تحامل الإعلاميين المصريين على الجزائر يبقى متواصلا إذا كان المنتخب الجزائري قد أبهر سهرة أول أمس الأحد كل المتتبعين في الأقطار الأربعة للمعمورة و تأهل إلى المربع الذهبي من " الكان" عن جدارة و استحقاق، فإن إنجاز " الخضر" هز كيان الفراعنة المصريين الذين كشفوا عن تحاملهم المتواصل على الجزائر، لأنهم لم يتمكنوا من رفع قبعة التحية لكومندوس الشيخ سعدان بعد نجاحهم في الإطاحة بالفيل الإيفواري العملاق، فكان لكل مصري مبرراته الواهية ، لأن المهم بالنسبة لهم هو عدم الإقرارو الإعتراف بقوة المنتخب الجزائري حامل راية تمثيل العرب في مونديال جنوب إفريقيا بعد خمسة أشهر، و هو ما يؤكد بأن " الأشقاء بأم الدنيا" كانوا يأملون في تأهل كوت ديفوار للإحتفال بإقصاء الخضر و برمجة حلقات مطولة لهذه النكسة الجزائرية، إلا أن حساباتهم سقطت في الماء و آمالهم و أحلامهم تبخرت. الحقد الدفين للمصريين، جسده الإعلامي خالد الغندور الذي كان صورة عاكسة لتسمية " طرطور" التي يطلقها عليه الوسط الإعلامي في مصر بسبب كثرة حماقاته وضيق نظرته للأمور، حيث بدا متلعثما وتكلم بصعوبة كبيرة، قبل أن يخبر متتبعيه عبر قناة " دريم" الفضائية بأن الجزائر قد فازت على كوت ديفوار، وإلى هنا كل شيء عادي،لكن الجنون يأتي في التالي حين أمضى قائلآ: " ياجماعة لا بد أن تفهموا أن فوز الجزائر ليس لقوتها و انما للضغوطات الشديدة التي تعرض لها محترفو منتخب كوت ديفوار من قبل أنديتهم، التي طالبتهم بالعودة السريعة، الأمر الذي أرغم دوغبا و رفاقه يتخاذلون ويسهلون من مهمة الجزائر التي حققت فوزا وضعها في المربع الذهبي" ، و هي نفس الموجة التي ركب عليها نجم قناة" الحياة" أحمد شوبير الذي لم يتقبل الإنجاز الذي حققه أبطال الجزائر، و قد ذهب شوبير إلى حد وصف هذه النسخة من " الكان" بالدورة التي لا تعترف بالمنطق، مستدلا في ذلك بكون كل المتتبعين رشحوا منتخب البلد المنظم أنغولا للمرور إلى المربع الذهبي، إلا أن منتخب غانا قلب التكهنات و أخلط كل الحسابات، لتتواصل المفاجآت بما صنعه المنتخب الجزائري أمام المنتخب الإيفواري ، و قال الحارس الدولي المصري السابق بالحرف الواحد: حقيقة فإنني كنت من بين من رشحوا منتخبي أنغولا و كوت ديفوار للمرور إلى المربع الذهبي ، إلا أن المنطق لم يحترم في يوم المفاجآت المدوية، من دون أن يقدم شوبير على الإعتراف بقوة الجزائر و قيمة الإنجاز الذي حققه الخضر ، لأنه فضل أن يحول " بلاطو" حصته الرياضية إلى منبر لرفع الدعاوات و التضرع إلى الله عز و جل بتأهل المنتخب المصري على حساب الكاميرون ، من دون أن يتحدث حتى عن لقاء نصف النهائي، و العقبة التي تنتظر الفراعنة في حال نجاحهم في اجتياز عقبة الأسود غير المروضة....أما الشيخ إبراهيم حجازي الذي بلغ من الكبر عتيا فقد واصل تحامله على الجزائر للشهر السابع على التوالي دون انقطاع ، لأن الحاج إبراهيم كان قبل 24 ساعة قد اعترف بقوة منتخبات إفريقيا السمراء المشاركة في " كان أنغولا" خاصة منها تلك التي واجهت الفراعنة في الدور الأول، لكن نجاح " الخضر" في بلوغ المربع الذهبي عن جدارة و استحقاق ، جعل هذا الرجل ينقلب على طرحه بنحو 180 درجة، حيث أنه لم يتوان في تصنيف دورة أنغولا في خانة أضعف نسخة من العرس القاري من حيث المستوى الفني، ليعود للحديث عن قضية الاعتداء التي استهدفت المنتخب الطوغولي، و إقدام النوادي الأوروبية على مطالبة لاعبيها