الجزائر ستغلق حدودها البرية في حال التدخل العسكري في مالي أكد الناطق باسم الخارجية أمس أن الجزائر ستتخذ "الاجراءات الملائمة" لضمان الدفاع عن مصالحها وتوفير الحماية القصوى لحدودها في حال حدوث تطورات جديدة في الملف المالي، في وقت أوضح فيه رئيس المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا أن الجزائر قد أبلغت المجموعة بانها ستغلق حدودها البرية إذا جرى تنفيذ الحل العسكري في شمال مالي. وقال عمار بلاني في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية ان "الجزائر ستستبق أي تطورات ممكنة على مستوى منطقة الساحل وستتخذ بالتالي وبشكل سيادي الاجراءات الملائمة لضمان الدفاع عن مصالحها وتوفير الحماية القصوى لحدودها". ويؤكد تصريح بلاني ما ذهب إيه رئيس الاكواس كادري ديزيري ويدراغو في باريس أمس حين أكد أن الجزائر ستغلق حدودها في حال ترجيح الحل العسكري. ويبدو أن دول غرب إفريقيا التي وقعت تحت ضغط غربي لتنفيذ التدخل العسكري ستجد نفسها في مواجهة التبعات العسكرية والإنسانية لحرب غير محمودة العواقب، برفض الجزائر استخدام أراضيها أو استقبال اللاجئين، وهو موقف حازم سيضع فرنسا وحلفائها في المنطقة أمام خيار صعب. من توقع وزير الخارجية الفرنسي، أن يصدر مجلس الأمن الدولي موقفه بشان الخطة العسكرية التي اقرها قادة "الايكواس" في اجتماعهم الأخير في ابوجا، نهاية الشهر الجاري أو بداية شهر ديسمبر المقبل، وأكد لوران فابيوس إن بلاده "لا تنوي أبدا" إرسال قوات إلى أراضي مالي لطرد المجموعات المسلحة من شمال البلاد. وقال في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية أمس، غداة توقيع اتفاق أبوجا حول إرسال 3300 جندي أفريقي إلى شمال مالي "ليس لدينا أية نية على الإطلاق للتدخل في أراضي مالي". وأوضح فابيوس بأنه يعود إلى الأفارقة التجمع وتوحيد قواتهم، مؤكدا مع ذلك أن فرنسا يمكن أن تساعد في المجال اللوجستي. وردا على سؤال لمعرفة ما إذا كانت فرنسا تنوي القيام بضربات جوية في شمال مالي أجاب فابيوس قائلا "هي ليست عملية قصيرة الأمد أن الأمر سيتطلب وقتا"، وأضاف أن هناك ثلاثة مسارات يجب التحرك من خلالها وهي المسار السياسي والمسار الأمني والإنساني ومسار التنمية. وأكد أن فرنسا ستلعب دورا في المسارات الثلاثة، موضحا بأن هذه العناصر الثلاثة على السواء طورها الأفارقة ودعمها الاتحاد الأوروبي وسوف تدعمها الأممالمتحدة نهاية نوفمبر الجاري أو مطلع ديمسبر المقبل. وأشار فابيوس إلى ضرورة تعزيز السلطات الشرعية في مالي والحوار مع السكان في شمال مالي ولكن بشرط أن تتخلى المجموعات التي تحتل هذه المنطقة علنا عن الإرهاب وأن لا تعرض وحدة مالي للخطر. ويرى خبراء، بان مهمة القوة العسكرية الهادفة إلى طرد الجماعات المسيطرة على إقليم ازواد، لن تكون بالسهولة التي توقعها بعض قادة "اكواس"، خاصة ما يتعلق بالجانب اللوجيستي الذي يرافق نشر 3300 جندي إفريقي، وتدريب 5 آلاف جندي من الجيش المالي، وإعادة الروح لجنود ماليين واجهوا هذه الجماعات قبل أشهر، لشن حرب ضد تنظيمات مسلحة خبيرة بحروب العصابات، وعليمة بدروب الصحراء، ومستعدة لإعلان الجهاد من أجل البقاء قوة أساسية في الصحراء. وترددت أنباء بان بعض الضباط في الجيش المالي يعارضون أي وجود عسكري خارجي في بلادهم. وهو ما يفسر عدم حماسهم للوجود العسكري الأفريقي في الأراضي المالية. أما العقبة الأخرى التي تواجه المهمة، تتعلق بتمويل القوة الإفريقية، بحيث لم يعرف حتى الآن كيف