غلق ملعب 05 جويلية بعد وفاة مناصرين أصدر وزير الشباب و الرياضة محمد تهمي أمس الأحد قرارا يقضي بالغلق الفوري لملعب 5 جويلية الأولمبي، إلى غاية الإنتهاء من التحقيق الميداني الإستعجالي الذي شرعت فيه لجنة من الأخصائيين، على خلفية الحادث المأساوي الذي عرفه " الكلاسيكو " الذي جمع أمسية السبت بين إتحاد العاصمة و مولودية الجزائر، و الذي راح ضحيته مناصران لأبناء " سوسطارة " إثر سقوطهما في حفرة على مستوى المدرج رقم 13، و ذلك إثر إنهيار جزئي للمدرج. و جاء قرار المسؤول الأول عن القطاع وسط موجة من السخط و الغضب في أوساط أنصار الإتحاد و كل المتتبعين للشأن الكروي في الجزائر، لأن ملعب 5 جويلية و إن يبقى أكبر مرفق رياضي في البلاد، فإنه تحول في السنوات الأخيرة إلى مقبرة، على إعتبار أن هذه الحادثة هي الثالثة من نوعها التي تسجل على مستوى هذا المركب، بعدما كانت الطبعة الأخيرة لنهائي كاس الجمهورية ، و التي جمعت المولودية و إتحاد العاصمة في شهر ماي الفارط قد شهدت حالة وفاة، راح ضحيتها شاب لفظ أنفاسه الأخيرة في عين المكان، بعد سقوط من أعلى عمود كهربائي بمحيط الملعب، و لو أن حادثة أول أمس السبت ألقت بظلالها على الوضعية الراهنة التي آل إليها المركب الأولمبي، لأن إنهيار جزء من المدرجات دليل على هشاشة المرفق و حاجته الإستعجالية إلى أشغال ترميم لتجنب كارثة أخرى، مادام هذا الملعب لا يفتح أبوابه إلا لإحتضان مباريات تستقطب إليها جماهير غفيرة، سواء تعلق الأمر بالديربيات العاصمية الكبيرة، أو لقاءات المنتخب الوطني، رغم أن الرابطة المحترفة كانت قبيل إنطلاق هذا الموسم قد قررت عدم برمجة أية مباراة محلية عاصمية بهذا الملعب، و إجبار كل الفرق على خوض " الديربيات " في الملاعب التي تعودت على الإستقبال فيها طيلة الموسم، لكن " الشعبية " الكبيرة التي يحظى بها " الكلاسيكو " أجبر هيئة قرباج على تغيير مكان إجراء اللقاء قبل 72 ساعة من موعد إجرائه، و ذلك بتحويله من ملعب عمر حمادي ببولوغين إلى مركب 5 جويلية الأولمبي، لضمان حضور جماهيري قياسي. و أكد وزير الشباب و الرياضة في تصريح إعلامي أمس على هامش اللقاء الوطني لإطارات الشباب والرياضة بقاعة ملعب 5 جويلية الاولمبي الذي نظم تحت شعار "التسيير الراشد من أجل الامتياز"أن حادثة وفاة مناصرين بالملعب بسبب إنهيار جزء من المدرجات أمر لا يمكن السكوت عنه، لأن الأنصار قصدوا الملعب من أجل مناصرة فريقهم، و " الديربي " العاصمي يبقى دوما بمثابة عرس كروي جزائري، لكن هذه الحادثة حولت العرس إلى مأتم، و بالتالي كما قال " فلا بد من تحديد المسؤوليات في هذا الحادث بعد التحقيق الذي تقرر فتحه ".و في سياق ذي صلة أوضح تهمي بأن هذه الحادثة تستوجب إجراء عمليات خبرة و معاينة لمختلف الملاعب عبر كامل التراب الوطني، في إنتظار نتائج التحقيق الذي تقوم به لحنة مشتركة تضم أخصائيين في أشغال البناء على مستوى ملعب 5 جويلية الأولمبي. مدير الملعب يجرد هيئته من المسؤولية في الحادثة بالموازاة مع ذلك صرح مدير الملعب يوسف قارة أمس للقناة الأولى للإذاعة الجزائرية أن المديرية ليست مسؤولة عن حادثة وفاة المناصرين في لقاء السبت، و أن إنهيار جزء من المدرجات كان دون سابق إشعار، و حدث بشكل مفاجئ، مؤكدا بأن وضعية المدرج رقم 13 لم تكن محل أي تحفظ من طرف مختلف اللجان التي تعاقبت على معاينة وضعية الملعب طيلة السنوات الماضية، ليخلص قارة إلى القول بأن حادثة وفاة المناصرين الشابين كانت بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس و فجرت الوضع، لأن المركب الأولمبي أصبح بحاجة إلى أشغال ترميم و تجديد على مستوى المدرجات و مختلف الملاحق.