عباس فرحات سيّر المجلس التأسيسي بحكمة وتشكيل أول حكومة كان بالتوافق قال المجاهد والمحامي المعروف عمار بن تومي أن المجلس التأسيسي الذي انشئ مباشرة بعد الاستقلال كان مجلسا حقيقيا جاء لإعداد أول دستور للجزائر المستقلة،وأن رئاسة فرحات عباس له منحته احتراما كبيرا حيث كان النقاش داخله يتم بكل حرية، وأضاف أن تشكيل أول حكومة بعد إنشاء المجلس التأسيسي جاء في ظروف صعبة وقد تم التوافق حول تشكيلتها بين أحمد بن بلة ومحمد خيضر وبقية أعضاء المكتب السياسي. أشاد عمار بن تومي وزير العدل حافظ الأختام في أول حكومة بعد الاستقلال وعضو المجلس الوطني التأسيسي بالحكمة الكبيرة التي سيّر بها المرحوم فرحات عباس هذا المجلس، وبالاحترام الذي منحه له، وكذا بالحرية وأجواء النقاش التي ميزته، وقال بن تومي في تدخل له أمس بمنتدى جريدة "المجاهد" بمناسبة الذكرى الخمسين لإنشاء المجلس التأسيسي أن هذا الأخير كان مجلسا حقيقيا انتخب لوضع أول دستور للجزائر المستقلة وتعيين أول حكومة للبلاد. لكن المتحدث الذي انتخب هو أيضا في هذا المجلس في 20 سبتمبر من العام 1962 أوضح أن المجلس الذي كان يرأسه فرحات عباس لم يشارك لا من قريب ولا من بعيد في إعداد أول دستور للبلاد، بل وجد نفسه مجبرا على المصادقة على دستور مستورد في نهاية الأمر وهو ما دفع برئيسه فرحات عباس لتقديم استقالته فيما بعد. لكن بن تومي لم يغفل الإشارة للظروف الصعبة التي كانت تمر بها البلاد في ذلك الوقت على جميع الأصعدة خاصة آثار الصراع على السلطة الذي انفجر في صائفة عام 1962 والتي ظهرت جلية على تشكيلة المجلس التأسيسي ثم بصورة أوضح على تشكيلة الحكومة التي تلته والتي ترأسها أحمد بن بلة. وبالنسبة للمتحدث، فإن تشكيلة الحكومة وضعها أشخاص يعدون على أصابع اليد الواحدة، وقد تدخلت في وضعها جهات عديدة لكن تم في الأخير التوافق حول تشكيلتها بحكم الظروف التي كانت سائدة. من جهته، قال الأستاذ الجامعي وعضو المجلس الدستوري سابقا عامر رخيلة أن عملية انتخاب المجلس التأسيسي لم تكن سهلة بالنظر للصراعات التي انفجرت داخل جبهة التحرير الوطني بين مؤيد للحكومة المؤقتة ومؤيد للمكتب السياسي، وكان مقررا إجراء عملية انتخاب المجلس التأسيسي في 12 أوت من عام 1962 وأرجئت بعد ذلك إلى العشرين سبتمبر من نفس العام بعد ظهور بوادر انفراج في الصراع على السلطة، وفي هذا التاريخ انتخب المجلس من 196 عضوا منهم 15 فرنسيا وسبع نساء، وتم استبعاد أعضاء الحكومة المؤقتة من المجلس عدا أمحمد يزيد الذي انتخب لوحده. ويضيف رخيلة أن مهمة المجلس التأسيسي كانت تتمثل في وضع دستور للبلاد وتشكيل الحكومة، لكن التأسيسي الذي انتخب من أجل وضع الدستور وجد نفسه في نهاية المطاف يصادق على دستور أعد خارج أروقة المجلس، وهو ما أدى فيما بعد بفرحات عباس وأعضاء آخرين للاستقالة. لكن رغم هذه الخلافات اعتبر رخيلة المجلس التأسيسي حلقة مهمة في ذلك الوقت الصعب وقال أن نظامه الداخلي نظام لمجلس دائم ولهيئة تشريعية وليس لهيئة تأسيسية. وأشاد المتدخلون في الندوة بالدور الكبير الذي لعبه فرحات عباس في تلك المرحلة من تاريخ البلاد، وبحكمته في تخطي الصراعات التي ظهرت بين عدد كبير من القيادات، وقد كرمت عائلته بعد ذلك من طرف مسؤولي جريدة المجاهد. م- عدنان