متسوّلات يلجأن للنقاب لاستجداء عطف المارة عادت ظاهرة التسوّل باستغلال الأطفال و الدين للانتشار من جديد بوسط مدينة قسنطينة ميّزها تزايد عدد المتسوّلات المنقبات مع أطفال في عمر الزهور لاستجداء العطف ، ليفرض السؤال نفسه، أين اختفت دوريات جمع المتسوّلين و المتشردين التي قامت بها مديرية النشاط الاجتماعي بالتنسيق مع الحماية المدنية و الأمن ؟ و ما مصير مشروع القانون الخاص بردع الظاهرة و معاقبة الآباء المستغلين لأطفالهم؟ علما و أن دراسات ميدانية قام بها مختصون بيّنت خروج التسوّل من دائرة الاحتراف الفردي إلى العمل التنظيمي كما أكد محمد الأمين رحايلية المكلّف بالإعلام بمديرية النشاط الاجتماعي بقسنطينة الذي أوضح بأن الدخل اليومي لهذه الفئة يتراوح بين 2000 و 5000دج. سيارة فاخرة تنقل متسوّلات منقبات إلى المساجد من المواقف التي أثارت انتباهنا و نحن نمر أمام جامعة الأمير عبد القادر نزول فتاتين منقبتين من سيارة سوداء فاخرة و جلوسهما بأحد المداخل التي يمر عليها المصلّون و البدء في ترديد عبارات التسوّل التي تعوّدت أذن الجزائريين على سماعها، و هو المشهد الذي أكد بعض المصلين الذين تحدثنا إليهم تكراره بشكل منتظم في ليالي رمضان. الظاهرة نفسها وقفنا عليها خلال معاينتنا لأهم الشوارع تسجيلا لانتشار المتسوّلين بوسط مدينة قسنطينة، حيث تفاجأنا حوالي الساعة السابعة صباحا بوصول المتسوّلات بعضهن في سيارات أجرة و بعضهن الآخر جئن مع خواص تأكدنا من خلال لهجتهن و ملابسهن أنهن من الغجر أو «بني عداس»كما يحلو للبعض تسميتهن، حيث توّجهت كل واحدة نحو وجهتها الخاصة يرافقهن أطفال بملابس رثة و متسخة. و بإتباعنا إحداهن إلى ساحة «لابريش» أثار فضولنا وصول امرأة منقبة مع طفلها الذي لم يتجاوز الأربع سنوات، و جلوسها على الرصيف بعد استخراجها لافتة من ورق كتبت عليها «ساعدوا اليتامى»، فحاولنا معرفة قصتها و الظروف التي دفعتها لمد يدها و سر النقاب الذي يبدو أنه بات زيا تنكريا تستغله بعضهن حتى لا يتم التعرّف عليهن. و حال اقترابنا من المرأة المتسوّلة، رفعت رأسها ظنا منها أننا سنتصدّق عليها، لكن بمجرّد التحدث معها حملت ابنها بين ذراعيها و غيرّت المكان، و لما تبعناها، نظرت إلينا نظرة غضب و قالت بلهجة غريبة عن اللهجة القسنطينية»باعدوني يرحم بوكم» و أعطت الريح لرجليها و لم تعد إلى ساحة لابريش ذلك اليوم. ترضع طفلها طبيعيا أمام الملأ و تستجدي علب الحليب و من المواقف المثيرة للدهشة، جرأة متسولة متحجبة تنشط على مستوى أقواس حي»عبان رمضان» بقسنطينة، التي لا تخجل من إخراج ثديها لإرضاع صغيرها و هي تردّد في نفس الوقت «أشروا لي باطة حليب للطفل يرحم والديكم» عارضة نوعية الحليب المرغوب فيه و الذي يتراوح سعره بين 350و 400دج للعلبة الواحدة. عن الظاهرة أكد مكلّف الإعلام بمديرية النشاط الاجتماعي محمد الأمين رحايلية بأن الكثيرات لجأن إلى هذه الحيلة بعد امتناع المواطنين عن التصدق