يجتمع المبعوث الأممي-العربي المشترك إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي غدا الجمعة في سويسرا مع ممثلين عن الحكومتين الروسية والأمريكية في محاولة متجددة لإيجاد حل للأزمة السورية ووسط تباين لردود الفعل الدولية حول خطة الرئيس السوري الأخيرة. وقد توجه الإبراهيمي في وقت سابق اليوم الخميس إلى سويسرا في زيارة تستغرق ثلاثة أيام يعقد خلالها اجتماعا مع نائب وزير الخارجية الروسي المبعوث الخاص للشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف ومساعد وزيرة الخارجية الأمريكية وليام بيرنز. ويشكل اللقاء الثلاثي الذي يأتي في إطار الجولة الثانية من المشاورات الدولية الأمريكية-الروسية بخصوص الأزمة السورية استمرارا للمشاورات التي بدأت في دبلن بإيرلندا شهر ديسمبرالماضي بحضور وزيري الخارجية الأمريكي والروسي وتواصلت في جنيف في التاسع من نفس الشهر مع بوغدانوف وبيرنز بهدف بحث وسيلة تفعيل بيان جنيف الصادر في جوان الماضي. وقصد توفير الدعم الدولي لتسوية الأزمة السورية الداخلية دعت روسيا الأطراف المشاركة في اللقاء إلى العمل على إيجاد السبل الكفيلة من خلال العتماد على بيان جنيف وبمراعاة الأفكار ذات الصلة التي طرحها الرئيس السوري بشار الأسد في خطابه الأخير. وكان الرئيس السوري بشار الأسد قد طرح خلال خطاب توجه به إلى الشعب السوري في 6 يناير الجاري خطة من ثلاثة نقاط لتسوية الازمة التي تعيشها البلاد منذ ال21 مارس 2011 والتي راح ضحيتها حتى الآن حسب تقديرات الأممالمتحدة أكثر من 60 ألف قتيل تمثلت خصوصا في وقف العنف والعمليات العسكرية وعقد مؤتمر للحوار الوطني للوصول إلى ميثاق وطني يرسم المستقبل السياسي لسوريا. وقد دعت وزارة الخارجية السورية كلا من مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون للإطلاع على البرنامج السياسي لحل الأزمة الذي طرحه الأسد والعمل على دعمه مشيرة إلى أن الرئيس قد أطلق برنامجا سياسيا لحل الأزمة التي تواجهها سوريا منذ نحو العامين مستندا إلى مبادئ وأهداف ميثاق الأممالمتحدة والقانون الدولي وقرارات الأممالمتحدة ذات الصلة وبيان جنيف. ورغم محاولات السلطة السورية إيجاد حل توافقي للأزمة إلا أن المعارضة تصر على عدم قبول أي تسوية دون رحيل الرئيس بشار الأسد وبذلك فقد اعربت أطيافها عن رفضها التام لما جاء في الخطة واصفة إياها ب"غير الواقعية" و"غير العملية". ورأى رئيس المجلس الوطني السوري جورج صبرا أن "الخطاب كاملا كان تكرارا لمفاهيم وكلمات سابقة اعتاد الأسد تكرارها على مسامع السوريين" و أن "ما قدمه الأسد لا يرقى إلى مستوى المبادرة" متسائلا عما "إذا كانت الحكومة تريد الحل لسوريا فلماذا تأخرت حتى هذه اللحظة". وعلى الصعيد الدولي فقد تباينت ردود الأفعال بخصوص خطة الرئيس الأسد لتسوية الأزمة السورية بين رافض ومؤيد لها حيث اعتبر الإبراهيمي أنها تتسم ب"الطائفية" فيما أعربت كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا وألمانيا وتركيا عن رفضها التام لها. ومن جهته أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن "خيبة أمله" من خطاب الأسد "كونه لايساهم في ايجاد حل للمعاناة الرهيبة للشعب السوري". وبالمقابل رحبت كل من الصين وروسيا وإيران بفحوى خطاب الاسد داعية أطراف المعارضة إلى الاستجابة لها لوضع حد للأزمة السورية. وعلى خلفية الأوضاع الأمنية والسياسية التي تشهدها سوريا عرف الوضع الإنساني في البلاد تدهورا كبيرا في الآونة الأخيرة حيث أكد برنامج الغذاء العالمي أن نحو 5ر2 مليون شخص في حاجة إلى المساعدة الغذائية. ومما قد يزيد الوضع تعقيدا إعلان المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي اليزابيث بيرس بأن الهيئة الأممية ليس بمقدورها تعزيز دعمها بسبب نقص الشركاء ميدانيا و التحديات المطروحة بالمناطق التي يمسها النزاع بطريقة مباشرة. ونظرا لتدهور وضع اللاجئين السوريين المتفاقم عددهم في دول الجوار نتيجة الأوضاع التي تعيشها البلاد فقد أطلقت المنظمة الدولية للهجرة نداء بقيمة 36 مليون دولا لصالح النازحين واللاجئين السوريين المتضررين من أعمال العنف. وتقول الأممالمتحدة أن الوضع بسوريا والمنطقة يزداد تدهورا حيث يوجد أكثر من مليوني نازح خارج الحدود وأكثر من 540000 لاجئ بالبلدان المجاورة. و كانت المحافظة السامية لشؤون اللاجئين قد أوضحت مؤخرا أن هذا العدد سيتضاعف من الآن إلى غاية جوان 2013. وفي انتظار أن تسفر الجهود الدولية عن حل يخرج سوريا من النفق المظلم الذي تمر عبره يبقى المواطن السوري المتضرر الأكبر من هذه المأساة.