52 سنة منذ استرجاع السيادة الوطنية الجزائر حافظت على استقلالها في محيط متفجر و تتطلع لاصلاحات ديمقراطية تمر اليوم 52 سنة كاملة على استعادة الشعب الجزائري حريته واستقلاله بعد حرب تحرير شرسة ودامية كلفته مليون ونصف المليون شهيد و دامت سبع سنوات ونصف، واليوم بعد كل هذا الوقت يتطلع الجزائريون إلى دستور توافقي يرسم ملامح الحكم في المستقبل، لتحقيق رسالة أول نوفمبر في كل جوانبها، لكن في سياق منطق ما يسمى "الربيع العربي" يبقى أكبر انجاز تحقق هو الحفاظ على الاستقلال والأمن والوحدة الوطنية. عند كل خامس جويلية من كل عام ..ذكرى عيدي الاستقلال والشباب يلتفت الكثير من الجزائريين إلى الوراء ليعيدوا رؤية شريط عمره اليوم 52 سنة..كل هذا الوقت من الحرية والاستقلال.. و يختلف الجزائريون بالطبع حول تقييم ما تحقق خلال هذه المدة التي يراها الآباء قصيرة ولا تمثل شيئا في عمر دولة، ويراها جيل الاستقلال معتبرة وكافية لبناء الكثير وتحقيق جملة من الأشياء. ربما تكون هذه إحدى نقاط الخلاف بين جيلين حول تقييم مسيرة الاستقلال في جانب الانجازات.. جيل عانى من ويلات الاستعمار و الاستدمار في كل جوانبه السياسية و الاقتصادية والاجتماعية والنفسية وغيرها، ويعرف جيدا أن جزائر 1962 خرجت منهكة ودامية، كل شيء فيها ممزق ومحروق، ولم يكن من السهل بناء دولة مستقلة في مثل هذه الظروف وظروف أخرى تميزت بالاختلاف السياسي بين الإخوة الفرقاء عشية الاستقلال، فضلا عن ظروف التجاذب الدولي والمؤامرات الإقليمية التي كانت الجزائر هدفا لها في ذلك الوقت. ولا يزال جيل الثورة إلى اليوم يردد أن الكثير من الانجازات تحققت وان الجيل الذي لم يعرف معنى أن تعمل "خماسا" لدى الكولون لن يدرك بسهولة حجم ما تم تحقيقه إلى اليوم... والجيل الذي لم يعان الجوع والعطش والعراء لن يدرك حقيقة البلاد اليوم... الكثير من الانجازات تحققت وهي كبيرة وضخمة يضيف جيل الثورة.. من مساكن ومدارس وجامعات وطرق ومنشآت وجسور ومصانع ووظائف.. وعشرات الآلاف من الإطارات التي تخرجت من المدرسة والجامعة الجزائرية.. و..و .. وفريق وطني لكرة القدم يقف الند للند أمام أقوى الفرق العالمية في كأس العالم. و يوجه الآباء نصيحة للأبناء بعدم التسرع والتعقل وعدم إصدار الأحكام جزافا لأن الواقع ليس كما يتصوره الشباب.. ويدعونهم للاحتكام للتجربة والعقل والتريث في الحكم على الجيل الذي سبقهم. بالمقابل نجد جيلا ولد بعد الاستقلال أو قل أجيالا لا تنظر كثيرا إلى الوراء وان كانت تعرفه لكنها تتطلع إلى المستقبل أكثر.. هذه الأجيال تنطلق من واقعها اليومي للحكم على ما تحقق طيلة 52 سنة من الاستقلال، وهي على ما يبدو غير راضية تماما عما تحقق من انجازات في شتى الميادين، بل وترى أن البلاد وبحكم ما تملكه من موارد طبيعية وثروات كبيرة كان يمكن أن تكون أحسن حالا بكثير مما هي عليه اليوم.. ولو كان الأمر كذلك لكان شبابها اليوم في أحسن حال. وبين الجيلين تبدو المسافة آخذة في الاتساع من يوم لآخر بعيدا عن مزايدات الوطنية وغيرها لأن الشباب جميعا اثبت قبل أيام قليلة فقط انه متمسك بوطنيته إلى ابعد الحدود كما ظهر عند تعاطيه مع مباريات المنتخب الوطني لكرة القدم. لكن بعيدا عن المنجزات المادية ماذا عن طبيعة الحكم؟ الذي ربما اختلف حوله الإخوة الفرقاء صائفة 1962 و بقي هذا الملف يطرح بإلحاح إلى اليوم، وحتى بالنسبة لجيل الثورة نفسه هناك من يقول أننا نجحنا في تحقيق الاستقلال الوطني، ولم ننجح في بناء دولة مستقلة كما حلم بها الشهداء والمجاهدون الأوائل .. دولة تسود فيها كل الصفات الحميدة وتغيب عنها مظاهر الصراع والفشل والتعثر وغيره. وسواء اختلفت الآراء أم لم تختلف، فإن الحقيقة كما هي لا يمكن لأحد إنكارها، فقد عرفت البلاد انجازات كبيرة ومتعددة في كل الميادين وما يزال الكثير نعمل على تحقيقه ولا أظن أن هناك من يدعي الكمال.. اليوم وبعد 52 سنة من الحرية والاستقلال ينعم الشعب الجزائري بالكثير الكثير رغم النقائص المسجلة هنا وهناك. اليوم وبعد 52 سنة لم يفقد الشعب الجزائري استقلاله وأمنه مثلما فقدته الكثير من الشعوب الشقيقة في المنطقة بسبب ما سمي "الربيع العربي" الذي أنقلب إلى شتاء أهوال وعواصف جرف معه كل ما أنجزته هذه الشعوب بالعرق والدم.. ليبقى الاستقلال أغلى انجاز لحد الآن في ظل ظروف دولية صعبة ونظام دولي جديد لا يرحم ولا يعترف بنضال وتضحيات الشعوب. تبقى الانجازات الاقتصادية والمادية محل اختلاف وهو أمر طبيعي في كل الدول وفي كل العصور.. لكن تبدو الجزائر اليوم في مسار جديد لتصحيح طبيعة نظامها وحكمها بعد 52 سنة من التجارب في مجال الحكامة والحكم.. هكذا يبدو الأفق بعدما استقرت الأوضاع الأمنية والسياسية في السنوات الأخيرة وبعدما تمكنت الجزائر من تجاوز بعض المعضلات، و من إسماع صوتها للعالم بعد سنوات من الحصار. تدخل البلاد السنة ال 53 من الاستقلال وهي عازمة على وضع دستور جديد يكون محل توافق بين جميع أطياف الطبقة السياسية وشرائح المجتمع من اجل إراحة الجميع من مسألة الحكم وتبعاته واختلافاته.. دستور جديد ربما سيوضح الرؤى أكثر للأجيال الجديدة وسيضع البلاد على سكة يتمناها الجميع. محمد عدنان رفيقه المجاهد معمر صامت وصهره عمار موايسي يتحدثان للنصر الشهيد سويداني بوجمعة تمنى الشهادة و لو ساعة قبل الاستقلال يتحدث في هذه الشهادات التي خص بها النصر المجاهد معمر صامت رفيق درب الشهيد سويداني بوجمعة وصهر الشهيد عمار موايسي عن حياة هذا البطل الذي وهب حياته من أجل تحرير الوطن. ويؤكد المجاهد معمر صامت بأن الشهيد سويداني بوجمعة كان رجلا شجاعا قوي الشخصية يعوض ألف رجل. ويضيف بأن الشهيد كان يطلب الشهادة، ويروي للنصر شهادة حية عنه وذلك يوم فقط قبل وفاته. ويقول المجاهد صامت بأنه كان رفقة سويداني بوجمعة في سنة 1956 في أحد المراكز بضواحي بوينان بولاية البليدة رفقة الشهيد موسى شيراف، و قال له سويداني بأن فرنسا ستحمل نفسها وتغادر الجزائر ووصف له ثورة التحرير بالشجرة التي