سليم بوفنداسة امتد مقص شيوخ الأزهر إلى أيام طه حسين المرشحة للخروج من المنهاج الدراسي في نفس الأسبوع الذي حلّل فيه شيوخ هذه الهيئة الدينية إقامة جدار حديدي على الحدود مع غزة وكفّروا من يرفض إقامة الجدار. واللافت أن أهم الردود المستهجنة لفتوى الأزهر حول الجدار جاءت من شيوخ يوازون شيوخ الأزهر في الشدة ويعاكسونهم في الاتجاه.وباتت أهم قضايا العرب تحت رحمة الشيوخ الموقرين الذين لا يجوز لنا أن نحسدهم على هذه الحظوة التي اكتسبوها في زمن كان يفترض ألا يكون زمنهم، لكن سقوط النخب وموت العقل جعل بعض الأنظمة العربية تلجأ إلى الهيئات الدينية لتمرير قرارات سياسية مثيرة للاستياء الشعبي، فحين تقول مرجعية دينية مهمة في العالم الإسلامي بأن عزل شعب جائع يتماشى مع إرادة الله رافعة القرارات الحكومية إلى مستوى الأوامر الربانية فإن ذلك يعني أحد أمرين إما أن ما يحدث لغزة عقاب إلهي لا يجوز تغييره وإما أن الشيوخ تجاوزوا حدود الله في دفاعهم عن الحاكم! رفض شيوخ الأزهر بأثر رجعي هجاء طه حسين المقنع لهيئتهم هو انتقام متأخر من العقل في مرحلة مفصلية تستدعي الهجاء، لكن حسنا فعل الشيوخ بتحليل الجدار وتحريم طه حسين لأنهم في النهاية وضعوا من تبقى في الوطن العربي يستمع إلى الشيوخ أمام منبه حاد. لا حاجة هنا إلى التذكير بسلسلة التحريمات التي أطلقها شيوخ في العالم الاسلامي وأصابت المشرق أكثر مما أصابت المغرب المسنود بعقلانية أوروبية تستجير بها نخب مقاومة، حتى وإن جرت دماء في الجزائر وغيرها.حسنا فعل الشيوخ لأنهم قدموا برهانا جديدا على ضرورة نسيانهم إذا أرادت الكيانات العربية أن تعيش هذا العصر.