أحيا العمال في مختلف عواصم العالم أمس احتفالات يومهم العالمي في أجواء متباينة وبخلفيات مغايرة بين دولة وأخرى دون أن يقلل ذلك من أهمية هذا اليوم الرمز لنضالات الطبقة الشغيلة في عالم أصبح يسير بخطى متسارعة باتجاه نظام عولمة لا يرحم ونظام رأسمالي احتكاري. وإذا كان عمال العالم العربي قد احيوا اليوم في سياق الحراك الشعبي الذي عرفته بعض دوله فان التقشف كان القاسم المشترك لعمال الدول الأوروبية الذين نظموا مسيرات عمالية شارك فيها الآلاف على خلفية الأزمات الاقتصادية وحالات الإفلاس التي تعيشها اقتصاديات بعض دول الاتحاد الأوروبي. ولأن هذا اليوم صادف مواصلة الحملة الانتخابية للرئاسيات الفرنسية فان الرئيس ساركوزي لم يفوت المناسبة ليعقد اكبر تجمع انتخابي في قلب العاصمة باريس محاولا بذلك اللعب في معسكر الحزب الاشتراكي محاولا كسب ود العمال الذين تجاهلهم طيلة عهدته الماضية لصالح أرباب العمل وكبار اثريا ء فرنسا. وهو انشغال مغاير لذلك الذي عاشه عمال اسبانيا الذين خرجوا بالآلاف في ثمانين مدينة اسبانية من اجل التنديد بقانون العمل الجديد والاقتطاعات التقشفية التي اضطرت حكومة اليمين إلى اتخاذها والتي ستنعكس سلبا على القدرة الشرائية لطبقة عاملة مهضومة الحقوق. وهو الوضع الكارثي الذي يعيشه عمال اليونان الذين أرغمت حكومتهم على اتخاذ إجراءات تقشفية صارمة إذعانا لمطالب الدول الأوروبية الغنية مقابل حصولها على أموال طائلة من اجل إعادة الروح إلى آلة اقتصادية مفلسة. وكانت ساحة تقسيم بقلب مدينة اسطنبول التركية هي الأخرى على موعد مع اكبر مسيرة عمالية شارك فيها آلاف العمال تحت أعين أكثر من 20 ألف رجل امن تم تجنيدهم من اجل عدم خروج المسيرة عن إطارها المطلبي. وكانت العاصمة الروسية موسكو التي كانت والى غاية نهاية ثمانينات القرن الماضي رمز نضال الطبقة الشغيلة في العالم على موعد مع أكثر من 150 ألف عامل روسي تدفقوا على الساحة الحمراء سابقا من اجل إحياء المناسبة التي حضرها لأول مرة الرئيس ديمتري ميدفيديف والوزير الأول فلاديمير بوتين أياما قبل تنصيبه رئيسا للبلاد في السابع من الشهر الجاري. وخرج 20 ألف متظاهر أمس إلى قلب العاصمة التونسية تلبية لنداءات النقابات العمالية التي أرادت أن تترك بصمتها في المشهد التونسي الذي يعرف هذه الأيام صراعا خفيا بين القوى الإسلامية والأحزاب العلمانية وتحت شعار ''خبز،حرية وكرامة وعزة وطنية'' والشعب يريد الوحدة الوطنية. وهي أولى المظاهر الاحتفالية بهذا العيد بعد الإطاحة بنظام الرئيس زين العابدين بن علي وفي مشهد أراح نفسية نور الدين حشاد نجل مؤسس الاتحاد العام التونسي للشغل المغتال فرحات حشاد الذي أكد انه جد سعيد برؤية عيد العمال يعود بهذه القوة في تونس. وعلى عكس كل التوقعات فقد أكدت السلطات القطرية أنها تعتزم السماح بتأسيس نقابة عمالية شريطة أن يقودها عمال قطريون ولكن يحق للعمال الأجانب المقدر عددهم بحوالي 1.5 مليون التصويت فيها. وترأس الرئيس الكوبي راؤول كاسترو أمس تجمعا ضخما في العاصمة هافانا شارك فيه مئات آلاف العمال الكوبيين وبحضور ألفي شخص ممثلين 209 نقابة جاؤوا من 117 دولة حمل شعار ''المحافظة وترقية الاشتراكية''.