يغرسها الإنسان وبعد فترة يقطف ثمارها، ولهذا فالثورة كالشجرة التي غرست وأن وقت قطاف ثمار الاستقلال سيحين وختم له البطل سويداني بوجمعة الحديث بقوله بأنه يتمنى الشهادة ولو ساعة قبل الاستقلال. وأضاف له قائلا بأن الأبطال في العالم يقتلون أو يسجنون أو يفرون ولهذا فهو يفضل الاستشهاد،ويضيف المجاهد معمر صامت قائلا بأنه في اليوم الموالي جاءهم إلى المركز الذي كان فيه رفقة سويداني بوجمعة المجاهد خليفي بن يوسف وأخبره على انفراد بأن مساجين قد فروا من سجن شرشال وعليه ملاقاتهم،ويضيف بأن سويداني ذهب في اليوم الموالي إلى موزاية غرب البليدة بهدف التوجه نحو شرشال، لكن على الساعة الرابعة مساء وصلهم خبر استشهاده. وعن كيفية استشهاده يقول المجاهد معمر صامت أن الروايات تعددت لكن ما يرجح هو أنه بينما كان في طريقه نحو شرشال كان أحد الفدائيين يسبقه في الطريق لمراقبة القوات الفرنسية وفتح الطريق له لكن في ضواحي موزاية تفاجأ الفدائي بوجود حاجز للجنود الفرنسيين ووقع وسط الحاجز ولم يتمكن من العودة وإخبار سويداني بوجمعة الذي وصل هو الآخر بعد فترة قصيرة على متن دراجة نارية إلى هذا الحاجز وسقط بين أيدي القوات الاستعمارية وتم قتله. ويضيف المجاهد صامت بأن نزول خبر استشهاد سوداني بوجمعة كان كالصاعقة على المجاهدين لما كان يتميز به من سمعة طيبة وأخلاق عالية وانضباط وشجاعة، مشيرا في سياق آخر، إلى أن الشهيد كان يتحرك بهوية مزورة وحتى المجاهدين الذي كانوا معه لا يعرفون هويته الحقيقية بحيث كان يحمل اسم "رنان الجيلالي" و يعرفه المجاهدون بهذا الاسم، ويقول محدثنا بأنه لم يعرف الهوية الحقيقية للشهيد سوداني إلا بعد أن ذكر في مجلة الردار الفرنسية ووضعت صورته باسم سويداني بوجمعة إلى جانب عدد من المجاهدين الآخرين من مفجري الثورة. وهناك عندما قرأ المقال في تلك المجلة استفسر في الأمر منه وأعلمه بهويته الحقيقية، ويضيف المجاهد صامت بأن الهوية المزورة التي كان يحملها سويداني بوجمعة ساعدته في التحرك خاصة وأنه كان يشبه في بشرته الفرنسيين، لهذا لم يكن يتعرض لمضايقات ويتحرك بسهولة وحتى أثناء استشهاده كان في العمل السري. كما عمل سويداني محاسبا لدى أحد المعمرين بضواحي بوينان بالبليدة وكان مكلفا بدفع رواتب العمال،ويستغل فترات تجميع العمال بهدف دفع رواتبهم لتحسيسهم بالثورة والتخطيط لبعض الأعمال. كما كان الشهيد محبوبا لدى الفرنسي الذي يشتغل عنده وذلك لصدقه وأمانته ولا يأخذ من الأموال التي يسلمها له لدفع رواتب العمال فرنكا واحدا. وفي السياق ذاته يقول المجاهد معمر صامت بأنه تعرف على الشهيد حين كان قائدا في صنع المتفجرات بضواحي البليدة ثم أصبح نائبا لقائد الولاية الرابعة التاريخية رابح بيطاط. ويضيف بأن الشهيد سويداني بوجمعة ابن ولاية قالمة شارك في عدة عمليات ضد المستعمر بالشرق والوسط والغرب، حيث دخل سجن سكيكدة ثم فر منه وتوجه نحو بودواو ببومرداس، وقتل هناك ضابطا في الجيش الفرنسي. كما شارك في عملية بريد