شُرع، قبل أشهر قليلة، في مشروع لإعادة تأهيل وترميم حي ديدوش مراد، المعروف بالأقواس، في مدينة سكيكدة، كواحد من أهم وأضخم المشاريع بالولاية، إذ يصنف كتراث معماري قديم وهوية عمرانية وتاريخية لساكنة المدينة وأيضا كمقوم سياحي واقتصادي وتجاري تستعيد به «روسيكادا» جماليتها ورونقها التي افتقدتها لعقود، خاصة وأن هذا الحي بمثابة القلب النابض للمدينة وكان يستقطب السواح من داخل وخارج الوطن. عملية إعادة تأهيل مباني هذا الحي، ستعيد الأمن والطمأنينة للسكان وتخلصهم من هاجس الانهيارات التي أرعبتهم طيلة سنوات، على أن تتم المحافظة على الجانب المعماري والجمالي للشارع وفق النمط «الموريسكي» العربي الأوروبي، فيما ينتظر أن تنتهي الأشغال قبل الصائفة المقبلة. روبورتاج: كمال واسطة ويحظى المشروع بمتابعة دقيقة من طرف السلطات الولائية ووزارة السكن، ولهذا تم الحرص على توفير كل الإمكانيات المادية والبشرية، أبرزها اختيار مقاولة متخصصة في هذا المجال وهي التي قامت بأشغال تأهيل حي محمد الخامس وديدوش مراد بالعاصمة، وذلك من أجل تفادي الوقوع في أخطاء وسلبيات المشروع السابق في 2016، والذي كان مآله الفشل رغم الغلاف المالي الضخم الذي خصص له والمقدر ب1.5 مليار دج. هذا المشروع الهام الذي يحظى باهتمام رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، انطلقت الدراسة به في أواخر جويلية الماضي ويصنف بكونه من المشاريع الكبرى التي استفادت منها الولاية وخصصت له اعتمادات مالية هامة، وشملت الدراسة 127 بناية ممتدة على طول شارع ديدوش مراد وتضم 604 سكنات و350 محلا تجاريا موزعة على 24 حصة، حيث تمت مباشرة الأشغال في شطر أول يضم 5 حصص تحتوي على 25 بناية بمجموع 138 سكنا و53 محلا، بينما حددت مدة الإنجاز ب 5 أشهر، حيث تم إسناد المشروع لمقاولة مختصة في مجال الترميم وإعادة الاعتبار للبنايات القديمة، مثل ما كان الحال عليه في العاصمة. 90 متخصصا و 200 عامل صيانة المشروع انطلقت أشغاله أواخر ديسمبر وفق تعليمات والية الولاية حورية مداحي وبمتابعة ومرافقة من طرف ديوان الترقية والتسيير العقاري، حيث تتواصل الأشغال بوتيرة جد مقبولة، فبعد أن تم الانتهاء من عملية تجريد الواجهات الأساسية المطلة على الشارع الرئيسي، تمت مباشرة تجريد الأعمدة والتي بلغ عددها 36 عمودا، كما تمت مباشرة الأشغال على مستوى أروقة المحلات، خاصة على مستوى الأسقف، بالموازاة مع الانطلاق في التلبيس الخارجي ببلاط مختلط مقوى وفقا للمعايير والأسس التقنية المعمول بها في هذا المجال. كما باشرت المقاولة إعادة ترميم الأسطح المهترئة وفقا للدراسة المصادق عليها من طرف هيئة التشخيص والخبرة للبناء. وقد جندت المقاولة أزيد من 90 عاملا متخصصا مؤهلا لهذه العملية، إضافة إلى 200 عامل صيانة، مع مضاعفة الإمكانيات المادية وكذا ساعات العمل واعتماد نظام العمل بالمناوبة بثلاث فرق، وهذا من أجل رفع وتيرة الإنجاز وضمان السير الحسن للأشغال، وفي هذا الخصوص، سخر ديوان الترقية والتسيير العقاري بالولاية، إطاراته والأعوان المراقبين على مستوى الورشة، رفقة مكتب الدراسات بصفة دائمة، من أجل ضمان التنسيق واحترام التعليمات الأمنية وكذا السهر على إتمام الأشغال في أقرب الآجال وفي أحسن الظروف. المحافظة على أمن