تشهد ولاية غرداية التي تزخر بتنوعها البيولوجي وثروتها الزراعية ومواردها المائية الهامة والتي تتأهب لاستقبال بعد غد السبت الوزير الأول السيد عبد المالك سلال تحولات هامة على كافة الأصعدة. وترافق الجهود المبذولة من طرف الدولة من أجل تحقيق التنمية الإقتصادية لهذه الولاية هذه المميزات الطبيعية الإستثنائية مما يؤهل الولاية لأن تصبح "قطبا" إقتصاديا جهويا من المستوى الأول في قطاع الفلاحة وتربية المواشي والأنعام. ولاية غرداية المعروفة بتراثها المادي وغير المادي العالمي المصنف مرت بتطورات هامة في مختلف القطاعات بفضل الإستثمارات التي خصصتها الدولة للسماح لها بضمان تنمية مستدامة مولدة للثروات. وقد عرفت هذه الولاية الواقعة وسط محور رئيسي يربط شمال وجنوب البلاد والمتربعة على أكثر من 84.660 كلم مربع وتحصي 420 ألف نسمة استثمارا هاما يتجاوز 132 مليار دج يهدف الى تنمية جميع القطاعات. وعلى الرغم من هذه الجهود المبذولة سجلت ولاية غرداية في أكتوبر 2008 مرحلة ركود فرضتها موجة الفيضانات التي عصفت بالمنطقة مما دفع السلطات المحلية إلى إطلاق برنامج خاص لتقديم المساعدة للمنكوبين ومحو مخلفات هذه الكارثة الطبيعية. ولمواجهة الوضعية فقد رصد أكثر من 40 مليار دج لتجسيد هذا البرنامج المستعجل من أجل التكفل بالمنكوبين وإعادة بناء المنشآت التي تضررت بفعل الفيضانات والتصدي للفيضانات الدورية التي تشهدها وادي ميزاب وذلك من خلال إنجاز حواجز وسدود ومراقبة سرير الوادي والقضاء على أي بناء على مستوى مجرى الوادي. وسعت ولاية غرداية بعد ذلك إلى إعادة إطلاق تنمية مولدة للثروات لسكانها حيث فتحت أمامها آفاق جديدة لاسيما في قطاع الفلاحة والري والإستثمار في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة - كما ذكر المسؤلون المحليون. ومن أجل تمويل استثمارات ذات المنفعة العمومية وتحريك عجلة التنمية الإقتصادية تم تخصيص أكثر من 71 مليار دج في إطار المخطط الخماسي الحالي (2010 2014 )والذي رصد جزء هام منه لقطاع الموارد المائية. برنامج هام لتنمية الموارد المائية وفضلا عن استكمال المشروع الضخم لتطهير وحماية وادي ميزاب ضد الفيضانات الدورية يرتقب تجسيد أشغال لحماية وتبليط الوادي على مسافة تقارب 5ر2 كلم. وسيتم في هذا الصدد إعادة تهيئة وتجديد شبكات المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي القديمة التي تتسبب في ضياع كميات معتبرة من الموارد المائية وتمديد شبكات المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي عبر الأحياء الجديدة المنجزة على مستوى مختلف مناطق الولاية إلى جانب تعبئة المياه لتلبية الطلب المتزايد للسكان والفلاحة على هذه المادة الحيوية بالإضافة إلى استحداث أربع محطات لتصفية المياه المستعملة طبيعيا. وتحصي ولاية غرداية أكثر من 82.264 مشترك بشبكة توزيع المياه الصالحة للشرب و 110 بئر و92 خزانا وشبكة توزيع مياه الشرب بطول 1.163 كلم و شبكة للصرف الصحي بطول حوالي 1.000 كلم