عليهن، حيث بحثن عن طريقة لاستعطافهم و بالفعل نجحن في الإيقاع بالكثيرين ممن يسرعون لشراء الحليب لهن من أقرب صيدلية، لجهلهم بأن هذه الفئة تقوم بإعادة بيع الحليب بسعر أقل لبعض الصيدليات. و ذكر أمثلة مشابهة يستعمل فيها المتسوّلون وصفات الدواء أو طلب إجراء تحاليل طبية، مشيرا إلى دراسة قام بها مختصون على مستوى مديريتهم أكدت وجود شبكات محترفة، و ذلك من خلال تكرّر موقف هروب و اختفاء المتسوّلين من شوارع المدينة قبل انطلاق حافلة التضامن المخصصة لجمعهم و نقلهم إلى ديار الرحمة. متسوّلة عرضت مرافقتها إلى الحج و تكفلها بالمصاريف المكلف بالإعلام أضاف بأن الدخل اليومي لهذه الفئة يتراوح بين 2000 و 5000 دج ، معتبرا احتمال الحد من ظاهرة التسوّل مهمة صعبة في ظل تأخر تطبيق قانون ردع المتسوّلين و معاقبة الآباء المستغلين لأطفالهم في التسوّل الذي بادرت إليه وزارة التضامن و الأسرة منذ سنوات. و أوضح بأن المادة 195من قانون العقوبات تعاقب المتسوّلين بالحبس لمدة تتراوح بين شهر و ستة أشهر حبسا نافذا، بالإضافة إلى المادة 196التي تعاقب كل من عرّض قاصرا لخطر مادي أو معنوي. و استطرد معلقا» لن يتخلى هؤلاء عن الكسب السريع بهذه السهولة»في إشارة إلى الأموال الكثيرة التي يجنيها هؤلاء من وراء حرفتهم مؤكدا وجود من يمتلكون حسابات خاصة في البنك، مقدما مثالا عن عجوز متسوّلة تبيّن لهم بعد أخذها إلى ديار الرحمة أنها زوجة و أم شهيد و لها من المال ما يكفيها للعيش بكرامة دون مد يدها لأحد، غير أنها تعوّدت على التسوّل، و أسترسل و هو يضحك «لقد عرضت علينا أن نرافقها للحج مع دفع كل مستحقات و تكاليف ذلك». كما استعاد الحادثة التي تناقلتها الصحف عام 2009عندما تم جمع المتشردين بشوارع قسنطينة في حملة تضامنية في فصل الشتاء لحمايتهم من البرد القارس، أين ضبط بحوزة أحدهم مبلغ يقارب 12مليون سنتيم. و قال أن أغلب المتسوّلين يرفضون تغيير ملابسهم و أخذ حمام عند نقلهم إلى ديار الرحمة، خوفا من كشف الأموال التي بحوزتهم. و أكد الأستاذ رحايلية بأن أغلب المتسوّلين يرفضون العروض و الحلول المقدمة إليهم من قبل الجهات المختصة، سواء تعلّق الأمر بالتكوين أو بفرص العمل، مشيرا إلى وجود متسوّلين سبق لهم العمل بالخارج و لم يتحصلوا على حقوقهم لجهلهم للقوانين و قد تم التكفل بهم حسبه. 80 بالمائة من متسولي قسنطينة محتالون و في دراسة أعدتها مديرية الضمان الاجتماعي تبيّن بأن 80بالمائة من المتسوّلين الذين تم إحصاءهم بولاية قسنطينة و الذين يتراوح عددهم بين 80و 120متسوّل محتالون أغلبهم يأتي من المناطق المجاورة و 15بالمائة منهم متسولين موسميين يظهرون إلا في فصل الصيف، فيما يبقى 5بالمائة فقط محتاجين فعلا، و مع هذا تبقى عملية التكفل بهم صعبة لأن الحل الوحيد المعمول به حاليا، يقتضي نقلهم إلى ديار الرحمة مع وضع صغارهم في دور الأيتام و بالتالي تتعرّض العائلة للتشتت و هو ما اعتبره المختصون بغير المناسب.