المغرب يحاول مجددا إقحام الجزائر في قضية الصحراء الغربية دعا رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بن كيران الجزائر إلى تسوية ملف الصحراء الغربية، وقال أن هذه الأخيرة يمكنها تسوية هذا الملف إذا أرادت في ظرف أيام أو أسابيع على حد تعبيره، كما طالب مجددا بفتح الحدود بين البلدين. عاد المغرب مرة أخرى لمحاولاته المتكررة إقحام الجزائر في ملف الصحراء الغربية عن قصد وسوء نية، وبطل المحاولة الجديدة هذه المرة رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران الذي دعا في تصريحات صحفية له أمس الجزائر إلى "تسوية ملف الصحراء الغربية"، وأضاف بن كيران يقول حسب منطقه أن "الجزائر يمكنها تسوية هذا الملف في ظرف أيام أو أسابيع فقط"، و انه ينبغي على الجزائر أن تتخلى عن موقفها الحالي وتعيد النظر فيه. وتحمل تصريحات رئيس حكومة المخزن هذه الكثير من الاتهامات والتأويلات المبطنة التي لم يكف النظام المغربي منذ عدة عقود عن إيهام الرأي العام الدولي بها، ومضمونها أن الجزائر هي التي تقف عقبة في وجه تسوية ملف الصحراء الغربية، والتصريحات أيضا تعطي الانطباع - لمن لا يعرف جيدا هذا الملف- بأن الجزائر هي التي تملك مفاتيح حل هذه القضية، التي تعتبر من قضايا تصفية الاستعمار حسب القانون والأعراف الدولية. لكن الحقيقة التي نساها أو تناساها عبد الإله بن كيران كما تناساها رؤساء حكومات سبقوه إلى قصور الرباط أن القضية الصحراوية بيد الأممالمتحدة، وأنها مسألة تصفية استعمار، بل هي آخر قضية لتصفية الاستعمار في القارة الإفريقية، وبدون شك فإن المخزن ورموزه يعرفون ذلك جيدا، كيف لا وهم الذين جلسوا على طاولة المفاوضات مع جبهة البوليساريو في أكثر من مكان وفي أكثر من مناسبة منذ مفاوضات هيوستن سنة 1991 وتحت رعاية كاملة للأمم المتحدة. لكن قضية الصحراء الغربية التي تبدو واضحة في عقول المسؤولين المغاربة غير واضحة على ألسنتهم كما يبدو، فهم يحاولون في كل مرة توجيه الرأي العام نحو الجزائر التي أعلنت في أكثر من مرة ومرة أن لا دخل لها في هذه المسألة التي توجد بين يدي مجلس الأمن الدولي والأممالمتحدة وتناقش على هذين المستويين كل عام، وهي قضية تصفية استعمار وإعطاء شعب محتل الحرية في تقرير مصيره، أما الجزائر فإنها تشارك كل مرة تجرى فيها المفاوضات بين الطرفين المعنيين- الحكومة المغربية وجبهة البوليساريو- بصفة العضو الملاحظ مثلها مثل موريتانيا واسبانيا. لكن يبدو أن التصريحات هذه التي أدلى بها رئيس الحكومة المغربية تدخل في إطار حملة منظمة ضد الجزائر بدأت بإعلان المغرب قبل أيام قليلة فقط سحب الثقة من مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية كريستوفر روس، وهي الخطوة الأحادية الجانب التي استنكرت لها جبهة البوليساريو، و قالت أنها لعبة من الأعيب المغرب للضغط على روس لترك هذه الملف بعدما لم يعجبها عمله، لكن دولا عديدة على رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية جددت دعمها لكريستوفر روس الذي يقوم بمهمة حددها له الأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء الغربية، وتزامن هذا الحدث مع التصريحات التي أطلقها أمس بن كيران تدخل ربما في إطار سياسة جديدة بدأ المغرب في التحضير لها بخصوص المسألة الصحراوية. وبالتأكيد فإن منطق رئيس الحكومة المغربية يدخل ضمن فكرة الحكم الذاتي التي يروج لها المغرب، وهو الخيار المرفوض جملة و وتفصيلا من طرف الشعب الصحراوي ومثله الشرعي جبهة البوليساريو وهو الموقف الذي يعرفه جيدا المخزن. والغريب في تصريحات بن كيران أمس انه "يتأسف" لوجود ما وصفه بنزاع مع بلد شقيق- يقصد الجزائر – النزاع الذي حسبه ترتبت عنه تداعيات سلبية، معربا في ذات الوقت عن أمله في أن يتحسن الوضع في المستقبل بغية فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين. كما كرر رئيس الحكومة المغربية في ذات السياق دعوته لفتح الحدود بين البلدين محذرا من انتشار الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء ما يهدد الأمن في المنطقة، وبن كيران يعلم بالطبع أن الجزائر كانت قد عبّرت على لسان العديد من مسؤوليها أن ملف فتح الحدود لابد أن يتم في إطار تسوية شاملة لحزمة من المشاكل والقضايا العالقة بين البلدين، وانه ينبغي تحضير الأرضية التي على أساسها يتم فتح الحدود، وان لا تكون هذه الخطوة ثقيلة فقط على الجزائر بل يجب على الطرف المغربي أيضا أن يتحمل مسؤولياته كاملة خاصة في مجال مكافحة التهريب عبر الحدود ومحاربة الجماعات الإرهابية ومهربي المخدرات.