غياب صناعة حال دون تسويق أزيائنا سأجوب البلدان العربية و الأوروبية للتعريف بتراثنا تحدثت مصممة الأزياء و رئيسة المهرجان الدولي للباس التقليدي الجزائري، ابنة قسنطينة حفيظة بريكي في حوارها مع النصر، عن تنصيبها الأسبوع المنصرم، على رأس محافظة مهرجان الشرق الأوسط للموضة، الذي ستحتضن طبعته القادمة الجزائر العاصمة، كما تطرقت إلى موضوع سرقة التراث و نسب أزياء تقليدية لبلدان أخرى، و إطلاق عليها صفة «مغاربية»، كما كشفت عن تشكيلة تصاميمها لسنة 2021 ، مشيرة إلى أنها لا تطرحها من خلال عرض للأزياء، و إنما ستعتمد على طريقة حديثة تعد بمثابة مفاجأة لمحبيها. حوار / أسماء بوقرن . النصر: نُصبت مؤخرا كوكيلة و محافظة مهرجان الشرق الأوسط للموضة في الجزائر.. حدثينا عن ذلك؟ حفيظة بريكي: نصبت كوكيلة و محافظة رئيسية لمهرجان الشرق الأوسط للموضة، من قبل رئيسه وليد خليل، و هو مدير أكبر شركة تنظيم مهرجانات في الشرق «بلو مون»، و هو مهرجان يقام كل سنة بالعاصمة المصرية القاهرة، و يعد من أكبر مهرجانات الموضة بمصر، حيث يستقطب في كل طبعة مشاهير من مختلف البلدان العربية، و أنا من المصممين المعتادين على المشاركة بتشكيلات جديدة، تمكنت بفضلها في طبعات سابقة، من الترويج و التعريف بأزياء بلدي التقليدية، لألقب من قبله سفيرة للباس التقليدي، كما توجت من قبله بدرع التميز في 2018، كما أن تأسيسي لمهرجان دولي للباس التقليدي، نظمت طبعته الثانية في مصر، عرف بي بشكل جيد، و أبرز تصاميمي، و كذا إبداعات مصممين جزائريين، ما جعلني أنال شرف منصب محافظة مهرجان ضخم. مع العلم أن مهرجان اللباس التقليدي الجزائري، هو عبارة عن قافلة تضم عددا معتبرا من مصممي الأزياء تجوب في كل طبعة بلدا من البلدان العربية، و بعدها البلدان الأوروبية، و قد نظم برعاية وزارتي الثقافة و السياحة، حيث كانت طبعته الأولى شهر أكتوبر 2019 في قصر الثقافة مفدي زكريا بالعاصمة، أما الطبعة الثانية فكانت في 10 مارس 2020 في القاهرة بمصر. . متى ستنظم فعاليات مهرجان الشرق الأوسط للموضة بالجزائر؟ تم تحديد موعد مبدئي لإقامته في 25 جوان 2021 بالعاصمة لمدة يومين، تحت شعار «الجزائر تفتح بوابتها لمهرجان الشرق الأوسط للموضة»، و سيعرف مشاركة مصممي أزياء من داخل الوطن و من مختلف البلدان العربية، و كذا كوكبة من الفنانين العرب، من بينهم أسماء ستدخل بلدنا لأول مرة، كما يعد فرصة لاحتكاك الفنانين المحليين بأمثالهم من دول أخرى، و بمخرجين و منتجين، كما أن أخصائيي التجميل سيستفيدون من خبرات المشارقة الرائدين في المجال، و يشكل هذا المهرجان محطة للإلمام بخبايا تنظيم المهرجانات الكبرى، باعتبار أشقائنا المصريين رائدين في المجال، و سأسعى جاهدة لاستغلال فعالياته في التعريف أكثر بلباسنا ، لضمان انتشاره بالشرق الأوسط. و أتمنى أن أحصل على رعاية جهات رسمية كوزارتي الثقافة و السياحة، لرغبتي في تنظيم جولات سياحية للوفد الذي سيقيم أسبوعا كاملا بالجزائر، و تقديم أطباق و حلويات تقليدية له، لإنجاح التظاهرة و إبراز موروث بلدي. الطبعة الثالثة للمهرجان ستنظم بالسعودية . ماذا عن الطبعة الثالثة للمهرجان الدولي للباس التقليدي الجزائري الذي تترأسينه؟ ستنظم الطبعة الثالثة للمهرجان السعودية، بمشاركة مجموعة من المصممين الجزائريين الذين يرغبون في إبراز أزياء منطقتهم و بلدهم و الترويج لها، و الهدف الأسمى من المهرجان عموما، و هذه الطبعة على وجه التحديد، هو الدفاع عن تراث بلدي، و رد الاعتبار للذين يتطاولون على موروثنا الثقافي، و ينسبونه لبلدهم، من خلال قافلة المصممين التي ستحط رحالها هذه المرة في الخليج العربي. و سأحرص على تقديم أزيائنا و إبراز تاريخها و عراقتها و التعريف بها جيدا، لتكميم أفواه المتطاولين علينا الذين سرقوا موروثنا، و أشير هنا إلى أنني وجدت في تنظيم المهرجانات، ما يساعد على الترويج للباس التقليدي أفضل من الاكتفاء بتقديم عرض للأزياء في المناسبات. . سرقة التراث أصبحت موضة، و لم تعد الأزياء التقليدية الجزائرية تنسب لبلد بعينه و إنما أصبح يطلق عليها تسمية « مغاربية»، ما رأيك؟ فعلا، و هذا ما أرفضه جملة و تفصيلا، و يعد حافزا قويا لي للعمل أكثر من أجل إطلاق عدة مبادرات، استطعت تجسيد بعضها كتأسيس مهرجان دولي يجوب عدة بلدان، كما طلبت، إلى جانب عدد كبير من المصممين و الفنانين، من وزارة الثقافة، التدخل و أطلقنا هاشتاغ «يا وزيرتنا تراثنا ينهب»، خاصة بعد نسب البلوزة الوهرانية لبلد عربي آخر، فالتطاول على تراثنا لا يتوقف على السرقة، و إنما حتى بالرسائل، إذ تصلني على الخاص رسائل تتضمن سبا و شتما، بمجرد أن أنشر صورة، مثلا لقفطان جزائري. التقاليد تمنع المصممات من الانتشار . لماذا في رأيك لا يزال المصمم الجزائري محدود الانتشار و الشهرة؟ السبب يكمن في عدم دعم شريحة مصممي الأزياء الذين يعدون سفراء للترويج للزي التقليدي، لكنهم لا يمتلكون أية امتيازات، حيث تمنح لنا بطاقة حرفي كغيرنا من الناشطين في الحرف التقليدية، و هي بطاقة لا تمنح أي صلاحيات و لا امتيازات و لا حتى إعانة، فما نريده هو دعم المصممين الذين يستحقون ذلك و يبادرون سنويا بإطلاق تشكيلات جديدة، يمكن تخصيص إعانة مالية واحدة في السنة للمصمم الذي يستحق، لكنني أرى بأن المصمم يعاني بمفرده، و حتى عند إطلاق مبادرات فردية كبيرة ، لا يلقى الدعم ، و هو ما حدث معي عند تأسيس مهرجان اللباس، حيث حصلت على الرعاية دون إعانة مالية. كما أن العرف و التقاليد من أسباب كبح انتشار المصمم الجزائري ، فأغلب من ينشطون في المجال، نساء غير أن إبداعاتهن تظل حبيسة جدارن بيوتهن أو المنطقة التي يقمن بها بسبب رفض الأزواج تنقلهن، ما أثر على انتشار إبداعاتهن و حتى الزي الذي تشتهر به ولايتهن، و الدليل على ذلك أن بعض الأزياء لم تلق صدى، الملاحظ أن بعض القطع لاقت رواجا كبيرا ، كالكاراكو و القفطان و القندورة الجزائرية، فيما لم تبرز أزياء أخرى بشكل جيد كالزي الشاوي و النايلي، هذا الأخير حقق قفزة نوعية في الفترة الأخيرة، و ذلك بعد أن قررت تخصيص افتتاح المهرجان الدولي للباس التقليدي الجزائري، للباس النايلي و كلفت المصممة محاسن حرزالله، باعتبارها ابنة منطقة أولاد نايل، بالإشراف على ذلك، و كان العرض رائعا ، بمثابة مفاجأة للضيوف الذين اكتشفوا زيا آخر من الأزياء التقليدية الجزائرية. . هل ستخصصين افتتاح كل طبعة لزي من الأزياء التقليدية التي لم تلق بعدها حقها من الترويج؟ نعم بالطبع، هذا ما أطمح إليه، ففي كل طبعة أعد لافتتاحية مغايرة، موقعة بزي تقليدي لم يلق بعد حقه من الرواج، سواء على المستوى الوطني و حتى الدولي، و أغير بذلك الصورة النمطية عن عروض الأزياء التي تركز على الكاراكو العاصمي و القفطان و غيرهما. «الكاراكو» أحدث ضجة و «الشامسة» أبهرت عارضة بولندية .