باحثون وشيوخ بأدرار ينددون بالتطرف شدد المحاضرون خلال الملتقى الوطني الثاني حول الوسطية والاعتدال في الإسلام الذي افتتح أمس بدار الثقافة بأدرار على أهمية نبذ التطرف الفكري الذي يعد فكرا دخيلا على الإسلام كان سببا في ظهور آفة الإرهاب بالصورة التي يعاني منها العالم الإسلامي اليوم. وألقى كلمة الملتقى الشيخ مولاي التهامي عضو المجلس الإسلامي الأعلى وشيخ المدرسة القرآنية مالك بن أنس فذكر أن الإسلام في أيامنا هذه في أحوج ما يكون إلى من يحسن عرضه على الناس والدعوة إليه بالحكمة والموعظة الحسنة، وجوهر ذلك الإعتدال في الخطاب والحرص على كسب العقول والقلوب. وحرص المحاضر على التأكيد بأن ذلك لا يتأتى إلا بالإبتعاد عن التطرف وعن تبني الآراء المسبقة لإرغام الناس على الأخذ بها، مذكرا بأننا يجب أن نعترف بأن الأمور لا تنحصر في لونين فقط أسود وأبيض وإنما هناك ألوان أخرى كثيرة. ومن هنا دعا الشيخ إلى ضرورة وقف المحاولات التي يدبرها المتطرفون الذين لا يرون العالم إلا من خلال مناظرهم لإقصاء من يخالفهم الرأي أو الفهم ولو كان على ملتهم ودينهم وحجتهم في ذلك نصوص مبتورة عزلوها عما سبقها ولحقها فلم يعرفوا لها علة ولا مناسبة ولا معرفة أقوال من سبقهم فيها والمناسبات التي قيلت فيها. واعتبر الأمر تعصب واتباع أعمى. ثم عرض المحاضر القواعد الأصولية للوسطية في الإسلام مؤيدا كلامه بنصوص كثيرة من الكتاب والسنة. المحاضرة الثانية ألقاها الدكتور محمد الطيبي من جامعة وهران الذي قدم تساؤلا حول خلفية اهتمام فقهاء اليوم ونزعتهم لتناول موضوع الوسطية بكثافة لم تكن موجودة من قبل. شدد على ضرورة التفريق بين التراث الذي يشمل كل ما أنتجه العقل المسلم بصوابه وخطئه الذي ربما صلح في زمانه وبين النصوص الشرعية الأبدية المنزهة فقال بأنه يعتقد بأن الكلام عن التراث بهذا المعنى هو فرضية تفكير وليست خلاصة علم. واستخلص بأن الخطاب الاسلامي والنخب الإسلامية نفسها إما أنها تعيش اليوم قلقا في التعامل مع مقتضيات التجديد في الخطاب والفكر الإسلامي لأنها تخاف على الدين أو أنها عاجزة على مستوى المعرفة على تجديد هذا الخطاب ليتلاءم مع العصر الحديث. وأضاف أن الحديث عن الوسطية هو في أصله وفي خباياه يدل على حرج فرضته العامة بغلوها أي أن غير الخاصة دخلت في صناعة المعنى الديني ودخول العامة والدهماء في توجيه الرأي الديني مما أنتج بالضرورة التطرف والغلو، ولمجابهة هذا الواقع دعا المحاضر إلى تصحيح الوضع بالإحسان الذي اعتبره أعز شيء في نفسه فالإحسان كما قال إذا توسع في المجتمع يتقلص التشدد وما ينتج عنه من إرهاب. وقال أنه درس خمسة نماذج من الإرهاب الذي أصاب المسلمين وليس الإرهاب الإسلامي موضحا أن الأمة الإسلامية أصيبت خلال تاريخها بهذا النمط من البشر الذي دمرها وذكر النمط الفاطمي والحشاشين والنكارين والقرامطة وقال أن نتيجة هذا كله كانت الأمة مصابة في المعنى الخيري ومفهوم السماحة في الإسلام.