فايد يؤكد أهمية تعزيز القدرات الإحصائية من خلال تحديث أدوات جمع البيانات وتحليلها    رئاسة الجزائر لمجلس الأمن: شهر من الإنجازات الدبلوماسية لصالح إفريقيا والقضايا العادلة    كرة القدم/الرابطة الأولى "موبيليس": مباراة "مفخخة" للمتصدرواتحاد الجزائر في مهمة التدارك ببجاية    فلسطين: غوتيريش يطالب بإجلاء 2500 طفل فلسطيني من غزة "فورا" لتلقي العلاج الطبي    فلسطين: "الأونروا "تؤكد استمرار عملها رغم سريان الحظر الصهيوني    وزير الاتصال يعزي في وفاة الصحفي السابق بوكالة الأنباء الجزائرية محمد بكير    انتخابات تجديد نصف أعضاء مجلس الامة المنتخبين: قبول 21 ملف تصريح بالترشح لغاية مساء يوم الخميس    السوبرانو الجزائرية آمال إبراهيم جلول تبدع في أداء "قصيد الحب" بأوبرا الجزائر    الرابطة الأولى: شباب بلوزداد ينهزم أمام شباب قسنطينة (0-2), مولودية الجزائر بطل شتوي    وزير الثقافة والفنون يبرز جهود الدولة في دعم الكتاب وترقية النشر في الجزائر    تنوع بيولوجي: برنامج لمكافحة الأنواع الغريبة الغازية    تلمسان: خطيب المسجد الأقصى المبارك يشيد بدور الجزائر في دعم القضية الفلسطينية    بصفته مبعوثا خاصا لرئيس الجمهورية, وزير الاتصال يستقبل من قبل رئيس جمهورية بوتسوانا    رياح قوية على عدة ولايات من جنوب الوطن بداية من الجمعة    اللجنة الحكومية المشتركة الجزائرية-الروسية: التوقيع على 9 اتفاقيات ومذكرات تفاهم في عدة مجالات    رياضة: الطبعة الاولى للبطولة العربية لسباق التوجيه من 1 الى 5 فبراير بالجزائر    وزير الصحة يشرف على لقاء حول القوانين الأساسية والأنظمة التعويضية للأسلاك الخاصة بالقطاع    وزير الصحة يجتمع بالنقابة الوطنية للأطباء العامين للصحة العمومية    توقيف 9 عناصر دعم للجماعات الإرهابية    لصوص الكوابل في قبضة الشرطة    تعليمات جديدة لتطوير العاصمة    عندما تتحوّل الأمهات إلى مصدر للتنمّر!    رسالة من تبّون إلى رئيسة تنزانيا    بوغالي في أكرا    فتح باب الترشح لجائزة أشبال الثقافة    التلفزيون الجزائري يُنتج مسلسلاً بالمزابية لأوّل مرّة    الشعب الفلسطيني مثبت للأركان وقائدها    محرز يتصدّر قائمة اللاعبين الأفارقة الأعلى أجراً    فلسطين... الأبارتيد وخطر التهجير من غزة والضفة    شركة "نشاط الغذائي والزراعي": الاستثمار في الزراعات الإستراتيجية بأربع ولايات    صالون الشوكولاتة و القهوة: أربع مسابقات لحرفيي الشوكولاتة و الحلويات    تحديد تكلفة الحج لهذا العام ب 840 ألف دج    السيد عرقاب يجدد التزام الجزائر بتعزيز علاقاتها مع موريتانيا في قطاع الطاقة لتحقيق المصالح المشتركة    حوادث المرور: وفاة 7 أشخاص وإصابة 393 آخرين بجروح في المناطق الحضرية خلال أسبوع    