كسرت صانعة المحتوى الرياضي أسماء شاعة، القاعدة التي لطالما حصرت الحديث عن كرة القدم وتحليل المباريات و اقتراح الخطط التكتيكية في أوساط الرجال، فشغفها بهذه اللعبة جعلها تبرز كأول فتاة جزائرية تمهد الطريق لصانعات محتوى أخريات للبروز على مواقع التواصل الاجتماعي و إثراء المجال. رحلة قادها الشغف انطلقت من كلية الإعلام والاتصال، أين درست تخصص الصحافة، ثم عملت كصحفية في مجال الرياضة لتطل خلال تلك الفترة من ملاعب جزائرية أثناء تغطيتها لمباريات في البطولة الوطنية وأخرى للمنتخب، ولأن شخصية أسماء أخذت نصيبها من تأثير هذه اللعبة المليئة بالتحدي والمغامرة، فقد قررت الشابة أن تنقل موهبتها وما تعلمته إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حتى تكون أكثر قربا من الجمهور الواسع و الرياضيين في كل مكان، خصوصا وأن شغفها بالرياضة واللعبة تحديدا دفعها للتفكير في أن تحترف كرة القدم. حلم حوّلته المُثَابرة إلى حقيقة استحوذت الساحرة المستديرة على اهتمام أسماء منذ طفولتها، خصوصا وأنها تنحدر من عائلة كروية بامتياز، بحسب ما أعلمتنا، حيث كان والدها لاعبا وكذلك شقيقها، لهذا عاشت في بيت تملؤه أهازيج المناصرين وصيحات المعلقين الرياضيين وهم يتفاعلون مع التتويجات و الخسارات، ما ساعدها على تخزين معلومات كافية عن هذا المجال من خلال متابعتها لمختلف المباريات و لتحليل والدها و شقيقها لكل 90دقيقة. اختيارها لتخصص الإعلام في الجامعة، سمح لها بأن تضع قدمها فوق العشب الأخضر لأول مرة بوصفها صحفية رياضية، وهي تجربة قالت للنصر، إنها سمحت لها بتغطية الكثير من المباريات، ثم قررت أن تغير الوجهة لتصبح صانعة محتوى رياضي، ليلمع نجمها في ميدان التحليلات الرياضية، على «إنستغرام» أين وصل عدد متابعيها إلى حوالي 56 ألف متابع، ثم «تيك توك» أين تخطت عتبة 220 ألف متابع، وهكذا نجحت الشابة في بناء قاعدة جماهيرية من خلفيات وفئات متنوعة. وترى أسماء، بأن مواقع التواصل الاجتماعي فتحت لها أبوابا كثيرة بالخصوص عندما منحتها مساحة رقمية للتفاعل بشكل مكثف مع جمهورها وتقديم ما يبحثون عنه، بناء على ما تبينه إحصائيات حول أكثر ما يطلبونه ويتابعونه، ناهيك عن أنها سهلت عليها متابعة أهم الأخبار وحسابات النوادي الرياضية وتوفير المصادر التي تستقي منها المواضيع دون تكبد عناء البحث. محتوى متنوّع يوفر الترفيه والتثقيف الرياضي ويجمع المحتوى الذي تقدمه أسماء بين الترفيه والفكاهة أحيانا، فضلا عن التركيز على الأخبار الرياضية ونتائج المباريات، إذ حولت الشابة حساباتها إلى استوديوهات تحليل رياضي مضفية عليها لمسة أنثوية، دون أن تغفل عن بناء ثقافة في مجال الرياضة لمتابعيها تشاركهم من خلالها تاريخ الأندية والمنتخبات العريقة في العالم، وأخرى عن مشوار لاعبين مشهورين. قالت صانعة المحتوى، بأنها تختار مصادر معلوماتها بدقة وعناية وذلك للحفاظ على المصداقية والثقة بينها وبين متابعيها، كما تعتمد على مكتسباتها في هذا المجال، فتحول المعلومات بشكل مبسط وسلسل إلى فيديوهات أو تنشرها عبر خاصية القصص القصيرة التي يوفرها تطبيق «إنستغرام». ولا تكتفي بالحديث عن كرة القدم فقط، بل تنشر أيضا محتوى خاصا برياضات أخرى خلال المنافسات المختلفة، مشيرة إلى أن التنويع أمر مهم من أجل الحفاظ على المتابعين، فضلا عن إتاحته الفرصة لاستهداف فئات مختلفة والمساعدة في الانتشار. أخبرتنا، بأن مشوارها لم يكن سهلا، لكنه لم يكن يوما صعب المنال، وبحسبها، فإن إصرارها على التميز فيما تقوم به وحبها للمجال الذي تعمل فيه، مكناها من فرض نفسها ومزاحمة صناع محتوى آخرين وإثبات نفسها، وفي هذا السياق علقت محدثتنا قائلة : «حتى تتمكن صانعة محتوى رياضي من فرض نفسها، لا بد لها أن تضع أهدافا تقاوم من أجل الوصول إليها، دون أن تغفل عن تطوير نفسها»، مضيفة بأن الغرور في كرة القدم يعد العدو الأول لصانع المحتوى، لأنه مجال واسع ودائما يفاجئ المتخصصين فيه بالجديد، لهذا يجب أن يبق صانع المحتوى على إطلاع ومتابع لكل الأحداث والتفاصيل، حتى يحقق النجاح ويحافظ على مكانته. و ترى الشابة، بأن العمل في الرياضة تكتنفه بعض الصعوبات، واعتبرت بأن الشعبية الكبيرة التي تحظى بها كرة القدم تجعل الخطأ فيها ممنوعا، فضلا عن النظرة التقليدية التي تقف عائقا أمام دخول المرأة لهذا الميدان إذ ما يزال البعض رافضين لفكرة حضورها بهذا الشكل في الميدان وعلى المنصات، ومن وجهة نظرها فإن الإنسان الذي يحب عمله لا تثنيه آراء الآخرين عن مواصلة السعي لتحقيق ما يصبو إليه. وأضافت، أنه يتعين على المتابعين أن يدركوا بأن الهدف حاليا هو تقديم محتوى هادف وشعبي، يستطيع الدخول إلى كل بيت جزائري، فضلا عن تقدير المجهودات التي يقوم بها الشباب في كل المجالات، خصوصا كرة القدم لأن الإبداع فيها نابع من حبهم لهذه الرياضة كما قالت، وأن متابعيها أدركوا الرسالة التي تقدمها من خلال حساباتها فضلا عن أن حسابها أصبح بمثابة المصدر الموثوق بالنسبة إليهم، فقد أخبرتنا بأن عشرات الرسائل تصلها ممن يبحثون عن معلومات معينة، وأخرى للاستفسار عن صحة الأخبار المتداولة، ما تعتبره مسؤولية كبيرة على عاتقها، لتقديم الأفضل دائما، و هو كذلك نجاح استطاعت تحقيقه كما عبرت. اللجنة الوطنية الجزائرية للرياضة الإلكترونية ..خطوة إضافية في المسار انضمت أسماء مؤخرا إلى اللجنة الوطنية الجزائرية للرياضة الإلكترونية كناطق رسمي ومكلف بالإعلام، وعبرت بأن هذه التجربة تعد تحد جديد بالنسبة إليها، وبحسب المتحدثة، فإن دورها سيتمحور حول تعزيز المعرفة بهذا المجال وربط المهتمين به وزيادة التفاعل بينهم. ولفتت، إلى أنه مجال واسع جدا ويضم عدة منافسات وتجارب مختلفة، وأنه منتشر و رائج جدا عالميا و يعرف اهتماما متزايدا، مضيفة بأنها ستعمل على نشر ثقافة الألعاب الإلكترونية في كامل التراب الوطني لاسيما التركيز على التعامل معها بجدية مثلها مثل باقي الرياضات، فضلا عن تطوير مستوى اللاعبين، وتشجيع المشاركة الواسعة في أنشطة الرياضة الإلكترونية على مستوى الوطن وخارجه، الأمر الذي يتطلب كما قالت، بنية تحتية قوية لدعم هذا النشاط وتعزيز التفاعل مع المجتمع الإلكتروني في الجزائر، والتركيز على التنظيم الفعّال للفعاليات والبطولات.