ينبغي على بلدان الضفة الجنوبية من المتوسط إعطاء الأولوية لتوفير مناصب الشغل في سياستها الاقتصادية المرتكزة كثيرا في الوقت الحالي على نتائج الاقتصاد الكلي حسبما اكده يوم الثلاثاء بالجزائر العاصمة خبير اسباني في العلاقات الدولية. وأوضح السيد ايفان مارتن مارتن باحث مشارك في معهد الدراسات الدولية في محاضرة نشطها بالجزائر العاصمة حول "ازمة اختيار النموذج الاقتصادي و الاندماج في المتوسط" ان "برامج حكومات بلدان جنوب المتوسط ترتكز على سياسات الاقتصاد الكلي كمحرك وحيد للتنمية على حساب ادوات اخرى للاقتصاد الجزئي مثل توفير مناصب الشغل و انعاش الصناعة". كما أكد في محاضرة نظمها المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة ان الجزائر لا تشد على هذه القاعدة بما ان النتائج الخاصة بالتنمية مماثلة لتلك المسجلة في البلدان الاخرى من الضفة الجنوبية من المتوسط . وتابع يقول ان "للجزائر سياسة اقتصادية مختلفة تماما عن البلدان (العربية) المتوسطية الا ان النتائج المتعلقة بالتنمية و توفير مناصب الشغل و الاندماج الدولي و حركية النمو تعد مشابهة جدا" لتلك الدول. في هذا الصدد، أوصى "بضرورة اعادة النظر في النماذج الاقتصادية لتلك الدول" التي لم تؤدي -زيادة على ذلك- "الى توزيع افضل للثروات". وأضاف يقول السيد مارتن ان "الانتفاضات التي حدثت في الوطن العربي لم تكشف فقط عن ازمة في النموذج السياسي و انما كذلك عن ازمة في النماذج الاقتصادية" التي ينبغي تغييرها.و حتى الانفتاح الاقتصادي -حسب رايه- الذي باشرته هذه الدول لانعاش اقتصادياتها لم يحقق النتائج المرجوة و انما على العكس من ذلك ادى الى ضعف حواجز حماية الاقتصاد و انخفاض للجباية و الاجور. و لتعليل تبعات هذا الانفتاح و الفرق المسجل في مجال الاجور بين ضفتي المتوسط اشار الى ان متوسط الاجور في الجزائر قد عرف ما بين 1996 - 2006 انخفاضا بنسبة - 7ر1 % مقابل ارتفاع بنسبة 3 % في بلدان اوروبا. زيادة على ذلك فان تجربة الانفتاح الاقتصادي قد خلفت كما قال، أنظمة انتاجية ذات دخل ضعيف مقارنة بتلك الموجودة في اوروبا. في هذا الاطار اوضح السيد مارتن ان الحل يكمن "في اجراءات المرافقة" الخاصة بالحكومات سيما لقطاعي التربية و التشغيل. كما اضاف ان "الحكومات مطالبة بتنفيذ سياسة تنافسية" تساعد على توفير مناصب شغل منتجة مشيرا الى انه في الجزائر كما في بقية بلدان المنطقة "لا نعطي اهمية كبيرة للبعد المتمثل في توفير مناصب الشغل في مختلف البرامج العمومية الاستثمارية".و تابع السيد مارتن يقول ان التحدي الاكبر بالنسبة للبلدان المتوسطية يكمن في ضمان تنمية موزعة بين الضفتين مقترحا انشاء فضاء اقتصادي مشترك مع حرية تنقل رؤوس الاموال و العمالة. إلا أن انشاء مثل هذا الفضاء يتطلب -على حد قوله- "اقامة تدفق اقتصادي و مالي متطابق بين بلدان المنطقة".و خلص في الاخير الى القول بان التدفق المالي حاليا بين شمال و جنوب المتوسط لا يضمن هذا التطابق مشيرا الى العجز التجاري المقدر ب 30 مليار دولار للبلدان العربية ال8 مع اوروبا سنة 2010 مما يبرز هذا الاختلال في تدفق رؤوس الأموال.