تناولت المداخلات التي ألقيت يوم الخميس في ندوة احتضنتها دار الثقافة بتمنراست ضمن فعاليات الطبعة الثانية من المهرجان الدولي لفنون الأهقار في يومه الثالث بتمنراست مواضيع التراث الصحراوي والإفريقي والعديد من القضايا ذات الصلة بالجوانب الأنتروبولوجية . وفي هذا الصدد ساهمت الأستاذة فوزية بلهاشمي وهي باحثة في الانتروبولوجيا بجامعة باريس( 8- فينسان ) بمحاضرة بعنوان " أنتربولوجيا التقنيات- حماية التراث و الوساطة الثقافية" تناولت فيها على الخصوص العلاقة المميزة التي تصنعها منطقة الأهقار مع تاريخها. وتطرقت الباحثة إلى هذه العلاقة من منظور " غني بالمصادر القديمة المكتوبة باللغة العربية و التقاليد الشفهية المتعددة المشارب" وهو" ما يتجلى من خلال نقل سكانها للتراث الثقافي المادي و غير المادي و المحافظة عليه من جيل إلى جيل". ومن جهتها طرحت الدكتورة " أماليا دراقاني" باحثة في الأنتروبولوجيا الإجتماعية بمدرسة الدراسات العليا بباريس في مداخلتها التي تحمل عنوان "الشعراء التوارق" مقاربة تاريخية جزئية. وقامت الباحثة بعرض وتحليل مجموعة من المعلومات تحصلت عليها خلال زيارات علمية قامت بها إلى النيجر بين سنتي 2005و2007 وزيارتها للأهقار في 2010 حيث وظفت مقاربة التاريخ في تحليل الشخصية الإجتماعية للشاعر التارقي والمؤثرات التي طبعت المسار الشعري له من خلال المحيط والخوف ومن خلال أيضا حياته الفردية والمشتركة وحضور الشاعرية لديه. كما تناولت المتدخلة أيضا مسألة توارث الشعر من فرد إلى أبنائه قبل أن تتحدث كذلك عن ظاهرة الموسيقى التارقية المرتبطة بالقيثارة والرسم التارقي. و بدورها قدمت الباحثة الدكتورة بلعليمات نادية وهي مهندسة دراسات بالمركز الدولي للبحث في البيئة و التنمية محاضرة بعنوان "تقاليد غناء الأسوات " وهو أحد أنواع الغناء ذي الشهرة الكبيرة بمنطقة الأهقار حيث تؤديه مجموعة من الفتيات التارقيات بحضور الشباب. و ترى الباحثة بأنه " وعلى عكس باقي الغناء التارقي فإن هذا النوع من الغناء يتميز بسرية كبيرة لأنه يضم فقط الشباب و الشابات غير المرتبطين وهو ما يرمز إلى تمجيد الحب و الشجاعة لشباب القبيلة". ودعمت الباحثة تدخلها بتقديم عروض سمعية لمقاطع من تسجيلات لغناء "الأسوات" مع إرفاقها بترجمة للقصائد المغناة و التي تجاوب معها الحضور كثيرا. كما ساهم السيد بادي ديدا باحث في التراث في هذه الندوة بمحاضرة بعنوان "الخبرة الزراعية عند المرأة الترقية بمنطقة الطاسلي ناجر" تناول فيها نشاط الزراعة لدى التوارق المستقرين في منطقة الطاسيلي ناجر(جانت و إيليزي). ويرى الباحث أن هذا النشاط "تمارسه المرأة بالمنطقة منذ آلاف السنين وتتوارثه النساء عبر الزمن وهو ما ولد خبرة مكتسبة للفلاحة بالمنطقة" مفسرا " اهتمام المرأة بالزراعة بانشغال الرجل بمهام أخرى تختلف بين تلك التي يقوم بها الشباب و الأكبر سنا". وقد حظيت هذه المحاضرات بمتابعة واسعة من قبل الحاضرين من الباحثين والمهتمين بالتراث الثقافي والمادي للمنطقة والفاعلين في المجال السياحي الذين أثروا هذه الجلسات الثقافية بتدخلاتهم المتنوعة. و للتذكير فإن فعاليات المهرجان الدولي لفنون الأهقار في طبعته الثانية تتواصل بمدينة تمنراست في أجواء احتفالية بهيجة حيث تشهد هذه التظاهرة الثقافية إقبالا واسعا من قبل المواطنين المحليين والوافدين من مختلف مناطق الوطن الذين يتطلعون إلى استكشاف المزيد من أسرارالتراث المادي واللامادي الذي تشتهر به منطقة الأهقار وبعض المناطق الإفريقية الأخرى. وتنظم ضمن فقرات برنامج هذا المهرجان العديد من الأنشطة الثقافية والفنية التي تصنعها الفرق الموسيقية المحلية والقادمة من بعض البلدان الإفريقية التي تصنع هذه الأيام أجواءا فنية متنوعة تحظى بتجاوب واسع من قبل الجمهور.