السكان وطمأنة التجار باستمرار النشاط و الهدف الرئيسي من هذا المشروع، حسب ما أكدته الوالية، هو توفير الظروف الملائمة للعائلات القاطنة وشاغلي الأجزاء التجارية والإدارية، من خلال إبعاد خطر الانهيار ومنه الحفاظ على أمنهم وسلامتهم واسترجاع الطابع الحضري ل «روسيكادا» التاريخية مع الحفاظ على خصوصية الطابع المعماري للمدينة، حيث شددت في تعليماتها للقائمين على المشروع، بضرورة الحرص على سلامة السكان واحترام الطابع العمراني المميز للبنايات ومراعاة الجانب الجمالي للمدينة باستعمال المواد المناسبة، واعتماد طريقة عمل محكمة وإلزامية العمل بنظام المناوبة قصد تسريع الأشغال وإنهائها وفق الآجال التعاقدية المحددة، وإعادة تهيئة ساحة أول نوفمبر ومباني شارع إبراهيم معيزة المحاذي لشارع ديدوش مراد، من أجل تحسين التهيئة الخارجية وإضفاء مظاهر الجمال والتجانس للمنظر العام للشارع الذي يعتبر القلب النابض للمدينة. أما بخصوص إشكالية استمرار النشاط التجاري أو توقفه بالمحلات التجارية المتواجدة على مستوى بنايات الأقواس، فقد قدمت مصالح الولاية ضمانات رسمية للتجار لتمكينهم من مزاولة نشاطهم بالموازاة مع أشغال إعادة تأهيل البنايات القديمة التي يشغلونها، خاصة وأن هذه الأمر كان يشكل معضلة كبيرة لدى التجار، لأن غالبيتهم كانوا يعتقدون أن محلاتهم ستغلق عند مباشرة الأشغال، لاسيما عندما الشروع في ترحيل عائلات تقيم في سكنات آيلة للسقوط وهذا ما يعني، مثل ما قالوا، دخولهم في بطالة. لكن زيارة الوالية لهذا الحي أعادت لهم الطمأنينة وأزالت عنهم القلق والمخاوف من توقف نشاطهم بعد أن استمعت لانشغالات المواطنين وقاطني البنايات وممثلين عن التجار وأصحاب الحرف، حيث منحت لهم كل الضمانات التي تسمح لهم بمزاولة نشاطهم التجاري وطلبت منهم المشاركة والانخراط في هذا المسعى، ومد يد المساعدة والتحلي بروح المواطنة والصبر من أجل إنجاح سير أطوار هذه العملية من بدايتها إلى نهايتها في أحسن الظروف، خاصة وأن حي الأقواس يحتل موقعا استراتيجيا ويشهد يوميا حركة كثيفة سواء للمواطنين أو المركبات. وخلال تجولنا داخل الأقواس، لاحظنا أن الحركية التجارية نشطة وتكاد لا تتوقف بالمحلات على اختلاف أنشطتها، كما أن تواجد ورشات الأشغال بجانب المحلات، لم يكن له تأثير كبير على العملية التجارية التي تسير كما أكده تجار بصفة عادية ومنتظمة، باستثناء بعض المحلات، متوجهين بالشكر إلى مصالح الولاية على حرصها لتوفير الشروط الملائمة من أجل ضمان استمرار الحركة التجارية وإلى مصالح الأمن على المرافقة وضمان تأمين موقع الورشات، مؤكدين أهمية المشروع الذي يتطلب تضافر جهود الجميع من أجل إنجاحه، لأن الأقواس تمثل، على حد تعبيرهم، أحد مقومات وتاريخ وهوية مدينة سكيكدة. خبراء من 12 ولاية لتشخيص عمران المدينة القديمة وشرع في عملية التشخيص وإجراء الخبرة للبنايات الهشة بالمدينة القديمة، في أفريل 2023، تحسبا للانطلاق في أشغال تأهيل النسيج العمراني، حيث أكدت مصالح ديوان الترقية التسيير العقاري عبر صفحتها الرسمية على «فايسبوك»، أن المرحلة الأولى تكتسي أهمية كبيرة لكونها تعتبر نقطة الانطلاق الفعلية في عملية إعادة تأهيل البنايات ورد الاعتبار للنسيج العمراني الذي يعرف وضعية جد متدهورة مع مرور السنين