تحدث مصمم الأزياء الجزائري رياض تلمساني، عن ضرورة تكثيف الجهود من أجل الحفاظ على اللباس التقليدي الجزائري، مع إيلاء اهتمام أكبر لجانب إلباس الفنانين والمشاهير الجزائريين والأجانب، خلال الحفلات والمهرجانات، نظرا للدور الكبير الذي يلعبه هؤلاء في التعريف بالزي التقليدي على أوسع نطاق. وقال رياض تلمساني، الذي ألبس مؤخرا، الفنانتين ديمة وتالة العربي طرقان خلال حفلي قسنطينة والعاصمة، إن تصميم ملابس الفنانين والمشاهير من بين أنجع الأساليب المنتهجة في الترويج الثقافي بما في ذلك التعريف باللباس التقليدي و بالتالي بالمهارات الحرفية اليدوية لأي بلد، ولذلك فمن المهم جدا حسبه، أن يركز المصممون على أن تكون أزياؤهم من بين اختيارات المشاهير وأن تتنوع الإطلالات لتشمل الزي العاصمي و القسنطيني والصحراوي و أزياء الوسط و الغرب وكل المناطق، بغية الحفاظ على هذا الموروث الزاخر و التعريف به أكثر وتشجيع الشابات على اختياره في المناسبات و الظهور على طريقة النجمات، واعتبر بأن الوقت الحالي يستوجب السعي أكثر في هذا الاتجاه، لمواجهة محاولات السطو على تراثنا و سرقته ونسبه لغير أهلة، ولم ينف المصمم أهمية الاقتباس من موروث الدول الأخرى في إطار التحديث و العصرنة، وذلك عن طريق إضافة بعض اللمسات الجمالية الجديدة لبعث القطع التراثية مجددا و الترويج لها وإقناع الشباب بارتدائها مع الحديث أكثر وبلغة مفصلة عن كل لمسة جديدة وعن أصل كل فكرة. وأوضح المتحدث، بأنه ألبس شخصيات فنية معروفة في الجزائر، على غرار الفنانة فريدة كريم والمُمثِلة القديرة بهية راشدي والفنانة منال حدلي و نجمة البرامج و الفنانة منال غربي وسامية مزيان ومُفيدة عباس وآية علجية، حيث يراعي في كل مرة ضرورة أن يتماشى الزِي مع فكرة الحدث و دلالاته، وكذا مع تقاليد المنطقة التي تحتضن الفعالية أو المناسبة، وقال: « قمت مؤخرا بإلباس ديمة العربي طرقان، خلال حفلة الجزائر العاصمة، حيث اخترت لها الكاراكو العاصمي، بالمقابل فضلت قندورة القطيفة والبرنوس لأجل إطلالتها في حفل قسنطينة، وكان من المقرر أن ترتدي من تصاميمي البلوزة الوهرانية في حفل وهران و الملحفة في الجنوب». أما عن عودة اللباس التقليدي وبروزه بقوة مؤخرا و اختيار الشباب له في العديد من المناسبات التي صنعت الحدث على مواقع التواصل، فقال بأن للأمر علاقة بنشاط الترويج و الاستغلال الإيجابي للمنصات التفاعلية، و قال إن الإصرار على اختيار أو اقتراح إطلالات تقليدية لضيوف الجزائر على اختلاف تخصصاتهم، ساهم بشكل كبير في إبراز التراث الجزائري والألبسة التقليدية المعروفة عبر مختلف ربوع الوطن، وهذا بغية إظهار زخم التنوع التراثي وكذا مخزون الألبسة المتنوعة والمميزة. وأضاف، بأن اللباس التقليدي لم يندثر يوما نظرا لوجود مصممين عشقوا المجال فأبدعوا فيه و أضافوا إليه لمسات عصرية طورت منه وجعلته يتماشى مع الموضة والحداثة ما أضفى عليه تميزا وفرادة جعلته محل اهتمام وشغف من قبل الجميع كبارا وصغارا، كما توسع العرض وتمت تلبية وتغطية جميع الأذواق على اختلافها وتنوعها، قائلا إن اللباس التقليدي بمختلف أنواعه يشهد في كل مرة تغيرات وتجديدا يطرأ على تفاصيله المختلفة كالطرز والأحجار و الرشم و التفصيل و القماش، وهي تحديثات مست إلى غاية الآن القندورة والملحفة الشاوية و الكاراكو والقفطان واللباس النايلي أيضا. وقال المصمم، إن الكاراكو على سبيل المثال، كان له طابع خاص في الماضي و يُلبس بشكل مُعين، أما حاليا فطلب الزبونات اختلف تماما، و هناك من يفضلن ارتداءه مع فُستان أو سروال عكس ما كان قائما عليه في سنوات سابقة، حيث عوضن سروال الشلقة و بودليوة بالسراويل الكلاسيكية لإطلالة عصرية وشبابية أكثر. هكذا تطور القفطان الجزائري وتحدث المصمم عن أصول القفطان، قائلا إنه من خلال جملة البحوث التي أجراها بمحركات البحث وكذا مما توصل إليه من أقوال بعض الباحثين الجزائريين، فإن القفطان وصل إلى الجزائر إبان العهد العثماني من خلال التبادلات التجارية التي كانت تعرفها منطقة شمال إفريقيا آنذاك، ليدخل إلى الجزائر في شكل قُفطان رجالي، و يتم الاقتباس منه واستخلاص تصميم لقفطان نسائي من قبل مصممة جزائرية لتكون هي أول من أقدمت على هذه الخطوة وأخرجت الفكرة إلى النور وجسدتها، وقد عرف اللباس خلال تلك الفترة باسم «قفطان القاضي»، إذ كان يُصنع من قماش القطيفة مع إضفاء تطريزات عليه بخيط الحرير «الشعرة»، أما قصته فتكون متساوية مع الجسد في الجهة العلوية في حين يبدأ بالتوسع نزولا، أما الذراعان فإما يُفصلان على مقاس الذراع ويكون الكُم دائريا ومحيطا بالمِعصم، أو يكون الذِراع مُنسدلا ومفتُوحا بشكل واسع، وبما أن الحدود في السابق لم تكن مغلقة مع الدول المجاورة للجزائر، فقد وصل القفطان النسوي الجزائري إلى البلدان القريبة وانتشر في الشمال الإفريقي. وتابع المتحدث قائلا، إن عدة تغيرات طرأت على القفطان العصري في الوقت الحالي و مست نوعية القماش والقصة والتطريز، و أضحى يُزين ويُرصع بالأحجار والكريستال اللامع، خصوصا مع توفر هذه المنتجات في السوق وتنوعها. وأضاف في الأخير، بأنه من الجيد أن تتضافر جهود كل من المصممين ومنظمي الحفلات وعروض الأزياء والمهرجانات وحتى وسائل الإعلام والفنانين والمشاهير، من أجل الحفاظ على اللباس التقليدي الجزائري والهوية