فرنسا تستعد لطي صفحة ساركوزي اليوم تستعد فرنسا اليوم لطي صفحة ساركوزي في موعد انتخابي يحبس الأنفاس، وحتى وإن كانت استطلاعات الرأي تقدم مرشح الحزب الاشتراكي الذي تصدر الدور الأول من الرئاسيات، فائزا، فإن إمكانية تحقيق ساركوزي لمفاجأة مدوية لم تسقط من الحساب على اعتبار أن الفارق في استطلاعات الرأي ليس كبيرا.ويبقى فرانسوا هولاند إذا ما احترم المنطق الأوفر حظا، حيث يحصي هذه المرة أصوات الاشتراكيين وأصوات اليسار الراديكالي والنقابات التي هاجمها ساركوزي إلى جانب أصوات الخضر، وأيضا أصوات الوسط بعد أن قرر فرانسوا بايرو الذي يحوز نحو 10 بالمئة من الوعاء الانتخابي، أن يميل يسارا، في حين لن ينال ساركوزي سوى أصوات الذين يستعيضون به عن مارين لوبان من أبناء الجبهة الوطنية، بعد أن قررت زعيمتهم التصويت بالورقة البيضاء. ومعلوم أن فرانسوا هولاند حصل في الدور الأول على 28.63 بالمئة من الأصوات مقابل 27.18 لساركوزي، وتعطي آخر استطلاعات الرأي الفوز للمرشح الاشتراكي ب25 بالمئة من أصوات الناخبين. وما أعطى الإثارة لهذا الاستحقاق هو تقلص الفارق بين المترشحين إلى أدنى مستوياته في الساعات الأخيرة.و لم تحمل المناظرة التي جمعت الرجلين الأربعاء الفارط أي جديد، على اعتبار أن أفكارهما معروفة، لكنها كشفت عن تشنج الرئيس المنتهية ولايته الذي لم يكف عن اتهام خصمه بالكذب ما دفع الأخير إلى استخدام التحليل النفسي في الرد على من لا يكف عن اتهام غيره بالشيء والتأكيد على أن صاحب المقولة يشير إلى نفسه دون أن يدري!كما شهدت الساعات الأخيرة للحملة دخول عشرات المثقفين والعلماء والفنانين على الخط حيث دعت نحو 400 شخصية صراحة إلى إنهاء حقبة ساركوزي بالتصويت لهولاند. ويواجه الرئيس اليميني انتقادات واسعة، ليس لأنه متهم بخدمة أصحاب رؤوس الأموال على حساب الأغلبية الساحقة من الفرنسيين في ظرف تميزه أزمة اقتصادية خانقة، فحسب، بل أن الكثيرين يرون أنه تجاوز قيم الجمهورية في ممارسته السياسة، فضلا عن شبهات فساد مالي تحوم حول طريقة فوزه في العهدة الأولى على رأسها قضية بتانكور وقضية القذافي، ولا يستبعد مراقبون أن يساق ساركوزي إلى أروقة المحاكم بعد خروجه من قصر الإليزي.ويرفض قطاع واسع من الفرنسيين السياسة الخارجية لرجل انساق في حروب المحافظين الجدد على العالم الإسلامي، و أعلن عداوته للمهاجرين من أصول عربية وإفريقية، رغم أنه ابن مهاجر مجري. وحتى إن كان توجهه يلقى هوى لدى قطاع من الفرنسيين، إلا أن المتضررين سيجدون اليوم فرصة معاقبة من وصفهم بالحثالة ومن أقر بأن الحضارات غير متساوية ومن رفض الاعتراف بجرائم الاستعمار، في بلد يرفع الأخوة والمساواة، شعارا له. للإشارة فإن الجزائر التي تحصي جالية هامة في فرنسا لم ترسل أية إشارات بخصوص الانتخابات الفرنسية واكتفت جهات غير رسمية بإرسال إشارات لتأييد هولاند، في صورة تصريح الأمين العام لجبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم الذي قال، أمس الأول، لوكالة الأنباء الفرنسية أن العلاقات بين البلدين ستعرف تغييرا إذا وصل هولاند إلى الحكم، لأن الاشتراكي سيتجه نحو رفع العراقيل التي تحول دون انفراج في العلاقات الثنائية والمتمثلة في الاعتراف بجرائم الاستعمار.وكان ساركوزي أقر في مناظرته مع هولاند، أن الجزائر تحوز مفاتيح حل أزمة الساحل وهي إشارة مبطنة، إلى جدار الصد الجزائري الذي واجهته فرنسا الساركوزية حين حاولت بسط جيوبوليتيكا الخراب في منطقة الساحل والصحراء، انطلاقا من ليبيا إلى مالي، حيث لم تكتف الجزائر بعدم السماح لطائرات الاستطلاع والمقاتلات الفرنسية باستعمال المجال الجوي، بل رفضت العملية برمتها، وسعت إلى جمع دول المنطقة للتنسيق في مكافحة الإرهاب وغلق أبواب التدخل تحت ذريعته. وهو الجواب الذي يكون فهمه ساركوزي الذي قال قبل سنة لممثل عن المجلس الانتقالي الليبي أن دور الجزائر سيأتي بعد سنة، ولم يكن يدري أن الدور سيأتي عليه ليخرج على الطريقة العربية كما أقرت جريدة لوموند غداة انهزام ساركوزي في الدور الأول.