الجزائر - لم يستطع السودان و جنوب السودان خلال سنة 2011 تجاوز العقبات حول القضايا الشائكة بينهما خاصة منها تلك المتعلقة بوضع منطقة أبيي الغنية بالنفط وترسيم الحدود وتوزيع عوائد النفط والديون الخارجية والمواطنة في هذا البلد الإفريقي. ولعل ما ميز سنة 2011 بخصوص السودان استقلال جنوبه عن شماله في استفتاء تاريخيفي جويلية الماضي أنهى نحو عقدين من الحرب الأهلية بعد تصويت ما يقارب نحو 99 بالمائة من سكان جنوب السودان لصالح الانفصال عن الشمال بعد عقود من الحرب الاهلية. و جاء الاستفتاء تتويجا لاتفاقية "نيفاشا" التي وقعت بين الشمال والجنوب في شهر جانفي من سنة عام 2005 بهدف إنهاء حرب استمرت قرابة 20 عاما بين الجانبين و طي صفحة الخلافات و الولوج من خلال استقلال الجنوب عن الشمال إلى مرحلة الاستقرار السياسي و الامني. كما ميزت السودان اللقاءات الثنائية المتكررة بين مسؤولي الخرطوم و جوبا في محاولة للتخفيف من حدة التوتر و تفادي الانزلاق في حرب اهلية اخرى, الا ان كل المساعي باتت عقيمة و لم تات بنتائج ناجعة افضت من خلالها العقبات القائمة بين البلدين. و بالتالي يبقى وضع منطقة ابي الغنية بالنفط الواقعة على الحدود بين الدولتين محل نزاع امني و سياسي صعب,وهذا على الرغم من تدخل الاممالمتحدة التي لم تنجح هي الاخرى في ايجاد الحلول الناجعة التي ترضي الطرفين الامر الذي دفع بالاغلبية الساحقة من سكان المنطقة (100 ألف شخص) من المواطنين من النزوح إلى مناطق اكثر امنا بسبب عمليات العنف المستمرة هناك. كما تسببت اعمال العنف في منطقة ابي المنتناع عنها في منع المنظمات الانسانية الوصول اليها و تقديم المساعدات اللازمة من جهة و حرمان النازحين منها العودة إلى منازلهم وذلك لحين الاتفاق على صيغة محددة ترضي شريكي الحكم في البلاد. و في هذا السياق قالت الاممالمتحدة ان انخفاضا فى انتاج جنوب السودان من المواد الغذائية يمكن ان يترك مليون شخص يواجهون نقصا غذائيا حادا فى العام 2012 وسط اضطرابات داخلية وحدودية ومع سقوط الامطار فى شكل متقطع ومحاولات استيعاب العائدين والنازحين من الشمال. و دعا المجتمع الدولي إلى تكثيف الجهود من أجل توفير الامن اللازم لعشرات الالاف من المدنيين الذين تقطعت بهم السبل فى مخيمات مؤقتة فى جنوب السودان للعودة إلى ديارهم بعد فرارهم من القتال فى منطقة أبيى قبل أكثر من 6 أشهر. و يبقى الملف الامني من اكبر العراقيل التي تهدد العودة للحياة الطبيعية في البلدين حيث اعلنت حركة العدل والمساواة المتمردة في دارفور بانها ستهاجم العاصمة السودانية الخرطوم مثلما فعلت في ماي 2008 عندما هاجمت العاصمة وأدى ذلك إلى مقتل اكثر من مائتي شخص. و العدل والمساواة هي اكبر الحركات الدارفورية تسليحا وتقاتل الحكومة السودانية منذ بداية النزاع في دارفورغربى السودان سنة 2003 بين الحكومة السودانية ومجموعات متمردة,و تتهمها الحكومة السودانية بانها حصلت على اسلحة من ليبيا عقب سقوط نظام العقيد معمر القذافي الذي كان مؤيدا للحركة. و على خلفية هذه التصريحات التي قد تؤدي إلى حرب اهلية جديدة ,ابدى الجيش السوداني استعداده لتسوية أوضاع متمردي الجيش الشعبي المنتمين للشمال رغم خلو اتفاقية "نيفاشا" لأي نص أو فقرة تلزم بتسوية أوضاع هؤلاء المتمردين. و سعيا منها لاحتواء الازمة و كبح من عمليات العنف المستمرة في المنطقة قررت اللجنة الإفريقية الخاصة بالمفاوضات حول القضايا العالقة بين الخرطوموجوبا استئناف المحادثات بين الطرفين في 17 يناير المقبل على أن تستمر أسبوعا بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا على امل ان تنبثق منها نتائج ايجابية تخدم الطرفان. ويتفاوض السودان وجنوب السودان بوساطة من لجنة للاتحاد الأفريقى يرأسها الرئيس الأسبق لجنوب إفريقيا تابو مبيكى حول قضايا مختلف عليها من بينهما ترسيم الحدود والنفط و هذا لعدم تمكن السودان وجنوب السودان من اكمال ترسيم حدودهما المشتركة بسبب خلافات حول مسائل حدودية من بينها منطقة أبيى. كما كان اعلان السودان عن تأمينه لمناطق واسعة في القرى والمدن الواقعة في أطراف ولاية النيل الأزرق التي شهدت تمردا في الآونة الأخيرة من قبل قوات من الحركة الشعبية"اثرا متميزا"من اجل انحسار التمرد حيث أصبح المواطنون يمارسون حياتهم الطبيعية في القرى والمدن البعيدة في أطراف الولاية فضلا عن المدن الكبرى منها. و يذكر أن القتال بين الجيش السوداني والجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية إندلع في ولاية "النيل الأزرق" في جنوب شرق السودان مطلع شهر سبتمبر الجاري بعد مرور نحو ثلاثة أشهر من بدء القتال في ولاية"جنوب كردفان"المجاورة. و يرى محللون سياسيون ان عدم تمكن السودان وجنوب السودان من اكمال ترسيم حدودهما المشتركة بسبب خلافات حول منطقة ابي النفطية من اكبر العراقيل التي تواجه الدولتان في بناء الثقة بينها علما انه عقب استقلال جنوب السودان فقد السودان نحو 75 بالمائة من انتاجه النفطي الذي يبلغ نحو 500 ألف برميل يوميا,ولكن الجنوب الذي يعتمد على النفط لدعم إيراداته بنسبة 98 % لا يملك منشآت وموانئ للتصدير الأمر الذي يحتم عليه استمرار الإمداد انطلاقا من الشمال.