والكثير من البنايات أصبحت آيلة للسقوط نظرا لهشاشتها، خاصة وأن المدينة القديمة تسجل من حين لآخر انهيارات في الأسقف والجدران والسلالم وكثيرا ما سجلت في سنوات سابقة عدة حوادث خطيرة ومميتة. وشملت هذه العملية البنايات القديمة المحاذية لشارع ديدوش مراد بوسط المدينة، وكذا الإدارات والهيئات العمومية والتجارية وأصحاب المحلات، التجار والمهن الحرة، بمجموع 127 بناية معنية بإعادة التأهيل. وترتكز العملية على عدة مراحل أولها التشخيص وإجراء الخبرة من طرف هيئة الرقابة التقنية، ولهذا الغرض، تم تسخير 35 مهندسا وبمشاركة ولايات الطارف، عنابة، قالمة، خنشلة، ميلة، جيجل، مسيلة، سطيف، قسنطينة، تيزي وزو، بجايةوسكيكدة، ثم تلتها عملية تعيين مكتب الدراسات الذي قام باستغلال نتائج وتقارير التشخيص المعدة من طرف هيئة الرقابة التقنية، لإعداد دفتر الشروط الخاص بإنجاز الأشغال وإعادة التأهيل، ثم تلتها مرحلة اختيار المقاولات والحرفيين لبدء الأشغال. فشل المشروع السابق بعد إسناده لمقاولة غير مؤهلة واستفادت ولاية سكيكدة في 2016، من مشروع هام لإعادة الاعتبار وترميم النسيج العمراني القديم وعلى وجه الخصوص الشارع الرئيسي ديدوش مراد، أو ما يعرف بالأقواس، وخصص له آنذاك غلاف مالي قدر ب1.5 مليار دج، علما بأن الدراسة كان قد تكفل بإنجازها المجمع الجزائري ممثلا في هيئة الرقابة التقنية للبناء للشرق ومكتب الدراسات الاسباني «أكيدوس». وقد صنف هذا المشروع آنذاك، كأضخم مشروع استفادت منه مدينة سكيكدة ويأتي تنفيذا لتعليمات الوزير الأول حينها خلال زيارته للمنطقة في جانفي 2014، حينما أمر السلطات الولائية بالإسراع في إيجاد حل للمدينة القديمة، سواء بهدمها أو إعادة ترميمها وترحيل قاطنيها إلى سكنات جديدة. وكانت الاتفاقية المبرمة مع مقاولة الإنجاز، تخص إعادة البنايات إلى حالتها الأصلية مع المحافظة على التصاميم والأشكال الهندسية للنسيج العمراني القديم، ولحد الآن مازال هذا المشروع يثير الكثير من الجدل، خاصة بعد مغادرة مكتب الدراسات الإسباني وعدم إتمام الأشغال المبرمجة. وفي هذا الخصوص، كانت والية الولاية قد فجرت فضيحة مدوية خلال يوم دراسي وطني نظم في شهر جويلية 2023، حول موضوع النسيج العمراني القديم، بمشاركة الأمين العام لوزارة السكن وخبراء وإطارات من الوزارة، حين أكدت أن مشروع دراسة وإعادة تأهيل حي الأقواس الذي أنجز في سنوات سابقة، تم إسناده إلى مؤسسة غير مؤهلة في هذا المجال وكلل بالفشل، كما أن دفتر الشروط أغفل الجانب الجمالي لهذا الشارع وظلت البنايات مهددة بالانهيار لحد الآن. وأكّدت الوالية حينها، أن مواطني المدينة كانوا ينتظرون بفارغ الصبر إتمام الترميم وإعادة الاعتبار للبنايات القديمة، لكن بعد الانتهاء من الأشغال في الجزء الأول من الحصة، تبين أنها لم تكن في المستوى الذي سطرته وزارة السكان والسلطات العمومية، لأنها لم تصل إلى النتائج المرجوة رغم أن الدراسة استغرقت 15 شهرا ومست ما يقارب 80 ألف متر مربع من البنايات القديمة على مستوى الشارع الرئيسي ديدوش مراد (الأقواس)، على أساس استعمال تقنيات متطورة من طرف مكتب الدراسات وتسليم المشروع في أفضل حلة. لكن بعد أشهر من الدراسة التي سخرت لها إمكانيات مادية كبيرة، شرع في أولى العمليات الاستعجالية