مسيرات حاشدة في أوروبا للتنديد بالاحتلال المغربي توسعت نهار أمس ردود الأفعال الدولية الرسمية والشعبية المنددة والمدينة للاعتداء المغربي الهمجي وما خلفه من ضحايا في صفوف النازحين الصحراويين في العيون. العاصمة الاسبانية مدريد شهدت حسبما نقلته وكالات الأنباء العالمية تظاهر آلاف الأشخاص، الذين ندّدوا بالقمع المغربي وطالبوا بالإنهاء الفوري لاحتلال الصحراء الغربية، وقد جمعت هذه الاحتجاجات بين أكبر نقابتين في اسبانيا بالإضافة إلى العديد من فعاليات المجتمع المدني الاسباني المجتمعة فيما تم تسميته "التنسيقية الوطنية للجمعيات المساندة للقضية الصحراوية"، وكذا بعض الوجوه المعروفة بنضالها في سبيل هذه القضية، حيث رفعت شعارات تدين النظام المغربي وتحّمل المسؤولية للحكومة الاسبانية الاشتراكية بقيادة ثاباتيرو التي فضلت السكوت وعدم إدانة المجزرة التي وقعت في "مخيم الحرية"، واكتفت بطلب توضيحات وبالإعراب عن انشغالها من الأحداث الجارية في المنطقة، كما امتدت الاحتجاجات والمظاهرات إلى العاصمة الفرنسية باريس التي شهدت تنظيم تجمع تضامني ظهيرة أمس بساحة "لا فونتان ديزينوسان" (نافورة الأبرياء)، وذلك بدعوة من ممثلين عن المجتمع المدني وأحزاب سياسية فرنسية، وبادرت به جمعيات الدفاع عن حق الصحراويين في تقرير المصير على غرار أصدقاء الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، واللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في الصحراء الغربية، وأكد ممثل جبهة البوليساريو بباريس عمر منصور أن التجند سيستمر بفرنسا وغيرها ما دامت الجرائم والاعتداءات المغربية ضد الشعب الصحراوي مستمرة في الأراضي المحتلة، وتعد مظاهرة أمس الثانية من نوعها المنظمة هذا الأسبوع بالعاصمة الفرنسية، حيث نظم يوم الأربعاء المنصرم تجمع مماثل بساحة تروكاديرو بباريس للتعبير عن استنكار العدوان المغربي، و نظم المشاركون بعد ذلك اعتصاما أمام سفارة المغرب بباريس، ووجهوا رسالة إلى الرئيس ساركوزي تدعوه باسم كافة الجمعيات والأحزاب السياسية التي شاركت في التجمع إلى التدخل لدى مجلس الأمن من أجل فرض احترام القانون الدولي.وعرفت السفارة المغربية بالعاصمة البريطانية لندن هي الأخرى اعتصاما وتجمعا لمتظاهرين رفعوا شعارات " الصحراء حرة" و " يحيا البوليزاريو"، و انضم للمظاهرة العديد من الطلبة والفنانين البريطانيين المساندين للقضية الصحراوية وطالبوا بوقف القمع واستقلال الشعب الصحراوي وحقه في تقرير مصيره، داعين المجتمع الدولي إلى التدخل، ولم يختلف الأمر في روما عاصمة ايطاليا حيث نظم عدد من مناصري القضية الصحراوية أمس تجمعا أمام سفارة المغرب ليعربوا عن استنكارهم للهجوم الإجرامي، وقد استجاب المتظاهرون الممثلون عن مختلف هيئات الدولة والأحزاب السياسية والحركة الجمعوية والنقابية والشباب إلى نداء الجمعية الوطنية للتضامن مع الشعب الصحراوي، وطالبوا من خلال مداخلاتهم مختلف المسؤولين بضرورة وقف القمع في الأراضي الصحراوية المحتلة وممارسة الشعب الصحراوي لحقه في تقرير المصير، وأدانوا استعمال "القوة الهمجية" للرد على المطالب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الشرعية للشعب الصحراوي داعيين المجتمع الدولي إلى التدخل من أجل حمل المغرب على إنهاء الاحتلال في الصحراء الغربية، ومجلس الأمن الأممي إلى إنشاء لجنة تحقيق " التي ستتنقل إلى عين المكان لتسليط الضوء على هذه الأحداث المأساوية". ومن المنتظر أن تستمر الاحتجاجات اليوم أيضا حيث من المقرر أن تشهد مدينة فلورانس بإيطاليا تجمعا احتجاجيا مماثلا للتنديد بالاعتداء المغربي الهمجي، حيث أوضح المنظمون أن التجمع الذي دعت إليه تنسيقية أصدقاء الشعب الصحراوي لمنطقة توسكان سيعقد لإدانة "التطهير العرقي الحقيقي" الذي قامت به قوات القمع المغربية في الأراضي الصحراوية المحتلة، وأضاف هؤلاء في نص النداء لهذا التجمع أن الوضع مأساوي لدرجة أنه لا يمكن في الوقت الراهن إحصاء عدد القتلى والجرحى والمفقودين ضمن النازحين الصحراويين بشكل دقيق، مضيفين أن عدة مصادر بما فيها بعض المناضلين الاسبانيين الذين يعيشون سرا في مدينة العيون تؤكد بأن الجيش المغربي فرض حصارا يمنع السكان من مغادرة منازلهم، وهو حصار دائم لم يشهد منذ سنة 1975 بالإضافة إلى "التوقيفات الجماعية" في صفوف الشباب الصحراويين، داعين كافة أصدقاء الشعب الصحراوي إلى التجمع لإدانة هذه الممارسات الوحشية و المطالبة بوضع لجنة تحقيق مستقلة.