بالعودة السريعة و مغادرة أنغولا، و هذا كله للتقليل من قيمة الإنجاز الذي حققه المنتخب الجزائري، لأن " عمي إبراهيم" لم يتمكن من توجيه تحيته المعتادة لكل منتخب يخطف الأضواء. من جهة أخرى فإن الناقد و الإعلامي علاء صادق الذي كان حياديا منذ اندلاع الحرب الإعلامية ضد الجزائر في الوسط المصري فلم يتردد في وصف الخضر بالمنتخب الشرس لكون بوقرة وزملائه كانوا مندفعين حسبه أكثر من اللازم وهو ما أرهب لاعبي كوت ديفوار، لكن علاء صادق سارع إلى زف الطمأنينة إلى قلوب الجمهور المصري لكون مواجهة الدور نصف النهائي ستكون بمعطيات كلها في صالح الفراعنة لكون الجزائر لعبت 120 دقيقة واستنفذت كل طاقتها وأيضا لأن أغلب لاعبيها مصابين وهو ما يجعل فوز مصر ممكن جدا لكي تصل إلى النهائي، وختم علاء صادق كلامه بالتأكيد على أن عهد منتخبات افريقيا السوداء كالكاميرون وكوت ديفوار قد ولى وأن أحسن منتخب حاليا في افريقيا هو مصر وبعده الجزائر، و هو غرور مصري مبالغ فيه، يدخل في إطار الحرب النفسية و رفض الاعتراف بقوة المنتخب الجزائري في هذه الدورة و حتى منذ انطلاق التصفيات المزدوجة، في حين ظلت مراسلة مختلف القنوات التلفزيونية سماح عمار وفية لعاداتها و تقاليدها حيث أطلت علينا عبر قناة" الأم بي سي " في حصة " صدى الملاعب" ، و ظهرت حزينة جدا، و كأن المنتخب المصري أقصي من المنافسة، إلى درجة أن مقدم الحصة مصطفى الآغا، ذكرها بالدموع التي كانت قد ذرفتها على المباشر عقب موقعة أم درمان في شهر نوفمبر الماضي، حتى أن سماح ذهبت إلى حد التعريج للحديث عن المنتخب المصري و التأكيد على أن شحاتة و أشباله تابعوا لقاء الخضر مع " الفيلة" و أن فوز الجزائر يبقى بمثابة اللاحدث، بحجة حصر التركيز على مواجهة الكاميرون، من دون أن تتجرأ الزميلة سماح عمار على رصد أجواء الفرحة التي صنعها الجزائريون رغم أنها كانت متواجدة في قلب الحدث بمدينة كابيندا. ولم يتأخر منشط حصة البيت بيتك على التلفزيون المصري الرسمي في الابتهال والدعوة لفوز الكوت ديفوار و السخرية من الحارس شاوشي الذي تعرض لاغماء بعد اعتداء دروغبا عليه مشيرا إلى أن الجزائريين تعودوا على تضييع الوقت بل وذهبت به الوقاحة إلى حد اتهام روراوة بمصادقة الحكم السيشيلي. بالموازاة مع ذلك ، قد يكون المحلل خالد بيومي واحد من الحالات الشاذة كونه بين المصريين القلائل الذين رفعوا قبعة التحية " لمحاربي الصحراء"، حيث أنه اعترف بأحقية الجزائر في الوصول إلى المربع الذهبي على الأقل ، و قد أدلى بذلك على المباشر عند تحليله لأطوار اللقاء، ليؤكد بأن الجزائر لعبت بالقلب والروح والشجاعة وكل عناصرها أدت مباراة كبيرة مما جعلها تبهر الجميع وفوزها مستحقا كما قدم تحية خاصة للطاقم الطبي للخضر الذي حسبه تصرف مع الطوارئ التي عاشها الفريق بكل احترافية أما سعدان فقد أكد حسب بيومي - علو كعبه وتفوقه كان واضحا على وحيد خليلوزيتش، و هو اعتراف منطقي من تقني مصري كان في بداية الدورة قد رشح الجزائر للتنافس على اللقب...و انطلاقا من هذه المعطيات يمكن القول بأن الحملة الشرسة التي تستهدف الجزائر من طرف إعلاميين مصريين خاصة عبر العديد من الفضائيات ليس لها أي مبرر، و بالتالي فإن " كومندوس سعدان" تألق و بلغ المربع الذهبي والقافلة الجزائرية تبقى تواصل السير و الفتوحات في أدغال القارة السمراء، و بالتحديد بالأراضي الأنغولية، و مع ذلك فإن الكلاب تبقى تنبح إلى إشعار آخر