الفضائيات و كتب الطبخ و الانترنيت تساهم في ازدهار سوق التوابل في رمضان يشهد سوق التوابل ذروة ازدهاره و إثرائه خلال أيام الشهر الفضيل و تساهم الفضائيات العربية التي تتخلل برامجها العديد من حصص الطبخ التقليدية و العصرية الشهية و كذا كتب الطبخ المشرقية و المغاربية التي تغرق المكتبات و الأرصفة و الأسواق و مواقع الانترنيت المتخصصة في تحقيق تجار البهارات لأرباح معتبرة ترتفع كلما اجتهد هؤلاء في تلبية طلبات و رغبات ربات البيوت الملحة في جلب أنواع غير معروفة أو محدودة الاستعمال سمعوا أو قرأوا عنها أو شاهدوها في التليفزيون مثل الخونجلان و نجمة الأرض و حب الهيل و المستكة و العرق الأصفر و الكركم و شعيرات الزعفران و الكبابة و السكينجبير و جوزة الطيب... ناهيك عن استيراد أصناف جديدة من الحبوب مثل البرغل و العدس الأصفر و الأرز البسمتي و عجائن لتحضير الحلويات الشامية . المتجول بأسواق و شوارع قسنطينة لا بد أن يشد انتباهه تهافت ربات البيوت على محلات التوابل المنتشرة هنا وهناك للبحث عن أنواع جديدة و جيدة تضمن لهن تزيين موائد الإفطار و تنويعها بأطباق ذات روائح مميزة و مذاق شهي و شكل جذاب ترضي أفراد أسرهن و تكسر نمطية الوجبات التقليدية المعروفة التي تعودوا عليها لسنوات طويلة لدرجة الملل. و تعترف معظمهن بأنهن واقعات تحت تأثير أطباق شميشة و الشيف أسامة و منال العالم و حورية المطبخ و غيرهم من مشاهير حصص الطبخ التليفزيونية التي يتابعنها باهتمام و يسجلن الوصفات بدقة.أما عن الاقبال على اقتناء أحدث كتب الطبخ فحدث ولا حرج . تجار التوابل : الطلبيات تتضاعف في رمضان لتحضير أطباق "تليفزيونية " التاجر فاتح الذي يشرف على محل «لاموندييه»المتاخم لسوق بطو بوسط المدينة، الذي يعتبر من أقدم محلات بيع التوابل و الحبوب و المواد الغذائية المختلفة ،قال بأن عدد الزبونات اللائي يقبلن على شراء التوابل يتضاعف في أواخر شعبان و شهر رمضان و يوازي التهافت على اقتناء البهارات المعروفة و المتداولة مثل الفلفل الأسود و الأحمر و الكمون و راس الحانوت، البحث عن أخرى غير معروفة أو ذات استعمال محدود ورد ذكرها ضمن مقادير وصفات طبخ تبث عبر القنوات التليفزيونية مثل مسحوق الفلفل الأبيض لتحضير المرق الأبيض و السكينجبير أو مسحوق الزنجبيل المستورد من الهند لتتبيل الدجاج المحمر و الشاورما و العديد من الأطباق الأخرى التي تستند لوصفات تركية و مغربية على وجه الخصوص.كما أصبحت الكبابة سيدة الأطباق التونسية مطلوبة لإضفاء مذاق خاص على أطباق افطار الجزائريين .و لم تعد الجزائريات تكتفين بالقرفة و القرنفل لتحضير الطواجن الحلوة مثل طاجين البرقوق، فجوزة الطيب و نجمة الأرض أدرجتا تدريجيا ضمن مكونات أطباق عديدة و الفضل لشميشة و الشيف أسامة و غيرهما. كما اضطر التاجر لتلبية رغبات العديد من زبوناته الباحثات عن حب الهيل الذي تضيفه عادة الخليجيات و المصريات لفناجين القهوة الساخنة و بعض المأكولات التقليدية و عيدان و مسحوق نبتة الخونجلان ،صديقة الجهاز الهضمي المضادة للبكتيريا و الأكسدة و المنشطة القوية التي تتبل بها بعض أطباق اللحوم المشرقية .و بالرغم أن سعر شعيرات الزعفران الهندي الأصلي و الأصيل 5000 دج للكيلوغرام الواحد و يصنف ضمن أغلى التوابل إلا أنه أصبح مطلوبا بكثرة ليدعم مفعول المسحوق في إضفاء نكهة خاصة على الكثير من الأطباق المغربية .