وهران، ليستقر بعدها بالولاية الرابعة وبالبليدة خاصة بعد أن تزوج ابنة محفوظ موايسي ببوينان، وكان في البداية مسؤولا عن صنع المتفجرات. من جانب آخر، يذكر صهر الشهيد سويداني بوجمعة المجاهد عمار موايسي أن الشهيد كان مثقفا ومهذبا،يطالع الصحف الفرنسية باستمرا،ويقول بأنه كان يرسله يوميا إلى بوينان ويحضر له جريدة "ألجيري ريبيبليكان"،كما أشار نفس المتحدث إلى أن الشهيد كان ينوي الخروج إلى تونس بأمر من قيادة الثورة. وكان قد طلب من أخته زوجة الشهيد سويداني بوجمعة يوم فقط قبل وفاته بتحضير نفسها للمغادرة نحو تونس لكن شاء القدر أن يستشهد في اليوم الموالي، ويضيف صهر الشهيد بأن العائلة لم تعلم بخبر استشهاده إلا بعد مدة وكان المجاهدون يؤكدون لزوجته والعائلة بأنه لا يزال على قيد الحياة وهو في مهمة وذلك حتى لا تكون الصدمة وسط العائلة. وقد تأكدوا من استشهاده بعد نشر صورته في الصحافة الفرنسية، وتعرفوا عليه من خلال الملابس التي كان يرتديها، مضيفا بأن الشهيد ترك فراغا رهيبا وسط العائلة. وللإشارة فإن الشهيد سويداني بوجمعة ترك بنتا تم تكريمها أول أمس من طرف أمن ولاية البليدة بمناسبة عيدي الاستقلال والشباب. نور الدين . ع يقع ببلدية مسعود بوجريو بقسنطينة مركز تعذيب استعماري بمشتة المينة يتحول إلى إسطبل تحوّل مركز تعذيب أنجز في الفترة الاستعمارية بمشتة "المينة" الواقعة ببلدية مسعود بوجريو بقسنطينة، إلى إسطبل لتربية الحيوانات أفقد هذا المعلم الذي مر عليه العديد من الشهداء و المحكوم عليهم بالإعدام، بُعده التاريخي. النصر قررت زيارة المكان في الذكرى الثانية و الخمسين لعيد الاستقلال، بحيث تطلب الوصول إليه سلك دروب تمتد إلى أعالي بلدية مسعود بوجريو، أين تقع مشتة "المينة" الهادئة و التي تحيط بها أراضٍ فلاحية شاسعة استغلها العديد من الفلاحين لتربية المواشي و الدواجن. و لم يكن الوصول إلى مركز الاستجواب و التعذيب صعبا بحيث يقع بمدخل المشتة و يحيط به جدار متداع مصنوع من الحجارة القديمة، و قد حاولنا دخول المكان لكننا وجدنا بوابته مغلقة قبل أن نضطر لاستراق النظر من جهته الخلفية، و نكتشف بأن هذه البناية التاريخية، تحولت إلى إسطبل لتربية الحيوانات، بحيث شاهدنا المواشي و الدواجن تتجول بداخله، في مشهد يثير الاستغراب و يدفع إلى طرح تساؤلات كثيرة عما إذا كانت الجهات المعنية على علم بالوضع الكارثي الذي آل إليه معلم يفترض أن يتحول إلى متحف. اتجهنا نحو بعض المزارعين بهذه المشتة، حيث أكدوا لنا بأن مركز التعذيب مستغل منذ سنوات من قبل 5 فلاحين حصلوا عليه في إطار المستثمرات الفلاحية، و ذلك بعد خروج عناصر الجيش منه. و قال محدثونا أن بعضهم تمكن من دخول المكان عندما كان ثكنة عسكرية قبل عدة سنوات، بحيث تقع به أقبية للتعذيب كانت السلاسل و الأصفاد التي استعملت في تعذيب الجزائريين لا تزال مثبتة بجدرانها. و قد أبدى عدد من سكان مسعود بوجريو أسفهم لهذا الوضع متسائلين عن دور الجهات المعنية و خصوصا مديرية