ملفات سويت وأخرى تنتظر الحل تمر سبع سنوات على تصويت الجزائريين في 29 سبتمبر 2005، على ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، الذي شكل تحولا في معالجة المأساة الوطنية، من خلال فتح العديد من الملفات، منها ملف المفقودين الذي ظل لسنوات من"الطابوهات" وتحول إلى سجل تجاري تستعمله المنظمات الدولية للضغط على الجزائر، ورغم نجاح المسعى في إغلاق العديد من الملفات، إلا أن بعضها لا يزال مفتوحا ويستوجب تدابير تكميلية لطي صفحة المأساة الوطنية نهائيا. يجمع الحقوقيون والمتابعون لملف المصالحة، على ضرورة استكمال هذا المسار بعد سبع سنوات من تبنيه من قبل الشعب، ويطالب الناشطون في مجال حقوق الإنسان، باتخاذ تدابير تكميلية لمعالجة الملفات التي ظلت معلقة، على غرار ملف المتضررين من المأساة اقتصاديا، ومعتقلي الجنوب، والأطفال المولودين في الجبل، وهي كلها ملفات تستوجب المعالجة لطي الملف نهائيا، كما يطرح البعض الآخر فكرة العفو الشامل كمحصلة نهائية لمسار المصالحة في الجزائر، مع تأكيدهم بأن القرار النهائي بيد الرئيس الذي له صلاحية إقرار هذا العفو، بتفويض من الشعب.وقد أبقت الحكومة الجديدة، على ملف المصالحة مفتوحا، من خلال تأكيد الوزير الأول عبد المالك سلال، خلال عرضه مخطط الحكومة أمام البرلمان، مواصلة تنفيذ مسعى المصالحة الوطنية، وبذل الجهد لتضميد جراح المواطنين ضحايا المأساة الوطنية، كما أكد سلال مواصلة الدولة "لسياسة اليد الممدودة" تجاه المسلحين والذين ضلت بهم السبل. وتؤكد تصريحات الوزير الأول، وجود رغبة لدى السلطة لاتخاذ تدابير لاستكمال مسار المصالحة الوطنية، ومعالجة الملفات التي ظلت مفتوحة.واعتبر رئيس اللجنة الاستشارية لترقية حقوق الإنسان، مصطفى فاروق قسنطيني، أن المصالحة الوطنية حققت 95 بالمائة من الأهداف المسطرة، وطالب في الوقت ذاته، باتخاذ تدابير تكميلية لمعالجة الملفات التي لا تزال مفتوحة، بموجب نص الميثاق، الذي يعطي رئيس الجمهورية سلطة اتخاذ مثل هذه الإجراءات لطي صفحة المأساة الوطنية. وتشير حصيلة تطبيق ميثاق السلم والمصالحة إلى تسوية ما لا يقل عن 28 ألف ملف متعلق بالمأساة الوطنية تمت معالجته خلال 5 سنوات من تطبيق الميثاق، وتجاوزت القيمة المالية التي صرفت في إطار التعويضات الممنوحة للمتضررين من المأساة 1000 مليار سنتيم، من مجموع الغلاف المالي المرصود بهذا العنوان، والمقدر ب 2200 مليار سنتيم.وقد عالج ميثاق السلم والمصالحة أربع ملفات، ويتعلق الأمر بالإرهابيين الذين استفادوا من إجراءات المصالحة وإبطال المتابعات القضائية حيث يقدر عددهم ب 7540 من فئة المسلحين الذين سلموا أنفسهم طواعية وكذا فئة المسجونين في المؤسسات العقابية وفئة الذين عادوا إلى الوطن من الخارج. أما الملف الثاني المتعلق بعائلات الإرهابيين، فقد أحصت خلية تطبيق ميثاق المصالحة، تعويض حوالي 9 آلاف و500 عائلة. أما الملف الثالث الخاص بالمفقودين فاستفادت 6420 عائلة من أصل 6544 من التعويضات في انتظار تسوية 130 ملف من ملفات المفقودين، والتي لم تعالج بعد لعدم حصول عائلاتهم على محاضر معاينة الفقدان كوثيقة ضرورية لاستخراج شهادة الوفاة والحصول على التعويضات. وتصر العائلات التي رفضت مبدأ التعويض على مطلبها المتمثل في "الحقيقة والعدالة" وتطالب بالكشف عن مصير ذويها الذين كانوا ضحية الاختطاف، ونظمت أمس عائلات المفقودين، تجمعا بالقرب من ساحة البريد المركزي، بمناسبة مرور الذكرى السابعة لاستفتاء المصالحة، للمطالبة بالحقيقة.