تتواصل الجهود الأمريكية لمحاولة إقناع شركائها بضرورة التدخل عسكريا ضد دمشق ما من شأنه "خلق توتر في العلاقات الدولية " وتقويض المحاولات الرامية إلى الحل السلمي لهذه الأزمة التي أدت إلى تسارع التحركات العسكرية في "منطقة الصراع المتصاعد" التي تتواجد بها سوريا. وقبل أيام من إنعقاد لقاء مجموعة العشرين المنتظر نهاية الأسبوع الجاري بمدينة سان بيترسبورغ الروسية والتي ستتطرق إلى الملف السوري تهدف موسكو إلى إيجاد توافق دولي حول الحل السياسي الذي تدعو إليه العديد من الدول وفي مقدمتها روسيا. وبشأن الضربة المحتملة ضد دمشق قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن "محاولة شرعنة مخالفات القانون الدولي ستؤدي إلى الفوضى وانهيار الشرعية الدولية" واعتبر أن توجيه ضربة عسكرية إلى سوريا سيؤجل عقد مؤتمر "جنيف 2" الدولي حول سوريا إلى وقت بعيد أو سيقوض الجهود الرامية إلى تنظيمه تماما. وأكدت موسكو أنها ستفعل كل ما بوسعها من أجل الدفاع عن القانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة وصلاحيات مجلس الأمن الدولي محذرة من أن "أية محاولات رامية إلى شرعنة مخالفات القانون الدولي ستؤدي إلى الفوضى وانهيار الشرعية الدولية". ووصف مبعوث وزير الخارجية الروسي لمنطقة الشرق الأوسط سيرغي فيرشينين اليوم الثلاثاء الموقف الروسي إزاء الأزمة السورية "بالحاسم " مؤكدا أن "استخدام القوة ضد سوريا سينتج عنه نتائج عكسية" في حين أيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس مبادرة من البرلمان الروسي تتعلق بإرسال وفد برلماني روسي إلى الكونغرس الأمريكي لبحث هذه الأزمة. كما يفرض الملف السوري نفسه على اجندة إجتماع وزراء خارجية ووزراء دفاع الإتحاد الاوروبي المرتقب بالعاصمة الليتوانية فيلينيوس مطلع الأسوع القادر حيث سيحاول وزير الخارجية الأمريكي جون كيري رفقة الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فوغ راسموسن إقناع شركائه الاوربيين بضرورة التدخل عسكريا في سوريا. وكانت الجزائر قد دعت إلى انتظار النتائج النهائية لفريق مفتشي الاممالمتحدة لتحميل المسؤولية الكاملة لمرتكبي هذه الجريمة كما جددت تأكيدها على ضرورة انتهاج الحل السياسي القائم على الحوار الشامل بين السوريين أسلوبا لحل الازمة بما يحفظ وحدة الشعب السوري وسلامة اراضيه بعيدا عن كل تدخل اجنبي. — تزايد عدد الدول الأوروبية الرافضة للمشاركة في ضرب سوريا — وفي غضون ذلك تتزايد قائمة الدول الرافضة للمشاركة في هذه الضربة حيث قال وزير الدفاع البلغارى انغل نايدينوف أن بلاده لن تشارك فى "تحالف الراغبين" في ضرب سوريا "لأن الضربات الجوية هي العملية العسكرية الأكثرإحتمالا وأن بلغاريا ليس لديها القدرة على المشاركة المباشرة فيها". في حين تفضل البرتغال أن يكون أي تدخل عسكري محتمل في سوريا مستندا إلى تفويض من الأممالمتحدة وهو ليس متوفرا لحد الآن من جانبها طالبت كوبا مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة بالعمل على منع هذا التدخل ضد سوريا . دولة الفاتيكان حذرت بدورها من مخاطر نشوب حرب "ذات أبعاد عالمية" في حال القيام بالهجوم على