الفيلسوف جورج موستاكي يضع نقطة نهاية لقصة فنان متمرّد غيّب الموت أمس الأول الفنان الفرنسي ذو الأصول اليونانية جورج موستاكي عن عمر ناهز 79 عاماً بعد صراع طويل مع مرض تنفسي حرمه و منعه من الغناء منذ أربع سنوات. و غنى غيسيبي موستاكي المولود عام 1934 في الاسكندرية للحب والحياة والحرية طيلة حياته، كما كان رمز الأغنيات الثورية والشاعرية ، داع صيته بفرنسا التي اختارها مكانا لإقامته، قبل أن يشتهر خارج الحدود الأوروبية ، برصيد فني ثري تجاوز ال300 أغنية أشهرها "موت ساعي البريد"، "الحرية"، "لوميتيك"، "وحدتي"، "البحر أعطاني"، "بوبينو"، "كان هناك حديقة" وغيرها من الأغنيات التي أبدع في كتابة كلمات أغلبها لنفسه و لغيره من الفنانين وفي مقدمتهم إيديث بياف التي ألف لها أغنية "ميلور" الشهيرة (1958). و ردّد الكثيرون أغانيه و اشتهروا بفضلها، و بالأخص أغنية "ليميتاك"التي وصل صداها العالم بعد أن أعيدت بكل اللغات، لكن بقت مميّزة بصوته و عزفه على آلة الغيتار التي جاب معها مدن العالم للترويج لفنه الممزوج بعبق ثقافات الحضارات التي كان له الحظ في الانتماء إليها أصلا و مولدا و إقامة، فكانت الإيقاعات اليونانية و الشرقية و الغربية حاضرة في أعماله التي كان يخبر العالم من خلالها بأنه ابن اليونان المولود ببلاد الفراعنة و المترعرع في بلد الجمال و الأزياء فرنسا، فكانت فلسفته في الحياة أشبه بالفن الذي لا تقيّده الحدود. و تمتع الفنان بكريزما و نجح في الحفاظ على تألقه الفني سنوات طويلة خطف خلالها الأضواء بغنائه بمختلف اللغات الفرنسية و الاسبانية والايطالية و البرتغالية و والانكليزية وحتى العربية ، لكن بقيت أغانيه بلغة موليير الأقرب إلى قلب محبيه و بالأخص أغنية "المرأة السمراء"، "الليلة يا حبي"، "هيروشيما"، "أولاد الأمس"، "الشحاذ"، "سارة"، "ذات يوم رحلت"..و غيرها من الأغاني الخالدة التي تحمل بعضها قصصا و أحداثا تعكس نضاله و قناعاته السياسية و الفكرية مثلما هو شأن "لوميتيك" التي كتبها عام 1968و تحكي قصة غريب يعشق الحرية و يحلم بحياة و عالم أفضل. فموستاكي المتمرّد عجز منذ أربع سوات في مواجهة المرض و استسلم له و كان ذلك ببرشلونة و بالضبط في شهر جانفي 2009 حين اعتذر من محبيه الذين جاءوا كثر للاستمتاع بفنه، و يغادر الركح بلا عودة إلى أن تذكره الموت أمس اليوم الخميس و غيّبه عن معجبيه. و كانت إشاعات كثيرة حول وفاة الفنان قد انتشرت منذ فترة بفرنسا قبل أن تتأكد نهائيا منذ يومين بمدينة نيس الفرنسية.