المتعلقة بالبنايات المهددة بالانهيار، بغرض حماية المواطنين والسكان والتجار من الخطر، حيث تبين في نهاية المطاف، حسب مسؤولة الولاية، أن المقاولة التي أسند لها هذا المشروع الهام، غير مؤهلة في مجال إعادة تأهيل البنايات القديمة، لأن مثل هذه العملية يصنفها المهندسون، مثل ما قالت، بالعملية الجراحية، إذ ليس من السهل القيام بمثل هذه الأشغال وبالتالي الاختيار لم يكن في المستوى، لدرجة أن المواطنين أكدوا لها أن المشروع عبارة عن ترقيع و«بريكولاج»، بدليل أن الانهيارات ما زالت لحد الآن تهدد المواطنين والسكان، كما أن دفتر الشروط لم يراع البند الخاص بالجانب الجمالي لهذا الشارع التاريخي، الذي أنجز وفق النمط «الموريسكي» العربي الأوروبي. حرص على النمط «الموريسكي» العربي الأوروبي وحرصت السلطات الولائية في كل خرجاتها الميدانية لحي الأقواس، على إبراز أهمية المشروع من أجل إعادة الاعتبار للبنايات بمنظور ومقاربة تشاركية، من أجل الحفاظ على التراث المعماري واسترجاع الطابع الحضري والواجهة البحرية لمدينة سكيكدة، تجسيدا لتوجيهات رئيس الجمهورية التي أقرها في مجلس الوزراء منذ أكثر من سنة. وبدوره كان الأمين العام بوزارة السكن، قد صرح خلال زيارة عمل أجراها في جويلية، لحضور أشغال اليوم الوطني للنسيج العمراني القديم، أن المشروع يكتسي أهمية كبيرة وسخرت له السلطات العمومية إمكانيات كبيرة، وتحدث عن العوائق التي ستصادف المشروع والمتعلقة بترحيل السكان والتجار، أين أكد قدرة وحنكة الوالية وإطارات الولاية والمدراء المعنيين، على تجاوز هذه العوائق، من خلال الدراسة بالإثراء والمناقشة مع كل الفاعلين لإيجاد الحلول اللازمة. وتولي السلطات الولائية أهمية بالغة وحرصا كبيرا لمتابعة كل كبيرة وصغيرة تتعلق بهذا المشروع الهام، حفاظا على عراقة وتاريخ المدينة، لاسيما وأنه يساهم بشكل كبير في الحفاظ على الطابع المعماري واسترجاع النمط الحضري للواجهة البحرية لمدينة سكيكدة ومنه النهوض بشتى المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياحية. ولم تتوان والية الولاية في توجيه تعليمات صارمة لمدير ديوان الترقية والتسيير العقاري وكذا مقاولة الإنجاز، والتشديد في كل مرة على ضرورة ضبط كافة الترتيبات الاستباقية، قبل الشروع في عملية التأهيل وإعادة الاعتبار للمدينة القديمة، مع ضرورة مراعاة كافة شروط الأمن والسلامة للسكان، التجار ومستعملي طريق شارع ديدوش مراد، من خلال إعداد خطة عمل بإشراك مصالح أمن الولاية، لاسيما فيما يتعلق بتثبيت السقالات المعدنية، دون التأثير على حركة سير المركبات. خلايا خاصة لتحسيس السكان والتجار بمتطلبات المشروع وضمن السياق نفسه، كلفت مسؤولة الولاية رئيس الدائرة المكلف بتسيير شؤون بلدية سكيكدة، بضرورة تبليغ السكان والتجار وتحسيسهم بأهداف هذه العملية وأثرها على تحسين الوجه الجمالي والحفاظ على النسيج العمراني للمدينة، لاسيما وأنه سيتم استحداث لجنة استشارية تضم ممثلين عن السكان، التجار، المهندسين المعماريين، مختصين في علم الاجتماع، صحفيين وكافة الشركاء، بهدف خلق جسر للحوار والتواصل والأخذ بعين الاعتبار كافة المقترحات الرامية إلى الاسهام في السير الحسن للعملية وتحقيق أثرها. كما أكدت المسؤولة للمدير العام لديوان الترقية