نساء البوكر سبع كاتبات عربيات وصلن إلى القائمة الطويلة ال16 للبوكر هذا العام، وكاتبتان منهن في القائمة القصيرة التي أعلنت هذا الخميس 9 ديسمبر، ويتعلق الأمر بالمصرية ميرال الطحاوي والسعودية رجاء العالم. فماذا يقلن يا ترى؟، وكيف هو شعورهن وكيف تلقين خبر ترشيح رواياتهن وادراجها ضمن اللائحة لأهم جائزة عربية في مجال الرواية والسرد، أيضا ماذا يعني لهن وصول سبع كاتبات إلى القائمة الطويلة. وهذا لأول مرة في تاريخ الجائزة التي وصلت إلى طبعتها الرابعة، وهل هذا يعد حقا مفاجأة غير متوقعة كما قال البعض، أم أمرا طبيعيا ومنطقيا بحكم تفوق الكاتبة وتميزها في الرواية وانجازاتها الملحوظة والمهمة في هذا الفن منذ سنوات، وهل هذا التتويج يعتبر خطوة مهمة في طريق إنصاف الروائيات العربيات وكتابة المرأة على حد سواء، والتفاتة مشجعة ومحفزة وداعمة لهن؟. هناك من اعتبر الأمر مفاجأة وهناك من هلل لهذا وهناك من استغرب هذا ولم يستلطفه حتى، وأكثر هناك شبه إجماع في الأوساط الأدبية والإعلامية على أن الجائزة لن تفوز بها امرأة مطلقا. فكيف هو رأي نساء البوكر يا ترى في كل هذا، وهل الجوائز العربية لم تنصف بعد المرأة العربية الكاتبة وظلت طوال تاريخها منحازة للرجل الكاتب، وهل حان الوقت لتقترب الجوائز إلى الكاتبة، لتعترف بإبداعها أكثر لأنها فعلا تستحق. هي أسئلة طرحها كراس الثقافة في عدده اليوم على نساء البوكر فكانت إجاباتهن/ردودهن تقترت في الكثير من النقاط والتفاصيل وتختلف في البعض الآخر. استطلاع/ نوّارة لحرش رينيه الحايك / روائية لبنانية ترشّح كاتب إلى جائزة أم عدمه لا يقيّم كتابته ولا يلغي هويته في الواقع سؤالك هو الذي لفت إنتباهي إلى عدد الكاتبات، لذلك لا يمكن أن أتحدّث عن مفاجأة ربّما لأنّ جنس الكاتب لا يحدّد شيئاً. المرأة ليست مغبونة ولا مهمّشة أكثر من الكاتب الرجل. كلاهما يواجهان واقعاً واحداً هو قلّة القرّاء في العالم العربي. وليس قلّة الجوائز أو كثرتها. ترشّح كاتب إلى جائزة أم عدمه لا يقيّم كتابته ولا يلغي هويته. سواء نالت الجائزة امرأة أم لم تنلها لا يعني بالضرورة تحيّزاً ضدّ أو مع المرأة. لا أرى أنّ بإمكان أيّ كاتب أن ينصرف إلى ما يحبّه حقّاً وإلى ما يعنيه إن إنتظر إعترافاً به أو تقديراً أو تصفيقاً، لأن ذلك سيحبطه ويصرفه عن الأهمّ ألا وهو متعة أن يكتب وأن يغيب في العوالم التي يتخيّلها. كتّاب وفنّانون كثر لم ينصفهم عصرهم، هم رجال ونساء على السواء. عوداً إلى السؤال لا أجد أنّ وجود سبعة أسماء لنساء على اللائحة إلتفاتة مشجّعة لهنّ. هو تقدير لأعمالهن بمقياس نقدي لا يستند إلى جنس الكاتب أو أي اعتبارات أخرى. لا تحتاج المرأة إلى إلتفاتة أو إلى دعم. تميّزها هو الداعم لها لا جنسها. إستناداً للإحصاءات أكثر من يشتري ويقرأ الروايات للنساء. فلا عجب على الإطلاق من أن تتميّز المرأة بإبداعاتها. أما ما يشاع في الأوساط الأدبية والإعلاميّة عن إستحالة أن تنال امرأة الجائزة مجرّد أقاويل وتقديرات شخصيّة. لا أنفي حصول غبن أحياناً. الغبن واقع أصلاً من اختيار كاتب واحد، لأنّ كلّ الكتاب يستحقون الفوز بجوائز. صوت الكاتب العربي ضعيف، يصل إلى ألف إلى ألفين إلى عشرة آلاف في أحسن الأحوال. مها حسن/ روائية سورية مقيمة في فرنسا إدراج روايتي في اللائحة الطويلة هو بمثابة إنصاف لكتابة غير مألوفة، مختلفة ومهمّشة ذكرني السؤال بالروائي الفرنسي لوكليزيو، إبان حصوله على جائزة نوبل، حيث أول رد فعل له عبر التلفاز الفرنسي كان تعبيره عن الفرح لأن الجائزة هي اعتراف. مهما كان حجم الجائزة أو قيمتها، فهي تشكّل إعترافا بجهد الكاتب، وتدفعه نحو العمل