تزايد حالات ارتفاع ضغط الدم و السكري وراء ظاهرة الأجنة الميتة ارتفاع ضغط الدم الشديد و داء السكري غير المضبوط يتصدران قائمة أهم المضاعفات المؤدية إلى موت الأجنة أثناء الحمل، حسب الأطباء ،حيث كشفت أرقام استقيناها من كل من المؤسسة الاستشفائية المتخصصة بسيدي مبروك و المستشفى الجامعي بقسنطينة ، بأن عدد الحوامل اللائي عانين ارتفاع ضغط الدم تجاوز الألف حالة في أقل من سنة، 800حالة سجلت بمصلحة التوليد بمستشفى ابن باديس و 250حالة سجلت بعيادة سيدي مبروك في سداسي واحد. أم ريان عيّنة من بين عشرات الحالات التي بات من المألوف رؤيتهن بعيادات التوليد ، أين تضطر الكثيرات للمكوث طويلا في انتظار إخضاعهن لعملية تجريف أو تحريض الإسقاط دون الاكتراث لحالتهن النفسية و ما يمررن به من حزن و ألم بعد أن يجبرن على الحفاظ على أجنة ميتة بداخلهن لمدة وصلت عند البعض إلى ثلاثة أشهر ، بسبب اللامبالاة أحيانا و التحجج بالضغط و نقص الطاقم الطبي و بشكل خاص المختصين في التخدير. تزايد موت الأجنة و ضغط الدم و السكري في مقدمة الأسباب الأطباء أكدوا تزايد حالات موت الجنين في أسابيع متقدمة من الحمل و هو ما يضاعف الخطر على حياة و صحة الحامل أمام الضغط الكبير الذي تعرفه عيادات التوليد العمومية بقسنطينة، و اضطرار الأطباء للتعامل مع الحالات الاستعجالية سواء كان الوضع عاديا أو قيصريا، لتبقى حاملات الأجنة الميّتة في قائمة الانتظار، أكثرهن حظا من تجد لها سريرا داخل العيادة، لأنها بذلك تكون تحت الرقابة الطبية، عكس من يتركن في البيوت في انتظار أعراض المخاض لأن الأجنة الميتة تسقط في أغلب الأحيان بشكل طبيعي دون الحاجة إلى تدخل طبي حسب البروفيسور صلاحي رئيس الأطباء بعيادة سيدي مبروك الذي بدا منزعجا من الضغوطات الكبيرة التي تعانيها هذه المؤسسة الاستشفائية المتخصصة، حيث أجاب على سؤالنا حول واقع التكفل بحالات الإجهاض الفائت، بتعليق يطبعه اليأس" عندما يتجاوز عدد الولادات في اليوم الواحد ال 40ولادة فإن كل هم الطاقم إنقاذ أرواح الأمهات و الرضع"، مسترسلا بأن وفاة الجنين داخل الرحم، لا تشكل خطرا كبيرا على حياة الأم، خاصة عندما تحدث الوفاة في الشهور الثلاثة الأولى للحمل، حتى ببقاء الجنين بعد وفاته داخل الرحم خلال تلك الشهور، مؤكدا بأن كل الحالات توضع تحت رقابة و متابعة طبية جدية لتفادي المضاعفات الخطيرة و بشكل خاص النزيف الحاد. البروفيسور صلاحي الذي فضل الحديث عن مشاكل العيادة كهجرة جل الأطباء المكونين في وقت تشهد فيه العيادة تضاعف الضغوطات عليها من داخل و خارج الولاية، أوضح بأن بقاء الجنين بعد وفاته داخل رحم الأم في الأسابيع الأولى من الحمل ممكن، لكن من الأفضل الإسراع في إنزاله لتجنب ما يسمى بالنزيف الرحمي. و أردف قائلا بأن الأمر يتغيّر عندما يكون عمر الجنين أكبر من أربعة أشهر و يتطلب تكفل خاص يعتمد على عملية الإجهاض بالطلق الصناعي أو اللجوء إلى القيصرية لو تعلق الأمر بأجنة يزيد عمرها عن الستة أشهر. و رغم تأكيد العديد من الأطباء المختصين في أمراض النساء و التوليد لتزايد ظاهرة وفاة الأجنة و عدم اكتمال الحمل إلا أنه تعذر علينا الحصول على أرقام بهذا الخصوص لغياب الإحصائيات الرسمية. و أجمع كل من تحدثنا إليهم على الحالة النفسية الصعبة التي تمر بها أغلب الأمهات المفجوعات بفقدان من كن بصدد التحضير لاستقبالهم بفرح و تفاؤل، حيث تحدثت الدكتورة ع/بودماغ عن فترة الانتظار التي وصفتها بالقاسية لاسيّما بالنسبة لمن اكتمل لديهن الحمل أسابيعه الأخيرة، مشيرة إلى الوضع النفسي و الجسدي الذي تمر به هذه الفئة لصعوبة تقبّل الوضع خوفا