اختتمت مجموعة ال(5+1) الدولية وإيران الجولة الجديدة من المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل ليلة السبت إلى الأحد بجنيف دون التوصل إلى أي اتفاق وسط أجواء من التفاؤل بالوصول إلى حل للقضية خلال الجولة المقبلة المقرر انعقادها في ال20 من الشهر الجاري. فقد أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس اختتام المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني التي انطقت الخميس الماضي ودامت لمدة ثلاثة ايام دون الوصول إلى أي اتفاق رغم التنبؤات الدولية بأن تكون هذه الجولة "حاسمة" بالنسبة للطرفين. وتعد هذه الجولة الثانية من نوعها منذ تولي الرئيس الايراني حسن روحاني السلطة عقب تلك التي عقدت في منتصف أكتوبر الماضي بعد تعليقها لفترة من الزمن على خلفية تشبت إيران بمواقفها وتأكيدها على سلمية برنامجها النووي. وعقدت هذه الجولة من المحادثات التي تهدف إلى "الحد من قدرات إيران النووية" بحضور وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ومنسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون ومساعدي الدول الست في جنيف قبل أن ينضم إليها وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولاياتالمتحدة يوم الجمعة ثم يلتحق بها وزيري الخارجية الروسي والصيني فيما بعد. ورغم انتهاء هذه الجولة دون التوصل إلى اتفاق ملموس بين الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الولاياتالمتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا) وألمانيا إلا أن بوادر الوصول إلى حل توافقي بدأت تلوح في الأفق. فقد أكد فابيوس أنه بالرغم من عدم التوصل إلى اتفاق في ختام المحادثات إلا أن "اجتماعات جنيف قد سمحت بحدوث تقدم" رغم وجود بعض المسائل التي ماتزال تحتاج إلى المعالجة. ومن جهته أكد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بأن القوى العالمية الست قد اقتربت خلال المفاوضات مع إيران من التوصل لاتفاق حول برنامجها النووي وأنه قد تم تحقيق تقدم كبير بخصوص كيفية كبح البرنامج وضمان طبيعته السلمية. وبدورها قالت آشتون أن الكثير من التقدم تحقق ولكن لا تزال بعض المسائل عالقة فيما اعتبر وزير الخارجية الألماني جيدو فسترفيله بأن المجتمع الدولي أصبح "أقرب إلى حل معقول" بشأن البرنامج النووي الايراني المثير للجدل مشيرا إلى أنه "حدث في بعض الأحيان خلال السنوات الأخيرة أن بلغنا مستوى جيد في المفاوضات مع طهران لكن الآن نحن أقرب إلى حل مقبول أكثر مما كنا عليه في السابق". أما وزير الخارجية البريطاني فقد أكد بدوره وجود تقدم إيجابي في المفاوضات بين طهران والسداسية الدولية حول برنامج إيران النووي غير أن قضايا مهمة يجب تسويتها. إيران متفائلة بخصوص المفاوضات وتدعو الغرب إلى استغلال الفرصة الاستثنائية ولأول مرة في تاريخ المحادثات النووي الإيرانية أعربت طهران عن تفاؤلها لما تم احرازه من تقدم بهذا الخصوص داعية الدول الغربية إلى عدم تفويت هذه الفرصة "الاستثنائية". فقد أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن بلاده ترغب بأن يعلم الرأي العام العالمي بأن الأنشطة والتكنولوجيا النووية الإيرانية هي "للأغراض السلمية" داعيا القوى الكبرى إلى عدم تفويت "الفرصة الاستثنائية" المطروحة حاليا للتوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني. ومن جهته وصف مساعد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي المفاوضات الثلاثية بين إيرانوالولاياتالمتحدة ومنسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاترين آشتون ب"الجيدة والبناءة". وفي هذا الصدد طالب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الدول الإقليمية باتخاذ دور "بناء" لحل المشكلات المتعلقة بالبرنامج النووي لبلاده مؤكدا عزم بلاده على تعزيز العلاقات الإقليمية مع الدول المجاورة وأن تسوية الأزمة النووية لن تخلق مشكلات كبيرة للدول الإقليمية. ومن المقرر أن تعقد جولة جديدة من المفاوضات في القريب العاجل حيث أعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاترين اشتون التي تترأس اجتماعات جنيف حول الملف النووي الايراني مساء أمس السبت أن اجتماعا جديدا حول هذا الملف سيعقد في 20 نوفمبر الجاري. ومن جهته صرح وزير الخارجية الإيراني بأن المفاوضات بين إيران ومجموعة ال(5+1) ستستأنف بعد أسبوع أو عشرة أيام على الأكثر. العلاقات الأمريكية-الإيرانية في تحسن بعد أكثر من ثلاثين عاما من الجمود المتتبع للمشهد السياسي الدولي يكون قد لاحظ لا محال التحسن الذي شهدته العلاقات الأمريكية-الإيرانية خلال الفترة الأخيرة مع اعتلاء الرئيس روحاني سدة الحكم في طهران فقد جرى بينه وبين الرئيس الأمريكي باراك أوباما مؤخرا اتصال هاتفي يعد الأول من نوعه بين رئيسي الدولتين منذ أكثر من ثلاثين سنة. ويرجح المحللون بأن يشكل التوصل إلى إتفاق حول البرنامج النووي الإيراني "خطوة تاريخية" هي الأولى خلال 35 سنة من العلاقات المتوترة بين الولاياتالمتحدةوإيران. فقد صرح مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية بأنه في حال منع البرنامج النووي الايراني من أحراز أي تقدم في المستقبل الولاياتالمتحدة على استعداد لتخفيف محدود ومستهدف للعقوبات المفروضة على ايران . و قال بأن الادارة الامريكية قد طالبت الكونغرس بوقف أي تقدم في المناقشات الخاصة بفرض مزيد من العقوبات على ايران لفترة وجيزة وليست طويلة لاتاحة الفرصة للجهود الدبلوماسية لاحراز تقدم في هذه المفاوضات التي وصفها بالمعقدة والصعبة. ومن جهته أعلن أوباما بأن المجتمع الدولي قد يخفف العقوبات المفروضة على إيران بشكل طفيف في المراحل الأولى من التفاوض على إتفاق بشأن برنامج طهران النووي. وفي انتظار ما ستفضي إليه الجولة المقبلة من المفاوضات النووية بين السداسية الدولية وغيران تبقى الآمال معلقة على أن يتم حل هذه القضية نهائيا وتجنيب العالم حربا جديدة هو في غنى عنها.