ثلاث سنوات كانت كافية كي تكشف مجموعة محدودة من الأشخاص الوجه الخفي والقبيح للعالم. ما كان مجرد تخمينات يتم تبادلها في التحليلات أصبح حقيقة تؤكدها الوثائق التي تكشف، أيضا، أنه رغم التطور التقني والرفاهية التي حصلتها البشرية بعد قرون من الصراعات و الحروب فإن سكان هذا الكوكب لم يتخلصوا بعدُ من وحشيتهم وأن القادة الذين يبتسمون في الشاشات ويتظاهرون بهندسة السلام للشعوب مجرد قتلة يخفون السكاكين تحت بدلاتهم الأنيقة. الوثائق التي سربها موقع ويكيليكس لبعض الصحف العالمية كشفت الحياة السرية للعالم من خلال ربع مليون برقية للديبلوماسية الأمريكية تبين حقيقة العلاقات الدولية وكيف تدار اللعبة في العالم حتى بين أصدقاء الظاهر فالأمريكيون يرون في ساركوزي الحاكم المتسلط والملك العاري وفي ميركل السيدة التي تفتقر إلى الجرأة وتخشى المنافسة وفي ميدفيدف الشخص الضعيف أمام الذكر الغالب بوتين. وفوق ذلك تبين الوثائق أن أمريكا تتجسس على حركات وسكنات العالم من خلال ممثلياتها الديبلوماسية، كما تؤكد أن قادة عرب طلبوا من أمريكا تدمير إيران، وقبل ذلك كان الموقع فضح أسرار الحرب القذرة في العراق، وكيف تواطأ أهل الدار مع الغزاة على تدمير هذا البلد. الصحافة العالمية سارعت إلى كنز ويكيليكس كأنها تستعيض به عن وجاهة افتقدتها وسلطة أضاعتها بفعل تسرب صناع القرار إلى رأسمالها واستدراجها الخبيث إلى الصمت والتواطؤ، بل ووجدت في الموقع حجة لاستعادة لسانها المقصوص. وبذلك يكون ويكيليكس قد أنقذ صاحبة الجلالة من موت ارتضته لنفسها، وأكد بالمقابل أن هناك في عالم اليوم من يملكون القدرة على قول الحقيقة مهما كان ذلك مكلفا، وتلك فضيلة ويكيليكس بالرغم مما قيل أو يقال عن طبيعة التسريبات أو عن مستفيدين منها.