سيطرت أجواء التوتر والتشنج الاحتفالات باليوم العالمي للعمال الذي أحيته اليوم الاربعاء عديد من دول العالم وسط تنظيم مظاهرات ومسيرات سلطت الضوء على وضعية العمال المهنية والاجتماعية المزرية داعية الى ضرورة اعادة النظر في اجراءات التقشف وحل مشكلة البطالة. وكالعديد من دول العالم خرج المئات من العمال الفلسطينيين الذي يرضخون لقوانين الاحتلال الاسرائيلي في غزة في تظاهرة حاشدة مطالبة بتوفير فرص عمل لائقة تحقق الحد الأدنى من الأجور والعمل على حماية حقوقهم النقابية والمهنية. وذكرت تقارير إعلامية ان المتظاهرين تجمعوا قبالة مقر المجلس التشريعي وسط مدينة غزة بمشاركة قيادات نقابية وهم يرفعون الأعلام الفلسطين ولافتات تطالب بتوفير فرص العمل ووضع برامج تساهم في توفير حياة كريمة لها في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة التي يشهدها القطاع الساحلي. ومنعت إسرائيل في عام 2004 الاف العمال الفلسطينيين من قطاع غزة من دخول أراضيها والعمل داخلها والذي كان يمثل مصدر رزقهم الوحيد ليتحولوا منذ ذلك الحين إلى عاطلين عن العمل يعتمدون في دخلهم على المساعدات وبعض الأعمال غير الثابتة في القطاع. وقد تمحورت اغلبية مطالب المظاهرات التي خرجت اليوم في العديد من الدول حول ضرورة تحسين ظروف عمل الشغيلة وهو الامر الذي طالب به المتظاهرون في مصر الذين شددوا على ضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير الحد الأدنى للأجور مع تأمين العمال ضد إجراءات الفصل التعسفي ومخاطر الخصخصة. ونظم عدد من النقابات والقوى السياسية بعد ظهر اليوم مسيرة نحو مجلس الشورى المصري وسط القاهرة وذلك في الوقت الذي تشهد فيه محافظات مصر العديد من الاحتجاجات والمسيرات للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية للعمال ووقف الإجراءات التعسفية ضد النقابيين تأكيدا على مواصلة الحركات الاحتجاجية التي زادت حدتها في مصر خلال الأشهر الأخيرة بسبب المصاعب الاقتصادية وتواصل التوترات السياسية في البلاد. اما بالكويت فقد إستنكر نواب وممثلو نقابات واتحادات عمالية كويتية ما أسموه ب"سياسة الترويع الأمني والترحيل العشوائي" بحق العمالة الوافدة هربا من مواجهة المشكلة الحقيقية المتمثلة في تجارة الإقامات, محذرين من تداعيات الإجراءات التعسفية على سمعة الكويت الخارجية وسجلها في حقوق الإنسان. وندد الاتحاد العام لعمال الكويت في بيان له الطريقة الفردية في معالجة شؤون وقضايا سوق العمل والتي ليس من شأنها إلا أن تدفع الأمور باتجاه الفوضى وعدم الاستقرار. من جهتهم سيبقى احياء اليوم العالمي للعمال في ذهنية البنغلاديشيين راسخا في ذاكرتهم بعدما شهدت البلاد قبل اسبوع أسوأ حادث في تاريخ الصناعة هناك إثرإنهار مبنى لمصنع النسيج راح ضحيته نحو 400 شخص. وقد خرج الآلاف من المحتجين في اليوم الذي اطلق عليه تسمية "اليوم الكئيب" مطالبين بإعدام أصحاب مصانع الملابس التي تقع في المبنى الذي انهار قبل أسبوع. وقد اجتاحت موجة الغضب البلاد حيث اعربت السلطات عن مخاوفها من اندلاع اعمال عنف في مصانع النسيج وذلك على الرغم من دعوات رئسية الوزراء "الشيخة حسينة" للحفاظ على الهدوء. الغاء اجراءات التقشف ومشاكل البطالة أهم مطالب الدول الاوروبية في ظل الأزمة الاقتصادية. كما تميز إحياء اليوم العالمي للعمال هذه السنة في الدول الاوروبية بتعبير العمال على نقمهم على إجراءات التقشف وتحديد الميزانية التي تعصف بالعديد من الدول الاوروبية. وفي هذا الشأن نظم العمال في اليونان إضرابا عاما لمدة يوم كامل في ظل احتفال أكبر نقابتين للعاملين بالقطاعين العام والخاص بعيد العمال وتنظيم مسيرات مناهضة للتقشف في وسط أثينا وغيرها من المدن الكبرى. وطاف آلاف الأشخاص بالشوارع مستنكرين السياسات الاقتصادية المشددة التي فرضت على مدار الثلاثة أعوام الماضية في إطار مساعدات الانقاذ المالي الدولية لمواجهة أزمة الدين في اليونان. وهتف المشاركون في المظاهرات أمام مبنى البرلمان اليوم "لا للعبودية الحديثة لا لمزيد من التقشف حياة كريمة للجميع". وتأتي تلك المظاهرات بعد 3 أيام من موافقة نواب البرلمان على أحدث مجموعة إجراءات لخفض الإنفاق ورفع الضرائب والإصلاحات طالب بها المقرضون من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي لإرسال قروض إنقاذ لليونان خلال الشهر الجاري تقدر قيمتها بنحو 9 مليار يورو (11.9 مليار دولار أمريكي). وعلى غرار جارتها اليونان تركزت انشغالات المتظاهرين في اسبانيا التي تعرف معدلات بطالة قياسية وإجراءات تقشفية صارمة على المطالبة بالعديد من القضايا الاجتماعية والاقتصادية منها على الخصوص بحسب المركزيات النقابية خفض ميزانيات عدد من القطاعات مما يعرقل عودة وتيرة النمو وإصلاح سوق الشغل الذي قضى على مزيد من فرص العمل والزيادة في الضرائب. اما بتركيا فقد تحولت مظاهرات الاحتفال بعيد العمال الى اشتباكات تسببت في اصابة اربعة اشخاص بجروح إثر إستخدام الشرطة الغاز المسيل للدموع خلال مسيرة في إسطنبول. وكانت الشرطة قد منعت حشودا في منطقتي سيسلي وبيسيكتاس من التوجه إلى ميدان "تقسيم" في اسطنبول الذي أغلقته السلطات التركية أمام احتفالات عيد العمال. وكان الآلاف من عمال الإتحاد التقدمي لنقابات العمال في تركيا (ديسك) وأنصارهم تجمعوا في منطقة سيسلي في اسطنبول للسير باتجاه ساحة تقسيم الشهيرة غير أن الشرطة بدأت تفريق الحشود بخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع. وعادة ما ينظم اعضاء النقابات التركية والاحزاب والحركات السياسية مسيرات في ميدان "تقسيم" في الاول من ماي سنويا بيد أن الحكومة فرضت هذا العام حظرا على مثل تلك المسيرات معربة عن المخاوف الامنية بشأن اعمال البناء التي تتم في الميدان.