دخلت الأحزاب السياسية في سباق مع الزمن تحسبا لتشريعيات ال10 ماي القادم، حيث أعلنت جل التشكيلات حالة استنفار قصوى في صفوفها وشرعت في عملية تعبئة واسعة للمناضلين من خلال اللقاءات والندوات التي تستهدف الشباب والنساء على وجه التحديد. كما هو الحال بالنسبة للأفلان والأرندي والعمال والأفافاس وغيرها من الأحزاب التي تسعى لتصدر المشهد السياسي القادم. تؤشر المعطيات المتوفرة أن المنافسة الانتخابية لاستحقاقات ال10 ماي ستكون شديدة وحادة بالنظر إلى الرهانات المحيطة بالانتخابات، ليس من منطلق تصدر قاطرة الحياة السياسية في المرحلة المقبلة، ولكن بالنظر أيضا للتحديات الواجب رفعها من قبل الطبقة السياسية والمتعلقة أساسا بالمحافظة على السيادة الوطنية وصيانة مبادئ الجمهورية ودرء الفوضى كما جاء في خطاب الرئيس بوتفليقة من آرزيو. ومن هذا المنطلق أدرك قادة الأحزاب، سيما تلك التي كان لها نفودا وقوة في الساحة السياسية قبل الإصلاحات، أهمية موعد العاشر ماي، الذي يأتي في سياقات إقليمية مضطربة وواقع داخلي يبحث على فرص التغيير السلمي والهادئ وبما يحقق نقلة نوعية في المسارين الاجتماعي والسياسي للبلد. ضمن هذه الرؤية ضبطت قيادة حزب جبهة التحرير الوطني برنامجا محكما للحملة الانتخابية ورسمت خطابا تتوجه به إلى الشعب، لكن قبل هذا باشر المكتب السياسي حملة تحسيسية مكثفة تهدف إلى تعبئة المناضلين والناخبين للموعد القادم، فكانت العديد من اللقاءات والندوات التي أشرف عليها الأمين العام عبد العزيز بلخادم، وأخرى تحت إشراف أعضاء من المكتب السياسي، ومست مختلف شرائح المجتمع ومنها تحديدا الشباب والمرأة والجالية في الخارج، وهي أهم الفئات التي تعود إليها كلمة الفصل في انتخابات مصيرية وحاسمة من شأنها أن تعيد تشكيل الخارطة السياسية برمتها. وتقول إطارات قيادية في الأفلان أن الحزب غير متخوف من حسابات الحملة أو المنافسة المتوقعة من قبل الأحزاب الأخرى بالنظر إلى استعداده من جهة وامتلاكه لعامل الخبر وهو مهم في مثل هكذا مواعيد. أما الأرندي فقد شرع هو الأخر منذ مدة في ضبط أموره التنظيمية والسياسية من خلال اللقاءات المغلقة التي أشرف عليها الأمين العام، والتجمعات الفئوية سواء الشبابية أو النسوية التي نظمت في أكثر من مناسبة تحضيرا لانتخابات تراها قيادة الحزب مصيرية على اعتبار أن قواعد اللعبة الانتخابية تغيرت بفعل الضمانات التي قدمها الرئيس بوتفليقة بخصوص نزاهة العملية الانتخابية وشفافيتها. من جهته كثف حزب العمال من وتيرة نشاطه ورفع من سقف خطابه قبل بداية الحملة الانتخابية، فقد نظم الحزب عشرات اللقاءات مع المناضلين لتحسيسهم بأهمية الانتخابات التي سترسم »مجلسا تأسيسيا« طالما نادى به الحزب حسب خطاب لويزة حنون، التي تعتقد في الوقت ذاته أنه يتعين على السلطة ضبط موارد ومراقبة تمويل الأحزاب في الحملة الانتخابية سيما وأن زيارات العديد من الأحزاب لقطر وتركيا جعلت الحزب يتوجس من مخاطر التمويل الخارجي. الإسلاميون بدورهم لم يتخلفوا على الركب، وشرعوا في حملة مسبقة تتخذ من التخويف بالرهانات المحيطة بالاستحقاقات المقبلة، خطابا لاستمالة الناخبين، إلى درجة أن رموز الأحزاب الإسلامية بدؤوا يسوقون في فكرة مفادها أن عدم فوزهم في الانتخابات المقبلة تعني أن نتائج الاقتراع مزوّرة، وهي الفكرة التي يحاول التصدي لها العديد من الأحزاب التي ترى أن حجم الإسلاميين لا يتطابق مع الصورة التي يمنحونها لأنفسهم.