المجاهدين، سيما و أن هذا المعلم شهد عمليات تعذيب نفذها جنود الاستعمار من أجل استنطاق ثوار محكوم عليهم بالإعدام منهم من استشهد و منهم من تمكن من الفرار و لا يزالون شاهدين على ما عاشوه من جحيم على أيدي المستعمر. أحد نواب رئيس بلدية مسعود بوجريو قال بأن المجالس البلدية المتعاقبة عجزت عن إيجاد حل لمشكلة مركز التعذيب بمشتة "المينة"، خصوصا و أن من حولوها إلى مزرعة يملكون وثائق رسمية من مديرية الفلاحة تسمح لهم باستغلالها، مضيفا بأنه قد تمت مراسلة مديريتي المجاهدين و الفلاحة لطلب التدخل، لكن دون جدوى، في حين أكد لنا مصدر مسؤول من مديرية المجاهدين بأن هذه الأخيرة قررت معاينة المكان للوقوف على الحالة التي آل إليها، بينما أوضح مدير الفلاحة بأنه يستحيل نزع استفادات فلاحين حصلوا عليها و ذلك بموجب القانون رقم 87-19 و هي الحالة ذاتها المسجلة بسجن أمزيان، و قد نفا محدثنا تلقيه مراسلات بشأن مركز التعذيب من قبل بلدية مسعود بوجريو. ياسمين بوالجدري الدكتور محمد لحسن زغيدي أستاذ تاريخ الحركة الوطنية والثورة التحريرية للنصر لا توجد بنود سرية في اتفاقيات إيفيان والطرف الجزائري المفاوض رفض كل مقترحات فرنسية أكد الدكتور محمد لحسن زغيدي أستاذ تاريخ الحركة الوطنية والثورة التحريرية بجامعة الجزائر ''3'' أن قادة ثورة التحرير الذين فاوضوا فرنسا في '' إيفيان '' على استقلال البلاد، قد حققوا الهدف الإستراتيجي للثورة، الذي تمسك بموقفه الرافض لوقف إطلاق النار إلا بعد الاعتراف الفرنسي بالسيادة الجزائرية على كل التراب الوطني، نافيا وجود أي بنود سرية في اتفاقيات إيفيان وقال بأن كل ما تردد حول هذا الشأن وعن تقديم تنازلات، مجرد إشاعات. وابرز الدكتور زغيدي في لقاء خص به النصر، أن قادة الثورة التحريرية رفضوا خلال مختلف مراحل مفاوضات إيفيان كل الاقتراحات المقدمة من فرنسا التي كانت سترهن السيادة الوطنية بعد الاستقلال، وقال أن الوفد الجزائري الذي كان يضم شخصيات سياسية بارزة، مثل كريم بلقاسم وسعد دحلب و الصديق بن يحيى وبن طوبال ورضا مالك ومحمد يزيد وعمار بن عودة والصغير مصطفاي، صمد أمام تعنت المفاوضين الفرنسيين وأصر على موقفه الرافض لاقتراحاتهم الداعية لبقاء الصحراء الجزائرية والقاعدة البحرية لمرسى الكبير بوهران تحت نفوذ فرنسا، وقال '' لقد تمسك الوفد الجزائري بموقفه بشأن الصحراء وأصر على أنها أرض جزائرية ولا يمكن التفريط فيها مشيرا إلى أنه تم في الأخير الاتفاق على صيانة الاستثمارات الفرنسية في الصحراء لمدة ثلاث سنوات خاصة بعد آن تم اكتشاف البترول بها''.