البوراك العنابي فريد في شكله و نكهته لا تزال العائلات العنابية في شهر رمضان الفضيل تصنع التميز بتزين مائدتها بمختلف الأطباق الشهية التي تزاوج بين الأصالة والحداثة في إعداد الأكلات،لكن يبقى البوراك عروس "السينية" ، فهو يأتي في المقام الأول لدى العنابيين في افتتاح الأكل مع طبق الشوربة، أو ما يطلق باللهجة المحلية "الجاري". فالبوراك مازال يضرب في عمق عادات وتقاليد العائلات العنابية التي تتفنن ربات البيوت في تحضيره بصناعة " الديول " عن طريق إعداد العجينة المتكونة من السميد والماء وقليل من الملح، إذ تعجن العجينة بطريقة تقليدية وبعدها تحضر على شكل طبقات خفيفة للعجينة المورقة، والتي تطهى على "طابونة" فتتحول العجينة بعد الطهي إلى ما يُطلق عليه ب"الورق" وتصبح جاهزة لحشوها. وحسب أصحاب المطاعم التقليدية، فإن عملية إعداد الحشو تختلف من منطقة إلى أخرى، لكن ما توارثه سكان "بونة" عن أجدادهم فإن الحشو يتكون من البطاطا المهروسة والبصل واللحم المرحي والجبن ومختلف البهارات والمنكهات الضرورية، منها حشيش البقدونس والهريسة المحضرة على الطريقة التقليدية، إلى جانب لواحق أخرى منها الجبن والتونة والطماطم الطازجة والمقطعة إلى مكعبات. ويضع الحشو تدريجيا إلى أن يتم حشو ورقة الديول والتي يضاف إليها من 2 إلى ثلاث بيضات، ما يستلزم تغيير شكل البوراك العنابي الذي يكون كبير الحجم ويختلف عن غيره في المناطق المجاورة وحتى في مختلف ربوع الوطن. لا يقتصر إعداد البوراك على الحرائر فقط بل حتى الأولاد في المنزل يشاركون عائلاتهم في إعداده ، كما تغير المطاعم ومحلات الأكل السريع نشاطاتها لتتحول إلى بيع البوراك بمختلف أنواعه حسب الطلب ، حيث يصل سعر الحبة الواحدة إلى 90 دج، وإذا تم تشكيلها على طريقة “السيڤار" يقدر سعرها نحو 40 دج، وتفضل بعض العائلات اقتناء البوراك من هذه المحلات لأنه شهي وله نكهة خاصة، يصطفون في طوابير أغلبهم من الصائمين القادمين من الولايات المجاورة يتحملون مشقة الانتظار لظفر بحبات من البوراك العنابي . البوراك يتم إعداده ليس فقط ليكون في سينية الفطور بل لسهرات العائلية يجتمعون على مائدة واحدة بعد صلاة التراويح ليكون طبقا ثانيا مع الحلويات المختلفة من شامية ، زلابية وغيرها مع مختلفات المشروبات. ويفضل البعض الآخر من عشاق البوراك الذهاب إلى المحلات المتخصصة في صناعته على طول الكورنيش بشاطئ " سانكلو"و " شابي" في الليل أين يعرف المكان جو رائعا مع السهرات الرمضانية العنابية التي تزداد حلوة مع نسيم البحر ، فالكل يقصد الكورنيش بعد الفراغ من صلاة الترويح والأبرز فيها هو تناول البوراك رغم ارتفاع ثمنه ، حيث يصل سعر الواحدة ب 200 دج . وقد تطورت حياة سكان بونة بعد أن أصبح طبق البوراك يقدم حتى في الأعراس وحفلات الختان التي تقام في القاعات، أين يتم دعوة الأصدقاء وحتى السياح. وخلال هذه الأعراس يتعرف زوار بونة على البوراك العنابي الذي أصبح الطلب عليه واسعا خلال الآونة الأخيرة، خاصة في فصل الصيف، أين يقدم مع المقبلات الباردة والأسماك المشوية على الجمر.