طغى خطاب التخويف على الحملة الانتخابية للتشريعيات التي أدركت أسبوعها الأخير، حيث أسرفت أغلبية المتدخلين في الحملة سواء من رؤساء الأحزاب أو رؤوس القوائم في التحذير من خطر داهم إن تغيب الناخبون عن مراكز الاقتراع في العاشر ماي القادم، ووصل الأمر إلى حد ربط المقاطعة بتدخل الحلف الأطلسي في الجزائر، كما جاء على لسان الأمين العام للأرندي الذي يشغل في نفس الوقت منصب الوزير الأول في الحكومة والذي تحدث عن خطة غربية لاستهداف بلدان عربية بينها الجزائر، وقال في تجمع له بمعسكر أن تجنب التدخل يقتضي المشاركة الواسعة في الاقتراع، ويرى أويحيى في مختلف تدخلاته أن التغيب سيلعب لصالح الإسلاميين وكرّر في أكثر من تجمع تحليلا فحواه أن فوز الفيس في تشريعيات 1991 سببه عزوف الناخبين الذي جعل ثلاثين بالمئة من المصوتين يختارون من يحكم الجزائر. و غير بعيد عن هذا الطرح يتمحور خطاب شريك الأرندي في الحكم وصاحب الأغلبية البرلمانية الحالية، حزب جبهة التحرير الوطني الذي لا يتردد أمينه العام عبد العزيز بلخادم في التحذير من عواقب جيوبوليتيكا الخراب التي تنتهجها العواصم الأطلسية تجاه المنطقة والجزائر التي قال أكثر من مرة أنها منتظرة في المنعرج، لذلك يرى في المشاركة الواسعة صمام أمان يجنب البلاد "ربيعا" لا يناسب الحزب الذي يرافع من أجل "الاستقرار". من جهتها استعادت لويزة حنون شهية الخطاب اليساري في حملة دشنتها قبل غيرها بالتخويف من خطة أعدها الغرب الامبريالي لإعادة تقسيم مناطق النفوذ في العالم بغرض نهب ثروات الدول الضعيفة، والحق أن حنون كانت أول شخصية سياسية في الجزائر تجاهر بمعاداة هذا التوجه والتحذير منه منذ أطلق صقور البيت الأبيض في عهد بوش الثاني حملتهم "لتحرير" العالم من قوى الشر. وتخوف حنون من الاسلاميين الذين ترى فيهم مجرد عملاء لأمريكا وإسرائيل، مستدلة على ذلك بالخطاب المهادن الذي ينتهجه إسلاميو الربيع العربي تجاه الدولة العبرية، ويقاسم عمارة بن يونس حنون مخاوفها من الإسلاميين ويزيد على ذلك بالدعوة إلى محاربة الأصولية محذرا من إسلام قادم من الخليج، ومن نكوص إلى مرحلة التسعينات ويقول زعيم الحركة الشعبية الجزائرية أنه لا يعقل أن ينال الاسلاميون في 2012 ما انتزع منهم في 1991 رافضا أي تنازل عن القيم الجمهورية وجعل المناضل المنشق عن التجمع من أجل الثقافة من مواجهة الإسلاميين حصانه في الرهان الانتخابي وتميز خطابه أيضا بالثناء على العسكر والمقاومين. في الجهة المقابلة يحذر الإسلاميون من التزوير ويقولون أن الجزائر لن تكون استثناء في محيطها الإقليمي وان "الزحف الأخضر" قادم لا محالة، و لهذا التيار نصيبه من التخويف حتى وإن فضل التخويف بالشارع الذي سيهتز إلى جانبه إن امتدت يد عابثة إلى الصناديق، بل أن بعض الوجوه حذرت من فوضى عارمة في حال التزوير في صورة عبد المجيد مناصرة الذي يقدم حزبه كمؤتمن على ميراث الراحل محفوظ نحناح. أما التكتل الأخضر الذي حاول أن يستفيد من مزايا اللون في حملة قال فيها أن الفوز سيكون من نصيبه في الاستحقاق القادم وأنه جاهز للحكم بوزير أول ارجع إليه فضل شق الطريق من الشرق إلى الغرب، فإنه يحذر من فوضى في الداخل وضغوط من الخارج إن تم النيل من أصواته، واستطاع بوقرة سلطاني الخارج حديثا بشكل صوري من التحالف الرئاسي الذي حكم البلاد أن يستعيد خطابه الديني الذي هذبته "المشاركة" ويهدد بقلب الطاولة. ويفضل عبد الله جاب الله العائد إلى الساحة السياسية بحزب جديد ألا يخوض مع إخوان الأمس فيما يخوضون والنأي بنفسه عن كل تكتل، ودافع عن براءة حزبه من شبهة خدمة الأجندات الأجنبية أو الاستفادة من تمويلات خارجية، حتى و إن لم يهمل بدوره لازمة التخويف من عواقب التلاعب بالنتائج. وبدت الكثير من الأحزاب الكبيرة منها والصغيرة، متأثرة بخطاب الرئيس بوتفليقة في آرزيو في فيفري الماضي والذي شبه فيه العاشر ماي بأول نوفمبر، وفيما لجأت أحزاب وشخصيات إلى النقل الحرفي، اجتهدت أخرى في الاقتباس والشرح، ليشترك الجميع في نهاية الأمر في حملة التخويف من غول اختلفت صفاته وجرى الإجماع على خطورته، وسيكون هذا الأسلوب في الخطاب السياسي في امتحان يوم العاشر ماي الذي سيثبت نجاعته من عدمها. سليم-ب