والتسيير العقاري، ضرورة بذل كافة الجهود من أجل إنهاء أشغال ترميم الواجهة كأولوية قبل حلول موسم الاصطياف، ضمانا لجاهزية المدينة لاستقبال الضيوف من سياح ومصطافين في أبهى حلة تليق بتاريخ وعراقة الولاية، مجددة التأكيد على ضرورة تهيئة ساحة أول نوفمبر كونها واجهة المدينة ومقصدا للمواطنين والزوار وإعطائها الصورة المشرفة واللائقة بمدينة روسيكادا الجميلة والعريقة. وأكدت مداحي أن حي الأقواس يصنف ضمن التراث القديم ولا بد من وضع الإطار اللازم لمتابعته في الميدان، وأضافت أن الترميم ليس عملا ترقيعيا يؤديه من هب ودب وإنما هو نشاط احترافي لمقاولين قادرين ومؤهلين على القيام به وفق الشروط المعمول بها ومقاييس صارمة يحاسب عليها كل من تسند له مثل هذه المهام الصعبة والشاقة في آن واحد. وترى الوالية بأن عملية التأهيل الحضري من أصعب عمليات التدخل على مستوى النسيج العمراني القديم وذلك لعدة أسباب وعوامل، أبرزها كلفة المشروع الباهظة وقلة مصادر التمويل وأيضا إشكالية ترحيل السكان بصفة مؤقتة أو نهائية، نظرا لرفض معظم السكان مغادرة البنايات في هذا الحي خلال الوهلة الأولى، غير أنه وبعد عمليات التحسيس، قبلوا بالأمر الواقع وانخرطوا في العملية بإشراك جميع المتدخلين من سلطات عمومية، جماعات محلية، سكان ومجتمع مدني، مكاتب دراسات، مهندسين، خبراء، تجار وبنوك، لأن الأمر يتعلق قبل كل شيء بالمصلحة العامة. وقد دعت مسؤولة الولاية في زيارة ميدانية لورشات المشروع، التجار إلى تهيئة واجهات محلاتهم بما يتوافق مع طبيعة ونوعية الأشغال المنجزة، كما أمرت مدير شركة سونلغاز، بضرورة العمل على تحديد مجالات تدخل مصالحها في منطقة الأشغال، قصد تجديد الشبكات المتضررة وتدعيمها لتخصيص الأغلفة المالية سواء على عاتق ميزانية الولاية أو البلدية، ومنه الانطلاق فيها ربحا للوقت وضمانا لإنهائها في آجالها المحددة . من جهته مدير ديوان الترقية والتسيير العقاري، أكد للنصر، أنه وطبقا لتعليمات الوزير ووالي الولاية، فقد تم توفير كافة الإمكانيات والوسائل المادية والبشرية لإنجاز المشروع وفق الدراسة التي روعي فيها جانب المحافظة على النسق العمراني لهذا الشارع العتيق الذي يعتبر من الشوارع المهمة والقلب النابض لمدينة سكيكدة، لأن بنايته تبقى شاهدة على حقب تاريخية لقرابة 160 سنة، لكن ونظرا للعوامل الطبيعية والبشرية، فقد تحملت البنايات أعباء التطور الديمغرافي ومتطلبات القرن الحالي، خاصة وأن الوزارة، يضيف، تراهن على نجاح المشروع على جميع الأصعدة. وذكر المتحدث، أن هذا الشارع المدرج ضمن الهوية العمرانية للولاية، انطلقت به الدراسات التشخيصية على مستوى 127 بناية، ويضم 604 سكن و350 محلا تجاريا وتم تجنيد 12 مركز خبرة و65 مهندسا من أجل تحيين الخبرات وإنجاز تشخيص تقني معمق للبنايات، بمرافقة أعوان ديوان الترقية والتسيير العقاري، ثم تبعه تعيين مكتب الدراسات الذي أسندت له الدراسة في ظرف شهر واحد. وأبرز المتحدث أهمية عمليات التحسيس التي قامت بها خلايا خاصة أنشئت لهذا الغرض وسط السكان والتجار وبالتنسيق مع الجمعيات، حيث سجل تجاوب وتفهم، من خلال اعتماد لغة حوار واضحة وصريحة، خاصة لدى قاطني هذه البنايات، لأنهم عامل رئيسي ومهم في العملية لإنجاز الأشغال في الآجال التعاقدية، فما