حمس تواجه اخطر أزمة سياسية منذ نشأتها تواجه حركة مجتمع السلم، أصعب أزماتها السياسية، بسبب الهزة التي أثارها قرار استقالة وزير الأشغال العمومية السابق عمار غول، من الحركة والسعي لتأسيس حزبه الجديد، وهو القرار الذي نزل ثقيلا على قيادة الحركة التي لم تكن تتوقع خروج "غول" المعروف بالتزامه بقرارات الحزب، عن بيت "الطاعة"، وما يزيد من مخاوف قياديين في الحزب هو احتمال تعرض الحزب وهياكله المحلية لنزيف نضالي، ومغادرة المناضلين بغرض الالتحاق بحزب عمار غول الجديد الذي تزايدت شعبيته بشكل كبير في الفترة الأخيرة وتمكن من التغلب على الافلان في التشريعيات بالعاصمة يعيش إخوان الجزائر، أزمة سياسية غير مسبوقة، بعد استقالة الوزير السابق عمار غول، وإعلانه تأسيس حزب جديد، وهي الأزمة التي قد تعصف بالحزب، خاصة في حال انسحاب جماعي لمناضلي الحزب و قيادييه والالتحاق بحزب عمار غول الجديد، وتكون بذلك الضربة القاضية التي قد تقسم ظهر "حمس" بعد انسحاب القيادي السابق عبد المجيد مناصرة. ويرى المتتبعون، بان استقالة عمار غول من الحركة ستكون اشد تأثيرا على صفوف "حمس" مما كانت عليه استقالة وزير الصناعة السابق عبد المجيد مناصرة، لعدة اعتبارات، أن استقالة غول "جاءت بشكل مفاجئ وغير منتظر" بالنسبة لقيادة الحركة ورئيسها الذي لم يتوقع "أن يشق غول عصى الطاعة وهو المعروف بالتزامه بمبادئ الحركة"، عكس استقالة مناصرة التي استغرقت وقتا طويلا وسمحت لرئيس الحركة من استجماع مقربيه من حوله واظهر جماعة مناصرة على أنها تبحث عن المصلحة الشخصية ولا تغلب مصلحة الحزب.بالإضافة إلى ذلك، فان وزير الأشغال العمومية نجح في الفترة الأخيرة من توسيع قاعدته الشعبية، وبرز ذلك جليا خلال الانتخابات التشريعية السابقة، بحيث اكتسح غول العديد من البلديات شرق وغرب العاصمة وتجاوز الافلان بمئات الأصوات في بعض البلديات، وهو انجاز لم يحققه أي وزير من خارج الافلان، ولا حتى وزير البيئة شريف رحماني في مسقط رأسه بالجلفة. كما نال غول عددا كبيرا من الأصوات على موقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك" عندما طرح بعض المشاركين بعض الأسماء المرشحة لتولى الحكومة الجديد بعد التشريعيات، وقد حاز وزير الأشغال العمومية على عدد من الأصوات تقارب تلك التي حاز عليها الأمين العام للافلان عبد العزيز بلخادم.ويقول مقربون من وزير الأشغال العمومية السابق، أن قرار هذا الأخير الاستقالة من حركة "حمس" لم يكن بالسهولة التي يتوقعها البعض، وأضاف "القرار لم يكن سهلا فهو كان بين نارين إما الانسحاب من الحزب الذي تربى فيه وعرف فيه السياسة، أو إدارة الظهر للحكومة والمسؤوليات التي نجح خلالها من فرض اسلبوه في تسيير المشاريع الكبرى التي تتجاوز قيمتها ميزانيات بعض القطاعات".وكانت الحركة قد أعلنت الخميس، أنها تلقت استقالة بصفة "رسمية" من النائب عمار غول و عضو المكتب الوطني لطفي أحمد، وأوضح مسؤول التنظيم و رئيس الكتلة البرلمانية للحركة نعمان لعور. في تصريح له أن الحركة تلقت هذين الطلبين فقط مضيفا انه بالنسبة للسيد محمد جمعة لم يتلق المكتب الوطني لحد الساعة أي استقالة رسمية من طرف هذا الأخير معترفا في ذات الوقت انه قد أبدى رغبته بالاستقالة "شفويا". و أكد مسؤول التنظيم "عدم وجود أية استقالة من أي رئيس مكتب ولائي و لا مركزي" مبرزا أن الولايات "مستقرة" في هذا الجانب. وحسب بعض المصادر من داخل الحركة، فإن الوزير السابق للأشغال العمومية، يكون قد قدم استقالته الاثنين الماضي لرئيس الحركة، أبو جرة سلطاني، ولم يشرح غول في رسالته أسباب رحيله من حمس، حيث قال مصدر من حمس "إنها رسالة قصيرة جدا مكتوبة بخط اليد. اكتفى وزير الأشغال العمومية بالإعلان فقط عن قراره بترك الحزب، دون أن يشرح أسباب خطوته". وأوضح نفس المصدر، أن رحيل عمار غول من حركة مجتمع السلم، تبعه أيضا استقالة عضو المكتب الوطني بالحركة، لطفي أحمد، وقال "رسميا لم نتلقى سوى هذين الطلبين المتعلقين بالاستقالات".