لا بد للجزائر من دستور واضح لا يحتمل قراءات متعددة رافع أساتذة متخصصون في القانون الدستوري أمس لأجل بقاء مجلس الأمة في الخريطة المؤسساتية الجزائرية وتوسيع صلاحياته في مجال التشريع و الانتقال به من دور صمام أمان إلى قوة اقتراح مثل المجلس الشعبي الوطني. وابرز البرلماني الأسبق مسعود شيهوب في مداخلته خلال اليوم الدراسي حول “التجربة البرلمانية الجزائرية"، اختلالات الدستور الحالي، ومن ذلك محدودية صلاحيات مجلس الأمة، ولفت إلى انه لا يُعقل أن لا يقدر أعضاء المجلس على تقديم مقترح قانون وبالتالي وجب معالجة هذا الخلل. واعتبر انه من غير اللائق انه بعد 14 سنة من الوجود، لا يمكن مجلس الأمة من حق التعديل وهذا حكم غير منطقي تماما لا بدّ من أخذه في الحسبان. ورغم قناعته بكون مبادرات النواب بالتشريع غالبا ما تكون محتشمة لعدم وجود وسائل، استطرد قائلا لا يجب أن تهيمن الحكومة على التشريع بهذا الشكل". وأقترح الأستاذ شيهوب في هذا السياق “إدراج توسيع هذه الصلاحيات ضمن التعديل الدستوري المرتقب، ومنح صلاحية استدعاء اللجنة متساوية الأعضاء لرئيس غرفتي البرلمان بدلا من حصرها على الوزير الأول في حالة نشوب خلاف حول التعديلات أو بعض مواد مشاريع القوانين كما حدث سابقا. وتدخل الدكتور محمد بوسلطان، وهو أستاذ قانون وعميد سابق لكلية الحقوق بجامعة وهران، لدعم لطرح زميله حيث أكد أن مجلس الأمة أصبح اليوم يؤدي دورا سلبيا بحجة أنه ليس له الحق في الاقتراح وإنما يُصوّت فقط. وأضاف أن الغرفة العليا في البرلمان جاءت في ظرف حسّاس مرّت به البلاد ولم تكن تندرج في إطار مسعى خدمة مصالح فئات كما هو موجود في الغرب أو لتعزيز الديمقراطية وإنما لضمان استمرارية الدولة واستقرارها. وبدورها أكدت عضو المجلس زهية بن عروس على أهمية تجاوز حصر دور الغرفة الثانية للبرلمان في عملية تسجيل و مناقشة القوانين" إلى دور اقتراح و تعديل القوانين ودعت إلى إشراك المجتمع المدني في عملية اقتراح القوانين من خلال مشاركة الجمعيات في أعمال لجان المجلس لإحداث “تفاعل" بين البرلماني و الشعب ممثلا في هذه التنظيمات. في حين سجلت الدكتورة فتيحة بن عبو، أستاذة القانون الدستوري بكلية الحقوق بجامعة الجزائر، بأن مشكلة الرقابة البرلمانية في الجزائر تعود إلى غياب المسؤولية السياسية بحكم أن الوزير الأول ليست له سلطة ولا وظيفة حكومية “بمعنى أنه لا يمتلك برنامج عمل لأنه ليس مستقلا ويخضع لسلطة رئيس الجمهورية". ولفتت إلى أن النظام الدستوري الجزائري لا يكرس المسؤولية السياسية أي حق المحاسبة والعقاب للوزراء أو الوزير الأول كما هو موجود في الدول الغربية ، وأوضحت أن الأخير ليس سوى كبش فداء يُضحى به عند فشل السياسات الحكومية رغم أنه لا يطبق برنامجه وإنما برنامج الرئيس، وصنفت هذا الوضع وفق مقاربتها بالانحراف الدستوري المخيف. و علق شيهوب على تحليلها بالقول انه يجب حسم التعديل الدستوري القادم في شكل النظام السياسي أي النظام الرئاسي أو البرلماني، فيما اقترح الأستاذ بوسلطان وضع دستور قابل للتطبيق ونص واضح لا يقبل قراءات متعددة. ج ع ع