يهدد تدهور الاوضاع الحاصل على الحدود بين السودان وجنوب السودان بنسف اتفاقات التعاون الموقعة بين البلدين فى سبتمبر الماضي تحت رعاية الاتحاد الافريقى ومن شأنه ان يعيق الجهود الافريقية الرامية الى استكمال حل القضايا العالقة بين الخرطوموجوبا خاصة قضتي ترسيم الحدود. فقد أدت مواجهات بين أفراد قبيلة (أولاد حميد) وقوات الجيش الشعبي التابع لدولة جنوب السودان بمحلية (أبوجبيهة) بولاية جنوب كردفان الى مقتل واصابة 75 شخصا من الجانبين. ونقلت صحيفة (المجهر) الصادرة اليوم الاحد عن مسؤول بالمحلية قوله بالخرطوم أن 9 مواطنين و7 من عناصر الدفاع الشعبي قتلوا وأصيب 12 اخرون فيما قتل نحو 19 وجرح 28 من جيش جنوب السودان. وكادت حرب أن تنشب بين السودان وجنوب السودان فى شهر أفريل الماضي اثر اعنف اشتباكات منذ انفصال جنوب السودان فى عام 2011 بموجب اتفاقية السلام انهت حربا اهلية استمرت عشرات السنين. ويخشى المراقبون من أن تؤدى حالة التوتر المتصاعدة على الحدود بين دولتي السودان وجنوب السودان الى عودتهما الى مربع الحرب. ويرى المتتبعون ان عدم ترسيم الحدود يزيد من حالة التوتر بين البلدين الى جانب مخاطر الاتهامات المتبادلة بين الطرفين بانتهاك اراضي كل منهما ودعم المتمردين في اعاقة جهود التسوية المبذولة من قبل الاتحاد الافريقى. وفى أحدث موجة من حرب الاتهامات والاتهامات المتبادلة قال جيش جنوب السودان أن الخرطوم قصفت مناطق حدودية فى ولاية أعالى النيل الغنية بالنفط بجنوب السودان فيما اتهمت الحكومة السودانية جوبا بحشد قواتها على الحدود تمهيدا لغزو مناطق سودانية متنازع عليها. لكن المتحدث باسم الجيش السوداني العقيد الصوارمى خالد سعد نفى مهاجمة اى مناطق فى جنوب السودان وقال " لم نقصف أي منطقة داخل أراضي جنوب السودان ولم ننفذ أي عملية عسكرية هناك ولم نشن أي هجوم". من جهتها حملت القوى السياسية المعارضة في السودان حكومتي الخرطوموجوبا مسؤولية تدهور الأوضاع بين الدولتين وطالبت بضرورة تحكيم صوت العقل وفتح قنوات الحوار المباشر واستثمار العلاقات التاريخية بين الشعبين لتهدئة الخواطر وقطع الطريق أمام تدويل القضايا العالقة. وفي هذا الاطار قال محمد ضياء الدين الناطق الرسمي بإسم حزب البعث العربي الاشتراكي في تصريح لصحيفة (آخر لحظة) الصادرة بالخرطوم اليوم الأحد أن المجتمع الدولي سيفرض إرادته على الدولتين حال فشلهما في حل القضايا الخلافية ولم يستبعد اللجوء إلى استخدام الفصل السابع للتدخل العسكري في السودان. من جانبه حذر علي نايل القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي "الأصل" من خطورة الاستخفاف بالجهات التي قال أنها تقف وراء حكومة الجنوب موضحا أن الجنوب ينفذ أجندة هذه الجهات وأنه لن يتجاوب مع مساعي السلام التي يقودها السودان. أما السفير نجيب الخير الناطق الرسمي بإسم الأمانة العامة لحزب الأمة القومي فقد أرجع توتر الأوضاع بين الجنوب والشمال إلى ما سماه (اتفاق نيفاشا الهش) وقال أن حزب (المؤتمر الوطني) الحاكم وقع على الاتفاق من أجل الاحتفاظ بنسبة 70 بالمئة من السلطة في الشمال على حد قوله . وتوقع عودة الحرب مرة أخرى بين الدولتين بسبب ما وصفه بعدم مخاطبة الاتفاق الرئيسي للقضايا الجوهرية بين الجانبين, منوها إلى أن (الوطني) بحاجة إلى نيفاشا جديدة للاتفاق على القضايا الجوهرية بين الطرفين. ووقعت الخرطوموجوبا في السابع والعشرين من سبتمبر الماضي حزمة اتفاقات للتعاون بينهما تتعلق بالامن واوضاع المواطنين وقضايا الحدود وقضايا اقتصادية واخرى تتصل بالنفط والتجارة بعد مفاوضات ماراثونية بين رئيسي البلدين بأديس أبابا. ولم تشمل هذه الاتفاقات قضية أبيي وترسيم الحدود التي ولم تنفك العقدة حولها اذ بقيت خمس نقاط حدودية محل خلاف بين الطرفين. وبالإضافة إلى منطقة أبيي الشهيرة تتنازع حكومتا السودان وجنوب السودان على تبعية اربع مناطق أخرى تقع على الحدود وهى منطقة "دبة الفخار" الواقعة على بعد أربعة كيلو مترات جنوب منطقة جودة بولاية النيل الأبيض السودانية ومنطقة "جبل المقينص" التى تقع في مساحة حدودية بين ثلاث ولايات هي النيل الأبيض وجنوب كردفان بالسودان وولاية أعالي النيل بجنوب السودان. وهناك ايضا منطقتا " سماحة" الواقعة على الحدود بين جنوب دارفور وجنوب السودان ومنطقة "كافي كنجي- حفرة النحاس" التى تقع في جنوب دارفور . ويستضيف الاتحاد الافريقى جولة أاخرى من المحادثات بين البلدين الاسبوع الجاري بهدف اقامة منطقة عازلة وهو شرط مسبق بالنسبة الى السودان كى يستأنف صادرات النفط. واوقف جنوب السودان انتاجه الذى يبلغ 350 الف برميل يوميا قبل عام فى خلاف مع الخرطوم بشأن رسوم خطوط الانابيب. ورتب الاتحاد الافريقى اجتماعا بين الرئيس السودانى عمر حسن البشير ورئيس جنوب السودان سيلفا كير فى اثيوبيا الشهر الماضى ولكن لم تظهر علامة على احراز تقدم.