مجموعة "أ3+" بمجلس الأمن تدعو إلى وقف التصعيد بالكونغو    غرة شعبان يوم الجمعة وليلة ترقب هلال شهر رمضان يوم 29 شعبان المقبل    اتفاقية تعاون بين وكالة تسيير القرض المصغّر و"جيبلي"    لجنة لدراسة اختلالات القوانين الأساسية لمستخدمي الصحة    السلطات العمومية تطالب بتقرير مفصل    توجّه قطاع التأمينات لإنشاء بنوك خاصة دعم صريح للاستثمار    4 مطاعم مدرسية جديدة و4 أخرى في طور الإنجاز    سكان البنايات الهشة يطالبون بالترحيل    الرقمنة رفعت مداخيل الضرائب ب51 ٪    رياض محرز ينال جائزتين في السعودية    مدرب منتخب السودان يتحدى "الخضر" في "الكان"    شهادات تتقاطر حزنا على فقدان بوداود عميّر    العنف ضدّ المرأة في لوحات هدى وابري    "الداي" تطلق ألبومها الثاني بعد رمضان    وهران.. افتتاح الصالون الدولي للشوكولاتة والقهوة بمشاركة 70 عارضا    هل تكون إفريقيا هي مستقبل العالم؟    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    أدعية شهر شعبان المأثورة    المجلس الإسلامي الأعلى ينظم ندوة علمية    صحف تندّد بسوء معاملة الجزائريين في مطارات فرنسا    العاب القوى لأقل من 18 و20 سنة    الجزائر تدعو الى تحقيق مستقل في ادعاءات الكيان الصهيوني بحق الوكالة    عبادات مستحبة في شهر شعبان    تدشين وحدة لإنتاج أدوية السرطان بالجزائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زهرة ظريف بيطاط:الشعب الجزائري هو الذي يقرر مصير الأفلان
نشر في صوت الأحرار يوم 31 - 10 - 2009

تؤكد المجاهدة عضو مجلس الأمة زهرة ظريف بيطاط أن الجزائر اليوم وبعد مرور ما يقارب نصف قرن على الاستقلال قد بلغت مرحلة النضج، وأصبح من الممكن فتح ملفات الماضي والعودة إلى الأرشيف لكتابة تاريخ الثورة التحريرية الجزائر والحقبة الاستعمارية، من خلال عمل تأريخي موضوعي وجاد وفقا للمعايير الدولية، يمكن على ضوئه متابعة فرنسا أمام المحاكم الدولية على الجرائم التي ارتكبتها في الجزائر، وبخصوص الدعوات التي يرفعها البعض والتي يريدون من خلالها إحالة الأفلان إلى المتحف، أجابت المجاهدة بيطاط بالقول إن الشعب الجزائري هو وحده المخول بالحسم في هذه المسألة.
أجرت الحوار:سميرة بن عودة
** 55 سنة مرت اليوم على ثورة الفاتح نوفمبر، ماذا بقي من قيم بيان نوفمبر؟ وهل تعتقدين أن الأهداف التي تضمنها البيان تحققت؟
***هذا السؤال جاء في وقته، لأنه وفي حقيقة الأمر ليس جيلي فقط الذي يفترض فيه أن يتساءل عن ما بقي من قيم نوفمبر، بل إن السؤال يفترض أن يهتم به كل الجزائريين، بالنسبة لنا نحن جيل الثورة عندما نرى ما تحقق منذ سنة 1962 إلى اليوم وبمقارنته مع نقطة الانطلاق أي ما تركت عليه السلطات الاستعمارية الجزائر، نجد أنه ايجابي.
