حمل الموسيقار و المؤلف طارق بن ورقة الحضور الغفير على بساط الأشعار و الألحان في رحلة بعيدة خرقت الأزمنة الغابرة في عرضه الاوبرالي الأخاذ "النفس" الذي قدم عرضه الشرفي العالمي مساء الأحد بالمسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطرزي . في هذا العمل الإبداعي العالمي الأبعاد الذي جمع بين سحر الأشعار و كونية الموسيقى و الأنغام أعطى الموسيقار و الملحن و كاتب الكلمات و الاشعار في هذه الملحمة العنان لخياله و أحلامه في رحلة إلى الأزمنة الغابرة في البحث عن الذات و عن الإنسان و المحبة و الاطمئنان .لكن عبر هذه الرحلة امتزجت تلك الأحلام بهول النزاعات التي ميزت مسار الإنسان منذ الأزل بسبب الصراع بين الخير و الشر . و قد استطاع صاحب أول أوبرا جزائرية تكتب باللغة العربية ان يضع كل موهبته ومعرفته الموسيقية و خياله الفني في هذا العمل الإبداعي المبهر حيث جمع في عمل واحدة بين الأجواء السحرية للشرق و حرفية و أكاديمية الموسيقى الكلاسيكية العالمية في انسجام ورونق جسد على المسرح القذرة العجيبة للموسيقى في تلطيف النفوس و التقريب بين الناس . هذا الانسجام في العمل الفني تأكد من خلال التشكيلية المتنوعة للفريق الفني الذي جمع بين موسيقيين من الغرب و أصوات شرقية عظيمة شكلت فسيفساء ثرية . بقيادة المايسترو بيير ديموسو حملت الاوركسترا السيمفونية "بادلو "التي تأسست منذ 150سنة على يد الملهم بالموسيقى جوليوس بادلو والمكونة من 80 عازفا الحضور الى عالم امتزج فيه الخيال بالطقوس و المعتقدات والأساطير.و أضفت الأصوات الجميلة و القوية لمغنيين الأربعة أصحاب أجمل الحناجر في الشرق لشرق حيث تألقت على الركح الفنانة اللبنانية غادة شبير البارعة الحضور التي مكنها صوتها العميق ذي الألوان المتعددة من أداء عدة انواع غنائية منها الأندلسي المغاربي الى جانب المغنية الأردنية ذات الأصول الفلسطينية والتي ذكرت الكثير باداء فيروز المميز و استمتع الجمهور ايضا بالصوت الجذاب للفنان اللبناني غابي عظيمي قبل ان يبلغ العرض الذروة عند ما تقدم التينور المصري -الايطالي جورج ونيس بصوته الصادح الذي دوى القاعة . و في ختام العرض عبر طارق بن ورقة الذي يطمح ان يكون لعمله مسار عالمي ناجح في تصريح لواج عن سعادته لتقديم العرض الفني ببلده (الجزائر) و أمام جمهور راقي يملك ذوقا فنيا رفيعا و أضاف قائلا " اليوم عدت بهذا العرض الى أيام الصبا و شعرت من خلال تجاوب و حماس الجمهور بتلك الحرارة و التي تميز الجزائريين ". عن مسار هذه الملحمة الوجدانية قال بن ورقة انه سيبدأ قريبا جولة عبر العالم تقوده بداية إلى المشرق مشيرا إلى وجود أعمال جديدة في مشاريعه لم يفصح عن تفاصيلها. تجدر الإشارة الى ان اوبرا "نفس" "عمل فني ذي أبعاد عالمية مرفق بمشروع تربويي يهدف إلى إثارة الحس الفني و الموسيقى عند الأطفال و كان صاحبه قد صرح من قبل ان "هذا المشروع الكبير الذي يعتبره أساسي في مساره الفني "سيصاحبه مشروع تربوي كبير يتمثل في استحداث" صف امتياز" يبدأ تجسيد فكرته بمناسبة العرض". واضاف انه تم اختيار 300 طفل من المدارس الابتدائية بالجزائر العاصمة لتمكينهم من اكتشاف عالم الاوبرا والاوركسترا السمفونية و الأصوات الغنائية الكبيرة و اوضح انه سيتم لاحقا بالتعاون مع الجهات المعنية "اختيار مواهب عبر الجزائر لإنشاء اوركسترا أطفال تضم لاحقا أطفال مغاربة وعرب ومن مناطق أخرى لإحياء حفلات عبر العالم.