سيتعامل القادة الأفارقة ومن يدعمهم غربيا مع العقبة المالية، حيث تتحدث بعض التقديرات عن الحاجة إلى قرابة مليار دولار لتمويل العمليات العسكرية خلال عامها الأول فقط، ويزداد الأمر سوءا بطول أمد هذه الحرب، وهو أمر يبدو أن قادة مجموعة إيكواس لا يرغبون فيه، حيث حددوا مهمة القوة بسنة واحدة. ومن المؤكد، أن الدول الغربية التي تئن تحت وطأة الأزمات المالية المتلاحقة وتعاني تبعات الحروب السابقة في العراق وأفغانستان، لن تقبل بحمل مالي أخر، قد يعصف بها، وهو ما يفسر حديث مسؤولي هذه الدول فقط عن التدريب والتكوين والإمداد بالمعلومات الاستخباراتية، وفي أحسن الأحوال المشاركة في الضربات الجوية. ومن بين التحديات الأخرى التي تواجه القوة العسكرية الإفريقية، الرفض الذي أعلنته دول الجوار وبالأخص الجزائر وموريتانيا لفكرة التدخل العسكري، وتأكيدها على ضرورة البحث عن حل سياسي للأزمة، إضافة إلى مخاوف أخرى، أبرزها إمكانية تشكل الجماعات المسيطرة على إقليم ازواد، حلف موحد لمواجهة من يصفونهم الغزاة الجدد، وإمكانية نزوح مقاتلين من مناطق أخرى لخوض الحرب المقدسة في شمال مالي. في ظل حديث بعض قادة التنظيمات السلفية في أزواد عن أن الحرب القادمة في الإقليم لن تقتصر على التراب الأزوادي، وإنما ستتمدد في كل الاتجاهات. وعكست تصريحات أدلى بها زعيم "أنصار الدين" أياد غالي، مخاوف الكثيرين من إمكانية تحول الجهاديين إلى شمال مالي، ولم ينف زعيم "أنصار الدين" فتح باب الجهاد أمام كل من يريد الدفاع عمن أسماهم المستضعفين في شمال مالي، لمواجهة العدوان، وذالك في أول رد فعل من الحركة على القرار الذي اتخذته "الاكواس"، وحذر زعيم حركة "أنصار الدين" الإسلامية، المسيطرة بشمال مالي، من خطورة القرار الإفريقي، موضحاً أن "الحرب التي يسعى إليها الأفارقة ستطال نيرانها كل شعوب المنطقة، ونؤكد لشعبنا المسلم أننا بذلنا كل الجهود الممكنة من أجل تجنيب المنطقة ويلات الحرب، إلا أن إصرار الرؤساء الأفارقة على استعمال القوة لم يترك لنا مجالاً غير مواجهة العدوان". وقال إياد أغ غالي، لموقع "صحراء ميديا" الموريتاني، إنهم "بذلوا كل الجهود الممكنة من أجل تجنيب المنطقة ويلات الحرب". وتعكس تصريحات إياد أغ غالي موقفاً جديداً لحركة أنصار الدين، يتمثل في الاستعداد لدخول الحرب في مواجهة القوات الإفريقية التي يراد إرسالها إلى شمال مالي. وحمّل زعيم "أنصار الدين" الرئيس المالي بالوكالة ديونكوندا تراوري "المسؤولية الكاملة عما ستؤول إليه الأوضاع"، بعد القرار الإفريقي بإرسال قوة عسكرية إلى شمال مالي. وعن رؤيته لحل الأزمة في شمال مالي قال إياد أغ غالي، إن "الحلول الأحادية في نظرنا لا تجدي نفعاً، ونحن نرفض مبدأ الإملاءات"، مشيراً إلى أهمية أن تكون هنالك "رؤية للحل تكون شاملة وناتجة عن مشاورات موسعة بين جميع الأطراف المعنية". وكان زعيم "أنصار الدين" يتحدث عن المفاوضات التي انخرطت فيها الحركة برعاية من الجزائر وبوركينافاسو، وكان يعول عليها لتجنيب المنطقة حرباً دامية. وأشار إياد أع غالي إلى خطر انقسام مالي في حال نشوب حرب بشمال البلاد، حيث قال "إن إصرار الرؤساء الأفارقة على التدخل واستعمال القوة والترهيب مدفوعين من فرنسا، يعتبر خياراً غير موفق ويعبر عن قصر نظر، فضلاً عن كونه يمثل انحيازاً واضحاً لفئة من الشعب المالي ضد فئة أخرى طالما عانت من الظلم والتهميش والحرمان، وسيؤدي هذا التدخل إلى تفاقم الأوضاع وإضاعة فرصة تاريخية للإبقاء على مالي كدولة موحدة".