و الوافد الجديد هو العرق الأصفر و مسحوقه الذي يعرف بالكركم وهما أساسيان في تحضير أطباق الأرز و الدجاج على الطريقة التقليدية المغربية .لكن هذا لا يعني تراجع مبيعات التوابل و النبتات العطرية التقليدية القسنطينية يقول البائع لكن مع مطالبة الزبونات ببعض التعديلات لادخال وصفات طبخ من مناطق أخرى مثل اقتراح بيع الرند و النعناع و الثوم و فلافل «البرعبيد» مرحية على شكل مسحوق.و قد أثار انتباهنا بيع البرغل في هذا المحل و قد شرح لنا التاجر بأن الكثيرات طلبنه لتحضير الكبة الشامية أو حشو الدجاج بدل الحمام على الطريقة المصرية .و تعرض مطحنة الشط العتيقة في حي السويقة العتيق إلى جانب الفريك و مختلف العجائن التقليدية و الحبوب تشكيلة من التوابل على أمل إرضاء رغبات الزبونات المتزايدة بينما قال لنا بائع آخر بنفس الحي بأنه لن يتخلى عن بيع «لفاوي»و مختلف البهارات و النبتات العطرية التقليدية و لن يجلب الغريبة الدخيلة حسبه على ثقافتنا الغذائية لكي لا يشجع القسنطينيات على خوض مغامرات في الطبخ التليفزيوني قد تجعلهن يندمن إذا لم تعجب الأطباق الغريبة أفراد أسرهن على مائدة الافطار.و الجدير بالذكر أن البهارات الجديدة تتراوح أسعارها بين 1500 و 5000دج للكيلوغرام الواحد لكن أسعارها لا تؤثر على التهافت عليها. ربات البيوت: هدفنا تقديم أطباق جديدة عبقة بالبهارات المميزة تقول نبيلة التي بحثت مطولا على الأرز البسمتي لكي تحضر طبقا خليجيا و البرغل لتحضر الكبة اللبنانية و الخونجلان لتحضر الشاورما التركية بأنها سعيدة لأنها عثرت على ضالتها و بامكانها الآن تحضير الأطباق التي شاهدتها في التليفزيون و قرأت وصفاتها في المجلات و الجرائد والكتب و مواقع الانترنيت و بالتالي بإمكانها أن تنوع الأطباق التي تقدمها لزوجها على مائدة الافطار و تثبت له بأنها طباخة ماهرة و ربة بيت من الطراز الأول .و أسرت إلينا بأنها سترفع التحدي لتنسي زوجها ولعه بأطباق أمه فهما لم يمض على زواجهما سوى 6 أشهر و هذا أول رمضان يمضياه تحت سقف واحد. و أشارت سوسن إلى أنها واجهت في البداية صعوبة في «ترجمة» أسماء البهارات التي يرد ذكرها في قناة «فتافيت» و في حصص الطبخ التي تبث بمختلف القنوات المصرية و الخليجية و حتى المغاربية إلى اللهجة المحلية الجزائرية،فأنقذتها مواقع الطبخ في الشبكة العنكبوتية و فوجئت بأن العديد من التجار الشباب على وجه الخصوص يعرفون كل أسماء البهارات بمختلف اللهجات فيلبون الطلبات .و تفتخر أم إيناس لأن أيام الشهر الكريم تتيح لها الفرصة لكي تقدم لزوجها و أبنائها الخمسة و جميعهم بلغوا سن الصيام ما لذ و طاب من الأطباق العالمية،فكل المكونات و حتى البهارات أصبحت متوفرة و إذا لم تجد شيئا تقدمت بطلبية لمحل»لاموندييه»بوسط المدينة ليجهز لها ما تريد .و تتنافس الممرضة سلاف مع سلفتها في تحضير أطباق متنوعة و عصرية شهية تفوح ببهارات تثير الشهية تتفنن في اقتنائها،معتمدة على وصفات تضمها مختلف المراجع السمعية و المرئية و المكتوبة من أجل إثبات مواهبها في الطبخ أمام زوجها و أخيه و أبنائها و حماتها و بقية أفراد الأسرة الكبيرة الذين تتقاسم معهم وجبات الافطار و السحور في رمضان بنفس البيت.و بهذا الخصوص قالت بأنها أخذت عطلتها السنوية لتتفرغ لمنافسة حامية الوطيس تزيدها درجات الحرارة اشتعالا.