وفيما يتعلق بمسألة القاعدة البحرية للمرسى الكبير أوضح زغيدي أن فرنسا تقدمت باقتراح يقضي باستغلال المرسى لمدة 99 سنة غير أن الوفد الجزائري رفض ذلك وتم الاتفاق على تحديد 15 سنة كمدة للكراء، لكن فرنسا قد خرجت من هذه القاعدة البحرية سنة 1967 قبل انقضاء المدة المحددة في تلك الاتفاقيات. وبعد أن أشار إلى أن اتفاقيات '' إيفيان'' جاءت لغرض واحد وهو تأطير عملية وقف القتال و تنظيم التعاون المستقبلي ما بين دولتين ذات سيادة وهما الجزائروفرنسا، أكد زغيدي بأن أهم شيء في كل هذه الاتفاقيات هو توقيف القتال الذي ينطوي على الاعتراف بالدولة الجزائرية وبكون جبهة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للأمة الجزائرية والاعتراف بحق الشعب الجزائري في تقرير مصيره والاعتراف بوحدة الشعب الجزائري و بالسيادة الجزائرية المطلقة للدولة الجزائرية على شعبها وعلى أرضيها وبوحدة الأرض جغرافيا والاستقلال التام بكل دلالاته بما فيه السيادة النقدية والسيادة الخارجية والسيادة الدفاعية لتأتي بعدها كما قال مجموعة اتفاقيات في المجال العسكري و التعاون الاقتصادي إلى جانب اتفاقيات في مجال التعاون الثقافي والتعليمي. ودعا الدكتور زغيدي المعروف ببحوثه التاريخية الغزيرة، كل من يدعي وجود بنود سرية في اتفاقيات إيفيان تتضمن تنازلات قدمها المفاوض الجزائري إلى تقديم دليله، مؤكدا بأن كل ماقيل حول ذلك مجرد إشاعات، وقال '' إن الخريطة الوحيدة للجزائر التي مازالت سارية إلى اليوم موروثة عن العهد العثماني ( عهد الباي لارباي حسن في القرن 16) ولم تشهد أي تغيير في عهد الاستعمار الفرنسي ولو نظريا. كما دعا زغيدي في هذا الصدد إلى الاطلاع على نص اتفاقيات إيفيان التي تم توقيعها في18 مارس 1962 ، في ظل وجود وثائقها الأصلية المنشورة حرفيا في أول عدد من الجريدة الرسمية الفرنسية الذي صدر بعد اتفاقيات إيفيان في أفريل 1962 ، إلى جانب دعوته للاطلاع على عدد 20 مارس 1962 من جريدة لوموند الفرنسية المتضمن ردود الفعل الإعلامية والسياسية ومن الشخصيات الفرنسية التي تشجب وتدين اتفاقيات إيفيان وتدين ديغول نفسه متهمة إياه بأنه باع نفسه وفرنساوالجزائر إلى '' جبهة التحرير ''. من جهة أخرى لفت المتحدث إلى أن المحور الثاني من اتفاقية "إيفيان"يتعلق بملف التعاون الاقتصادي والعسكري بين فرنساوالجزائر بعد الاستقلال، إذ منحت الاتفاقيات فرنسا حق الامتياز فيما يتعلق بالتنقيب عن النفط الذي تم اكتشافه في حاسي مسعود في الخمسينيات، نظرا لرغبة الجزائر في اكتساب الخبرة من الفرنسيين وهي الخبرة التي تم اكتسابها فعلا وجعلت الجزائر على ضوء ذلك تتخذ قرارها السيادي بتأميم المحروقات في 24 فبراير 1971. من جهة أخرى لفت الدكتور زغيدي إلى أن الجزائر، عندما شرعت في إجراء مفاوضات جديدة لمراجعة الامتيازات التي تحظى بها الشركات الفرنسية العاملة في مجال النفط في الصحراء الجزائرية وغيرها من القضايا في الستينيات واجه الطرف الفرنسي رئيس الوفد الجزائري وهو السيد عبد العزيز بوتفليقة، وزير الخارجية الذي مثل الرئيس هواري بومدين، باتفاقيات إيفيان، رد بوتفليقة قائلا لهم'' إن تلك المفاوضات تم توقيعها بين جبهة التحرير ودولة فرنسا أما الآن فالأمر يتعلق بالجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ذات سيادة،لذلك فإن الأمر مختلف ويجب أن تسمعوا الآن رأي الجمهورية ''. ونصح