ارتبطت رياضة الغولف في المخيال الجمعي الرياضي بالاستقراطية والرفاهية، ما ضيق من رقعة اتساعها و ممارستها في الجزائر رغم أن الاتحادية الجزائرية للغولف رأت النور غداة الاستقلال في عام 1967. ويعتبر الغولف لعبة رياضية بكل معنى الكلمة، وتظهر فنون ممارستها من خلال البراعة وحسن التقدير والدقة في ادخال كرة صغيرة بيضاء في عدد من الحفر او الثقوب بعد ضربها بعصا معقوفة تسمى "كلوب" ذات رأس خشبي أو معدني حسب نوع الضربة المنفذة والمسافة. وتمارس لعبة الغولف في الهواء الطلق على مساحات كبيرة من العشب يتراوح طولها بين 3 و 7 كيلومترات وتتخللها مرتفعات و مجاري مائية و حفر ضيقة يبلغ عددها بين 9 و 18 حفرة. وتلعب هذه الرياضة بطريقة فردية او جماعية وفقا للقانون الذي يحكمها ويتضمن اكثر من 40 مادة، حيث تؤدى بطريقتين، يؤخذ في الأولى بعين الاعتبار عدد الحفر التي ينجح اللاعب في ادخال الكرة فيها زيادة على ما فعله منافسوه، وفي الثانية تؤخذ في الحسبان عدد الضربات التي نفذها كل لاعب خلال المباراة حتى وضع الكرة في الحفرة. وخلافا عن بقية الرياضات، فان الغولف يلعب من دون حكم والرياضي يمنع من تلقي أي مساعدة او نصيحة من أي طرف. "اسكتلندا مهد رياضة الغولف..." عرفت رياضة الغولف منذ زمن قديم وبأشكال مختلفة وتعتبر اسكتلندا موطن هذه اللعبة ومنها انتشرت إلى بقية أنحاء العالم. ويعود أصلها إلى لعبة كانت تمارس منذ أكثر من خمسة قرون من قبل الرعاة الاسكتلنديين، حيث كانت (اللعبة) تقوم على قاعدة ضرب الأحجار بالعصا. ولم توضع قواعد رياضة الغولف إلا عام 1754 بفضل نادي القديس أندرو والتي مازالت تحكم رياضة الغولف حتى اليوم. انتقلت اللعبة من اسكتلندا إلى أيرلندا ومن ثم إلى إنجلترا ومنها إلى المستعمرات الانجليزية. ولما رحل المهاجرون الأوائل إلى أميركا الشمالية منتصف عام 1800 انتقلت إلى أميركا وكندا. وظلت النظرة إليها في أمريكا على أنها تلك الرياضة التي يلعبها من يتجنب الإرهاق أو يخشى بذل الجهد. وكانت هذه اللعبة مقتصرة على الطبقات العليا والأغنياء فقط . وهي تستهوي الأغنياء كثيرا حتى في وقتنا الحاضر لكنها ليست لعبتهم لوحدهم حاليا. أقيمت أول بطولة للغولف في أميركا عام 1894 في نيويورك ونالت اللعبة شهرتها هناك بفضل (فرانسيس أويمت) ابن العشرين ربيعا الذي أذهل الناس بأدائه الجميل مع أن بدايته كانت في حمل مضارب اللاعبين وكان والده رجلا بستانيا يرعى عشب ملاعب الغولف. وتقام في العالم مئات المباريات الدولية كل عام و أشهرها أربع بطولات كبرى هامة وتسمى بطولة (الميجور) لا يشارك فيها إلا المحترفون وهي بطولة انجلترا و ثلاث بطولات تقام في أميركا وبطولة "الرايدر كاب" تقام بين أفضل لاعبين في أوروبا ضد أفضل لاعبين في أميركا. "حي المرادية أو "الغولف" اول ميدان للغولف في الجزائر": وفي الجزائر، دخلت هذه الرياضة عن طريق الفرنسيين عام 1913 الذين أسسوا أول ميدان للغولف في الحي الذي ما يزال يحمل هذه التسمية "الغولف" والواقع ببلدية المرادية بالجزائر العاصمة. وفي عام 1947 تم تحويل ممارسة الغولف إلى دالي ابراهيم الذي يشكل الميدان الوحيد لممارسة رياضة الغولف التي كانت حكرا آنذاك على المعمرين و فئة من السياح الأجانب . وفي جزائر الاستقلال، تأسس أول مكتب فديرالي جزائري عام 1967 و الذي عمد إلى انشاء منتخب وطني للغولف وتنظيم منافستي بطولة الجزائر وكأس الجزائر. رغم ان بدايات نشاطات اتحادية الغولف تعود الى عام 1967 الا أن الجمهور لا يكاد يعرف عن هذه الرياضة الا ما يتعلق بالأمريكي تايغر وودز، متصدر التصنيف العالمي