أكثر. هذا أيضا ما شعرت به، حين رأيت اسمي في اللائحة الطويلة لجائزة بوكر العربية. أعتقد أن جائزة بوكر للرواية العربية صارت مطمح معظم الروائيين العرب، لهذا فإنه من الطبيعي جدا أن أكون سعيدة لإدراج روايتي في اللائحة الطويلة. العلاقة بين الكاتب والجائزة، تشبه العلاقة بين الصوت والصدى. حين يكتب أحدنا بصمت، دون أن يسمع أو يشعر ب الصدى، يصاب بإحباط عبّر عنه الشاعر بشار بن برد: "لا حياة لمن تنادي". الكتابة هي عقد بين الكاتب والقارئ، عقد خفي، يستمتع الكاتب حين يرى جهده مقدّرا ومعترفا به، فيشعر بأنه ثمة أمل، وثمة حياة لمن ينادي. لا أريد الظهور بمظهر الضحية، ولكنني أكتب منذ أكثر من خمس عشرة سنة، صدرت روايتي الأولى "اللامتناهي -سيرة الآخر" عن دار الحوار في اللاذقية في عام 1995، ولكن ثمة الكثير من التعتيم الإعلامي على تجربتي التي أعتبرها "غير تقليدية"، وأهم ما قيل في روايتي السابقة "تراتيل العدم" الصادرة في العام الفائت، هو رأي الشاعر والصحافي المتميز اسكندر حبش في جريدة السفير اللبنانية، حين وصف كتابتي ب "السرد الشائك". هذا "السرد الشائك"، هو الذي همّش تجربتي، لأن الكسل الثقافي لا يتقبل أنماطا كتابية جديدة. إضافة أيضا لأسباب أخرى ساهمت في تهميش كتابتي، لا مجال للوقوف عليها هنا. لهذا كله، فإن إدراج روايتي في اللائحة الطويلة هو بمثابة إنصاف لكتابة غير مألوفة، لكتابة مختلفة ومهمّشة. رزان نعيم المغربي/ روائية ليبية أمر رائع لكن هذا لا يعني أن هناك ظلم وقع على الكاتبة العربية بالتأكيد جميل جدا أن أجد روايتي مدرجة في اللائحة الخاصة بالترشح للجائزة، وبالنسبة لوجود سبع كاتبات، أجده أمر رائع وهذا لا يعني أن هناك تمييز في السابق أو ظلم وقع على الكاتبة العربية في دورات سابقة، بل يعني أن هذه الأعمال تستحق وهي في مكانها الطبيعي. التنافس ليس بين كاتب وكاتبة، بل بين نصوص روائية مقدمة، باختصار هذا ما رأيته. الأراء التي تكتب في هذا الشأن تستحق الإحترام أيضاً، في النهاية هناك أذواق مختلفة، ومرجعيات متعددة لكل ما ذكر حول الترشح. إبتسام تريسي/ روائية سورية أتمنّى أن تنصف جائزة البوكر ما تكتبه المرأة العربية أسعدني خبر ترشيحي للقائمة الطويلة، خاصة وأنّ القائمة هذه السنة فيها أسماء مهمة، مثل واسيني الأعرج وخيري شلبي وفواز حداد. وفيها أسماء لها حضورها على الساحة الثقافية إعلامياً وإبداعياً. ولا شكّ أنّ الجائزة قد أثبتت حضوراً قوياً خلال السنوات الماضية، جعلها من أهم الجوائز في العالم العربي، وإن وجدت جوائز أخرى قيمتها المادية أكبر. وهذا ما جعل المنافسة قوية. وبالتالي حضوري فيها له وقعه الخاص في نفسي. ووصول سبع كاتبات عربيات إلى القائمة الطويلة، هو إنصاف لأدب تكتبه المرأة العربية. شخصياً لا أعدّ ذلك أمراً مفاجئاً، فمنذ زمن طويل أراهن على مقدرة المرأة في الكتابة الروائية. عندما كتبت أوّل رواية عام 2004، وخلال حديث دار بيني وبين الروائي الكويتي إسماعيل فهد، أكّدت على أنّ المرأة أقدر من الرجل من حيث العناية بالتفاصيل، والتعبير عن دواخل الإنسان، ومشاكله. ضحك أبو فهد يومها وقال: ربما الكاتبات الأجنبيات، أما العربيات فلا أعتقد. وها قد أثبتت الروائيات العربيات مقدرتهن الحقيقية في مجال الإبداع الروائي في حضورهن القوي والمنصف في هذه الجائزة. أما عن الذين استغربوا هذا؟ أو لم يستلطفوا؟ هذا شأنّهم، وهو لا يغيّر الواقع، ولا يبدله أبداً. الوقائع تقول إنّ الكاتبة العربية قد أثبتت حضورها إبداعياً، وها هي تثبته الآن من خلال فوز غير متوقع في جائزة مهمة، وستثبته بالتأكيد على جميع الأصعدة. أمّا تأكيدهم أنّ الجائزة لن تفوز بها امرأة، فهو قول يدعو للدهشة حقّاً.. ودهشتي من التسمية أولاً "امرأة" ومن ثمّ من التكهن! من يدري! لعلّ إحدى الكاتبات تفوز بها هذه السنة، وتنسف كلّ التوقعات والأمنيات أيضاً، لأنّي أشمّ رائحة تشفٍ في الموضوع!. إن كنا سنحسب الأمر بالكم، حسب نسبة عدد الكاتبات للكتاب، فللكاتبات العربيات حضور كبير في الجوائز العربية/ سعاد الصباح/نجيب محفوظ/ وبعض الجوائز المحلية. بعض الجوائز، بالتأكيد لم تنصف المرأة، لأسباب تتعلق بأصحابها، ولا علاقة لها بإبداع المرأة من حيث الكيف. وأتمنّى أن يكون الوقت قد حان حقّاً عن طريق هذه الجائزة للإعتراف بأهمية ما تكتبه المرأة العربية. ميرال الطحاوي/ روائية مصرية مقيمة في أمريكا الجوائز مؤشر لحراك وتطور الكتابة النسائية لكنها لا تعطي مصداقية لأي كاتب وصول 7 كاتبات للقائمة الطويلة وربما عدد مماثل للقائمة القصيرة هو تعبير عن حراك طويل في كتابات المرأة، أعتقد أن الجوائز العالمية بما فيها نوبل نصيب المرأة فيها في تزايد وكل عام يأتي بمفاجآت كبيرة أيضا البوكر البريطانية، أشهد تزايدا بل أقول أغلبية نسائية بامتياز، جائزة نجيب محفوظ التي تقدمها الجامعة الأمريكية أيضا شهدت أسماء نسائية كبيرة مثل سحر خليفة وأحلام مستغانمي وغيرها من الأعمال التي تعبر عنتحركة الكتابة. للأسف تخلو دور النشر من الإحصائيات الدقيقة، لكن بالنسبة لي صعود الكتابة النسائية في السعودية والمغاربية مثلا مسار دراسة، فمصر وسوريا ولبنان تعرفوا على كتابة المرأة مبكرا. في المجمل الجوائز قد تكشف بعض الإتجاهات في الكتابة، تكشف بعض الأسماء الجديدة، تفيد الدارس في تأمل الخريطة الثقافية لكنها لا تعطي مصداقية لأي كاتب. لا أنظر في الحقيقة للبوكر بهذا الشكل النسائي أو القبلي وأرجو ألا يكون المقياس في الجائزة هو البلد أوالأقليم ولا النساء ولا الرجال، أتمنى أن يتحيز النقد الأدبي للأجمل والأقدر على المنافسة بصرف النظرة عن موضوع النساء والرجال، الجوائز مؤشر لحراك وتطور الكتابة النسائية في العالم لكنها لا تخلق هذه الكتابة. فاتن المر/ روائية لبنانية كان سروري صاخبًا بوصول روايتي إلى القائمة الطويلة خلال السنوات الماضية، كنت دائمًا أتابع أخبار الجائزة، إذ كانت اللوائح تساعدني لأختار الروايات التي سأشتريها لأقرأها. أما هذه السنة، وقد رشحت دار النشر روايتي للجائزة، فحاولت أن أتناسى الأمر حتى لا أشعر بالخيبة في حال لم يتم اختيارها. ولكم كانت مفاجأتي كبيرة حين وصلتني رسالة قصيرة من الناشر على هاتفي تفيدني بوصول الرواية إلى القائمة الطويلة... كان سروري صاخبًا إذ رحت أخبر الجميع من حولي، فجائزة البوكر تكريس للقيمة الأدبية للعمل وقد تشكل تحولاً في حياة الكاتب. لم تتبادر للوهلة الأولى إلى ذهني فكرة إحصاء عدد الكاتبات في اللائحة، ولكنني تنبهت للأمر عندما قرأت التعليقات، فكان سبب دهشتي كون الأمر ليس مألوفًا، إذ لم يخيل لي يومًا أن الإجحاف بحق المرأة يطال الدوائر الأدبية والثقافية. وبصراحة ما زلت على تلك القناعة ولا أعتقد أن ثمة تمييز في هذا الإطار، كما أعتقد أن على المرأة أن تخوض معاركها بنفسها ولا تنتظر انتصارات تقدم إليها إثر حالة من وحي إجتماعي قد يهبط على أصحاب القرار. والإجحاف الذي لحق بالأديبات العربيات في ما يتعلق بالجوائز الأدبية ليس مرتبطاً برأيي بجنسهن، فقد يطال هذا الإجحاف كتاباً من الرجال لا يتمكنون لسبب أو لآخر من الوصول إلى الجائزة أو حتى إلى الترشيحات. ويبقى أن التقدم "النسائي" الذي أظهرته القائمة الطويلة للبوكر دليل عافية سواء ارتبط بحيوية الكاتبات وبروزهن أو برغبة في إعطائهن الدور الذي يستحقنه.