الباحث الدكتور زغيدي، كل من يريد حقائق أكثر عن اتفاقيات إيفيان سيما حول ملف التفجيرات النووية برقّان والملف العسكري إلى العودة إلى قراءة مذكرات بن يوسف بن خدة رئيس أول حكومة جزائرية مؤقتة الذي وقع تلك الاتفاقيات ومذكرات سعد دحلب وزير الخارجية في ذلك الوقت وإلى مذكرات المستشار التقني وعضو الوفد المفاوض رضا مالك وغيرها. عبد الحكيم أسابع حدث هذا بقالمة يوم الاستقلال الهروب الأكبر من سجون المحتشدات و بداية إعمار المناطق المحرمة مع حلول ذكرى الاستقلال الوطني، يسترجع سكان المحتشدات بقالمة مآسي السجون الجماعية التي أقامها الاستعمار لعزل القرى و المداشر عن الثورة و فرض سياسة التهجير ألقصري على السكان الذين احتضنوا الثورة منذ البداية و حولوا مساكنهم الجبلية إلى مراكز لإمداد جيش التحرير بالمؤونة و السلاح و المعلومات. و كان يوم الاستقلال بتلك المحتشدات يوما حقيقيا للحرية لدى هؤلاء المضطهدين خلف الأسلاك الشائكة لمدة قاربت خمس سنوات ارتكب خلالها جيش العدو جرائم ضد الإنسانية من قتل للسكان العزل و مصادرة الحق في التنقل و الخروج من المحتشد المطوق بالأسلاك و نقاط المراقبة المشددة. و تعد ولاية قالمة مركز القاعدة الشرقية خلال الثورة الأكثر تضررا من المحتشدات التي بناها بعدة مناطق لإفراغ القرى و المداشر من السكان و عزل جيش التحرير، و قطع خطوط الإمداد و الاتصال بينه و بين السكان الذين تركوا أراضيهم و ممتلكاتهم و دخلوا السجون الكبيرة التي تبقى شاهدا على وحشية الاستعمار الفرنسي الذي فصل الإنسان عن الأرض و استعبده في أكواخ من القصدير و الديس و الطوب حتى أن بعض المرحلين قسرا إلى المحتشدات لم يتحملوا الوضع الإنساني المتأزم و هربوا إلى المدن القريبة من المحتشدات و بقوا هناك إلى غاية الاستقلال الذي كان بمثابة نقطة تحول كبيرة لدى السكان المحاصرين بقالمة الذين كانوا أول من يعلم بأن الاستقلال اقترب بالفعل و هذا نظرا لتواصلهم المستمر مع قادة جيش التحرير الذين استطاعوا وضع خطط لكسر الحصار المفروض على سكان المحتشدات. و مازال بقايا سكان محتشد العيون الكبير الواقع أسفل جبل مرمورة غرب قالمة يتذكرون كيف شعروا بقرب الاستقلال حيث لاحظوا تراجع العمليات العسكرية و تخفيف الرقابة على حركة الدخول إلى المحتشد و الخروج منه، كما لاحظوا أيضا نشاطا غير عادي لوحدات جيش التحرير التي كانت تتنقل بحرية بين منطقة و أخرى، دون أن تتدخل قوات العدو بالطيران و المدفعية كما كانت تفعل من قبل. و بقي قرار وقف إطلاق النار خفيا على سكان المحتشدات لكنهم كانوا يدركون بأن شيئا ما يحدث في تلك الأيام حيث اختفت الدوريات العسكرية وسط المحتشد و قل نشاط الثكنة المجاورة لكن جيش التحرير بقي حذرا و لم يسرب معلومات حول وقف إطلاق النار و اقتراب يوم الاستقلال إلا لسكان المحتشدات الذين يثق فيهم و هم يمثلون نشطاء الثورة خلف الأسلاك الشائكة. و بقي الوضع الغامض و المريب مسيطرا على المشهد داخل المحتشدات إلى غاية صباح 5 