والذي تصدرت اخباره مؤخرا العديد من وسائل الاعلا م العالمية، كما أن الكثير يجهل حتى بوجود اندية تكون و تمارس هذه اللعبة في الجزائر. حتى وان مر على تواجد الاتحادية الجزائرية للغولف 43 سنة كاملة، إلا انها لم تتمكن من توسيع نطاق انتشارها وهياكلها، اذ لا يوجد لا رابطات وطنية و لا جهوية تنضوي تحت لوائها، ما يجعل منها رابطة واتحادية في الوقت نفسه. وفي هذا الصدد، أوضح نائب رئيس الاتحادية الجزائرية للغولف، السيد عبد الرحمان بوزيد "نظرا لقلة الاندية النشطة في الجزائر فانه لا يوجد رابطات وطنية او جهوية ما يجعل من هيئتنا رابطة واتحادية في الوقت نفسه". وأرجع نفس المتحدث تأخر اتحادية الغولف الى دخولها في "سبات عميق" في العشرية السوداء التي كان لها بالغ الاثر على ممارسة هذا النشاط الرياضي، على حد تعبيره. "برنامج طموح لدمقرطة ممارسة الغولف في الجزائر .." وبالنظر إلى حالة الركود التي آلت إليها اتحادية الغولف في سنوات التسعينات، فإن سياسة الإتحادية الجزائرية للغولف تركزت أساسا، حسب السيد بوزيد، على التكوين الذي اعطيت له الاولوية المطلقة لتدارك الامور. وقد عرفت السنوات القليلة الماضية، ظهور محتشم لبعض الاندية المتخصصة في ممارسة الغولف في الجزائر، حيث بلغ عددها الى حد اليوم خمسة فقط وهي نادي الابيار (او اف او بي) و نادي دالي ابراهيم (ان ار دي اي) و فريق فوجرو ونادي كلارفال ونادي حيدرة (اش اي سي). وفي هذا الشأن، أوضح نائب رئيس الاتحادية، أنه "تم احداث خمس مدارس لقربها من ميدان دالي ابراهيم للغولف، والذي يعد الميدان الوحيد على المستوى الوطني، حيث اخذت الاتحادية كل التكاليف على عاتقها، تشجيعا لممارسة هذه الرياضة". ومن أجل توسيع ممارسة الغولف، عمدت الإتحادية إلى الاتصال باللاعبين القدامى وتكفلت بتكوينهم وذلك من أجل السماح لهم بتأطير وتدريب 200 طفل في عام 2009 . ويتدرب هؤلاء الاطفال بمعدل يومين في الاسبوع في ميدان دالي ابراهيم. وتحضيرا لنخبة المستقبل واعداد المنتخب الوطني لعام 2016، ، قامت الهيئة الاتحادية بانشاء اول مدرسة فديرالية تضم 16 طفلا تم اختيارهم من بين الممارسين ال200 النشطين تحت لواء مختلف الاندية، و يتدربون حاليا بمعدل 4 مرات أسبوعيا تحت إشراف المدرب الوطني جمال مزاري. وعلى غرار بقية الرياضات التي توصف ب'الصغيرة"، تعاني رياضة الغولف من مشكل نقص الامكانيات والتجهيزات الخاصة بهذا النوع الرياضي، الامر الذي دفع بالقائمين على تسيير شؤون الغولف في الجزائر إلى إجراء اتصالات لطلب المساعدة من الاتحادية الدولية للغولف في اسكتلندا والتي زودتهم ب13 حقيبة تضم عتاد كامل للغولف، وضعت جميعها تحت تصرف المدرسة الاتحادية، بحسب المسؤول نفسه. وكشف نائب رئيس الاتحادية أنه يجري العمل حاليا على دراسة مشروع تهيئة ميدان الغولف وتحديثه سيما وان خبير من الاتحادية الدولية للغولف كان قد عاين المكان وأعد دراسة خبرة في هذا الاطار. تجدر الإشارة، إلى أن ممارسة رياضة الغولف لا تقتصر على الصغار او المنضوين تحت لواء الاندية والاتحادية بل يمكن حتى للكبار مزاولة هذا النشاط لكن مقابل دفع مقابل مادي للاشتراك في نشاطات اندية خاصة غير تابعة للهيئة الفديرالية. وفي الاخير، دعا المسؤول الثاني في الاتحادية الجزائرية للغولف ورئيس نادي الابيار كل الاولياء الى تسجيل أبنائهم وتشجيعهم على ممارسة الغولف، واعدا إياهم بتكفل الاندية النشطة في الميدان بمساهمة الاتحادية، تكفلا تاما بالمنخرطين الجدد و ذلك في اطار السعي لدمقرطة ممارسة هذه الرياضة التي كثيرا ما اقترنت بعالم الترف والرفاهية.