لم تكن هناك دولة، وأسسنا دولة، الاستعمار خلف شعبا ما يزيد عن 99 بالمائة منه غارق في الأمية والجهل، والأرقام اليوم حول نسب التمدرس مشجعة، لا يمكن إنكار الجهود الكبيرة والجبارة التي بذلت منذ الاستقلال، وكيف انتقل الشعب الجزائري من المعاناة اليومية التي كان يعيشها تحت وطأة الاستعمار إلى العيش اليوم في ظروف حسنة وبطريقة عصرية، وفي المقابل أعترف أننا في ذلك الوقت لم يكن الهدف الأول هو توفير العمل والتعليم للجزائريين وإنما كان الهدف الأسمى هو إعادة الكرامة للشعب الجزائري، كما كانت هناك نظرة بعيدة المدى وهي ضرورة الوصول بالجزائر إلى مصاف الدول المتقدمة، وبالتالي وبالنظر لهذه الطموحات والأهداف التي رسمها بيان أول نوفمبر ما يقودنا للقول والاعتراف بوجود نقائص، كنا نتمنى في بيان أول نوفمبر بناء دولة القانون وليس التغني بدولة القانون، وأن نكرس هذه القيم في أذهان الشباب الجزائري.
أنا لا ألوم الشعب، لأن الشعب ينظر دوما إلى فوق، إلى القمة، وإلى القادة والمسؤولين الذين يجب أن يكونوا المثل الأعلى في تطبيق مثل وقيم نوفمبر، لا يمكن أن نطلب من الشعب أن يكون في مستوى قيم ثورة نوفمبر دون أن يكون الذين يقودونه كذلك.
**بماذا تشعرين عندما تردك أنباء عن عشرات الشباب الجزائريين يركبون يوميا قوارب الموت في عرض البحر بحثا عن ملجأ في الضفة الأخرى، هل هذه هي الجزائر التي كنتم تحلمون بها أيام الثورة؟
***لست من الذين يقولون هذه فضيحة كبيرة، شبابنا يموتون في البحر، لأنه من المتعارف عليه أن الشباب إذا لم يجد في بلاده الظروف التي يبحث عنها والتي تستجيب لتطلعاته وأحلامه الكبيرة يبحث عنها في مكان آخر.
**لكن ليس لدرجة أن يفضل الموت على البقاء في البلاد؟
*** من وجهة نظري هذا الخيار هو نوع من الأمية، صحيح نظرتنا للأمور وتقييمنا للمواقف مختلفة عن الرؤية التي نجدها عند الجيل الجديد، لكن ما أنا مقتنعة به هو أن هذا الجيل هو الذي يمثل المستقبل، و يجب أن يأخذ بمصير بلاده، إذا لم يعجبه الوضع يجب أن يعمل ويسعى من أجل تغييره، والهروب ليس هو الحل، ما لم يستطع القيام به في بلاده سوف لن يجده في دول أخرى أجنبية، اتفق معهم في أن هناك صعوبات ومشاكل، لكن كل جيل عندما يصل إلى مرحلة النضج، يجد نفسه أمام مشاكل وقته وجيله، هو الذي يجب أن يواجهها، بدليل أنه وفي بلدان أخرى، الشباب هو الذي يقود الإضرابات والاحتجاجات بحثا عن التغيير، المشاكل التي تعيشها الشبيبة الجزائرية ليست خاصة بالجزائر فقط، وإنما مشاكل يعيشها الشباب في كل مكان لأن العالم بصدد التغيير ونحن نشهد ميلاد عالم جديد ملامحه بصدد التشكل، وعليه فإن الشباب يجب أن يخوض المعركة ولا ينتظر من يبادر بتسوية جميع المشاكل التي يواجهها نيابة عنه.
نحن عندما خضنا المعركة قبل أكثر من نصف قرن كنا في سن هؤلاء الشباب اليوم، لم نكن نتجاوز 20 سنة، وكانت لدينا مشاكل عويصة، ليس فقط انعدام فرص الشغل ، بل إنه ولمجرد التفكير في الانضمام إلى الثورة كان يعني ليس السجن فحسب وإنما الموت أيضا ومع ذلك خضنا المعركة، وأنا أقول كل جيل يجب أن يتحمل المشاكل التي يواجهها ويكافح من أجل تغيير الأوضاع، التغيير مسؤولية هذا الجيل، وليس فقط التفكير في قطع البحار اعتقادا أن بوصوله إلى أوروبا جميع المشاكل ستحل، بيد أن بوصوله إلى هناك مشاكله ستصبح أكثر تعقيدا.
