عروض بدون جمهور وقسنطينة تفشل في تقديم فيلم مرشح للأوسكار أماطت «أيام السينما و الثورة»التي احتضنت فعالياتها من 29 أكتوبر إلى 1 نوفمبر الجاري قاعة شندرلي بقصر الثقافة مالك حداد بقسنطينة اللثام عن حقائق طالما غفل المسؤولون عن قطاع الثقافة بالولاية و حتى المواطنين عنها و واجهوها وفق «سياسة النعامة «الشهيرة...و كان الفضل ل»زبانة» على وجه الخصوص في إثبات عجزهم و إرغامهم على إخراج رؤوسهم من «رمال» اللامبالاة و التهرب من واقع جلي مؤسف . فبعد 50 عاما من الاستقلال لم تستطع مدينة الفن و الثقافة كما يطلق عليها أن توفر سهرة الأربعاء شروط و ظروف عرض الفيلم الذي دخل ثلاثة مهرجانات دولية و رشح للأوسكار بعد شهرين من عرضه الشرفي بالجزائر العاصمة... لقد فوجيء الحضور الذي انتظره بفارغ الصبر بالخطأ التقني الذي جعله يعرض لقطات مقلوبة ثم ينقطع هذا العرض في منتصفه تقريبا لأكثر من ربع ساعة،مما جعل مخرجه سعيد ولد خليفة يكاد ينفجر غيظا و قبل أن تعم حالة من الاستغراب و الحسرة بين كافة الحاضرين. إلهام.ط تصوير:ش. قليب المفاجأة الثانية التي كانت في انتظار الجميع بعد أن تم الاعلان عن إصلاح الخطأ غير المتعمد و المكلف ماديا ومعنويا، تتمثل في قطع بعض المشاهد و مواصلة العرض على أمل استقطاب ما تبقى من المتفرجين الذين لم يفروا من تلك»الفضيحة السينمائية»غير المتوقعة في ثاني عرض وطني لفيلم ثوري يجسد مسار شهيد المقصلة و يسلط الضوء على مرحلة هامة من عمر الثورة التحريرية المجيدة و ذلك عشية الاحتفال بالذكرى ال 58 لاندلاعها.علما بأن مخرجه الذي شارك الوزير السابق و الأديب عز الدين ميهوبي في كتابة السيناريو قال ل»النصر»على هامش اللقاء السينمائي، بأن عرض «زبانة» وهو من بطولة الممثل الشاب عماد بن شني بقسنطينة، يتزامن مع عرضه في وهران لكنه فضل الحضور إلى قسنطينة التي تربطه بها علاقة خاصة و سيجسد بها قريبا مشروعه القادم المتمثل في تصوير فيلم اجتماعي،مشيرا إلى أنها ستحتضن في نفس الفترة تصوير عملين آخرين أحدهما ثوري.أما بعد حدوث الخلل التقني المذكور آنفا فقد غادر قاعة جمال شندرلي حيث قدم جزءا من العرض باتجاه بهو القصر و اكتفى بالقول بأن الخطأ يتجاوزه و لا يتحمل نتائجه و من المفروض أن يحترم الجمهور...،لكن علامات الغيظ و الضيق و الحرج كانت جلية على ملامحه. و ربما خفف تكريمه من طرف السلطات المحلية من خيبته و حرجه في نهاية العرض «المبتور».و الجدير بالذكر أن فيلم «زبانة»من المقرر أن يكون قد عرض أمس الجمعة كما أكد المخرج في مهرجان ال»غولدن غلوب»الأمريكي. كما سيشارك في جانفي القادم حسب الجهة المنتجة شركة «ليث فيلم» في فعاليات التظاهرة السينمائية «بالم سبرينغ»بالولايات المتحدة أيضا و هو مرشح لخوض منافسات الأوسكار في الدورة ال 85 من هذا المهرجان الدولي الكبير، وقد سبق عرضه في مهرجان الفيلم الدولي بتورينتو بكندا ، ومهرجان الفيلم الأسيوي بروما . و المؤكد أن «زبانة» فضح عجز قسنطينة عن بثه كاملا و بشكل يبرز مكانته و قيمته الفنية و التقنية و التاريخية و الثورية على وجه الخصوص و أعاد إلى الواجهة كارثة غياب قاعات سنمائية متخصصة تواكب متطلبات العصر و ... احتياجات الجمهور؟!! المؤسف أكثر أن نفس أيام «السينما و الثورة»التي استحضرت «زبانة» بهذا الشكل، جعلت جملة من التساؤلات تطرح نفسها بنفسها حول مستقبل السينما و الثقافة بقسنطينة،فقد لاحظنا بأن عروضا عديدة لأفلام ثورية مبرمجة على الساعة الثانية بعد ظهر الأيام الأربعة من عمر التظاهرة المنظمة في إطار الاحتفالات بخمسينية عيدي الاستقلال و الشباب و الذكرى ال 58 لاندلاع الثورة، غاب عنها الجمهور تماما و حضر بعضها ممثلين أو ثلاث. فالجمهور كما يبدو تعود على غياب القاعات السينمائية و استنفذ منذ مدة طويلة رغبته في متابعة عروض سينمائية و لو كانت تحيي ذاكرة الفن السابع بكل رصيده الثوري و الوطني.الممثل الشاب أحمد رياض الذي التقيناه في رواق قصر الثقافة مثلا قال لنا بأنه يكتفي بمتابعة الفيلم الثوري الجديد «زبانة»أما بقية الأفلام التي عرضت فقد سبق و أن تابعها لحد «حفظ» الكثير من تفاصيلها في ذاكرته منذ الصغر. و قال طبيب شاب كان يتأمل أفيشات و صور الممثلين التي تضمنها المعرض الذي نظمته الجمعية الثقافية و السينمائية أضواء على هامش التظاهرة ، بأنه حضر عندما سمع خبر تنظيمها بالإذاعة على أمل متابعة أعمال جديدة فلم يجد إلا «زبانة»الذي طالما انتظر عرضه بقسنطينة، مؤكدا بأن المعرض يلخص بالصور الأفلام الثورية الأخرى المبرمجة وهي «مستهلكة»تليفزيونيا على حد تعبيره.و تمنى مخرج شاب رفض أن نذكر اسمه:» لقد بلغنا مرحلة الاشباع و الملل من تكرار عرض نفس الأفلام الثورية على غرار»دورية نحو الشرق»و «ريح الأوراس»و «وقائع سنين الجمر» و «معركة الجزائر»في كافة المناسبات الوطنية، فلنفكر جديا في إنجاز أعمال ثورية جديدة تخلد ثورتنا و رموزها بمعايير دولية تليق ببلدنا و بنا و كفانا وقوفا على أطلال سينما ثورية قديمة»أما الممثل حسان بن زراري فأوعز ما سجل من نقص في إقبال الجمهور إلى انعدام ثقافة السينما بسبب غياب القاعات منذ سنين في حين ربط بعض المنظمين هذا النقص الكبير بنقص الاعلام و الإشهار.و لابد أن نشير هنا بأن السهرة الرابعة استقطبت عددا لا بأس به من الحضور خاصة من الفنانين و قد تم خلالها تكريم المخرجين ولد خليفة و عمار العسكري وحسين ناصف و علي عيساوي و محمد و جمال الدين حازرلي و الممثلين شافية بودراع و حسان بن زراري و عبد الحميد حباطي و حاج اسماعيل و حسان قشاش.