في ظل تدهور الأوضاع في قطاع غزة ومواصلة الكيان الصهيوني لجرائم الابادة الجماعية بحق المدنيين الفلسطينيين، عقد مجلس الأمن الدولي، أول أمس الجمعة، جلسة علنية لبحث الوضع في الأراضي المحتلة، وذلك بعد أن استخدم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، للمرة الأولى المادة 99 من الميثاق التأسيسي للهيئة الأممية، بهدف التحذير من أن العدوان على غزة "قد يؤدي إلى تفاقم التهديدات القائمة للسلام والأمن الدوليين". غير أن مجلس الأمن الدولي فشل للمرة الثانية في تبني مشروع قرار بوقف إطلاق نار فوري في غزة لأسباب إنسانية، بعد أن صوت 13 عضوا من أصل 15 للنص، فيما استخدمت الولاياتالمتحدة حق النقض لإجهاض المبادرة و امتنعت بريطانيا عن التصويت. وفي السياق، شدد أنطونيو غوتيريش على ضرورة أن يفعل المجتمع الدولي ما بوسعه لإنهاء العدوان على سكان غزة، حاثا الدول الكبرى إلى عدم ادخار أي جهد للدفع من أجل الوقف الفوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية وحماية المدنيين والتوصيل العاجل للإغاثة المنقذة للحياة، رغم فشل مجلس الأمن في تبني قرار في هذا الاتجاه. و توالت أمس ردود الفعل والإدانات الدولية بعد فشل مجلس الأمن في المصادقة على مشروع قرار طالب ب"الوقف الفوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية" في غزة، التي تتعرض لعدوان صهيوني وحشي منذ 7 أكتوبر الماضي. و انتقد رئيس دولة فلسطين، محمود عباس، قيام الولاياتالمتحدةالأمريكية باستخدام حق النقض، واصفا الموقف الأمريكي ب"العدواني وغير الأخلاقي وبأنه انتهاك صارخ لكل القيم والمبادئ الإنسانية". وحمل محمود عباس، الولاياتالمتحدة مسؤولية "ما يسيل من دماء الأطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيين في قطاع غزة على يد قوات الاحتلال نتيجة سياستها المخزية المساندة للاحتلال والعدوان الهمجي على الشعب الفلسطيني". أما وزيره الأول، محمد اشتية، فوصف -في بيان- إخفاق مجلس الأمن في تمرير مشروع القرار بأنه "وصمة عار ورخصة جديدة" للاحتلال لمواصلة التقتيل والتدمير والتهجير. و اعتبر أن استخدام الفيتو "يكشف أكذوبة الحرص على أرواح المدنيين، و أن ما جرى بمثابة إهانة لأحرار العالم وانتهاك لقيم الحق والعدل والحرية وحقوق الإنسان ولكل الدول المنادية بحقوق الإنسان". بدوره، أكد نائب المندوب الروسي لدى الأممالمتحدة، دميتري بوليانسكي، أن عرقلة وقف العدوان الصهيوني في قطاع غزة، "حكم أمريكي بالإعدام على عشرات الآلاف من الفلسطينيين"، مضيفا أن نتائج هذه الدبلوماسية، هي "مقبرة لأطفال فلسطينبغزة". وقال مندوب الصين الدائم لدى الأممالمتحدة، تشانغ جون، من جهته: "من المخيب للآمال والمؤسف للغاية أن يتم استخدام حق النقض ضد مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة". ودعا جميع الأطراف المعنية إلى بذل كل الجهود لتحقيق الهدف المشترك المتمثل في "إنهاء القتال في غزة والحفاظ على أمل البقاء للشعب الفلسطيني وبالتالي الحفاظ على الأمل في السلام في منطقة الشرق الأوسط". وبطهران، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني : "أثبتت الحكومة الأمريكية مرة أخرى أنها الفاعل والعامل الرئيسي في قتل المدنيين والمواطنين الفلسطينيين وخاصة النساء والأطفال وتدمير البنية التحتية الحيوية في غزة". كما أدان و احتج رئيس الوزراء الماليزي، أنور إبراهيم، "باسم الحكومة الماليزية، بشدة على استخدام الولاياتالمتحدة الفيتو على مشروع القرار"، معبرا عن أسفه الشديد لتغاضي واشنطن عن رؤية صرخات ومناشدات المجتمع الدولي. وفي السياق دائما، ذكرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في بيان إن الإدارة الأمريكية "شريكة ومتواطئة في قتل أبناء الشعب الفلسطيني عبر دعمها السياسي والعسكري للاحتلال لمواصلة حرب الإبادة على قطاع غزة". وشكرت "حماس" الدول التي صوتت لصالح مشروع القرار خاصة روسياوالصين والمجموعة العربية، وطالبت من المجتمع الدولي "اتخاذ خطوات جدية وملموسة لوقف مجازر الاحتلال" في غزة. كما استنكرت عديد المنظمات الدولية عجز مجلس الأمن من اتخاذ الموقف السياسي الأخلاقي الصحيح، الذي من شأنه أن يوقف دوامة حرب الإبادة التي يعيشها الشعب الفلسطيني منذ أكثر من 60 يوما. في هذا الإطار، أعرب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، حسين إبراهيم طه، عن "خيبة أمله" و "استنكاره" لفشل مجلس الأمن الدولي في التصويت لصالح مشروع القرار و"تحمل مسؤولياته في هذه المرحلة الحرجة"، محذرا من أن ذلك يمنح الاحتلال الصهيوني فرصة لمواصلة وتصعيد عدوانه ضد الشعب الفلسطيني. وبالقاهرة، اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، أن مجلس الأمن "منع للأسف من اتخاذ الموقف السياسي الأخلاقي الصحيح لوقف هذا العدوان الجنوني"، معربا عن تقديره للدول ال99 التي شاركت في رعاية مشروع القرار بشأن الدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة وكذلك الأعضاء ال13 في مجلس الأمن "الذين يؤمنون باحترام القانون الدولي" وصوتوا لصالح النص. بدورها، قالت المديرة التنفيذية لمنظمة أطباء بلا حدود في الولاياتالمتحدة، أفريل بينوا، إن استخدام واشنطن لحق النقض يجعلها "متواطئة في المذبحة" بقطاع غزة، مشيرة إلى أن "حق النقض الأمريكي يتناقض بشكل حاد مع القيم التي تدعي (واشنطن) أنها تتمسك بها".