**هناك من يرى أن الأزمات التي عرفتها الجزائر بداية من أزمة الإرهاب في التسعينات ثم أزمة الشباب اليوم، هو نتيجة لفشل المشروع الذي حمله بيان أول نوفمبر، ما رأيكم في هذا الطرح؟
كلا ليس الأمر كذلك، نحن كنا آنذاك على وعي تام أن الصعوبات التي ستواجهنا في حال تحقيق الاستقلال لن تكون هينة، كنا واقعيين ونعلم أن بناء دولة لن يكون بالمهمة السهلة أو البسيطة، سواء في التنمية الاجتماعية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، وكنا على ثقة انه بعد تحقيق السيادة الوطنية سنواجه معارك سياسية صعبة، ومنها ما نعيشه اليوم، والشيبة اليوم يجب أن تحمل المشعل لخوض المعركة وتبحث عن الحلول لهذه المشاكل والأزمات مهما كانت صعبة ومعقدة لأنه دور الشباب ومهمته.
** بعد أكثر من نصف قرن على ثورة نوفمبر، ما يزال الجدل يحيط بعديد من القضايا ذات العلاقة بالثورة والحقبة الاستعمارية، إلى درجة أن هناك من طعن في عدد الشهداء، كيف الرد والتعامل مع هذا الجدل من وجهة نظركم؟
**أعتقد أنه الآن نحن أصبحنا قادرين على القيام بعمل جدي للبحث في تاريخ الثورة والفترة الاستعمارية وبطريقة موضوعية، كما أعتقد أننا نجحنا في تكوين مؤرخين وعلماء اجتماع وخبراء في هذا المجال، أصبح من الضروري أن ننكب على البحث في التاريخ لمعرفة حقيقة تاريخ بلادنا منذ الاحتلال إلى اليوم من خلال عمل علمي وتاريخي، بالاعتماد على الحقائق التاريخية وعلى ما هو مدون في الأرشيف، وعديد من الباحثين يطالبون اليوم بتمكينهم من الأرشيف، وهو ما يقودني إلى القول أن هناك ملفات في الأرشيف لم يطلع عليها أحد، وحان الوقت لفتحها لا أقصد فتحها للجمهور الواسع، لكن على الأقل للباحثين للقيام بعملهم، واعتقد أن الوقت الذي مضى في بناء الدولة معقول جدا وسنحتفل قريبا بالذكرى الخمسين للاستقلال أي أننا بلغنا من النضج ما هو كاف لتوضيح الأشياء والحقائق، ويمكننا اليوم إلقاء نظرة شاملة ودقيقة على تاريخنا، ليس بالاعتماد على شهادات من صنعوا الثورة فقط، لأن الشهادة هو ما عاشه شخص ما في وقت وزمن ومكان محدد، أي أنها عبارة عن نظرة جزئية، بينما عمل الباحثين يكون أكثر شمولية، ومن خلال الملفات والوثائق التي يدرسونها حول مرحلة معينة يمكنهم كتابة التاريخ.