فائدة، يضيف المتحدث، وجود محل مساحته 200 متر مربع واستهلك صاحبه 2 مليار لتهيئته، لكنه مهدد بالانهيار. ومن هذا المنطلق، تم عقد لقاءات دورية بين الخلايا التي أنشئت لهذا الغرض مع التجار الملاّك، وتم التأكيد من خلالها على ضرورة تقديم المصلحة العامة قبل المصلحة الخاصة، وفي الأخير تم التوصل إلى أرضية اتفاق تقضي بضرورة إخلاء المحلات وضمان عودتهم للنشاط فور الانتهاء من الأشغال، أما بخصوص الدراسة، فأكد المسؤول أن مصالحه وبمعية مصالح الولاية، اشترطت على مكتب الدراسات ضرورة المحافظة على الجانب المعماري والجمالي للشارع. وأكد المتحدث على مباشرة إعداد دفتر شروط خاص بأشغال تهيئة واجهات المحلات، بهدف إيداعه لدى مصالح البلدية قصد تبليغه للتجار، وذلك حفاظا على نسق وجمالية الصورة المعمارية التي ستظهر عليها عاصمة الولاية في القريب العاجل. مرور 1620 سيارة في الساعة تسبب في تضرر بنايات الشارع وبخصوص مقاولات الإنجاز، فأكد المتحدث، أن المشروع أسند لمؤسسات وطنية لها خبرة في المجال تفوق 14 سنة، وسبق أن قامت بإنجاز مشاريع مماثلة بالعاصمة وعلى وجه التحديد إعادة تأهيل شارعي محمد الخامس وديدوش مراد، كما أن هذه المقاولة تعتمد على تكنولوجيات حديثة بالنسبة لنوعية مواد البناء وبطريقة مدروسة بدقة. كما تم إيجاد حل لظاهرة الهوائيات التي تشوه المنظر العام للمدينة وواجهة الحي بصفة خاصة، لأن المشروع قضية الجميع ولا يتعلق بالوزارة أو الولاية فقط، مؤكدا أنه لن يتم ادخار أي جهد لتكون العملية في مستوى تطلعات سكان المدينة وبالتالي يستعيد الحي صورته الجمالية ورونقه ويكون مصدر افتخار واعتزاز لساكنة المدينة الجميلة التي من المرتقب أن تستعيد حركيتها السياحية طيلة السنة وليس فقط في فصل الصيف، وأيضا المساهمة في نمو هذا القطاع السياحي وكل ما له صلة بالصناعات التقليدية وهذا ما سيتم العمل على تحقيقه. وتوصلت دراسة بحثية أنجزها مخبر الدراسات الاجتماعية بجامعة 20 أوت 1955، بالتنسيق مع البلدية والدائرة والولاية ومصالح هيئة المراقبة التقنية للبناء، شملت كامل المدينة القديمة وعلى وجه الخصوص حي الأقواس، إلى أن هذا الحي يتحمل حمولة أكثر من قدرة استطاعته، حيث يتربع على مساحة 4.6 هكتارات انطلاقا من ساحة الشهداء إلى غاية ساحة أول نوفمبر، على مساحة طولية قدرها 760 مترا وعرض بمتوسط 12 مترا، بحمولة فعلية تقدر بحوالي 1620 سيارة في الساعة، بينما استطاعته الحقيقية لا تتجاوز 500 سيارة في الساعة. كما لوحظ ازدحام كبير في حركة مرور المركبات على طول الشارع، بحكم أنه المنفذ المؤدي إلى الواجهة البحرية وميناء الصيد البحري وميناء الترفيه انطلاقا من وسط المدينة وكذا لحركيته التجارية، ما أدى إلى زعزعة بعض الأبنية فيه نتيجة للوزن الزائد، كما توصلت الدراسة إلى أهمية الاعتماد على الأساسات القاعدية في إعادة الاعتبار لهذا الشارع. أما المقاربة التقنية في الدراسة، فكشفت أن المباني تعاني من عدة مشاكل بحيث أنها ضيقة وتشهد انهيارات وتشققات للجدران وتردي حالة السلالم، فضلا عن قدمها وهشاشتها وتجاوزها للعمر الافتراضي، وتعرض المباني لعوامل التعرية وتساقط المواد الخشبية والحديدية والطلاء وتسرب للمياه القذرة ومياه الأمطار والرطوبة وانعدام مخارج الطوارئ وغيرها.