شدد المشاركون في أشغال الملتقى الدولي حول الصحابي عقبة بن نافع الفهري ببسكرة في يومه الثاني اليوم الأربعاء على أن تفاعل سكان بلاد المغرب مع الفتوحات الإسلامية أثمر زيادة على الإسهام في نشر الرسالة المحمدية بنتائج ايجابية في حقول العلم والثقافة. وتتجلى الحقيقة التاريخية الدامغة في أن هؤلاء السكان لم يكونوا بأي حال في فترة الفتوحات الإسلامية مجرد متلقين لتعاليم الرسالة المحمدية بل أن دورهم انتقل من نقطة استلهام الدين إلى مرحلة التبشير به مع مختلف أركان العلوم والثقافة المرافقة له عبر مناطق عديدة من المعمورة خاصة بإفريقيا وأوربا وفق مقاربة الدكتور نور الدين زمام من جامعة بسكرة. وكللت الحيوية التي تمتع بها سكان بلاد المغرب التي طبعها التفاعل مبكرا مع الفتح الإسلامي بالإسراع في تمدد العقيدة الإسلامية والعلوم الشرعية والثقافة جنوبا باتجاه الصحراء والساحل في ربوع إفريقيا وشمالا نحو أوربا وحوض البحر الأبيض المتوسط مثلما أبرزه ذات المحاضر. ويتمثل البرهان القاطع في أن بلاد المغرب لم يكن دورها منحصرا في استقبال الرسالة المحمدية وتكتفي بذلك بل أن تأثير هذه البلاد يظهر من خلال انخراط شعوبها بكل رحابة صدر في الفتوحات التي أفرزت تألق أسماء لامعة خلدها التاريخ من أمثال طارق بن زياد فاتح الأندلس (اسبانيا) حسبما ذهب إليه الدكتور عبد الرؤوف دبابش من ذات الجامعة. واستنادا لنفس المتحدث فإن بلاد المغرب وأراضي شاسعة من إفريقيا وجنوب أوربا أصبحت -بفضل التفاعل- في مراحل متلاحقة من تاريخها بمثابة مراكز إشعاع علمي وثقافي يحتذى به على غرار بجايةوتلمسان (الجزائر) وفاس (المغرب الأقصى) وقرطبة (الأندلس) وشنقيط (موريتانيا). وتبوأت ندرومة (ولاية تلمسان) مكانة مرموقة ضمن الحواضر الجزائرية ذائعة الصيت عبر العصور في ميادين العلم والثقافة التي ما تزال بصماتها ماثلة حتى الآن متمثلة على سبيل المثال لا الحصر في المساجد العتيقة والكتاتيب مثلما أوضحته الأستاذة مريم هاشمي (جامعة تلمسان). ولعبت المدن الشنقيطية التي منها تيشيت وتيجقجة منذ فجر الإسلام دورا محوريا في نشر العلم واستقطاب العلماء والطلبة من مختلف أرجاء البلاد أي موريتانيا ومد جسورالتواصل العلمي والثقافي مع عموم إفريقيا حسبما أفاد به الدكتور محمد ولد المرابط من جامعة العلوم الإسلامية (موريتانيا). وكان هذا الملتقى الذي يحتضنه المركب الثقافي الإسلامي لمدينة سيدي عقبة على مدار ثلاثة أيام أشرف على افتتاحه أمس وزير الشؤون الدينية والأوقاف.