**وما رأيك في الطرح القائل بإحالة الأفلان إلى المتحف؟
***هذا الطرح ليس وليد اليوم، سبق وأن تمت إثارته في السنوات الأولى للاستقلال وبالضبط سنة 1965 في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين، فقد طرحه بعض الإخوة من المسؤولين، عندما طلبوا التعامل مع جبهة التحرير الوطني على غرار ما تقرر بشأن جيش التحرير الوطني، الذي تحول إلى المتحف لأنه يمثل مرحلة معينة في تاريخ كفاح الجزائري، وجرى تحويله إلى الجيش الوطني الشعبي الذي أصبحت له مهام أخرى تختلف عن تلك الخاصة بجيش التحرير الوطني، هؤلاء المسؤولين اقترحوا نفس الأمر بالنسبة للأفلان وقالوا يومها إنها تمثل مرحلة من تاريخ الجزائر والتف أغلب الجزائريين حولها، وكانت لهم رؤية موحدة حول الأهداف والوسائل، وبما أننا دخلنا في مرحلة جديدة في بناء الدولة الجزائرية تختلف معها النظرة حول الوسائل والأهداف ارتأوا الاحتفاظ بالأفلان كملكية وطنية لجميع الجزائريين، وهو ما عاد الحديث حوله بعد 50 سنة، أعتقد أن القرار يعود للشعب الجزائري، ليقرر ما يريده بشأن الأفلان، إن كانوا يريدونه كحزب سياسي أم لا؟ أي على الجزائريين التفكير في ذلك وحينذاك إذا تطلب الأمر يمكن اتخاذ الموقف المناسب.
**هناك مبادرة من قبل نواب الأفلان في المجلس الشعبي الوطني لتقديم مقترح قانون لتجريم الاستعمار، ما رأيك في هذه الخطوة؟
***نحن على أبواب مرحلة جديدة يجب أن نقوم أولا بعمل تاريخي موضوعي لكتابة التاريخ، وبالنسبة للتجريم ليس فقط في الحرب التحريرية وإنما منذ الاحتلال، لأن ما حدث وما قامت به السلطات الاستعمارية من إبادات وجرائم هو شيء رهيب لا يمكن تصوره، ومن خلال العمل الذي يجب أن نقوم نحن به كجزائريين في في كتابة التاريخ ولا ننتظر من غيرنا القيام بذلك يمكننا مواجهة فرنسا وتجريمها لان الأمر يتعلق بجرائم لا تتقادم، وهي مهمة الجيل الجديد الذي لديه مسؤولية كبيرة في ذلك في معرفة تاريخه والحفاظ عليه، كل التاريخ وليس المعاصر فقط، لا بد من كتابة التاريخ وتعليمه للأجيال.
ما يجب أن نقوم بما هو تسليح بلادنا بكل ما هو واضح وغير مطعون فيه من خلال ملف واضح ورجال قادرين على القيام بالمهمة، حينهما يمكننا متابعة من تورط في إبادة الجزائريين أمام المحكمة الجنائية الدولية، وهي مهمة الجيل الحالي.
** ما تزال فرنسا ترفض الخوض في بعض الملفات الهامة بالنسبة للجزائر مثل الأرشيف وجرائم الحرب والحركى وعدة قضايا سياسية وإنسانية بالدرجة الأولى تهم الشعب الجزائري، هل من سبيل لدفعها إلى ذلك؟
*** التاريخ وقائع وحتى وإن حاولنا أن نتجاهلها أو نهرب منها ستديننا يوما ما، هكذا هو التاريخ سيدين الفرنسيين مهما تهربوا منه• لاحظنا أن خلال السنوات الأخيرة بدأت تتطور الأمور وبادر الفرنسيون بنشر شهاداتهم وحتى نحن بعد 42 سنة من الاستقلال بدأنا نتكلم عن الحرب والاستعمار•
** لكن الجزائريين، وهم المعنيون بهذه الجرائم، التزموا الصمت واكتفوا بالاستماع إلى التصريحات والشهادات القادمة من فرنسا؟