ومعدل ربط ب 74 بالمائة كما ذكر مسؤولو قطاع الموارد المائية. كما يعرف قطاع الفلاحة آفاقا جديدة بدخول أربع محطات لتصفية المياه المستعملة طبيعيا حيز الخدمة بكل من بريان و القرارة و غرداية والمنيعة حيث سيتم توجيه المياه المصفاة لسقي المحيطات الفلاحية الجديدة على مساحة إجمالية تفوق 1.000 هكتار حيث ستساهم هذه العملية في وضع حد للعوائق التي يواجهها عديد الفلاحين في ما يتعلق بالسقي الزراعي. وقد أحرزت الفلاحة التي تشكل العمود الفقري للإقتصاد المحلي تقدما هاما بولاية غرداية التي أصبحت تمثل مرجعا في مجال الإكتفاء الغذائي الذاتي وبجودة ونوعية منتجاتها الفلاحية. ويعود الفضل في ذلك إلى توسيع المساحة الإجمالية الصالحة للفلاحة التي انتقلت من 12.230 هكتار في 2000 إلى 26.519 هكتار في 2008 لتصل في 2013 إلى مساحة 32.745 هكتار مسقية 100 بالمائة بعدد 13.710 مستثمرة. ويعيش ما مجموعه 25.500 نسمة من سكان المنطقة على عائدات الفلاحة أي ما يعادل 25 بالمائة من السكان الناشطين بالولاية حسب إحصائيات مديرية المصالح الفلاحية. وعلى الرغم من مناخها الجاف وقلة تساقط الأمطار بها فقد نجحت ولاية غرداية في استقطاب المستثمرين الفلاحين بفضل تسهيلات الحصول على الأراضي الفلاحية ووفرة المواردالمائية لفائدة قطاع الفلاحة. وقد أنجزت الدولة 292 نقبا و5.907 بئر و 2.091 حوضا لتخزين المياه بسعة إجمالية تصل إلى 231.100 متر مكعب فضلا عن 495 كلم طولي من شبكة الكهرباء و500 كلم من المسالك الفلاحية. الفلاحة مؤهل واعد لمستقبل المنطقة وقد تم برمجت عديد المشاريع لرفع القدرات الفلاحية للمنطقة وتحسين وتثمين إنتاجها الفلاحي باستحداث 95 محيطا فلاحيا جديدا بمجموع 28 ألف هكتار حسب ما أوضح مسؤول الإحصائيات لدى مديرية المصالح الفلاحية. وتطمح ولاية غرداية من خلال هذه المشاريع إلى رفع في آفاق 2014 مساحة أراضيها الصالحة للزراعة إلى 32.745 هكتار والمقدرة حاليا بأكثر من 60 ألف هكتار موجهة نحو زراعات الواحات لاسيما زراعة النخيل والخضر والفواكه الإستراتيجية والحمضيات والزيتون. ومن المرتقب تكثيف إنتاج الأعلاف والكلأ على غرار البرسيم والحنطة و الذرة التي تشكل الغذاء الأساسي للأنعام لاسيما الأبقار الحلوبة المقدر عددها حاليا ب3.200 رأس بالولاية وذلك من أجل مرافقة تنمية شعبة الحليب التي يصل إنتاجها محليا إلى 22 مليون لتر سنويا حيث تساهم منطقة القرارة في جزء هام من هذا الإنتاج لذلك أطلق عليها تسمية "حوض الحليب". وفي ما يتعلق بقطاع السكن فقد استفادت المنطقة من حصة 19.913 للسكن الريفي من بينها 7.789 مستكملة و 3.468 جاري إنجازها وحصة بحوالي 44.200 سكن بالنسبة للصيغ السكنية الأخرى حيث يوشك جزء هام منها على الإنتهاء. كما تم تحديد أكثر من 22 ألف قطعة أرض موجهة للبناء الذاتي حيث تسجل هذه الصيغة إقبالا كبيرا .