وقد رفض رئيس "حمس" أبو جرة سلطاني، تحميله مسؤولية الأوضاع التي يعرفها حزبه على خلفية استقالة غول، حين أكد أن قرار الخروج من التحالف الرئاسي، والدخول في تحالف إسلامي، ثم قرار عدم المشاركة في الحكومة، كانت قرارات "جماعية" اتخذت على مستوى المجلس الشورى، ولا يمكن أن يتحملها وحده، رافضا بالمناسبة أي حديث عن استقالته. وجاء تصريح رئيس حمس، بعدما تعالت أصوات من داخل مجلس الشورى الوطني الذي يعد أعلى هيئة قيادية بين مؤتمرين بحمس، بضرورة أن يستقيل أبو جرة سلطاني من منصبه كرئيس للحركة، مثلما يطالب به أعضاء من المكتب السياسي لحمس، على اعتبار انه قد تعهد بذلك خلال التشريعيات الأخيرة ولم يف بوعده بعد هزيمة التحالف الأخضر. وبرر موقفه بكون أن الظروف التي جرت فيها التشريعيات لم تكن عادية وبذلك لا يمكن الحكم عليها.واعتبر أحد أعضاء المكتب السياسي بحركة مجتمع السلم، أن اجتماع مجلس الشورى الوطني للحركة في دورته العادية، سيكون آخر فرصة لرئيس الحركة أبو جرة سلطاني، من أجل إيجاد حلول للمشاكل الداخلية لحمس. ويتساءل العديد من مناضلي حركة مجتمع السلم في الوقت الراهن فيما يتعلق بالمشاكل الداخلية التي تتخبط فيها حركة أبو جرة سلطاني، خاصة موقف الحركة، الذي يعتبرونه غير واضح وذلك منذ أشهر، بالإضافة إلى نقاش آخر يثير في الآونة الأخيرة الكثير من علامات الاستفهام بصفوف حمس، ألا وهو أن أبو جرة سلطاني سبق له وأن وعد بفوز ساحق للتيار الإسلامي في التشريعيات الأخيرة، إلا أن ذلك لم يتحقق، بعد أن تمكن كل من الأفالان والأرندي من هزيمة تكتل الجزائر الخضراء، حيث ينتظر أعضاء مجلس الشورى تفسيرات مقنعة من زعيم الحركة.وأثارت استقالة الوزير السابق للأشغال العمومية، عمار غول، بعض المخاوف من حدوث أزمة داخلية كبيرة بحركة مجتمع السلم، في حال قرر عدد من إطارات حمس ومناضليها مغادرة الحركة والالتحاق بالحزب الجديد لغول الذي يحمل اختصارا رمز "تاج" أي "تجمع أمل الجزائر". وتردد قبيل انعقاد الدورة العادية لمجلس الشورى، بان ثمانية أعضاء من المكتب الوطني ينوون تقديم استقالتهم من الحركة، وقال قيادي في الحركة، أن أربعة قياديين قدموا استقالتهم بالفعل، إضافة إلى اثنين استقالوا من المكتب الوطني، ولا زالوا مناضلين في الحزب على غرار الأمين المكلف بالإعلام كمال ميدا، فيما أعلن نائب رئيس الحركة حمو مغارية والأمين الوطني المكلف بالشؤون الاقتصادية محمد جمعة، استقالتهم بشكل رسمي.واعترف من جهته، رئيس مجلس الشورى ل"حمس"، عبد الرحمان سعيدي، بوجود أزمة داخلية تهز الحركة في الآونة الأخيرة، وقال إن "الحزب يواجه مشكل خطير جدا، ومن يرى خلاف ذلك، فهو مخطأ"، وأوضح سعيدي أن المشكل ليس في رحيل عمار غول، بل في النزيف الذي يمكن أن تخلقه هذه الخطوة في صفوف القاعدة النضالية وكذا إطارات الحركة، قائلا "إنها ضربة كبيرة للحزب، لابد من التحرك وضع حد للامبالاة وعدم الاكتراث بالمشاكل الداخلية"، مذكرا أن هذه الأزمة ليست الأولى التي تهز حركته، حيث سبق وأن غادر العديد من مناضلي وإطارات حمس، والتحقوا بجبهة التغيير التي يقودها عبد المجيد مناصرة، والذي كان هو الآخر قيادي في حركة مجتمع السلم.