وقعت إطلالات نجمات في مجال الفن و كذا إعلاميات و حتى عارضات أزياء عالميات.. نعم، سبق و أن وقعت إطلالة عارضة الأزياء الدولية البولندية أولغا في مهرجان أرت فاشن دايز في مصر، فقد انبهرت بقندورة الشامسة القسنطينية. كما أشرفت على عرض أزياء ملكات الجمال في مصر، في حفل التتويج، و من بين اللائي ارتدين أزيائي أيضا أذكر نجمة الدراما المصرية إيمان رجائي، فقد اختارت الكاراكو ، و أحدثت ضجة بإطلالتها في مهرجان أرت فاشن داي، و نلت حينها درع التميز، كما أشرفت على تصميم أزياء تقليدية لفنانات جزائريات مثل ندى الريحان و فيزية توقرتي و نسرين سرغيني و منال حدلي و الإعلامية نوال قاضي و الشيف شهرزاد التي انبهرت بقندورة الشامسة القسنطينية، بالإضافة إلى كل من ملكة جمال العرب يحيى سمارة و ملكة جمال الجزائر لسنة 2019 خديجة بن حمو. و منحت فرصة لمصممات أشرفت عليهن في المهرجان الدولي للباس التقليدي للبروز، من بينهن المصممة المبدعة أميرة بودودة التي وقعت إطلالة النجمة المصرية إيناس عز الدين بارتدائها القندورة القالمية التي أصرت على أخدها. تصلني طلبيات من بلدان عربية و أوروبية .لاحظنا مدى رواج الزي التقليدي و إقبال عديد نجمات الفن العربي على ارتدائه غير أن غياب صناعة يحول دون بلوغه حدود الوطن، لماذا؟ و هل تصلك طلبيات منهن ؟ لم نتمكن من تأسيس صناعة اللباس التقليدي، لأن الحرفي مقيد، فمهمة الترويج وحدها صعبة للغاية. لقد أشرفت شخصيا، بإمكانياتي الخاصة، على توقيع إطلالات نجمات حضرن المهرجان الذي أسسته، لكن هذا غير كافي، يجب تأسيس سوق للزي التقليدي لتحقيق الانتشار الفعلي. حاليا و بعد الشهرة التي حققتها، تصلني طلبيات من أجل اقتناء الكاراكو و قندورة القطيفة من فرنسا و السويد و قطر في الغالب من سيدات مجتمع و زوجات سفراء، و أقوم بإرسالها فور الانتهاء منها، و آخر طلبية كانت من عروس من تونس الشقيقة تتعلق بالقندورة القسنطينية لارتدائها في ليلة الحناء. . ما رأيك في عصرنة قندورة القطيفة و موضة المزج بين زيين في قطعة واحدة؟ أرفض تغيير تصميم الزي التقليدي، و بالأخص القندورة القسنطينية، و أفضل إعطاءها لمسة جديدة و مغايرة ، من خلال تجديد تقنيات العمل و «الرشمة» و الألوان، مع الحفاظ على «الخراطات» و التقليص فقط منها. أما بخصوص إدخال تغييرات على أزياء تقليدية و الجمع بين زيين في قطعة واحدة، فأنا ضد الفكرة جملة و تفصيلا، لأنني أرى بأن ذلك يقلص من قيمة القطعة و يروج بطريقة خاطئة للباس و يشوهه. أنا ضد أن يكون الشاوي بلمسة قبائلية و العكس، لأن القطعة تفقد قيمتها، فاللمسة التقليدية و الإبداع في العمل، من خلال انتقاء الألوان و ألوان و طريقة وضع الأحجار تجعل القطعة تبدو تحفة حقيقية، و هذا يكفي لتحديثها، دون الإخلال بخصوصيتها. تشكيلتي القادمة ستحدث نقلة . ماذا عن تصميماتك الجديدة؟ أحضر لطرح مجموعة أزياء جديدة لموسم 2021، بعد نحو شهرين، و أضع حاليا الروتوشات الأخيرة على القطع، لكنني لن أقدمها في شكل عرض للأزياء، بل بشكل مغاير تماما، سيحدث ضجة و يحقق انتشارا للزي التقليدي. ستتضمن التشكيلة 8 قطع، و سأركز على القندورة القسنطينية، مع إدخال تصاميم تقليدية لم يسبق و أن صممتها، كالملحفة الشاوية. . ما هي موضة هذا العام؟ اللون البرونزي هو موضة الموسم، مع اعتماد الكوكتيل من خلال إدخال الفتلة و المجبود البرونزي و البيرلاج في القطعة الواحدة، فلم يعد الإقبال كبيرا على اللونين الذهبي و الفضي. أ ب