وبخصوص الملف الرابع المرتبط بالعمال المسرحين لاعتبارات المأساة الوطنية أكد رئيس خلية المساعدة القضائية لتطبيق ميثاق السلم والمصالحة أن هذا الملف طوي نهائيا، بحيث استفاد4533 عامل من التعويض أو إعادة الإدراج. وبخصوص ملف رد الإعتبار أي تبييض صفحة السوابق العدلية، قال رئيس الخلية، مروان عزي، أنه تم معالجة 3 ملفات من أصل 15ملف والبقية قيد الدراسة في المجالس النيابية للفصل فيها، مضيفا أن الخلية تلقت300 ملف لشكاوي منها 68 ملف أشخاص سجنوا لتورطهم مع الإرهاب وأصدر بحقهم حكم البراءة و80 شكوى لأشخاص غير موجودين في قوائم المفقودين والإرهابيين و20 شكوى تتعلق بخسائر مادية وشكاوي أخرى لمعتقلي الصحراء. ويطالب الحقوقيون، باتخاذ تدابير تكميلية لمعالجة الملفات العالقة، وقد أدرج رئيس اللجنة الاستشارية لترقية حقوق الإنسان، هذا الطلب في تقريره الأخير الذي رفعه إلى رئيس الجمهورية، حيث دعا إلى وضع ترتيبات قانونية تسمح بتسوية هذه الملفات، ومنها ملف المتضررين اقتصاديا من الإرهاب، ودعا المتضررون الماديون من الإرهاب، الوزير الأول عبد المالك سلال مؤخرا، إلى ''مراجعة نمط تعاطي السلطات العمومية مع الملف الذي يراوح مكانه منذ قرابة عقدين من الزمن''، وطالبوا، ''بالتدخل العاجل من أجل وضع حد لتجاهل الهيئات المعنية بتعويضهم عن الخسائر التي لحقت بمؤسساتهم جراء الاعتداءات الإرهابية''. الملف الآخر الذي يبقى معلقا، هو ملف معتقلي الصحراء، وهو ملف يستوجب معالجة قانونية، بحيث لا يحوز أغلب المعتقلين على وثائق تثبت اعتقالهم، الأمر الذي يجعل من الصعب اللجوء من خلاله إلى العدالة للحصول على الحقوق والتعويضات. وهو ما يتطلب قيام السلطات المعنية وخاصة وزارة الداخلية بإعادة فتح الملف وتحديد قائمة المعنيين بالتعويض، وتشير تقديرات غير رسمية إلى وجود ما بين 15 ألف إلى 18 ألف شخص كانوا معتقلين في رقان و واد الناموس. وقالت الجمعية التي تدافع عن حقوقهم، بأن العديد منهم تعرضوا لمشاكل صحية. ويوجد ملف آخر، ينتظر التسوية، يتعلق بالأطفال المولودين في الجبل، الذين يقدر عددهم حسب خلية مساعدة تطبيق ميثاق السلم والمصالحة،ما بين 300 و500 طفل، وهناك إحصائيات أخرى تقول بأن عددهم أكثر من ذلك بكثير، وتتمثل القاعدة القانونية لحل هذه المعضلة في مبدأ إضفاء الطابع الرسمي على الزواج على الوالدين وهما على قيد الحياة. وتبقى هناك حالات كثيرة بالنسبة إلى الذين فقدوا واحدا أو كلا الوالدين. وقال مروان عزي بأن "الحل يكمن في اختبارات الحمض النووي وهي الأنسب في مثل هذه الحالات. ومع ذلك، فإن الإطار القانوني لا يسمح بذلك حتى الآن". الحديث عن استكمال مسعى المصالحة، يترافق مع مطالب البعض بإقرار عفو شامل عن المسلحين، ويعتبر رئيس اللجنة الاستشارية لترقية حقوق الإنسان، بان "قرار العفو" يكون دائما المحصلة النهائية للمآسي التي تعرفها الدول، مؤكدا أن العفو الشامل قرار سياسي من صلاحيات رئيس الجمهورية لوحده، وسبق لرئيس الجمهورية أن تطرق لهذا الملف، وربط هذا الإجراء بوجود دعم شعبي، يسبقه إعلان المسلحين تخليهم عن الإرهاب والاستجابة لنداء السلم والمصالحة.