*** لا، إن الفرق بيننا وبين الفرنسيين أننا في 5 جويلية 1962 خرجنا من الحرب منتصرين استرجعنا كرامتنا، بسذاجة اعتقدنا آنذاك أننا تخلصنا من فرنسا وانتهى الأمر وركزنا كل جهودنا على البناء، إننا لم نفكر حتى في الذين ماتوا، الاهتمام انصب على التقدم إلى الأمام، أنا شخصيا لا أقول لأبنائي أننا قمنا بفعل شيء ما، لا أكلمهم عن هذا الأمر•
*** حاليا، نشعر بواجب الذاكرة أمام أبنائنا وخاصة أمام الأجيال الجديدة، يجب أن نعتمد نفس المسار لتصفية الحسابات، نروي لأبنائنا تاريخنا•
ومع ذلك أقول إنه حان الوقت للاهتمام بكتابة التاريخ، وإذا أطال الله عمري سأعمل على نقل تجربتنا الخاصة للأجيال الصاعدة، ثم إن الأرشيف سيكون في متناول أبنائنا الباحثين الذين كوّنتهم الجزائر المستقلة وحتما سيتمكن التاريخ من المجرمين منذ استعمار الجزائر وحقائق سنوات الثورة السبع كلها ستكتب•
أقدر أننا تألمنا كثيرا ونحن ضحايا وأن فرنسا عليها التزامات تجاه الجزائر في السابق على اعتبار أنها استعمرتنا في الماضي ولكن حاليا نحن دولة ونتعامل معها•
** سبق وأن قلت بصراحة أن الجزائر لا تملك أي إمكانية ضغط على فرنسا وطالبت الأجيال القادمة أن تسترجع حق الشعب الجزائري هل مهدتم الطريق أمامهم ؟
*** لم نمهد فقط الطريق بما أن السلاح الحقيقي الذي قدمناه للشعب هو التكوين والمعرفة•
أقول إن جيلي كان نتاج كفاح كل الأجيال منذ 1830 وإلى غاية الخمسينات، واتضح أن جيلنا حقق الأهداف التي كافحت من أجلها الأجيال التي سبقته واعتقد أننا قدمنا ما استطعنا لأبناء الشعب، حاولنا تقديم شيء أساسي هو المعرفة•
شخصيا عندما اتخذت قرار الانضمام إلى الكفاح المسلح لم أتراجع عن خياري أمام عائلتي التي رفضت في البداية أن أكافح إلى جانب رجل، لقد زودني والدي بالعلم وتمسكت بخياري وإلا كيف أمهد الطريق للشباب•
** ولماذا لا تقومون أنتم بهذا العمل وأنتم الذين جابهتم الاستعمار؟
***خلال الثورة التحريرية كان العالم متخلفا، لقد ساهمنا في تطور العالم وتحريره وكانت لنا الجرأة في فضح جرائم الاستعمار الفرنسي المرتكبة ضد الشعب الجزائري أمام العالم، أثبتنا للعالم أن فرنسا وهي بلد حقوق الإنسان ارتكبت أبشع الجرائم في الجزائر منذ 1830 وإلى غاية اللحظة الأخيرة من حرب التحرير•
** لكن فرنسا لا تعترف بهذا؟
*** لقد بدأت الأمور تتغير فنحن الآن نسمع عن اعترافات جنود فرنسيين ومسؤولين في الجيش تناقض ما كانت تصرح به فرنسا، واتضح أن التعذيب كان سياسة دولة، وماسو صرح قائلا " لقد عذبت " فإذا أرادوا أن يطالبوا الإعتذار وقدروا أنه ضروري فليقدموه، نحن لا ننتظر شيئا وإذا طالبوا الغفران من الشعب الجزائري مثلما فعل الألمان معهم فلن نرفض•
الأهم من هذا هو أن يطلع العالم أجمع على كل الحقائق التاريخية بما فيها تلك الأكثر مرارة، أولا فرنسا بغزوها للجزائر ارتكبت جرائم ضد الإنسانية، ثم إنها مسخت ثقافة الجزائريين وحتى اللغة أرادت أن تقضي عليها ودفعتهم إلى البؤس والأمية، هل هناك جرائم أبشع من هذه؟ حتى التخلف الذي نعانيه اليوم تتحمل فرنسا جزءا من المسؤولية عنه لقد أعادونا إلى العصور البدائية•