سوريا حيث إعتبر أمين سر المجلس البابوي للعدل والسلام ماريو توسو لإذاعة الفاتيكان إن "طريق الحل لمشاكل سوريا لا يمكن أن يكون عبر التدخل العسكري فالصراع الراهن يمتلك كل المكونات كي ينفجر إلى حرب ذات أبعاد عالمية". وكانت كل من بريطانيا و إيطاليا و ألمانيا وقبرص قد رفضت المشاركة في هذا التدخل في حين أكد المتحدث الرسمي باسم الامين العام للجامعة العربية نصيف انه " الجامعة العربية لم تعط تفويضا لضرب سوريا بل دعت إلى الذهاب إلى مجلس الامن صاحب الشرعية". — ضغود داخلية على أوباما و هولاند لثنيهما عن قرار التدخل عسكريا في سوريا— وذكر محللون أن قرار بريطانيا الحليف الأساسي لواشنطن بعدم المشاركة فى أي اعتداء عسكرى على سوريا بالاضافة إلى نتائج استطلاعات الرأي التى تؤكد معارضة الغالبية العظمى من الرأي العام الغربي لأي عمل عسكري في المنطقة فضلا عن الصرامة الروسية فى التعامل مع الملف "جعل أوباما أما م مأزق حقيقي". نفس المأزق تتواجد فيه فرنسا التي سارعت إلى مساندة الولاياتالمتحدة في قرارها ضد سوريا حيث يتزايد ضغط الرأي العام الفرنسي على الرئيس فرنسوا هولاند بعد دعوة أحزاب المعارضة و نواب من الحزب الإسشتراكي الذي ينتمى إليه هولاند إلى عرض هذا القرار للتصويت في البرلمان على غرار ما قمت به بريطانيا و ستقوم به الولاياتالمتحدة في منتصف سبتمبر الجاري. وفي هذا الصدد طالب رئيس حزب "الإتحاد من أجل حركة شعبية " المعارض في فرنسا جون فرنسوا كوبي "بإنتظار الإستنتاجات التي سيقدمها مفتشو الأممالمتحدة قبل إتخاذ أي قرار بشأن التدخل العسكري". ولم تقتصر الإعتراضات في فرنسا فقط على أحزاب المعارضة بل أن باتريك مينوشي عضو الحزب الإشتراكي التي ينتمي إليه هولاند قال "أنه يؤيد إجراء تصويت برلماني قبل أي تدخل عسكري لفرنسا في سوريا" موضحا أن "عدم مشاركة بريطانيا بعد رفض مجلس عمومها و القرار الأمريكي بالرجوع إلى الكونغرس للبت في الامر وعدم وجود تفويض فرنسي كلها أمور تزيد من قلق الفرنسيين و تساهم في زيادة شكوكهم حول هذا التدخل". — تحركات عسكرية أمريكية-روسية في "منطقة الصراع المتصاعد" — و في غضون هذا التوتر تفيد تقارير إعلامية أنه بالرغم من تأجيل الضربة العسكرية إلا أن واشنطن سارعت إلى زايدة تواجدها العسكري بالمنطقة الشرقية للبحر الابيض المتوسط حيث ذكرت وزارة الدفاع الأمريكية أنه تم إرسال حاملة طائرات "نيميتز" التي تضم أربع مدمرات وسفينة حاملة للصواريخ (طراد) ليصل عدد المدمرات إلى خمسة بقدرة تحميل تصل إلى 200 صاروخ من نوع (توماهوك) فيما أكدت الوزارة أن قواتها الرابضة في البحر الأبيض المتوسط مستعدة لتنفيذ التدخل في أي لحظة. بالمقابل سارعت روسيا إلى إرسال سفينة الإستطلاع "بريازوفي" التي غادرت أول أمس الأحد القاعدة البحرية الروسية في ميناء سيفاستوبول الاوكراني المطل على البحر الاسود في مهمة لجمع المعلومات الراهنة في منطقة الصراع المتصاعد" حسب وزارة الدفاع الروسية. وأسفرت الأزمة السورية لحد الآن عن أكثر من مليوني لاجئ في دول الجوار منهم بينهم 300 ألف طفل في لبنان فضلا عن إستمرار أعمال العنف و الإقتتال وذلك منذ أكثر من سنتين.