جويلية عندما أفاق السكان على ثكنات فارغة، و أفراد جيش التحرير يتجولون داخل المحتشد و يطلقون الرصاص إيذانا ببداية الاستقلال بعد ليل استعماري طويل. حطم السكان الأسلاك المحيطة بالمحتشد و دخلوا الثكنة الصغيرة لم يعثروا على جندي فرنسي فيها و لا قطعة سلاح لقد غادروا بالفعل و أن الجزائر تعيش الاستقلال الذي كان بداية الهروب الأكبر من سجون المحتشدات و العودة إلى المناطق المحرمة التي بقيت مهجورة منذ صدور قرار الحصار الشامل و حظر التجوال بالأقاليم الجبلية بقالمة. يقول بعض من كان شاهدا على يوم الاستقلال بمحتشد العيون الواقع ببلدية بوحمدان بأن السكان رفعوا الأعلام الوطنية و احتفلوا نحو أسبوع كامل قبل بداية عملية الهروب الأكبر من المحتشد و العودة إلى الأرض التي ظلت محرمة عليهم منذ صدور قرار الترحيل القسري إلى المحتشدات سنة 1959 ، عاد الأهالي إلى مواطنهم الأصلية و هم غير مصدقين بأن الاستعمار قد رحل و أن الجزائر قد استقلت بالفعل فلم تعد هناك طائرات تطاردهم و عساكر يقتحمون منازلهم ، يعتدون و يقتلون بلا شفقة. تعاون العائدون في ما بينهم لبناء مساكن جديدة على أنقاض مساكنهم القديمة التي هدمت بعد عملية الترحيل القسري إلى المحتشد و بدأت أكبر عملية إعمار للمناطق الجبلية بقالمة فالأرض و الحرية بالنسبة لهؤلاء العائدون هي أغلى هدية لهم يوم إعلان الاستقلال على العكس تماما من سكان المدن الذين كانت أعينهم يوم الاستقلال على تركة المعمرين من شقق سكنية و محال تجارية ثمينة. و بالرغم من الدور الكبير الذي لعبته المحتشدات في كسر الحصار المضروب على الثورة بقالمة و غيرها من المناطق الجزائرية التي شملتها العملية الاستعمارية الواسعة، فإن هذه المحتشدات لم تنل حقها من البحث و الدراسة لحد الآن و هو ما دفع بوزارة المجاهدين قبل 3 سوات تقريبا إلى دعوة الباحثين و المؤرخين إلى فتح ملف المحتشدات الاستعمارية في الجزائر. و اعتبرت هذه المحتشدات جريمة ضد الإنسانية بقيت آثارها لصيقة بالشعب الجزائري حتى بعد الاستقلال حيث سارعت الدولة الجزائرية الفتية إلى مساعدة سكان المحتشدات الذين كانوا يعانون من الفقر و الجوع و الاضطهاد. و يروي شهود بأن بعض الهاربين من سجون المحتشدات بقالمة قضوا عدة أيام في العراء قرب منازلهم القديمة قبل أن يبنوا مساكن من الطين و القصب، كان حلم العودة أقوى من كل التحديات و الصعوبات التي واجهت العائدين إلى المناطق المحرمة بقالمة، عادوا بلا زاد و متاع، أكلوا النباتات و الثمار البرية عدة أشهر قبل أن تصلهم المساعدات من سكر و زيت و دقيق و مواد تنظيف. كل شيء هان في سبيل الأرض و الحرية التي لا تقدر بثمن بالنسبة لسكان المحتشدات الذين كانوا أكثر تفاعلا و تأثرا بإعلان الاستقلال مقارنة بسكان المدن و القرى التي ظلت بعيدة عن ساحة القتال الدائر بين الجبال و الشعاب و حول المحتشدات الرهيبة التي ستبقى عالقة في ذاكرة من عايشوا الثورة المقدسة و حضروا يوم الاستقلال الذي تمر عليه اليوم 52 سنة.