تاريخ الثورة لا يحمل صفحات سوداء وفرنسا ترفض الاعتراف بوجهها الاستعماري القبيح أجرى الحوار: أنيس نواري تتحدث المجاهدة عضو مجلس الأمة زهرة ظريف بيطاط، في حوار مع النصر عن تاريخ ثورة الفاتح نوفمبر الذي اعتبرته محصلة كفاح سياسي وعسكري، وترد على الأطراف التي تحاول تشويه الثورة، وتنفي وجود صفحات سوداء في تاريخ الجزائر، واعتبرت بان إقرار الرئيس هولاند بالقمع الذي طال الجزائريين في 17 أكتوبر 1961 لا حدث في ظل إصرار الفرنسيين على رفض الاعتراف والاعتذار عن المجازر، وتقول بان فرنسا ترفض الاعتراف بوجهها الاستعماري القبيح وتصر على صورتها الوردية أمام الأمم. فتح ملفات الماضي والعودة إلى الأرشيف لكتابة تاريخ الثورة التحريرية الجزائرية والحقبة الاستعمارية، من خلال عمل تأريخي موضوعي وجاد وفقا للمعايير الدولية، يمكن على ضوئه متابعة فرنسا أمام المحاكم الدولية على الجرائم التي ارتكبتها في الجزائر، وبخصوص الدعوات التي يرفعها البعض والتي يريدون من خلالها إحالة الأفلان إلى المتحف، أجابت المجاهدة بيطاط بالقول إن الشعب الجزائري هو وحده المخول بالحسم في هذه المسألة. النصر: الجزائر احتفلت هذه السنة ب50 سنة عن الاستقلال وتستعد للاحتفال بذكرى الفاتح نوفمبر، ماذا بقي من قيم بيان نوفمبر؟ وهل ترين بان جزائر الاستقلال ظلت وفية لمبادئ الثورة ؟ زهرة ظريف بيطاط: يجب أن نعي أن الثورة التي اندلعت في نوفمبر كانت محصلة كفاح أجيال تعاقبت منذ 1830، وكانت البداية مع الكفاح المسلح الذي استمر 45 سنة، وتوصلنا إلى قناعة بان المعركة بالسلاح وحدها لن تمكن الجزائريين من هزم فرنسا عسكريا، وكان لا بد من عمل سياسي مكمل للشق العسكري، ولهذا فان الأجيال التي جاءت بعد هذه الحقبة اقتحمت الحقل السياسي أو المعركة السياسية التي تكمل الشق العسكري، وسمحت لمختلف التجارب السياسية بتشكيل رصيد سياسي بلغ ذروته في الخمسينيات، وسمحت ببروز نخبة سياسية، أخذت على عاتقها مواصلة النضال في أوساط المجتمع وغرست روح المقاومة والوحدة الوطنية في صفوف الجزائريين ومكنت من بروز مفهوم الدولة. هذه التجربة كانت محصلة 50 سنة من الجهد والنضال لتجنيد كل الجزائريين بمختلف أعراقهم، لتكريس مبادئ وحدة الشعب والانتماء لوطن واحد، في الحقيقة كان الظرف الدولي مواتي ساهم في تحقيق هذه الوثبة السياسية، وسمحت للجزائريين بقبول التضحية بالنفس، روح نوفمبر كان إحساس عميق بالانتماء لوطن واحدة ورغبة في استعادة الحرية والهوية الجزائرية، ومكن هذا الصراع السياسي من إيقاظ الضمائر التي أدركت أن استعادة هذا الوطن وتحريره يتطلب تضحيات كبيرة الجيل الذي انتمي إليه أراد منذ 1962 تفادي الإخفاقات والإحباط الذي عايشته الأجيال التي جاءت بعد الاستقلال، ربما لم نتمكن من إيصال صورة كاملة عن كل التضحيات التي بذلت لانتزاع الاستقلال. ولكن رغم كل ما يقال عن جهل الشباب بالتاريخ وعدم اهتمامهم بالثورة، يمكن القول ومن خلال تجربتي الخاصة خلال الندوات واللقاء التي شاركت فيها على مستوى الجامعات أو الثانويات لمست شغف لدى الشباب لمعرفة تاريخهم وأدركت مدى تعلقهم بهذا الوطن واعتزازهم بما قدمه الآباء لكي يعيشوا في وطن حر ومستقل، وهم مرتبطون بوطنهم وفخورون بذالك. النصر: الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند اقر بالقمع الذي تعرض له الجزائريون في 17 أكتوبر 1961، ومجلس الشيوخ الفرنسي اقر ذالك بدوره، كيف ترون هذه الخطوة ؟ هل يمكن اعتباره مقدمة لاعتراف فرنسي عن الجرائم الاستعمارية؟ زهرة ظريف بيطاط: فرنسا ارتكبت مجازر منذ 1830 و جرائم ضد الإنسانية، نحن نكن الاحترام للشعب الفرنسي ولسنا في مواجهة ضدهم، لكن هذا لا يعنى أن نتناسى الماضي الاستعمار لفرنسا، والذي أن يقال على حقيقته، وإبراز الجرائم المرتكبة. ما قاله فرانسوا هولاند لا يختلف كثير عن ما قاله الرؤساء السابقون، هولاند استعمل مصطلح "القمع الدموي" وهو ما عبر عنه رؤساء سابقون لفرنسا ولو بأشكال مختلفة. اعتقد بأنه ما دام لم تعترف فرنسا صراحة أنها ارتكبت جرائم ضد الإنسانية في الجزائر، فان كل ما يقال بعبارات أخرى لن يغير في الأمر شيئا، فالواجب هو اعتراف فرنسا بكل جرائمها وليس الحديثة عن حقبة تاريخية دون غيرها، لكن كل الماضي الاستعمار كان حافلا بالمجازر في حق الجزائريين النصر: فرنسا الرسمية ترفض الاعتذار عن ماضيها الاستعماري، وهي بالمقابل تتغنى بحقوق الإنسان والعدالة، كيف ترين هذه الازدواجية في المواقف لدى الفرنسيين ؟ زهرة ظريف بيطاط: فرنسا تحاول إنكار ماضيها الأسود في الجزائر وترفض الاعتراف بأنها ارتكبت هذه المجازر، لان ذالك قد يضر بصورة فرنسا "الوردية" والتي تظهر فرنسا أنها بلد الديموقراطية وحقوق الإنسان والعدالة والحرية، وتحاول الإبقاء على هذا المظهر أمام الدول الأخرى ولو كان على حساب دماء ملايين الجزائريين النصر: بعض الأطراف في فرنسا تتحدث عن جرائم من الجانبين، وتساوى بين الضحية والجلاد، وتصور بان كفاح الشعب الجزائري لاسترجاع أرضه كان موجها ضد كل الفرنسيين وليس ضد الاحتلال، ما هو ردكم على هذا الخطاب الصادر عن الفرنسيين ؟ زهرة ظريف بيطاط: هناك بالفعل أطرافا في فرنسا تحاول أن تساوي بين الضحية والجلاد، وذالك من خلال الحديث عن جرائم من الجانبين، وهذا أمر غير مقبول ونرفضه إطلاقا لأنه لا يمت للحقيقة وبعيدا عن الوقائع التاريخية، هذه المطالب تخفي في الحقيقة نوايا ورغبة لرفع الشرعية عن كفاح الشعب الجزائري لتحرير وطنه، وهذا ما نرفضه لان كفاحنا كان عادل لاستعادة وطن مغتصب، وهذا الأمر لابد من مواجهته نحن في الجزائر بنخبنا وبإعلامنا أيضا "فلا يعقل أن نبقى مكتوفي الأيدي وفرنسا تسعى لتشويه ثورتنا المجيدة. النصر: الحركى أو ما يسمون في فرنسا ب "قدماء الجيش الفرنسي" يطالبون بحق العودة، ما هو موقفك من هذا المطلب، ومن ملف الحركى ؟ زهرة ظريف بيطاط: قضية الحركى ليست مشكلة جزائرية، بل تهم الفرنسيين، لان هؤلاء اختاروا صفهم وهم بذالك فرنسيون ولا يحق لهم مطالبة الجزائر بأي شيء ما داموا قد فضلوا قطع الحبل الذي كان يربطهم مع الجزائر والجزائريين وانخرطوا في آلة القتل والتدمير الاستعمارية، اعتقد بان هذا الملف فرنسي ولا يوجد ما نقدمه لهم. وعليهم أن يقدموا مطالبهم للحكومة الفرنسية. النصر: بعد أكثر من نصف قرن على ثورة نوفمبر، ما يزال الجدل يحيط بعديد من القضايا ذات العلاقة بالثورة والحقبة الاستعمارية، وبعض الحقائق التاريخية، كيف يمكن التعامل مع هذه الحقائق ؟ هل من الأفضل التزام الصمت حول بعض جوانب الثورة؟ أم بالعكس قول الحقيقة ومحاولة فهم الحقائق وفق الأحداث التي كانت تعيشها الجزائر آنذاك ؟ زهرة ظريف بيطاط: لا شيء نخفيه عن تاريخ الثورة والأحداث التي عرفتها، ولا توجد صفحات سوداء في تاريخ الثورة، هناك بعض الأطراف تحاول بث هذه الأقاويل للأجيال الجديدة وإظهار الجزائريين وكأنهم كانوا يأكلون بعضهم وهذا أمر غير صحيح، نعم كانت هناك اختلافات في وجهات النظر واختلافات حول الممارسات والقرارات ولكن لم تصل إلى الحد الذي يحاول البعض الترويج له. الثورة الجزائرية قادها رجال عظماء، يستحقون التبجيل والتكريم وتسليط الضوء على تضحياتهم، وليس استهدافهم ومحاولة تقزيم صناع هذه الثورة، الذين يقولون عكس ذالك غير مطلعين على الأحداث ويجهلون الحقائق، اكرر كان هناك صراع أفكار وهذا طبيعي وأمر سليم ودليل على حيوية الثورة، وهناك أمر مهم يجب أن لا نغفل عليه، هو أن الاجتماعات التي كانت تعقد بين القادة كانت تتم في دوائر ضيقة لأسباب أمنية ولم تكن هذه الاختلافات في وجهات النظر تصل إلى الشعب ولا حتى إلى المجاهدين. وهنا أقول شيئا على الجميع التحلي بروح المسؤولية عند تناول حقائق تاريخية، وأتمنى من الذين يخوضون في التاريخ أن يكتبوا عن الأحداث التي عايشوها هم وليس الأحداث التي سمعوا عنها في السجون أو في أماكن أخرى النصر: رفضت الخوض في الجدل القائم بين مجاهدين بخصوص الماضي الثوري واعتبرت بان ما يجري من تبادل للاتهامات «في خدمة مصلح فرنسا» أكثر مما يخدم الجزائر.كيف يتوجب الرد والتعامل مع هذا الجدل من وجهة نظركم؟ زهرة ظريف بيطاط: أعتقد أنه حان الوقت للقيام بعمل جدي للبحث في تاريخ الثورة والفترة الاستعمارية وبطريقة موضوعية، كما أعتقد أننا نجحنا في تكوين مؤرخين وعلماء اجتماع وخبراء في هذا المجال، أصبح من الضروري أن ننكب على البحث في التاريخ لمعرفة حقيقة تاريخ بلادنا منذ الاحتلال إلى اليوم من خلال عمل علمي وتاريخي، بالاعتماد على الحقائق التاريخية وعلى ما هو مدون في الأرشيف، وعديد من الباحثين يطالبون اليوم بتمكينهم من الأرشيف، وهو ما يقودني إلى القول أن هناك ملفات في الأرشيف لم يطلع عليها أحد، وحان الوقت لفتحها على الأقل للباحثين للقيام بعملهم. النصر: وجهتي دعوة لتقييم حصيلة 50 سنة من الاستقلال، لفتح حوار حقيقي وصريح حول واقع ومستقبل البلاد، وهذه الدعوة أثارت ردود أفعال، هل يمكن أن نعرف ماذا تقصدين من هذه الدعوة ؟ زهرة ظريف بيطاط: الإصلاح والتجديد ضروري في كل زمان لتصحيح الاختلالات التي تكون قد وقعت، لا يعنى هذا أننا ننتقص من الانجازات المحققة منذ الاستقلال، بل لمعرفة من أين جئنا والى أين نذهب، وما هو الطريق الواجب أن نسلكه لتحقيق الأهداف التي نصبوا إليها، يجب إعداد حصيلة رقمية وموثقة وقول الحقيقة، كل الحقيقة عن الأموال التي صرفت وأين ذهبت، والخيارات التي تم اعتمادها حتى لا نقع في نفس الأخطاء مستقبلا، لا يمكن أن ننكر ما تم انجازه لكن علينا الآن أن ننتقل من مرحلة الكم إلى النوعية وهي مسالة ضرورية لمستقبل الوطن.. النصر : تاريخ الثورة يواجه ما يسمى "القراءات السلبية للتاريخ"، وهنا تبرز مطالب بضرورة استرجاع بعض الحقائق التاريخية، ألا تعتقدين انه من واجب جيل الثورة تقديم الصورة الصحيحة للأجيال الجديدة؟ زهرة ظريف بيطاط: ما لاحظته شخصيا هو أن الكثير من أبناء الجيل الحالي يجهلون تاريخهم، هناك قصور وعجز في إيصال الصورة واضحة للشباب عن حقيقة الثورة، والبعض يعتقد أن الثورة الجزائرية بدأت في 1954، وهذا من اكبر الأخطاء التي ارتكبت في حق الأجيال التي سبقتنا إلى الكفاح المسلح، واعتقد انه أن الأوان لتصحيح المفاهيم وإظهار الصورة كاملة، لنعلم أولادنا كيف تأسس هذا الوطن والتضحيات التي بذلها الآباء في سبيل الانعتاق والتحرر، هذا أمر بالغ الأهمية لأنه الضامن الوحيد لوحدة هذا الشعب وإحباط محاولات بعض الأطراف في فرنسا التي تحاول بث أفكار كاذبة تسعى إلى نزع الشرعية عن الثورة الجزائرية وكذا التقليل من أهميتها. وهي تسعى بذالك إلى التفرقة بين الجزائريين النصر: تحدثت عن «مؤامرات» تحيكها فرنسا ضد الجزائر منذ عدة أشهر. مرتبطة بالأحداث التي تشهدها منطقة الساحل المحاذية لحدودنا الجنوبية، وقلتي بان هذه الأحداث أعادت بعث أطماع فرنسا في خيرات الجنوب الذي فقدته بعد الاستقلال. من يحرك هذه المؤامرة، وكيف يتم مواجهتها. ؟ زهرة ظريف بيطاط: هناك إرادة قوية من القوى الاستعمارية للعودة إلى مستعمراتها السابقة بأشكال جديدة لاستعادة ما فقدته من ثروات في الماضي، وخير دليل على ذالك ما وقع في ليبيا من تدمير وبث الفكر القبلي وإدخال المجتمع الليبي في صراعات داخلية بينما تقوم الدول الغربية باستنزاف ثرواتها النفطية، هذه الدول التي استخدمت مصطلحات الديموقراطية والحرية كانت تخبئ نوايا استعمارية للاستيلاء على ثروات المنطقة لصالح شعوبها وليس من اجل شعوب دول المنطقة. وهذا المخطط مستمر الآن في مالي ودول أخرى في الساحل، أين نسجل عودة الاستعمار والحديث عن تدخل عسكري. كل هذه المؤشرات لا تبعث على الارتياح إطلاقا، وهذه الأحداث لم تقع بالصدفة، لان الجزائر أصبحت مطوقة بحزام من لهب، وأصبحنا الآن ندرك بان الجزائر مستهدفة للاستيلاء على ثرواتها التي تم تأميمها بعد الاستقلال محل أطماع الدول الغربية، وهذا ما يتطلب منا تشكيل جبهة داخلية قوية لمواجهة التحديات، والتركيز على وحدة الشعب الجزائري لان الوحدة هي صمام الآمان. النصر: صرحت بأن الجزائر بحاجة إلى "تغيير النظام السياسي" بسبب أزمة في العلاقة بين المجتمع والدولة، كيف السبيل لتحقيق الجمهورية الثانية، ما هي الخطوات العملية التي يمكن من خلالها تغيير النظام القائم؟ زهرة ظريف بيطاط: حلمنا بعد الاستقلال نحن جيل الثورة كان بناء دولة قوية تكون في حجم التضحيات التي بذلت على مدى أجيال متعاقبة وفي حجم هذا الوطن الكبير وشعبه، ألاحظ أن جزائر 2012 ليست جزائر 1962 وحتى نواصل المسيرة ونتقدم أكثر يجب أن نتأقلم مع الحقائق والأوضاع المحيطة بنا إقليميا ودوليا، يجب أن نعطي لهذا البلد كل الوسائل والمقومات التي تسمح له بالتقدم أكثر والالتحاق بركب الدول القوية، لان الجزائر تستحق مكانة رائدة بين الدول إقليميا وجهويا، ولتحقيق ذالك يجب وضع كل الوسائل والأدوات في خدمة تطوير البلد وتنميته في كل المجالات. والاهتمام أكثر بالأجيال الجديدة التي تتأثر بالتطورات التي تحصل عبر العالم. النصر: هل التعديل الدستوري المرتقب كفيل بتصحيح بعض هذه الاختلالات؟ زهرة ظريف بيطاط: يجب أن يكون كذالك، التعديل الدستور يجب أن يكون وسيلة للتغيير، وضع دستور يأخذ بعين الاعتبار التحولات التي عرفتها الجزائر ويأخذ بعين الاعتبار بناء مستقبل البلاد، ووضع الإمكانيات المناسبة لتحقيق ذالك. النصر: هناك مطالب بوضع حد للشرعية الثورية والانتقال إلى الشرعية الدستورية، ما هو رأي الجيل الذي صنع الثورة من هذا المطلب ؟ زهرة ظريف بيطاط: الانتقال والتحول يتم بشكل طبيعي وليس بحاجة إلى قرارات و هذه طبيعة الأمور، فالجيل الذي صنع الثورة لم يبق منهم إلى القليل، والمسؤولين في كثير من المناصب هم من جيل الاستقلال، ولذا أقول بان هذا الأمر لا يطرح إشكالية، فالبلاد تتغير ولا يوجد استثناء، المهم هو النجاح في نقل المشعل إلى جيل يكون قادرا على مواجهة متاعب بناء الدولة العصرية والحديثة والتوقف عن استهداف الرموز لان ذالك لا يخدم الوطن. النصر: ما هو موقفك من مطلب تحويل حزب جبهة التحرير الوطني "الافلان" إلى المتحف ؟ زهرة ظريف بيطاط: الافلان ملك للجزائريين وليس لمجموعة من الأشخاص هو ارث تاريخي وأعتقد أن القرار يعود للشعب الجزائري، ليقرر ما يريده بشأن الأفلان، إن كانوا يريدونه كحزب سياسي أم لا، على الجزائريين التفكير في ذلك وحينذاك إذا تطلب الأمر يمكن اتخاذ الموقف المناسب. النصر: طلبت من الرئيس بوتفليقة إجراء قراءة ثانية لبعض نصوص القوانين الجديدة المندرجة في إطار الإصلاحات السياسية، ومنها قانون ترقية المرأة سياسيا، هل ترين بان القوانين التي صوت عليها البرلمان السابق جاءت ناقصة ؟ زهرة ظريف بيطاط: القوانين التي صادق عليها البرلمان لم تأتي بالجديد، هذا مجرد رأي وليس حكم على القوانين، النصوص لم تغير شيئا، الرئيس التزم بسن قوانين تمكن الشعب من تحقيق التغيير المنشود وإيجاد الحلول المناسبة للمشاكل التي يواجهها المجتمع لكن في النهاية لم تكن هذه القوانين في مستوى الطموحات. والمشكل مرتبط في احد جوانبه بالعمل السياسي الحقيقي، وما أسجله بان الجزائر تفتقر لأحزاب سياسية بمعنى الكلمة تحمل مشروع مجتمع وفلسفة حزبية ونظرة إستراتيجية على المدى البعيد لمعالجة مشاكل الجزائريين، ويلتزم المناضلون في الحزب بهذه المبادئ ولا يحيدون عنها ولا يغيرون مواقفهم عند كل موعد انتخابي، وأقول أن الاستثناء الوحيد هو حزب العمال الذي اعتبره الحزب الوحيد الذي يجمع مقومات الحزب، أما التشكيلات السياسية الأخرى فهي لا تحمل هذه المقومات واعتقد انه لا يمكن تطوير الأوضاع نحو الأحسن إذا غابت الوسائل الضرورية لإحداث هذا التغيير وفي مقدمتها أحزاب تكون قادرة على تجنيد الجزائريين وطرح مشاريع بديلة أمامهم وبذالك يكون التنافس على أساس برامج وخيارات وليس على أساس شعارات. النصر: ما تقييمك لدور المرأة في معركة البناء منذ الاستقلال وإلى اليوم، ولماذا من وجهة نظرك ظلت بعيدة عن مواقع صنع القرار؟ زهرة ظريف بيطاط: صحيح المرأة غائبة عن الساحة السياسية، أن لم نقل مغيبة، نسبة تمثيلها في مواقع صنع القرار وفي المجال السياسي دون المستوى، هناك بعض الأشخاص الذي يحكمون قبضتهم على المسؤولية السياسية يرفضون أن تشاركهم المرأة التسيير، هذا المنع دفع بالمرأة للتوجه إلى المجتمع وتثبتت جدارتها في العديد من المجالات وتولت مناصب عليا في قطاعات مختلفة فنجد المرأة مسؤولة على مستشفيات، ونجد المرأة كذالك في مواقع مسؤولية في سلك القضاء وهي بذالك أثبتت جدارتها. اعتقد أننا أمام نظام يمنع تولى المرأة مناصب سياسية، كما أن الأحزاب لا تشجع المرأة على الانخراط في العمل السياسي، فلا هي تقدم برامج ولا تشجع المرأة على المساهمة في الحياة السياسية، ربما حزب العمال يشكل الاستثناء الوحيد عن القاعدة.