عادت الحياة لطبيعتها وسط القاهرة فى ميدان التحرير يوم الجمعة بعد اكثر من شهر و نصف من اعتصامات عقب الاشتباكات التي وقعت اول أمس الأربعاء بين مؤيدي ومعارضي الاعتصام في ميدان التحرير اسفرت عن اخلاءه من قبل قوات الجيش. وقد شهد ميدان التحرير صباح الجمعة سهولة فى حركة المرور وانتشرت قوات الشرطة فى جميع أنحاء الميدان وبشكل ملحوظ فى مقر الاعتصام. وعرف الميدان تواجدا امنيا مكثفا لعناصر الامن حيث لفت انتباه المارة الذي كانوا يتبادلون الاحادث "الودية" مع رجال المرور. ولوحظ انتشار عبارة "الشرطة في خدمة الشعب" على جميع سيارات الشرطة في محاولة "لامتصاص مشاعر الغضب على خلفية عنف افراد الشرطة على متظاهري ثورة 25 يناير" كما علق بعض الاعلاميين. واستانفت المحلات المحيطة بميدان التحرير عملها خاصة ذات الطابع السياحي بعض فض الاعتصام وخلا المشهد من الباعة المتجولين مما سهل الحركة المرورية بالميدان والشوارع المحيطة. وكان وزير الداخلية المصري الجديد منصور العيسوي قد أكد أن الشرطة مستعدة لتقديم اعتذار للشعب عن الأخطاء التي ارتكبتها في عهد مبارك. واشار إلى عودة قوات الشرطة اليوم ب"كثافة ملحوظة " وبكامل قواها خاصة إلى الطرق والمحاور الرئيسية وذلك بهدف "تحقيق الإستقرار وتوفير الأمن". في خطوة تستهدف محاسبة رجال الامن المسوولين عن قمع المظاهرات امرت النيابة العامة اليوم بحبس ثلاثة ضباط على ذمة التحقيق بتهم قتل العشرات من المتظاهرين والتسبب فى اصابة العديد منهم باطلاق الرصاص الحى عليهم أثناء مظاهراتهم. كما باشرت النيابة التحقيق مع مدير أمن الاسكندرية السابق اللواء محمد ابراهيم بتهم تتعلق بممارسات الشرطة اثناء الاحداث. وكانت الحكومة المصرية الجديدة قد اعلنت عن تشكيلها لجنة تحقيق مستقلة للنظر فى اعمال القمع ضد المتظاهرين والتى من المقرر ان تحيل نتائج تحقيقاتها إلى النيابة للنظر فى الجرائم المرتكبة اثناء الاحتجاجات. وفي هذه الاثناء واصل الأقباط المتواجدون أمام مبنى الإذاعة والتليفزيون اعتصامهم لليوم السابع على التوالي للتنديد بالحريق الذي شب يوم السبت الماضي بكنيسة الشهيدين بقرية "صول" بأطفيح في محافظة حلوان. و على الرغم من محاولات التهدئة التي يقوم بها رجال الدين الاسلامي والمسيحي وأيضا شباب ثورة 25 يناير إلا أن المعتصمين الذين أطلقوا على أنفسهم "شباب ماسبيرو" بالنظر إلى حي الذي يوجد فيه مبنى التلفزيون أكدوا انهم لن يفضوا اعتصامهم حتى الانتهاء من إعادة بناء الكنيسة في موقعها الأصلي وإعادة بناء مبنى الخدمات المجاور لها بالإضافة إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق للتحقيق في هذه الأحداث ومحاسبة المسئولين عنها. ومن جهة أخرى وحد اليوم ائمة مساجد مصر خطبة الجمعة حيث تركز موضوعها حول الوحدة الوطنية ونبذ العنف بين افراد الوطن الواحد. وصرح وزير الاوقاف المصري عبد الله الحسينى إنه أصدر توجيهاته بضرورة التركيز على توحيد الصف الوطنى بين المسلمين والمسيحيين فى الخطبة والاستشهاد بما جاء فى القرآن والسنة من توجيهات واضحة للتعايش والتعاون بين الجميع والتأكيد على حرية العقيدة واحترام الآخر. وكانت الأيام الماضية قد شهدت تفجر أحداث الفتنة الطائفية عقب هدم كنيسة "الشهيدين بأطفيح" ما أسفر عن مصرع 13 وإصابة 140 من المسلمين والمسيحيين فى الاشتباكات التى وقعت بمنطقة منشأة ناصر والمقطم قبل يومين. وقد حذر رئيس مجلس الوزراء عصام شرف من أن الوضع الداخلى فى مصر أصبح "خطيرا جدا " وقال في تصريحات صحفية "اقتربنا من بعض الخطوط الحمراء بسبب استمرار حالة الانفلات الأمنى". وأضاف ان الحكومة لديها قناعة بأن ما يحدث "شىء ممنهج ويهدد استقرار الوطن ما يدعونا إلى الحسم فى مواجهة هذه الأمور". وفى محاولة لمواجهة أي أحداث لوحظ رفع درجة تأمين الكنائس على مستوى القاهرة حيث زاد عدد الأفراد المشاركين فى التأمين. وقالت مصادر امنية ان فرقا من العمليات الخاصة التابعة للأمن المركزى ستتولى تأمين الكنائس الكبرى مثل كاتدرائية العباسية.