باتنة - انطلقت يوم الثلاثاء بمركز البحث العلمي بجامعة الحاج لخضر بباتنة فعاليات ملتقى دولي حول الأرز الأطلسي لاسيما بغابات منطقة الأوراس (باتنة و خنشلة) بحضور باحثين من مختلف جامعات الوطن ومحافظي غابات ومدراء بعض الحظائر الوطنية إلى جانب باحث من مخبر جامعة أريزونا (الولاياتالمتحدةالأمريكية). ويهدف الملتقى إلى فهم عملية اضمحلال شجرة الأرز الأطلسي وتقييم إمكانيات تجديد هذه الثروة إلى جانب إعداد نماذج لتسيير هذه الثروة الطبيعية والمحافظة عليها وكذا تدعيم التعاون بين المسيرين والباحثين من أجل فعالية أكثر للحلول المتوصل إليها. وتمحورت مداخلات المشاركين في هذا اللقاء العلمي الذي يدوم يومين حول إشكالية اضمحلال وتماوت أشجار الأرز الأطلسي بهذه الجهة من الجزائر والبحر الأبيض المتوسط ودور التغيرات المناخية في تفاقمها إلى حد تهديد هذا الصنف من النبات بالاندثارنهائيا. وأكد الباحث من مخبر جامعة أريزونا البروفيسور رمزي توشان في مداخلته بأن التغيرات المناخية التي عرفها القرن العشرين سببها الإنسان واستخدامه غير العقلاني لمواد وطاقات ملوثة للبيئة والمحيط مما أثر سلبا على طبقة الأوزون . وقدم المتدخل الذي سبق له وأن زار منطقة الأوراس في سنة 2006 في إطار علمي للبحث في ظاهرة اضمحلال شجرة الأرز بالجهة شروحا حول علم دراسة التغيرات المناخية انطلاقا من حلقات نمو الأشجار. وأبرز شروط نجاعة هذه التقنية وأن تكون الأشجار محل الدراسة معرضة للتغيرات المناخية وأن يكون التغير المناخي ظاهرا على الشجرة ووجوب أن يكون التأثير المناخي على مجال واسع. ويعود تاريخ الاعتماد على هذه الطريقة -يضيف البروفيسور توشان- إلى سنة 1900 ويعد مخبر أريزونا بالولاياتالمتحدة أول وأقدم مخبر في العالم ينتهجها ويعتبر إلى حد الآن المرجع في هذا المجال. وقد توصلت أبحاث فريق منه وفي إطار بحث عام أجري سنة 2006حول شجرة الأرز الأطلسي بمنطقة البحر الأبيض المتوسط ومنها الموجود بالجزائر بأن حوالي 62 بالمائة من آفة اضمحلال هذه الشجرة (بالأوراس) تعود إلى الفترات المتقاربة للجفاف. وكشف الباحث بأن هذه الدراسة توصلت من خلال العينات من مقاطع الأشجار التي تم إخضاعها للبحث المعمق إلى أن فترات الجفاف الشديدة بهذه الجهة من المتوسط كانت تتكرر مرة كل خمسين سنة انطلاقا من سنة 1562 لتتقارب تدريجيا بعد ذلك وتعاود الظهور كل 5 سنوات تقريبا وسجل أشدها على الأرز الأطلسي بالأوراس بين 1998و2002. وعلى الرغم من أن ظاهرة اضمحلال هذه الشجرة التي يعتبرها المختصون (شجرة نبيلة) قد استقرت حاليا -حسب مدير الحظيرة الوطنية لبلزمة السيد السعيد عبد الرحماني- إلا أن الجهود والأبحاث مازالت متواصلة للمحافظة على هذه الثروة الغابية المهددة بالاندثار بالمنطقة والجزائر وحتى باقي دول البحر الأبيض المتوسط. وفي هذا الشأن أكد البروفيسور توشان لوأج بأن أشجار الأرز بلبنان بدأت في السنوات الأخيرة في الانحصار بفعل الجفاف والارتفاع المتزايد لدرجة الحرارة. ومن جهته أكد الدكتور بن تواتي عبد الله باحث من معهد علوم البيطرة والزراعة بجامعة باتنة بأن ظاهرة اضمحلال شجرة الأرز بالمنطقة مازالت إلى حد الآن تحت الملاحظة ولم يتم التدخل بشأنها أو معالجتها بطرق علمية. ويتم التركيز حاليا وبالدرجة الأولى على تسيير والمحافظة على ما تبقى من هذه الثروة وإن كانت الحظيرة الوطنية لبلزمة قد بادرت انطلاقا من سنة 2008 إلى تطهير 735 هكتار من الحظيرة من أشجار الأرز الميت لاسيما بالمناطق الجبلية تالمات وبرجم و بومرزوق إلى جانب إعادة استنباتها بشجيرات جديدة من الأرز. وتحتل أشجار الأرز الأطلسي مساحة 12 ألف هكتار من غابات منطقة الأوراس منها 7 آلاف هكتار موجودة بولاية باتنة مست ظاهرة الاضمحلال نسبة تصل إلى حوالي 40 بالمائة منها بدأ من سنة 2003 حسب رئيس مصلحة حماية النباتات والحيوانات بمحافظة الغابات بباتنة بريكي عثمان. وتم فتح ورشتين خلال الملتقى يشرف عليها مختصون في الميدان الأولى حول التغيرات المناخية وآثارها السلبية على النظام البيئي للأرز والثانية تدرس الطرق المثلى لتسيير والمحافظة على شجرة الأرز . للإشارة فإن خرجة ميدانية ستنظم في اليوم الثاني من الملتقى إلى المناطق التي سجل فيها اضمحلال الأرز بالحظيرة الوطنية لبلزمة لفائدة المشاركين بغية تقييم الوضعية بعين المكان.