وفي البرتغال أدان كل من حزب الخضر الحزب الشيوعي البرتغالين أمس بالمجازر التي ارتكبها الجيش المغربي مطالبا الحكومة البرتغالية بإدانة هذا الهجوم الوحشي والتدخل لوقف المذبحة، كما أعرب المجلس البرتغالي للسلام والتعاون عن إدانته الشديدة "للمذبحة" التي ارتكبت في حق المدنين الصحراويين على يد الجيش المغربي، ووصف المجلس اعتداء القوات المغربية بالوحشي واللا مقبول ضد مدنيين كانوا يطالبون بحقوقهم المشروعة في الحرية والحياة الكريمة، كما نددت المركزية العامة للعمال الأرجنتينيين بدورها بأعمال القمع التي ترتكبها سلطات الاحتلال المغربي، وقالت "أن هذا الاعتداء الوحشي ارتكب من طرف أعداد هائلة من الجيش والدرك و قوات التدخل السريع والقوات المساعدة المغربية، ضد متظاهرين عزل طالبوا بوقف نهب ثرواتهم من طرف المحتل المغربي"، ومن جهته طالب حزب الخضر في سويسرا من المجلس الفدرالي التدخل في أسرع وقت ممكن من اجل توقيف العنف الذي يمارسه الدرك والشرطة المغربية، وكذا ضرورة التنديد بعدم احترام حقوق الإنسان، مؤكدا أن الأمر يتعلق باعتداء دموي ضد السكان الذين يعارضون بطريقة سلمية احتلال أراضيهم ونهب مواردهم الطبيعية، معتبرا الانتهاكات المغربية مرفوضة وتستلزم رد فعل سريع من قبل المجتمع الدولي . كما توالت ردود الفعل الرسمية حيث أدانت الحكومة الفنزويلية الاعتداء العسكري المغربي، معربة عن "قلقها الكبير وتنديدها" بأعمال القمع التي ارتكبتها القوات المغربية، كما عبرت في بيانها عن أسفها لسقوط قتلى وجرى في هذا الهجوم وطالبت بوقف أعمال القمع فورا، وكانت عديد الحكومات والمنظمات الدولية والأحزاب قد أدانت هي الأخرى "المجرزة" وما أعقبها من اعتقالات راح ضحيتها عشرات الصحراويين بمدينة العيونالمحتلة، وفي هذا الصدد أشار الوزير البريطاني المكلف بالشرق الأوسط و إفريقيا الشمالية اليستير بورت يوم الجمعة لدى زيارته الجزائر إلى أن بلده يتابع الوضع "باهتمام كبير لا سيما بعد التطورات الأخيرة التي ميزت المنطقة"، وأكد نية بلاده إرسال بعثة لمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية بعد الأحداث التي وقعت هناك في الأيام الأخيرة، نفس الموقف عبرت عنه الحكومة الايرلندية حيث أكد وزير خارجيتها مايكل مارتن أن بلاده تواصل دعم حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره معربا عن أسفه "للقتل والعنف الذي تستعمله القوات المغربية" كما تأسف لكون الاعتداء الوحشي على النازحين قد صادف الاجتماع غير الرسمي بنيويوك بين طرفي النزاع. وكان الاتحاد الإفريقي قد أعرب في وقت سابق عن "انشغاله العميق" عقب الأحداث المأساوية التي وقعت بالعيون، داعيا الحكومة المغربية إلى توفير ظروف "ملائمة" بغية إيجاد حل دائم للنزاع القائم في الصحراء الغربية، كما تأسف ل "الخسائر البشرية والمادية" المسجلة بعد "الإجراءات القمعية" التي اتخذتها المغرب لتفكيك المخيم وتفريق المتظاهرين .من جهته صرّح البرلماني الاسباني الذي طردته السلطات المغربية من الأراضي الصحراوية، أن المغرب يريد فرض قانونه وسيادته باعتماد سياسة قمعية ودون شهود، ويتجاهل لائحة الأممالمتحدة التي تكرس حق الصحراويين في تقرير مصيرهم، ودعا بالمناسبة إلى إعادة النظر في اتفاق الشراكة الذي يربط المغرب بالاتحاد الأوربي، لأنه يغالط المجتمع الدولي بزعمه التوجه نحو نموذج ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان، كما اعتبر أن اسبانيا لا تؤدي دورها كأداة مسيرة لمسار تصفية الاستعمار في المنطقة وندد بالضغط الممارس على الصحافة الفرنسية والاسبانية من قبل النظام الملكي المغربي.