«عمي أحمد» متقاعد حوّل مزبلة إلى حديقة غنّاء بعين سمارة حوّل المواطن أحمد شايب 57سنة محيط حيّه 36مسكنا بعين سمارة بقسنطينة من أرض جرداء باهتة و غير مهيأة إلى حديقة تزيّنها أشجار الورد و الأزهار، في مبادرة قلما نجدها بالأحياء السكنية التي يعاني أكثرها من غياب النظافة و انتشار الأوساخ و انعدام النباتات في فضائها الأخضر. «عمي» أحمد كما يدعوه أهل الحي جعل من البستنة هواية له بعد خروجه إلى التقاعد منذ ثلاث سنوات من شركة عمومية عمل بها كإطار مختص في الالكتروميكانيك، يكرّس ما يقارب ست ساعات يوميا من وقته كما قال للاعتناء بحديقة كانت في الأمس القريب أرضا تملؤها الأتربة و الأحجار، تفتقد لأدنى شروط التهيئة حالها حال الكثير من الأحياء السكنية الجديدة التي ينتقل إليها السكان قبل انتهاء أشغال التهيئة فيها، حيث تنعدم فيها الأرصفة و الفضاءات الخضراء و الإنارة. و قال لنا صاحب اليد الخضراء «عمي أحمد» بأنه ملّ رؤية أرض قاحلة لا وجود للون الأخضر فيها يرفع معنوياته و يريح نظره الذي تعب كما قال من رؤية الأوساخ تحيط حيّه سيّما من الجهة الأمامية بعد أن حوّل البعض أرضا تابعة لإحدى الشركات الوطنية إلى مفرغة عمومية، فراح يعمل بجهد تحرّكه غيرة مواطن تعوّد على العيش بين النباتات، على تغيير ما يمكن تغييره معتمدا على حس فني و إمكانيات مادية متواضعة، فنجح في منح حي 36مسكنا بعين سمارة وجها جديدا بعد غرسه لحوالي مائة شجيرة و نبتة، و تفننه في بناء أحواض نباتية زادت المكان رونقا. و أسر محدثنا بأن جل المواد المستعملة في تجسيد حديقته جمعها من بين أكوام الردم المنتشرة هنا و هناك، كأحجار الأرصفة القديمة التي تم التخلي عنها بعد عمليات ترميم قامت بها البلدية بالأحياء المجاورة و التي استغلها في بناء أحواض نباتية غرس بها أزهارا برتقالية و شجيرات الورد التي قال أنه يترّقب بشغف تفتحها هذه الأيام بنوعيها البلدي و الأجنبي مؤكدا بأن نساء الحي قمن في السنة الماضية باستغلال الورد البلدي(ورد عرب)كما يعرف عند العامة في تقطير ماء الورد. و بفضل عمي أحمد تحوّل محيط حي 36 مسكنا إلى حديقة مليئة بأصناف عديدة من الزهور و الورود و أشجار قال أنه اشترى بعضها من المشاتل و تلقى بعضها الآخر هدية من أصدقاء له يشجعونه على مواصلة عمله التطوّعي و عدم الاستسلام لليأس و التخلي عن مبادرته و هو يرى الأطفال يخرّبون باستمرار ما يتعب هو في غرسه و سقيه و الاعتناء المتواصل به لينمو و يكبر دون أن يتدخل أولياؤهم و يمنعونهم عن فعل ذلك، حيث اشتكى من لامبالاة بعض السكان و عدم اهتمامهم بالمحيط و رفضهم المساهمة في مثل هذه المبادرات الحضارية ، معلّقا بنبرة حزن كيف أن البعض راحوا يسيئون إليه بإطلاق ألقاب ارتبطت بعمال النظافة ، لا لشيء سوى لأنه يقوم بجمع الأوساخ و تنقية المحيط دون انتظار وصول أعوان البلدية للقيام بذلك لأنه يؤمن بأن نظافة المكان من نظافة الهمم، و استرسل مندهشا من سلوكات البعض «لا يعملون و لا يتركون الآخر يعمل» في إشارة إلى المشاكل التي يواجهها باستمرار بسبب عدم مراقبة الأولياء لأطفالهم و نصحهم بضرورة الحفاظ على النباتات و بالتالي المساهمة في المحافظة على البيئة و المحيط. و قال عمي أحمد أن مثل هذه السلوكات لن تقل من عزيمته في خلق حي نموذجي تغمره المساحات الخضراء و سيواصل الحفاظ على نسق دائم من النظافة داخل حيّه عسى أن ينجح في نشر الوعي و ثقافة التطوّع للحصول على محيط صحي و جعل ذلك جزء من حياتهم و غرس ذلك في الأبناء ، و هو اليوم يحلم بتضاعف عدد الأشجار التي تفانى في غرسها و الاعتناء بها من نزع للأحراش و النباتات الضارة و سقيها بانتظام و لو على حساب راحته. و بلمسة فنان قام صاحب اليد الخضراء بتزيين الحي بعدد من الأصص الإسمنتية على جوانب الأحواض النباتية و التي أكد بأنه سيعمل على مضاعفة عددها كلما سنحت له ظروفه المادية.