أهل تندوف يتمسكون ب "الهّدارة" وشرتات".. لا زالت الأساطير تشكل مجالا خصبا في الذاكرة الشعبية لسكان تندوف الذين يحيون على طقوسها بمعتقدات توحي الى وجود قناعات ضاربة بجذورها في البيئة الصحراوية التي تتميز بطبيعة تشجع على انتشارها واستمرارها، وهذا ما تسعى الجمعية الثقافية للزي التقليدي والفنون الشعبية بتندوف من خلال نشاطاتها واسهاماتها الميدانية. التعريف ببعض هذه القصص التي لا زالت منتشرة الى وقتنا هذا في المنطقة وحسب رئيس الجمعية السيد بوصبيع أحمد، فإن الأساطير تأخذ أشكالا وأبعادا وفق المستوى المعيشي لسكان تيندوف حيث تبقى هذه الأساطير رغم طرافتها، تعبر عن بيئة وواقع اجتماعي يشجع على تداولها بين السكان. ويرى محدثنا بأن بعض الألعاب الشعبية لها ارتباط بهذه الأساطير والخرافات التي ازدهرت على أنقاض المحيط والبيئة التي ترتبط بها الأسرة التيندوفية. أسطورة "هدّارة" أو الطفل الطائر مع تعدد الروايات حول هذه الأسطورة يتداول سكان تيندوف قصة تقول أن السماء بعثت أطفالا في قوة الطبيعة تحمي الناس من الشرور والأدران التي تهدد حياة البشر. ولهذا وجدت هذه الأسطورة سرعة فائقة في الانتشار ولا يزال يتداولها الناس بنوع من الإعجاب بالقوة الخارقة لهذا الطفل الذي تقول الأسطورة أن "هدّارة" وهو طفل صغير كان رفقة أمه عندما هبت عاصفة قوية، فالتقطه طير النعام الذي هرب به، فعاش وسط الطيور من هذه الفصيلة التي تتواجد بكثرة في المنطقة، وقد نشأ بين النعام، فأخذ منهم القوة والسرعة، حيث أصبح الطفل الأسطورة يقطع المسافات بسرعة فائقة في مدة قصيرة. وعندما تجتمع الأسرة ويتحلق الأطفال لسماع الأحاجي المتداولة عن هذا الطفل الخارق يتخيل كل أفراد العائلة خاصة منهم الأطفال أنهم ورثة "هدارة" ويقول السيد بوصبع أن هذه الأسطورة لا زالت منتشرة خاصة بين البدو الرحل، على اعتبار أنها قصص يجري تداولها خلال الجلسات السمرية أمام موائد الشاي، وتحظى باهتمام الناس، خاصة وأن الرواة يتداولونها بشكل تمتزج فيه الطرافة، وهذا ما يدفع الكثير من الناس الى الاعتقاد بأن "هدّارة" يمكن أن يكون في كل زمان ومكان، ويجدها البعض فرصة للتسلية والترفيه عن النفس خلال ليالي السمر والجلسات العائلية الحميمية على ضوء الشموع أو تحت ضوء القمر. وهذا النوع من الأساطير تجتهد الجمعية الثقافية للزي التقليدي والفنون الشعبية الى نشره حتى لا يندثر، ليبقى كرصيد تراثي يثري الحياة الاجتماعية. "شرتات" أشعب تيندوف ومن القصص المتداولة أيضا بالمنطقة، قصة "شرتات" وهو شخص بخيل وطماع يشبه كثيرا شخصية أشعب، ووجه الغرابة في هذه القصة تكمن حول وجود مثل هذه النوعية البخيلة وسط مجتمع يعرف بالكرم وحسن الضيافة، فأهل تيندوف لا يختلفون عن طبائع أهل الصحراء، ما يعني أن "شرتات" الذي فرضته الأسطورة ما هو الا رجل عابر سبيل، بدليل أن عرض قصته يتم في أجواء من السخرية حتى أن الرجال عندما يعايرون بعضهم تحضر سلوكات "شرتات" الغريبة عن طقوس المنطقة. وكما للأسطورة نجد الألعاب الشعبية لها حضور مميز في المجتمع التيندوفي على غرار "الكرور" و"السيق" التي تظهر مهارة أهل الصحراء. "الكرور" لعبة تبرز ذكاء أهل المنطقة الألعاب الشعبية لا زالت تشكل حضورا قويا ضمن عادات وتقاليد أهل تيندوف، حيث يقبل عليها الناس في المناسبات التي تتم عبر جلسات حميمية، ولقاءات تجمع سكان البوادي من كل الجهات، ومن هذه الألعاب "الكرور" حيث يتحلق مجموعة من الناس حول شخص يتم تعيينه ليكون محور اللعبة فيقف في الوسط، بينما يقوم الجمع بمحاولة ضربه، وتتعالى الصرخات لترهيهبه وحتى ضربه باليد، وهو يحاول تفادي ضرباتهم، وفي نفس الوقت يقوم بحركات للسيطرة على الموقف والقبض على أحدهم، وإذا تمكن من ذلك بسرعة يتولى المأمورية داخل الحلقة، ومثل هذه الألعاب يمارسها الرجال والنساء باعتبارها وسيلة للترويح عن النفس، وهي لا زالت حتى الآن تحظى بإقبال الناس عليها، لأنها تختبر الذكاء والمهارة وتعودهم على النشاط والحيوية.