**ما تقييمك لدور المرأة في معركة البناء منذ الاستقلال وإلى اليوم، ولماذا من وجهة نظرك ظلت بعيدة عن مواقع صنع القرار؟
طبعا المرأة شاركت في معركة البناء وتحملت مسؤولياتها من خلال تولي مناصب في قطاعات عديدة حيوية على غرار قطاع العمل، وقامت بمهام جبارة، لكن نسبة تمثيلها في مواقع صنع القرار وفي المجال السياسي ظلت دون مستوى المهام التي قامت بها، وهو ما جعل رئيس الجمهورية يرى أنه من الضروري التدخل من خلال القانون الأسمى في البلاد وهو الدستور الذي يقر بالمساواة بين الرجل والمرأة في جميع المجالات دون استثناء، من أجل تعزيز فرص تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة، أي أنه اعتراف رسمي بضرورة العمل على تمثيل متساو بين الرجل والمرأة في المجال السياسي والإداري ومختلف مواقع صنع القرار، واليوم وبعد الخطوة التي قام بها رئيس الجمهورية، الكرة الآن أصبحت في مرمى النساء، يجب العمل على احتلال المواقع في الميدان، سواء في الأحزاب السياسية والتنظيمات المجتمع المدني والتنظيمات النقابية للحصول على الشرعية في الوسط الشعبي، وعندما تنجح المرأة في أن تمثل نسبة معتبرة في هذه المستويات وتنشط بالشكل المطلوب سيكون من السهل افتكاك المناصب دون انتظار تعيينها في هذا الموقع أو ذاك.
** لكن عديد من الأحزاب السياسية ترفض ترشيح النساء في مراتب متقدمة في قوائمها الانتخابية وتقول إن المجتمع يرفض أن تتولى المرأة المناصب السياسية؟
***هذا غير صحيح المجتمع لا علاقة له بذلك لأنه تغير، في الماضي كان المجتمع يرفض خروج المرأة التي كان مكانها البيت بينما العمل وإعالة الأسرة مسؤولية الرجل لكن اليوم تغير الوضع بل حدثت ثورة، المرأة اقتحمت مجال الشغل وهي التي أصبحت تعيل الرجل والعائلة في كل الميادين، وهو ما يعني أن المجتمع غير نظرته بخصوص دور المرأة، ومن يريد تحطيم المرأة يخرج ورقة المجتمع، الحقيقة المرأة موجودة في كل موقع.
بينما ما يرفعه قادة هذه الأحزاب مجرد حجج، واهية، لأن المجتمع يقبل أن تتولى المرأة منصب رئيسة مصلحة في مستشفى بينما في السياسة يرفض ذلك، المجتمع لا يرى أي مانع في أن تأخذ المرأة مسؤوليات كبرى، لكن فيما يخص المسؤولية السياسية هناك بعض الأشخاص الذي يحكمون قبضتهم على هذا المجال يرفضون أن تشاركهم المرأة التسيير، يفترض أن يكون تقييم الشعب على أساس الكفاءة وليس من منظور امرأة أو رجل.
**هل أنت مع مقترح الكوطة؟
*** من خلال موقعي كعضو في المنظمة الدولية للاتحاد البرلماني الدولي، ومن خلال تجربة البرلمانات الدولية خاصة المتقدمة منها، نجد أنه لم يمنح للمرأة دور سياسي إلا بهذه الطريقة، لأن المشاكل التي تواجهنا هي نفسها في كل مجتمع، منذ قرون والمجتمع بني على نظرة ليس من السهل تغيير ها إلا بهذه الطريقة أي الكوطا، في إفريقيا أيضا من الدول من اتخذت قرارا بمنح 30 بالمائة من المقاعد في كل المجالس للمرأة، إلى منحها نفس الفرص للوصول إلى مواقع المسؤولية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.