يتحدث العديد من الخبراء العسكريين والسياسيين في مصر في الأيام الأخيرة من خلال الصحف المحلية عن "مخاوف" من "الثورة المضادة" ويجمعون أن بقاء الرئيس السابق في شرم الشيخ خطر على الثورة المصرية في الوقت الذي أعلن فيه مبارك عن تقديمه بإقرار الذمة المالية للجهات القضائية المختصة . وقد انطلقت هذه المخاوف بعد تصريح الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل الذي أكد فيه أن وجود مبارك في شرم الشيخ يخلق وضعا مناوئا للثورة. وقد أكد الخبير العسكري اللواء عبد المنعم كاطو أن الكل يتخوف من الثورة المضادة التي من الممكن ان يشعلها الذين تضرروا من الثورة ومعظمهم من الحزب الحاكم سابقا و"المسؤولون الذين سيقدمون للمحكمة والطامعون في السلطة". ودعا الخبير الى محاصرة هذه الفئات من خلال سرعة التحقيق وتوجيه الاتهامات للمسؤولين واتخاذ الإجراءات القانونية لإنهاء عملية الفساد والمراقبة الدقيق للتحركات المشبوهة لهذه الفئات. وقال الخبير العسكري محمد على بلال ان وجود مبارك في شرم الشيخ يسبب شيئا من القلق وليس القلق كله لان الجيش قد اعلن في بيانه الثاني انه مع الشعب ومن المستحيل ان تتراجع القوات المسلحة عن وعدها ولن تتأثر بمن يحاولون إحباط أو تشويه الثورة الشعبية. كما استبعد عودة مبارك لان الشعب بكامله "لن يسمح على الاطلاق " كما قال بان يعود الوضع الى ماكان عليه حيث تجاوز حاجز الخوف". وشاطر الخبير العسكري صفوت الزيات من جهته راي حسنين هيكل وقال ان شرم الشيخ استخدمت في فترة مبارك كمركز لتامين الرئيس وحاشيته واتاحة مجال التنظيم للمناورة من هناك اذا حدث اي شيء في الداخل المصري . غير انه استدرك ان وجود مبارك في شرم له مخاوف ولكن ليس بالثقل الكبير . لان ثقل مبارك مازال يتأكل اخلاقيا ومعنويا من خلال اكتشاف الفساد وعمليات النهب المنظمة التي كانت موجودة في عهده. وقد طرح سياسيون وخبراء عسكريون بدائل عديدة لمواجهة هذا "التخوف" تركزت حول محاكمة مبارك وعائلته ورموز حزبه او نفيه او حل "الحزب الحاكم سابقا . واعتبر القيادى بالجمعية الوطنية للتغيير الكاتب حمدي قنديل أن خطورة بقاء مبارك فى شرم الشيخ توازى خطورة استمرار أعوانه داخل المؤسسات الحاكمة حتى الآن. وأضاف إن بقاء مبارك فى شرم الشيخ "يتيح له الاستمرار فى تهريب أموال دون رقابة كافية وإعادة ترتيب سقوف حزبه وأعوانه فى الداخل بحيث يمكنهم الانقضاض على الثورة فى أى وقت". وقال أن "محاولات الالتفاف الملحوظة على الثورة من بقايا العهد الماضى لاتزال قائمة داخل الحكومة الحالية" مضيفا انه "إذا أراد مبارك البقاء فى مصر فلابد أن يقدم للمحاكمة وإذا رفض فالأفضل أن يتبع خروجه من الحكم خروجه كذلك من البلاد". واتفق رئيس حزب الجبهة الديمقراطية اسامة غزالي حرب مع كلام قنديل عن المخاطر التى يمثلها وجود مبارك فى شرم الشيخ على الثورة واوضح أن "الضامن الوحيد والأساسى" للتصدى لتلك المحاولات هو الوقفة العظيمة للشعب المصرى الذى أكد وجوده بقوة الجمعة الماضى. ودعا الى اتخاذ الإجراءات ل"حماية الثورة " وفى مقدمتها التحفظ على بقايا النظام القديم وعلى وجه الخصوص نجله جمال مبارك. وقال انه "يستحسن أن يخرج مبارك من البلاد تماما وذلك يمكن حدوثه بالتفاهم مع القوات المسلحة وبالضغط الشعبى" مطالبا هو الاخر باتخاذ إجراءات سريعة لمحاكمة "نماذج فساد السلطة وعلى رأسهم جمال مبارك وسامح فهمى وزير البترول". واكد امين مساعد حزب الوفد حسين منصور أن النظام القديم "متواجد ومتغلغل بجذوره" مشيرا إلى أن التكنولوجية والتواصل المستمر للشعب عبر الفضائيات والإنترنت وتجمع الشباب بصفة مستمرة من أهم الأساليب التى يمكن أن يستخدمها الشعب للقضاء على النظام القديم ومنعهم من الانقضاض على ثورة 25 يناير . وعكس ذلك قلل أستاذ العلوم السياسية مصطفى كامل السيد من هذه المخاوف وقال إن عهد مبارك قد انقضى وليس هناك أى فرصة لعودته أو عودة نائبه عمر سليمان. و أكد السيد أن الثورة الشعبية يمكن أن تتجدد فى أى وقت فى حال رجوع مبارك أو نائبه . كما أن القوى التى وقفت إلى جانب الثورة وعلى رأسها الجيش لن تتخلى عنها . إلا أن ذلك لا يمنع كما قال من اتخاذ إجراءات احترازية لمنع عودة "المباركية" وفي مقدمتها حسبه تغيير الحكومة الحالية وانتخاب وجوه جديدة فيها وفى المؤسسات الصحفية والإعلامية الى جانب "قطع كل الاتصالات والعلاقات الرسمية مع الرئيس السابق".نفس الرأي ابداه الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية و الاستراتيجية ضياء رشوان وقال أن الحوار الذي ضم ممثلين للمفكرين والمثقفين والأدباء مع قادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة تطرق بوضوح إلى جميع الجزئيات التي تشغل الشارع المصري حاليا وعلى رأسها وجود الرئيس المخلوع في شرم الشيخ وما تردد عن منع الحديث عن ثروته. وقال رشوان إن الجيش أعلن بوضوح ردا على فتح ملف وجود مبارك في شرم الشيخ أنه يؤمن منذ اللحظة الأولى بالثورة ومطالبها المشروعة وأنه سيقف بكل حزم ضد أي قوة مضادة للثورة أيا كان مصدرها.