وتجري حاليا دراسة الطلبات عليها وذلك بالموازاة مع إطلاق برنامج إعادة تأهيل القصور وتحسين الإطار المعيشي والتهيئة العمرانية حسب ما أوضحت مديرية السكن والتجهيزات العمومية. ومن أجل تحسين شبكة طرقات الولاية فقد تم إطلاق برنامج لتعزيز وازدواجية الطرقات على مستوى الطريقين الوطنيين رقم (1 ) و(49 ) ما بين غرداية وولايتي الأغواط و ورقلة على التوالي فضلا عن استكمال أشغال إنجاز الطرقات الإلتفافية لوادي ميزاب ومنطقة بريان وإنجاز دور الصيانة. وتتوفر ولاية غرداية على شبكة من الطرقات منها 926.5 كلم من الطرقات الوطنية و292 كلم من الطرقات الولائية و463 كلم من الطرقات البلدية و110 كلم من الطرقات الغير المصنفة. كما تتوفر الولاية أيضا على مطار دولي بمدينة غرداية بمدرجين للطيران لكل أنواع الطائرات ومطار وطني آخر بالمنيعة و19 منشأة فنية وتسع دور صيانة ووحدتين لصيانة منشآت المطار. وسيسمح تجسيد المخطط الخماسي الجاري (2010 2014 ) من جهة أخرى بإنجاز ثلاث مستشفيات بطاقة 250 و 120 و 60 سرير وأربع عيادات متعددة الخدمات و13 قاعة علاج ومؤسسة إستشفائية خاصة للأمراض العقلية بسعة 30 سرير ومركز لعلاج ومكافحة إدمان المخدرات. كما حظي من جهته قطاع التعليم العالي باهتمام بالغ من خلال إطلاق مشروع إنجازقطب جامعي ثالث بطاقة 6 آلاف مقعد بيداغوجي. وعرف بدوره قطاع الطاقة لاسيما الخضراء اهتماما كبيرا من خلال إطلاق أول مشروع نموذجي لمحطة شمسية مصغرة بطاقة 1 ميغا واط بالقرب من وادي نشو ب 6آلاف لوحة ضوئية. وتمثل ولاية غرداية معدلا للربط بشبكة الكهرباء ب 99 بالمائة و الغاز الطبيعي ب 79 بالمائة .كما تتوفر على شبكة كهرباء بطول 2.244 كلم ذات توتر متوسط و 1.660 كلم ذات توتر منخفض و 2.466 مركز تحويل و 90.972 مشترك مقابل شبكة من الغاز الطبيعي تتجاوز 1.369 كلم و ب 72.100 مشترك. المنيعة .... مدينة جديدة في الأفق حظي مشروع إنجاز المدينة الجديدة للمنيعة باهتمام بالغ حيث يندرج هذا المشروع طبقا للخيارات الإستراتيجية المحددة من طرف المخطط الوطني لتهيئة الإقليم وأهداف التنمية المستدامة حسب ما أوضحه مسؤولون بالولاية. ومن المنتظر أن تستقبل هذه المدينة الجديدة المحترمة للبيئة والتي سيعتمد في تشييدها المزج بين الطراز المعماري التقليدي المميز للبيئة الصحراوية والنمط المعماري العصري مع توفير كل وسائل الراحة الضرورية لتجمع سكني عصري ذو طابع سياحي وفلاحي نحو 50 ألف ساكن في آفاق 2020 حسب ما أشار نفس المصدر. وسيسمح هذا القطب العمراني الجديد الواقع بالقرب من الطريق الوطني رقم (1) والممتد على مساحة 1.000 هكتار قابل للتوسع شمال المنيعة الحالية بفتح آفاق جديدة للتنمية العمرانية المتجانسة والمستدامة لكل جنوب ولاية غرداية. وتهدف المدينة الجديدة للمنيعة ذات الطابع السياحي الفلاحي إلى استحداث مساحات عمرانية وتعزيز روابط استمرارية العلاقات الوظيفية مع واحة المنيعة القديمة في ما يتعلق بطلبات السكن. وستكون المدينة الجديدة للمنيعة بمجرد دخولها مرحلتها الوظيفية مدعوة لاحتضان قطب سياحي بامتياز إلى جانب قاعدة تنمية للفلاحة المستدامة والصناعة الزراعية الغذائية.