطنية بقسنطينة الغزالي بوحجر، أسباب تراجع نتائج البكالوريا، إلى جملة من العوامل ، حيث قال، إن غياب الاستقرار الإداري والتربوي في العديد من المؤسسات، يعد من أبرز الأسباب، كما تحدث عن مشكلة الإسناد التربوي الذي عرف عزوف الأساتذة القدامى عن تدريس أقسام الامتحانات والسنوات الأولى التي هي أساس البكالوريا، وهو ما يحتم، بحسبه، على المدير أو من ينوب عنه إسنادها للأساتذة الجدد الذين لايملكون الخبرة سواء في ضبط الأقسام أو في طريقة تقديم المادة المعرفية. ولفت المتحدث، إلى أن الاستخلاف عن العطل طويلة المدى كعطل الأمومة والعطل المرضية والإحالة على الاستيداع، يعد سببا أخر، حيث أن المستخلفين يفتقرون إلى المادة العلمية، وطريقة تسيير القسم وبناء الدرس أو النشاط ومنهم من يكون حضوره جسديا، بالإضافة إلى طريقة انتداب المستخلفين التي من المفروض أن يشرف عليها المفتشون ، مؤكدا وجود عدم انضباط ونظام داخل المؤسسات. وأكد مفتش التربية، أن كثرة الاحتجاجات من بداية السنة والصراعات وعدم الحسم فيها مبكرا يؤدي إلى تأخر التلاميذ في تنفيذ المنهاج أو البرنامج، ضف إلى ذلك حالات الانسداد بين الطاقمين الإداري والتربوي، كما أبرز أن مغادرة التلاميذ لمقاعد الدراسة والانسياق وراء الدروس الخاصة من قبل أساتذة دخلاء على القطاع أو بعض الأساتذة المعروفين بتبنيهم لهذه الدروس، وكذا بعض المفتشين والمديرين يعد مشكلة خطيرة جدا. وتحدث، السيد بوحجر، عن غياب الردع والحزم داخل المؤسسات فيما يتعلق بالغيابات والجانب الأخلاقي ، فضلا عن عدم قدرة بعض الأساتذة على فرض النظام والانضباط وغياب الجدية في التحضير والعمل، ضف إلى ذلك الاكتظاظ، إذ لا يعقل أن تجد أكثر من 45 تلميذا في قسم تنعدم فيه شروط العمل، مشيرا إلى أن غياب الأولياء وعدم مراقبة ومرافقة أبنائهم، وحضورهم لا يكون إلا في شهري جوان وسبتمبر أو خلال الفروض والامتحانات . تحليل النتائج غيّب منذ أربع سنوات بقسنطينة وأبرز المفتش، أن إغراءات المستودعات بالتنبؤ بمواضيع البكالوريا وإجبار التلاميذ على الحضور على حساب مواد أخرى، فضلا عن ظهور دورات المراجعة والحفظ تعد سببا أساسيا في تراجع النتائج، قبل أن يشير إلى غياب لتحليل النتائج المسجلة والوقوف على المواد في كل شعبة لتشخيص الأسباب واقترح الحلول المساعدة لتجاوز النقائص، إذ يجب أن تعالج على مستوى المؤسسات ثم على مستوى المديرية ، لكن العملية، مثلما صرح، غيبت لمدة 4 سنوات، مؤكدا وجود عدم تحضير للتلاميذ بالكيفية الجيدة من حيث طريقة التعامل مع الأسئلة وحتى مع سجل مع مادة الفلسفة بالنسبة للأدبيين، وحتى بعض المواد العلمية. * يزيد بوعنان مدير ثانوية وقيادي في مجلس مديري الثانويات العزوف المبكر وقصور دور هيئة التفتيش وراء المشكلة يبرز يزيد بوعنان الذي يشغل منصب مدير ثانوية، وهو أيضا قيادي في مجلس مديري الثانويات، بأن تدهور نتائج البكالوريا في ولاية قسنطينة ، يعود إلى العزوف المبكر عن الدراسة ومغادرة الثانويات من طرف تلاميذ الأقسام النهائية، حيث وبمجرد تسجيلهم لشهادة البكالوريا ودفع ملفاتهم مع نهاية شهر نوفمبر ينقطعون تماما عن الدراسة بالثانويات ويلتحقون جماعات وفرادى بمستودعات الدروس الخصوصية الفوضوية التي تشهد انتشارا غير مسبوق بهذه الولاية. وأبرز، المتحدث، بأن هذه الدروس أصبحت تنطلق مع منتصف شهر أوت وفي عز العطلة الصيفية، في حين أنها وخلال الموسم الدراسي تنطلق من الثامنة صباحا إلى منتصف الليل بطريقة فوضوية وغير قانونية أمام مرأى ومسمع من الجميع ؛ مما أثر سلبا، بحسب تأكيده، على الانضباط داخل المؤسسات التربوية وعلى حضور ومواظبة التلاميذ وعلى التحصيل العلمي والمعرفي الخاضع للرقابة والقانون. وشدد، السيد بوعنان، أنه وفي حال عدم معالجة هذه الظاهرة وإخضاعها للقانون فإن الوضع سيزداد سوءا ، كما أكد أن كثرة النزاعات الجماعية والفردية داخل المؤسسات وعدم إسراع الوصاية للبث في هذه النزاعات بطرق قانونية وواضحة وبالصرامة التي يتطلبها القانون أحيانا ، يؤدي في الكثير من الحالات عقد إلى تعقيد الوضع . وتحدث، أيضا، عن قدم بعض الهياكل التربوية ونقص الوسائل التربوية والتعليمية والبيداغوجية ، حيث قال، إن السلطات ملزمة بتخصيص أغلفة مالية معتبرة لإصلاح هذه الهياكل المهترئة والقديمة وترميمها، حتى صالحة لاستقبال التلاميذ والطواقم العاملة بها، كما أشار إلى أن طريقة التقييم والتقويم فيها شيئ من التعاطف والتساهل مما جعل عملية الانتقال من مستوى إلى آخر تعتريه بعض الظروف والعوامل غير الموضوعية وغير الخاضعة لمقاييس بيداغوجية وعلمية مضبوطة، ضف إلى ذلك ،مثلما أكد، أن إعادة السنة في السنة الثالثة ثانوي تتحكم فيها عوامل اجتماعية من أجل محاربة التسرب وهو ما جعل الإعادة شبه حق لمن لا يستحقها ولمن لا تتوفر فيه معايير الإعادة .ودعا المتحدث، إلى تفعيل دور هيئة التفتيش الذي أضحى بحسبه، قاصرا، إذ هيئة التفتيش بجميع تخصصاتها البيداغوجية والإدارية والمالية ملزمة وفق دورها المحدد قانونا بمراقبة ومرافقة هيئات التدريس والتأطير الإداري وتقديم التوجيهات اللازمة والضرورية ؛ إذ من الملاحظ أن هذا الدور أصبح منقوصا وفي بعض الأحيان منعدما، مما خلق بعض التسيب والفوضى في التدريس والتسيير.