احتفل العالم أمس من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه باليوم العالمي للعمال الذي يصادف الفاتح ماي من كل سنة بتنظيم مظاهرات ووقفات ميز أغلبها الطابع الاحتجاجي وتخلل البعض منها تجاوزات ومناوشات لم تخل حتى من سقوط قتلى وجرحى. وخرج مئات الآلاف من العمال إلى الشوارع في عواصم ومدن مختلفة عبر المعمورة للتعبير عن انشغالاتهم ومطالبهم التي حتى وان اختلفت على خلفية البيئة والظروف المحيطة بكل عامل إلا أنها تقاطعت في نقطة هامة وهي المطالبة بضرورة تحسين أوضاعهم المعيشية التي تبقى هاجسهم الأول والرئيسي. فقد شهد اليونان الغارق في أزمة ديون خانقة حرمت العمال اليونانيين من انتظار تحقيق مطالبهم حيث أحيا أكثر من 20 ألف متظاهر الاحتفال بهذا اليوم في أجواء من الغضب ودعوات من اجل تقشف اكبر لا يدفع إلى التفاؤل. فقد اندلعت المواجهات في أثينا عندما ضرب شبان مسلحون بالعصي قوات مكافحة الشغب التي تم نشر عناصرها أمام وزارة الداخلية مما اجبر الشرطة على استخدام الغاز المسيل للدموع لتفريقهم، ولأن هذا العيد فقد نكهته منذ سقوط المعسكر الشيوعي نهاية ثمانيات القرن الماضي فإن الاحتفالات به في روسيا اصطدمت بحادثة دامية وقعت في جمهورية كباردينو بلكاري القوقازية حيث انفجرت قنبلة خلال الاحتفالات أدت إلى مقتل شخص وإصابة 21 آخرين. وإذا كان التوتر ميز الوضع في اليونان وروسيا فإن الاحتفال بعيد العمال في فرنسا لم يرق إلى المستوى المطلوب بعدما فشلت أهم النقابات العمالية الفرنسية في تنظيم مظاهرات ضخمة على غرار تلك التي شهدتها مختلف المدن الفرنسية في السنوات الماضية. ولكن ذلك لم يمنع آلاف العمال من الخروج في نقاط متفرقة من أنحاء البلاد استجابة لدعوة النقابات للاحتفال بهذا اليوم وذلك قبل مؤتمر اجتماعي حول العمل والقدرة الشرائية من المقرر تنظيمه في العاشر ماي الجاري بدعوة من الرئيس نيكولا ساركوزي. وغير بعيد عن فرنسا تجمع آلاف العمال الأتراك وسط حراسة أمنية مشددة استجابة لدعوة العديد من النقابات العمالية لأول مرة بساحة تكشيم وسط مدينة اسطنبول لأول مرة منذ 33 سنة منذ مقتل عشرات الأشخاص في نفس الساحة عام 1977 في مجزرة لم تحدد هوية مرتكبيها. واتخذت الحكومة التركية الحالية قرارا بفتح الساحة للاحتفال بالمناسبة بعد اعتبار البرلمان العام الماضي الأول من ماي عيدا وطنيا مما فتح المجال أمام النقابات لإحياء ذكرى هذه المذبحة التي تتزامن مع العيد العالمي للعمال. وفي العاصمة الإندونيسية سار عشرات الآلاف في مظاهرة جابت شوارع جاكرتا مطالبين باستحداث فرص عملية جديدة وخفض الاقتطاعات المفروضة على الأجور وزيادة التأمينات الاجتماعية. ولم تمر هذه المناسبة العالمية دون الاحتفال بها في الأراضي الفلسطينية المحتلة حيث خرج ما لا يقل عن 2000 فلسطيني في مظاهرات حاشدة في قطاع غزة للاحتجاج على استمرار الحصار الإسرائيلي المشدد الذي ادخل سكان القطاع في سجن كبير لا يمكن لا الخروج منه أو الدخول إليه. وقال رمزي رابح احد منظمي المظاهرة ''إننا ندعو العالم اجمع للتدخل من اجل رفع الحصار والتكفل بالدفاع عن حقوق العمال الفلسطينيين في كل الأراضي المحتلة. وهي الدعوة نفسها التي وجهها تجمع النقابات المهنية في غزة حيث دعا المجتمع الدولي إلى العمل على رفع الحصار الإسرائيلي عن القطاع من أجل البدء الفعلي في عملية إعادة الاعمار حتى يتمكن العمال الفلسطينيون من العودة إلى عملهم وإنهاء معاناتهم مع البطالة التي ولدتها الحرب الإسرائيلية وحصارها عليهم.