و لعل ما ألقى بثقل المسؤولية على إدارة الملعب في هذه الحادثة المأساوية موافقتها على إستضافة " الكلاسيكو " رغم أن الأشغال كانت قد إنطلقت على مستوى المدرجات العلوية، حيث تم نزع الكراسي بعد تسجيل عملية لتنصيب كراسي جديدة، لكن برمجة مباراة المولودية و الإتحاد في آخر لحظة أبقى المدرجات العلوية دون كراسي، لتقع الكارثة على مستوى المدرج رقم 13 و الذي كان من بين الأجزاء التي مستها عملية نزع الكراسي. ملعب 5 جويلية استفاد من 4 عمليات ترميم على مدار 41 سنة من جهة أخرى فإن المركب الأولمبي كان من المقرر غلقه مباشرة بعد نهائي كأس الجمهورية في ماي المنصرم، لكن الوزارة قررت في نهاية المطاف تأجيل أشغال الترميم التي كانت مسجلة إلى غاية سنة 2015، سيما بعد التحكم في مشكل أرضية الميدان بعد إعادة تأهيلها، على خلفية " المهزلة " التي حدثت في نوفمبر 2012 خلال اللقاء الودي ضد البوسنة، و التي إستوجبت برمجة مشروع لتجديد نظام صرف المياه من الأرضية المعشوشبة طبيعيا، كما أن الوصاية أرجأت قرار الغلق إلى حين إستلام ملعبي الدويرة و براقي لفك الخناق المفروض على النوادي العاصمية بخصوص نقص المرافق الرياضية، على إعتبار أن برنامج الوزارة سيتضمن مشروعا للتجديد الكلي لملعب 5 جويلية الأولمبي. هذا و يعد المركب الرياضي الذي كان مسرحا لحادثة أمس الأول من أعرق المرافق الرياضية في الجزائر، لأنه دشن في جوان 1972، و عرف تسجيل القليل من عمليات الترميم على مدار 4 عقود من الزمن، من بينها واحدة سنة 1981، لما تقرر تغطية أرضيته بالعشب الطبيعي بدلا من العشب الإصطناعي، و الثانية سنة 2003، حيث خصصت الأشغال لتثبيت الكراسي على مستوى المدرجات و تحديد طاقة الإستيعاب الرسمية عند 76 ألف متفرج، بينما كانت العملية الثالثة سنة 2009 عند إعادة تهيئة الأرضية، و هي الأشغال التي إستهلكت الملايير، لكنها إستوجبت برمجة أشغال أخرى تكميلية لتغطية " الفضيحة " التي صنعت الحدث على الصعيد العالمي في اللقاء الودي ضد البوسنة، عندما تحول الميدان إلى بحيرة أو ما يشبه حقول البطاطا. ملاعب تعود إلى الحقبة الإستعمارية مستغلة بالجزائر رغم هشاشتها حادثة ملعب 5 جويلية و إن دفعت بالمسؤول الأول عن قطاع الشباب و الرياضة إلى الإعلان عن تعميم عملية معاينة الوضعية الراهنة للملاعب المتواجدة عبر كامل ولايات القطر الوطني، فإنها كانت بمثابة صفارات الإنذار التي تحتم على المسؤولين المعاينة الجادة للمرافق الرياضية في الجزائر، على إعتبار أن أغلب الملاعب أنجزت في سبعينيات القرن الماضي، و عمليات الترميم التي عرفتها إرتكزت بالأساس على أرضية الميدان، دون الأخذ في الحسبان تدهور المدرجات و تآكل الأماكن المخصصة لجلوس الجماهير بفعل الظروف المناخية من أمطار و حرارة، في غياب أشغال التجديد، و الإكتفاء بأشغال ترقيعية " مناسبتية " إذا إقتضت الضرورة ذلك، رغم أن الملاعب الجزائرية تستقطب جماهير قياسية في نهاية كل أسبوع، سيما بالنسبة للفرق التي تلعب أدوارا ريادية في الرابطة المحترفة الأولى، منها على سبيل المثال لا الحصر ملعب الشهيد حملاوي بقسنطينة، الذي يبقى المكان الذي يحج إليه آلاف " السنافر " عندما يلعب الشباب في عقر الديار، لأن تواجد آلاف المناصرين أسبوعيا في المدرجات يحتم على المختصين في أشغال البناء برمجة زيارات معاينة دورية لهذا المرفق، و الوقوف على مدى قدرة البنية التحتية لهذا الملعب على تحمل الضغط المفروض عليه، و لو أن هذا الإشكال يستوجب برمجة مشاريع إستعجالية لإنجاز ملاعب جديدة، لأن معظم ولايات القطر مازالت تستغل ملاعب تعود إلى الحقبة الإستعمارية، رغم أن كبريات الدول تسارع إلى تحويل مثل هذه المنشآت إلى متاحف رياضية. صالح فرطاس