من تكرّر الحادث معهن مرة أخرى. و استرسلت محدثتنا بأن الضغط الذي تشهده مراكز و عيادات التوليد يضطر الأطباء إلى تأجيل عمليات الإجهاض أو ترقب عمليات الإسقاط العادي بالنسبة لمن فقدن أجنتهن دون إغفال متابعة وضعهن الصحي يوميا. و أضافت قائلة بأنه كلما أسرع الأطباء في تخليص الأم المكلومة من جنينها الميّت، كان ذلك أفضل لتفادي تأزم حالتها النفسية و مساعدتها على تجاوز محنتها. و تحدث عدد من الأطباء الذين التقينا بهم خلال قيامنا بهذا الاستطلاع عما أطلقوا عليه اسم كابوس الانتظار، إشارة إلى المعاناة التي تعيشها فاقدة الجنين و تألمها كلما تذكرت بأن من تحمله بأحشائها بات مجرّد جسم غريب سيسقط في أي لحظة، مثلما قال الدكتور نوبلي رضوان. و عن أهم أسباب تزايد ظاهرة موت الأجنة في مختلف مراحل الحمل قال الأطباء بأن داء السكري و ضغط الدم يشكلان العاملين الأساسين في أكثر الحالات المسجلة بالإضافة إلى أعراض أخرى كاضطرابات الجهاز المناعي، و قصور عنق الرحم، و الأورام الخبيثة و تقدم سن النساء الحوامل و من لديهن مستوى منخفض من فيتامين الفولات أو ب9...و غيرها من الأسباب التي تنهي الحمل بتوّقف تطوره. شهادات نساء فقدن أجنتهن أسرت أم ريان 35سنة بأن قبولها بمصلحة التوليد بمستشفى ابن باديس بقسنطينة تطلب اللجوء إلى المحسوبية بعد تأجيل إخضاعها لعملية الإجهاض و تدهور صحتها و تأكيد طبيبتها المعالجة الخاصة على ضرورة دخول المستشفى للتخلص من الجنين بعد تعرضها لنزيف متكرّر. و سردت أم ريان كيف أن الأشهر الثلاثة التي انتظرتها قبل سقوط جنينها كانت من أصعب أيام حياتها كما قالت، مشيرة إلى حالة التوتر و الخوف و اليأس التي عاشتها خلال تلك المدة التي وصفتها بالجحيم، و علّقت مردفة» ظروف التكفل بالحوامل ببلادنا لا تشجع على الإنجاب و الحمل» و استرسلت وهي تبكي بأنها كانت ضحية سوء تكفل طبي مؤكدة بأنها فقدت جنينها بسبب ارتفاع ضغط الدم تعتقد بأنه كان من الممكن تجاوزه إن هي وجدت الرعاية الطبية المناسبة على حد تعبيرها. و ذكرت بأنها ترّددت على عدة مصالح توليد بأمل استقبالها و وضعها تحت رقابة طبية، لكن انعدام الأسرة حال دون قبولها ،حيث كان الأطباء يطمئنونها بأن وضعها الصحي عادي و لا يتطلّب بقاءها بالمستشفى و نصحها بالاستمرار في قياس ضغط الدم باستمرار، غير أن ذلك لم ينفع حسبها و تتسبب في فقدانها لطفلها الذي انتظرته بعد سبع سنوات زواج. و أخبرتنا المريضة نسيمة32سنة التي كانت في حالة يرثى لها، بأن داء السكري حرمها من الإنجاب، و تسبب في توقيف حملها لثالث مرة على التوالي، حيث نظرت إلى مريضات أقمن معها بقسم الحمل المهدد بعيادة سيدي مبروك عند خروجها من قاعة الفحص بواسطة جهاز فائق الصوت(إيكو) و قالت «مات». و استطردت بعد استعادتها لهدوئها بأنها ظنت بأن حملها اكتمل هذه المرة و تفاءلت خيرا، لتصدم بعد الفحص بأن قلب الجنين متوّقف، و واصلت و هي تبكي لا أريد أن يتكرّر معي ما عشته من قبل و تستمر معاناتي و أنا أشعر بجسم ميّت بداخلي طيلة أسابيع. و أسرت و هي تتنهد بأنها في المرة السابقة تمنت أن تحدث معجزة و يعود الجنين إلى الحياة لأنه بقي بداخلها أربعة أسابيع كاملة «كل يوم أصلي و أدعو الله أن تحدث لي معجزة». مريضة ثالثة قالت بأن عملها بقطاع الصحة لم يشفع لها من التخلص من جنينها الميّت إلا بشق الأنفس بسبب نقص المختصين في التخدير و المادة المخدرة، و هو ما أدى إلى تأجيل عملية إخضاعها للإجهاض عدة مرات لأكثر من شهر كما أكدت.و مهما تكن أسباب توّقف نمو الحمل و وفاة الجنين فإن معاناة الحوامل اللائي فقدن أجنتهن أكبر من أن توصف في مجرّد كلمات.